للمـرة الأولـى منـذ 50 عـامـاً: 3 جنـرالات أتـراك فـي السـجـن

26-07-2010

للمـرة الأولـى منـذ 50 عـامـاً: 3 جنـرالات أتـراك فـي السـجـن

استفتاء 12 أيلول المقبل على التعديلات الدستورية، واعتقال قادة سابقين للقوات المسلحة في قضية «خطة المطرقة» للإطاحة بحكومة حزب العدالة والتنمية، هما الشغل الشاغل للأتراك. وهما ليسا قضيتين منفصلتين، بل بالفعل متداخلتان. اتراك يشتبكون مع الشرطة خلال تظاهرة امس الاول احتجاجا على وجود فريق اسرائيلي في انقرة.
حملة حزب العدالة والتنمية لكسب التأييد لرزمة الإصلاح تكتسب أهمية عملية وليس رمزية فقط. الاستفتاء في 12 أيلول، أي ذكرى انقلاب 1980، وهو الانقلاب العسكري الأخير المباشر. إذ أن تدخل الجيش في السياسة لم ينقطع لحظة، وكان له الدور الأول في إسقاط رئيس الحكومة نجم الدين اربكان عام 1997 عبر ضغوطات على النواب، وهو يمارس روتينه اليومي في التدخل في الشأن السياسي حتى اليوم.
الفارق أن «جرعة» التدخل اليوم أقل بكثير من قبل، وهي تتقلص مع كل يوم. من شعارات حزب العدالة والتنمية أن الاستفتاء هو الثأر لضحايا انقلاب 1980. إذ بين التعديلات إلغاء المادة 15 المؤقتة في الدستور التي تمنع محاكمة أي جنرال شارك في انقلاب العام 1980.
لم يتبق من هؤلاء أحياء إلا زعيمهم كنعان ايفرين الذي صرّح منذ حوالي السنة انه إذا أريد اعتقاله ومحاكمته فهو سينتحر قبل أن تتحقق هذه الخطوة. نظريا مسألة محاكمة واعتقال ايفرين، رغم شيخوخته التسعينية، واردة في حال نجاح الاستفتاء. لكن المفارقة في حملات حزب العدالة والتنمية أن الكلام على الانتقام لدماء الضحايا يصب في خانة اليسار الماركسي تحديدا الذين تعرضوا أكثر من غيرهم للتنكيل من جانب قادة الانقلاب.
والمفارقة أن النخب المحيطة بهؤلاء الضحايا، ومن بينهم من طورد ونفي وهرب واعتقل ليست موحدة الكلمة. إذ أن علمانية البعض المتشددة تريد الثأر من الانقلاب العسكري، لكن ليس على يد حزب العدالة والتنمية ولا بطريقة تصب في تزايد مؤيدي الاستفتاء الذي شاء البعض أم أبى هو استفتاء على سياسات حزب العدالة والتنمية، وسوف يوظفه الحزب في مصلحته إذا نجح الاستفتاء والعكس بالنسبة للمعارضة.
وتبدو «خطة» حزب العدالة والتنمية حتى اليوم سائرة في طريق النجاح في المواجهة مع «الزمرة» العسكرية، كما توصف في تركيا، مجموعات الجنرالات المتهمة في «خطة المطرقة». إذ أن المحاكمة هي لهؤلاء لكن الرسالة هي للقيادة العسكرية الموجودة على رأس الجيش حاليا.
عندما كشفت «خطة المطرقة» في مطلع العام الحالي، وهي التي أعدت عام 2003، كانت أسماء من وردت في ملفات التحقيق الأولي موضع شبهة ليس إلا وقد لا يكونون هم المخططين. لكن توجيه الاتهام رسميا لهم الجمعة الماضي وإصدار الأمر باعتقالهم، واحتمال أن يصدر لاحقا قرار بسجنهم، سيدخل التاريخ الحديث لتركيا ولا سيما منذ أول انقلاب عسكري في العام 1961.
محكمة العقوبات الثقيلة العاشرة في اسطنبول أمرت باعتقال مئة ومتهمَين، من بينهم 25 جنرالا سابقا من أصل 196 متهما. العنوان الأبرز أن بين العسكريين الذي صدر الأمر باعتقالهم ثلاثة من القادة السابقين للقوات المسلحة، وهم قائد الجيش الأول السابق تشيتين دوغان، والذي ينظر إليه على انه الرأس المدبر للخطة والقائد السابق للقوات الجوية إبراهيم فيرتينا والقائد السابق للقوات البحرية اوزدن اورنك.
بهذه الأسماء ستكون المرة الأولى التي يدخل فيها قادة قوات مسلحة إلى السجن بتهمة التخطيط للقيام بانقلاب عسكري. لكن الأمر ذا الدلالة أيضا أن 25 من الضباط المتهمين لا يزالون يمارسون وظيفتهم داخل الجيش.
وهنا سوف يكون أمام الشورى العسكرية العليا تحد بعدم ترفيع ثمانية من هؤلاء يستحق ترفيعهم في دورتها التي ستبدأ في الأول من آب المقبل. وهو ما اعتبره البعض هجوما ناجحا لحزب العدالة والتنمية على نفوذ المؤسسة العسكرية.
وكان رئيس الأركان ايلكير باشبوغ اعترف سابقا بأن القضية خطيرة للغاية، وأنها المرة الأولى التي تواجه القوات المسلحة هذا الوضع. ومع أن القضاء العسكري تحرك للتحقيق في هذه القضية فلا احد يدري إلى ماذا أفضت التحقيقات.
وقبل ساعات من انتهاء مهلة تسليم أنفسهم، تم اعتقال دوغان وهو في طريقه من بوضروم وهو ينتظر في المطار للسفر الى اسطنبول. وستبدأ جلسات المحاكمة في 16 كانون الأول المقبل في سجن سيليفري قرب اسطنبول وفقا للمادة 147 من الدستور التي تتحدث عن محاولات اللجوء إلى القوة والإكراه لإسقاط أي مؤسسة من مؤسسات الجمهورية التركية. وفي الحد الأدنى سيطلب المدعي العام السجن من 15 إلى 20 سنة للمتهمين الـ196.
وقد أبلغت هيئة المحكمة رئاسة أركان الجيش بقرار الاعتقال، علما أن قرار توجيه الاتهام لهؤلاء صدر في 19 تموز الماضي، فيما للمعتقلين حق الاعتراض على طلب اعتقالهم خلال سبعة أيام.
وفور تبلغه قرار الاتهام، قال تشيتين دوغان إن «القرار سياسي وهو لطخة سوداء وجريمة قانونية، ونحن سنواصل الدفاع عن أنفسنا». أما محامي اوزدن اورنك فقال إن القرار لا أساس قانونيا له.
يذكر أن «خطة المطرقة» كانت تهدف إلى إسقاط الحكومة في العام 2003 عبر تهيئة مناخ من التوتير في البلاد يبرر للجيش القيام بانقلاب عسكري، ومن ذلك تفجير مساجد منها الفاتح وبايزيد وإحداث صدام مع اليونان في الجو واعتداء على المتحف العسكري.

محمد نور الدين

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...