المواجهة بين أوباما وماكريستال وتداعياتها على المسرح الأفغاني

23-06-2010

المواجهة بين أوباما وماكريستال وتداعياتها على المسرح الأفغاني

الجمل: عادت الوقائع الجارية في مسرح الحرب الأفغانية إلى سطح الأحداث مرة أخرى, ولكن عودتها هذه المرة ترتبط بالأزمة التي نشأت على خط القيادة العسكرية الميدانية, والقيادة السياسية الأميركية, فما هي أبعاد وتداعيات مواجهة الرئيس أوباما-الجنرال ماكريستال على خلفية تصريحات ماكريستال التي تهكم فيها من رموز الإدارة الأميركية وفي مقدمتهم الرئيس أوباما ونائبه السيناتور جو بايدن ووزير الدفاع روبرت غاتز؟

ماذا تقول المعلومات الجارية
أكدت المعلومات والتقارير قيام قائد القوات الأميركية في أفغانستان الجنرال ماكريستال بإجراء لقاء مطول مع أحد الصحفيين الأميركيين, تم نشره في إحدى كبريات المجلات الأميركية, أشار من خلاله الجنرال ماكريستال إلى النقاط الآتية:
• اتهام الإدارة الأميركية الديمقراطية  بالتقصير في دعم جهود القوات الأميركية الموجودة في مسماكريستالرح الحرب الأفغاني.
• تحميل الرئيس أوباما ونائبه السيناتور بايدن, ووزير الدفاع روبرت غاتز المسئولية عن خسائر القوات الأميركية في أفغانستان.
• اتهام رموز الإدارة الأميركية الحالية بالضعف وعدم القدرة على التعامل بجدية, إضافة إلى اللامبالاة وضعف الإدراك.
• اتهام المبعوث الأميركي الخاص لشبه القارة الهندية ريتشارد هولبروك بأنه عاجز عن القيام بأداء مهامه بالشكل الفاعل المطلوب.
• استخدام المزيد من الألفاظ المسيئة, منها تشبيه ريتشارد هولبروك بالحيوان الجريح, وتشبيه السيناتور بايدن بالنكرة, ونعت الرئيس أوباما بالعاجز الضعيف.
وأضافت التقارير بأن الجنرال ماكريستال لم يكن وحده هو الذي تحدث للمراسل الصحفي بهذه الألفاظ المسيئة, وإنما اشترك معه في الحديث العديد من مساعديه العسكريين.
أثارت تصريحات الجنرال ماكريستال وكبار مساعديه غضب رموز الإدارة الأميركية, وتقول التقارير بأن الرئيس أوباما قد استدعى الجنرال ماكريستال لإجراء لقاء عاجل معه في البيت الأبيض الأميركي اليوم, وتحدث الناطق الرسمي باسم البيت الأبيض بأن كل الخيارات أصبحت متاحة فيما يتعلق بأمر وظيفة الجنرال ماكريستال, أما وزير الدفاع الأميركي روبرت غاتز فقد تحدث قائلا بأن الجنرال ماكريستال قد ارتكب خطأ فادحا, هذا, وتقول آخر التقارير بأن الجنرال ماكريستال قد أبدى اعتذاره عن استخدام الألفاظ والعبارات غير اللائقة, وقد وصل بالفعل للعاصمة الأميركية واشنطن لعقد لقاء مع الرئيس أوباما, وبعدها سوف تقرر الإدارة الأميركية في مصيره.

