إلى وزارة البيئة.. هل نحن ضد التصحر حقا؟

15-08-2009

إلى وزارة البيئة.. هل نحن ضد التصحر حقا؟

الجمل - محمد جمول: في وقت تحاول فيه وزارات الدولة المعنية في الجمهورية العربية السورية، ومنها وزارتا الزراعة والبيئة تحديدا، إقناع الجميع أنها ضد التصحر، وتعمل على وقف زحفه بعد أن أكل 59% من مساحة سوريا، كما تشير الدراسات، من حقنا أن نتساءل إن كانت وزارات الدولة المعنية تساعد التصحر على الامتداد والتوسع أم تقف في وجهه حقا.
ما نراه على أرض الواقع وما نسمعه في المؤتمرات والندوات يبدو ليس أكثر من بكاء القاتل في جنازة القتيل. فهذه الوزارات تساهم في تصحير ال41% الباقية من أرض الوطن. لكن المشكلة هي أن الجنازة المعنية هنا لا تنتهي خلال ساعات أو أيام قليلة كي ننساها بسرعة، والقضية لا يمكن أن تسجل ضد مجهول لأن موافقات وتواقيع المسؤولين في هذه الوزارات علنية ورسمية. فإذا تجاوزنا الحرائق المفتعلة وغير المفتعلة التي تلتهم ما بقي من مساحات خضراء والتي لا يمكن اتهام جهة معينة بها، وإن كان ضروريا العمل على منع حدوثها، ماذا ستقول لنا وزارة البيئة عن التراخيص الممنوحة لمقالع الحجارة في الأراضي الزراعية في منطقة مصياف( قرى عنبورة والمحروسة ومشتى ديرماما وجوبة الكلخ) وهي أراض تغطي الأشجار المثمرة والحراجية 50% منها تقريبا، علما بأن التشجير يشهد تزايدا سنويا. وهذه الأشجار تشمل الزيتون والتين والكرمة والبلوط المهدد بالانقراض والموضوع على قائمة الأشجار التي يجري العمل لحمايتها.
نقدر حرص وزارة الزراعة والجهات المعنية على جهودها لمنع البناء في الأراضي الزراعية. ولكن ما لا يمكن فهمه هو السماح لمستثمري مقالع الحجارة بتصحير عشرات أو مئات الهكتارات في منطقة الاستقرار الأولى لتصبح غير صالحة للزراعة أو السكن. والحفر التي يخلفونها بأعماق كبيرة خير شاهد على ذلك.
 وزارة الزراعة أفهمتنا قبل عام تقريبا في رد لها على مقال منشور في أحد المواقع الالكترونية السورية في  فاكس يحمل رقم ص.م.ًص أن أرضنا التي عشنا وعاش أجدادنا قبلنا على ما تنتجه لم تكن صالحة لشيء وأن الأشجار الموجودة فيها غير موجودة رغم أنف الواقع( وما قرأته في رد وزارة الزراعة يجعلني أؤمن بقدرتها على التخطيط المستقبلي الذي بات يشكل جزءا من سياسات الدول المتقدمة، لأن الوزارة تتحدث عن السنوات المقبلة حين لا يكون هناك أشجار ولا أرض. وإذا نجحت خططها كما نراها الآن، لن يكون هناك مواطنون، بل مجموعة من العمال المياومين "يعملون بأجرة يومية" الذين يتعرض البعض منهم للموت بتفجير الصخور كما حصل لأحدهم قبل عامين إذ فقد بصره وأصبح مقعدا( وهو حي في قرية عنبورة).
 لكن الوزارة أكدت لنا أن أصحاب المقالع يرشون الماء لمنع انتشار الغبار، مع أنهم لا يرشون سوى الغبار وما يرضي أصحاب الشأن. فهل ستقنعنا وزارة البيئة أن الغبار وتجريف التربة بأعماق كبيرة( تصل إلى عدة أمتار) مفيد لصحة البشر وسلامة البيئة؟ نأمل أن يكون موقف وزارة البيئة أكثر حرصا على سلامة الأرض الزراعية والأشجار بمختلف أنواعها، وأن لا يتبين لها أننا مخطئون) كما جاء في رد وزارة الزراعة المذكور) لمجرد محاولة رد الأذى والدفاع عما يمكن أن يبقى من تربة وأشجار وهواء يصلح للتنفس في منطقة تعد من أكثر مناطق سورية كثافة سكانية ومن أكثرها خضرة في بلادنا.

التعليقات

قل لي بحق السماء ماذا تعني دمشق بدون غوطتها؟ ماذا تعني عواصف الغبار في المناطق الشرقية ؟ ماذا تعني الأشجار الحراجية التي زرعت وأكلتها الماعز وقضى عليها الجفاف؟ ماذا يعني كل ذلك سوى الفشل وسوء الإدارة والإنصراف عن التفكير في هذه المسائل إلى جمع الثروات والاستمرار في المناصب وتقريب الولاءات وإبعاد الكفاءات, المسألة البيئية في سورية ليست كمالية هي مسألة حياة أو موت، فعندما تتصحر الأراض الزراعية لاتتغير الجغرافية فقط ويتبعها التاريخ بل نفقد الحقول الزراعية التي تنتج المواد الغذائية؟ ماذا فعلت هذه الحكومة لتبديل أساليب الري واستخدام أساليب أقل هدرا؟؟ ماذا فعلت في مجال تحلية مياه البحر؟؟؟ ماذا فعلت في مجال الطاقات البديلة أو حتى النووية لوقف حرق الفيول؟؟ لاشيء كبيرة

أنا أحد أبناءالمنطقة المعنية بهذه المقالع وما يمكن أن ينتج عنها وأشعر أنني أمام قوى تريد بيع مستقبلنا لأننا منذ الآن لم نعد نمتلك شيئا لأن كل ما نتعب من أجله في أراضينا ضائع فما الفرق بين أن يأتي عدو خارجي لاغتصابها وبين أن تتحول( بسبب تواطؤ موظف فاسد) إلى مصدر خطر يومي علينا سواء بالمتفجرات التي يمكن أن تقتلنا على الرغم من أنها ممنوعة قانونيا أو بالغبار الذي أصبح يملأ المنطقة. صحة على قلوب المقاولين الذين يبيعون الحجارة ومستقبل أطفالنا. وشكرا للمسؤولين المعنيين الذين منحوهم هذه الموافقات.وأنصح أصحاب الأراضي المجاورة وعلى مسافات بعيدة بالبحث عن موطن آخر في الوطن أو خارج الوطن لأن أراضي الأجداد والآباء تحولت إلى ودائع في البنوك أو في جيوب المستثمرين. انا على ثقة أن هناك مسؤولين من مستويات أعلى لا يعلمون حجم خطورة ما يجري. وعندي ما يكفي من الأمل بأنهم حين يعرفون الحقيقة سوف يتدخلون لوقف قتل الوطن الذي لابديل عنه لنا جميعا. وماذا يبقى منه حين يتحول إلى حفر عميقة ومناطق جرداء؟

من الواضح أن البيئة ليس لهاعلاقة بالبيئة ومهمةوزارة الزراعة القضاء على الزراعةلتأتي وزارة الاقتصاد أو التجارة( لا أعلم من المسؤول هنا) وتستورد زيت الزيتون من تونس في وقت لا يجد الزيت السوري من يشتريه. فهل نحن بحاجة إلى وزارات مستوردة كي تقوم بحماية إنتاجنا المحلي؟

مشكور أستاذ محمد على هذا الموضوع الصريح وإنشاء الله تجد رد

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...