«هوى وطني» المغامرة المسرحية والفضاء المفتوح في أشكال مبتكرة

01-12-2008

«هوى وطني» المغامرة المسرحية والفضاء المفتوح في أشكال مبتكرة

في محطة القطار بالقدم وأثناء الاستعدادات لتقديم العرض المسرحي «هوى وطني» لفرقة «فو» المسرحية ضمن الأيام الثقافية التونسية في سوريا، قمت بزيارة إلى هناك حيث رجاء بن عمار ومنصف الصايم فكان انهماكهما شديداً مع فريق العمل كما لو أنهما من عمال محطة القطار وتحديداً عمال الصيانة وهما في حالة استنفار فالثياب اختلط فيها الزيت و الشحم وصدأ الحديد وبدت الأيادي كأنها انتهت للتو من صيانة وتشحيم آلة معقدة.
 هؤلاء المبدعون يسكنهم هاجس اسمه مسرح وليس أي مسرح، ويريدون لأعمالهم أن تشبههم تماماً كما هم في الحياة، ينفرهم شيء اسمه شعار أو أدلجة أو تعابير تقليدية يمارسون حرية الرأي بحرية ويجسدون مواقف لهم بطرق مبتكرة وجديدة غاية في الإبداع وفرقتهم «فو» زارت معظم دول العالم وقدمت أعمالها على أهم المسارح العالمية على شكل «تجليات» أشبه «بالارتجالية» في أشكال فنية هي بحد ذاتها مواقف.
يقول منصف الصايم: المسرح ليس بحاجة إلى سياسة كي يصبح مهماً.. المسرح بحد ذاته هو موقف من الحياة لأن موضوعه الأساس هو الإنسان في حريته وفي تطلعاته.
عن الشخوص يؤكد الصايم «الشخوص ليست أدوات حتى نمرر أفكاراً هم يحضرون الورشات وتتناغم الأفكار».
ويصف الصايم المسرح بـ«الفن الزائل باللحظة نفسها، المتجدد باللحظة نفسها» بمعنى أن كل عرض يختلف عن الآخر وهو العرض ذاته «الـ هنا والآن اليوم تختلف عن الـ هنا والآن غداً» ويذهب الصايم في توصيف المسرح إلى أبعد من ذلك «هو كأحد أنواع البكتيريا التي تعيش حياتها كاملة تأثيراً وتأثراً خلال 48 ساعة فتموت وتصبح من الذاكرة في اللحظة التي تكون هذه البكتيريا دائمة».
مسرح «فو» يركز على التنقل للجسد في الفضاء ويبدو عندهم الفضاء لا مادياً وعرض «هوى وطني» مفتوح الأفكار في ثلاثة فضاءات متصلة منفصلة والسينوغرافيا متفجرة وحية في قلب الفكرة.
ويشدد الصايم «لنا وسائلنا لا نشبه وسائل تعبير أخرى ربما نستخدم بعضها فنحن لسنا من المريخ لكن بطرقنا وبأدواتنا نحن».
وعن المكان «محطة قطار القدم» يقول الصايم. نحن نحترم المكان، لا نريد أن نتدخل فيه نحن نتماهى معه ومع شخصيته وهذا بحد ذاته عمل آخر لن يكون مثله أي عمل وإذا ما قدم في مكان آخر فهو حكماً عرض آخر.
بدورها رجاء بن عمار كاتبة النص تقول: أثناء الاجتياح الأميركي للعراق أصبت بحالة من عدم الفهم ولكي أفهم نفسي كتبت بالفرنسية حوالي 250 صفحة وفيما بعد خطرت لنا فكرة أن نقدم الأفكار المكتوبة على شكل مسرحية تقال بالأنا... أنا رجاء بن عمار فهي من تمثل الأنا عبر القيام بمهمة.
«هوى وطني» قدمت أثناء الحرب 2004، تقول رجاء بن عمار: «عشنا وتغيرنا وتغير العالم وأميركا لكن أساس المشاكل لم يتغير إنما تفاقم، والتفسيرات صارت أوضح بعد الأزمة المالية العالمية»
«هوى وطني» خطها الأحمر الهوى الوطني يتداخل فيها كل أنواع الفنون.
وعن المكان تقول بن عمار «كان يجب أن نقدم في مسرح الأوبرا لكن المسرحية فيها حديد ونار وهذا المكان بالنسبة لنا كان اكتشافاً عظيماً بهندسته وهيكله فالمحطة تخدم ما نريد قوله.. السفر... الغربة، المنفى، القطار نفسه مكان عمل ومكان حي يعبر عن المسرحية أكثر من دار الأوبرا على الرغم من احترافيتها.
وتختتم رجاء بن عمار «المكان يؤدي المعنى ويستدعي الناس لمعرفة رأينا المغاير فنحن والمكان واحد».
«هوى وطني» عرضت مساء أمس في محطة قطار القدم في شكل مسرحي جديد لم يعتد عليه الجمهور السوري من حيث المكان والمساحات الكبيرة المستثمرة فضاءً مسرحياً ويعاد عرضها في المكان ذاته ولمرة أخيرة مساء اليوم الاثنين الساعة الثامنة مساءً في مغامرة جديدة للفرجة وتلق مختلف إلى جوار متحف القدم الذي بناه الألمان منذ نحو قرن من الزمن.

علي الحسن

المصدر: الوطن السورية

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...