الصراع المدني-العسكري الأميركي-الأميركي: الخلفيات والأبعاد
أدت تطورات الحرب الأميركية في المسرح العراقي إلى العديد من الخلافات الأميركية-الأميركية, وانقسم الأميركيون ما بين طرف يراهن على التصعيد العسكري كخيار لحسم الصراع, وطرف آخر يراهن على الانسحاب من العراق طالما أن واشنطن قد نجحت في الإطاحة بنظام صدام حسين مع ضرورة الإسراع في الايفاء بالتزامات أميركا تجاه العراق من خلال وضع جدول أعمال واضح يتضمن تسليم العراقيين المسئولية الكاملة عن العراق, ثم سحب القوات الأميركية من العراق
فاجأت إدارة بوش الجمهورية الجميع باعتمادها لخيار التصعيد العسكري, وتنفيذ عملية رفع أعداد وعتاد القوات الأميركية في العراق, وكان رموز التصعيد العسكري الميداني الجنرال ديفيد بترايوس الذي تولى منصب قائد القوات الأميركية في العراق, والجنرال ماكريستال الذي تولى منصب قائد القوات الخاصة الأميركية في العراق.
ظل الجنرال ديفيد بترايوس أكثر ارتباطا بتنفيذ خطة أمن العراق, أما الجنرال ماكريستال فقد ظل أكثر ارتباطا بتنفيذ العمليات العسكرية الخاصة الخاطفة, والتي كان من أبرزها عملية اغتيال أبو مصعب الزرقاوي, وغيره من رموز الحركات المسلحة العراقية.
على خلفية صعود إدارة أوباما الديمقراطية, ومغادرة إدارة بوش الجمهورية من البيت الأبيض, أصبح الجنرال ديفيد بترايوس والجنرال ماكريستال بلا غطاء سياسي, وبالفعل, فقد تم عقد صفقة بين أنصار تصعيد الحرب ضد الإرهاب, وأنصار التهدئة تم بموجبها التوافق على الآتي:
• التأكيد على خيار تهدئة العمليات العسكرية الأميركية في العراق.
• التأكيد على خيار تصعيد العمليات العسكرية الأميركية في أفغانستان.
وعلى خلفية ذلك, فقد تم تصعيد الجنرال ديفيد بترايوس من منصب قائد القوات الأميركية في العراق, إلى منصب قائد القيادة الوسطى الأميركية المعنية بشؤون إدارة الحرب ضد العراق وأفغانستان إضافة إلى الحرب المحتملة ضد إيران, أما الجنرال ماكرستال فقد تم تحويله ليتولى منصب قائد القوات الأميركية في أفغانستان.
شرع الجنرال ماكريستال قبل توليه منصب قائد القوات الأميركية في أفغانستان إلى العمل من أجل تصعيد العمليات العسكرية في المسرح الأفغاني, ووضع تقريرا من حوالي 60 صفحة شرح فيه مشروعه الجديد لإدارة حرب أفغانستان. وذلك بما يتضمن الخطوط والنقاط الآتية:
• حسم الحرب هو أن تنجح القوات الأميركية في منع حركة طالبان من تنفيذ تهديداتها لأمن واستقرار أفغانستان, وليس القضاء على حركة طالبان.
• التركيز أولا على حماية التجمعات المدنية, وثانيا على التنمية وثالثا على تنفيذ العمليات العسكرية ضد حركة طالبان.
• رفع أعداد وعتاد القوات الأميركية بما يتيح للقوات الأميركية سيطرة مطلقة على مسرح الحرب الأفغانية, وأشارت التسريبات إلى أن الجنرال ماكريستال قد طالب بعملية رفع تدريجي لعدد الجنود الأميركيين في أفغانستان, بما يصل إلى نصف مليون جندي.
• التركيز على أن تكون وحدات القوات الأميركية الخاصة هي الصنف الرئيسي الغالب على قوام القوات الأميركية في أفغانستان.
أثارت خطة ماكريستال جدلا واسعا في أوساط الإدارة الأميركية, وفي حين أيدها الجمهوريون وأنصار خيار تصعيد الحرب, فقد رفضتها الأوساط الرافضة لخيار تصعيد الحرب على المدى الطويل, وبالفعل تم التوصل إلى صفقة جمهورية-ديمقراطية داخل الكونغرس الأميركي, تم بموجبها التأكيد على الآتي:
• زيادة عدد القوات الأميركية ضمن حدود منخفضة.
• زيادة عتاد القوات الأميركية ضمن حدود منخفضة.
• تعزيز قدرات قوات الأمن الأفغانية بما يكفي للقيام بدعم جهود القوات الأميركية.
• الاحتفاظ بثلاثة أنواع من القيادة في أفغانستان: قيادة القوات الأميركية – قيادة قوات حلف الناتو – قيادة القوات الدولية.
هذا, ونلاحظ أن وجود قوات أميركية منفصلة عن القوات الدولية وقوات الناتو, قد أتاح لقيادة القوات الأميركية المزيد من حرية الحركة والتحرر من قيود وجود القيادات الحليفة, وبالفعل, فقد سعى الجنرال ماكريستال إلى إطلاق العنان للقوات الأميركية في المسرح الأفغاني, وذلك ضمن ثنائية تنسجم مع استراتيجية تتضمن تكثيف العمليات البرية ضد المسلحين الأفغان, وتكثيف العمليات الجوية ضد المسلحين المتمركزين في المناطق الباكستانية.

التصعيد والتصعيد المضاد:
سعى الجنرال ماكريستال من خلال عمليات التصعيد العسكري إلى فرض الأمر الواقع ودفع الإدارة الأميركية على القبول والرضوخ لما سبق أن رفضته, وإضافة لذلك, فقد أدت عمليات التصعيد التي قام بها الجنرال ماكريستال في المسرح الأفغاني إلى التداعيات الآتية:
• حدوث عملية اصطفاف عسكري-سياسي في المسرح الأفغاني, فقد تزايدت معارضة الجنرال ماكريستال ومساعديه لتوجهات إدارة أوباما إضافة إلى قيام الرئيس الأفغاني حامد كرازاي بتأييد الجنرال ماكريستال.
• حدوث عملية اصطفاف عسكري-سياسي في واشنطن, فقد تزايدت معارضة الإدارة الأميركية لأسلوب الجنرال ماكريستال, وسعى وزير الدفاع الأميركي روبرت غاتز والأدميرال مايك مولين رئيس الأركان وغيره من كبار ضباط البنتاغون إلى دعم ومساندة توجهات الرئيس أوباما ونائبه السيناتور بايدن.
وبالنتيجة, فقد أدت التصعيدات إلى دفع الجنرال باتجاه المزيد من الالحاح على واشنطن لجهة القبول بما رفضته من قبل, ثم تمادى الجنرال في التصعيد بما وصل إلى مرحلة التهكم والاستهزاء بالقيادة السياسية والعسكرية, الأمر الذي أدى إلى انزلاقه عن مبدأ الالتزام العسكري الصارم بالعمل تحت توجيه وإشراف القيادة الموجودة في واشنطن.
اصطدمت قاطرة طموحات الجنرال ماكريستال ليس بقاطرة البيت الأبيض وحسب, وإنما بقاطرة البنتاغون (وزارة الدفاع الأميركية) أيضا. وجاءت أولى ردود الأفعال من وزير الدفاع الأميركي روبرت غاتز الذي قال بأن الجنرال ماكريستال قد ارتكب خطأ فادحا, ورئيس الأركان الأدميرال مايك مولين, الذي أكد على نفس الموقف إضافة إلى جنرال أميركي كبير آخر, قال بأن نصف ما قاله الجنرال ماكريستال هو كاف للإطاحة بأي جنرال من منصب الجنرالية!!

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...