الحكومة الروسية ومحاولة احتواء أزمة كالينينغراد

06-02-2010

الحكومة الروسية ومحاولة احتواء أزمة كالينينغراد

الجمل: شهدت مناطق شمال غرب روسيا, وتحديدا كالينينغراد الواقعة في منطقة البلطيق, تزايدا واضحا في عمليات الاحتجاج والسخط الشعبي, وتقول المعلومات, بأن حوالي 10 آلاف شخص قد قاموا بتسيير مظاهرة احتجاجية في كالينينغراد يوم السبت الماضي: فما هي محفزات وطبيعة هذه الاحتجاجات خاصة وأن موكبا احتجاجيا يسير فيه 10 آلاف شخص, هو أمر لم تشهده روسيا لفترة طويلة من الزمن؟
توصيف الأحداث والوقائع الجارية:
تقول التقارير والتسريبات, بأن التظاهرات الاحتجاجية الحاشدة في منطقة شمال غرب روسيا, كانت بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية, وعلى وجه الخصوص, مظاهر التدهور الآتية:
• تزايد معدلات البطالة بنسب كبيرة, بما أدى إلى ظهور جيوش الباحثين عن العمل في مناطق شمال غرب روسيا وبالذات مدينة كالينينغراد التي أصبح يتكدس فيها آلاف العاطلين.
• ارتفاع معدلات الأسعار, وبالذات بما تضمن الانخفاض الكبير في مستوى الدخل, وعدم القدرة على شراء الاحتياجات الضرورية.
• تدهور قطاعات الخدمات الصحية والتعليمية وغيرها, في منطقة شمال غرب روسيا, مقارنة ببعض المناطق الروسية الأخرى.
• تزايد حركة النزوح من شمال غرب روسيا إلى بقية أجزاء روسيا, مع تزايد محاولات الهجرة الخارجية باتجاه بولندا, ودول البلطيق الثلاثة (لاتفيا-إستونيا-ليتوانيا) التي استقلت عن الاتحاد السوفييتي السابق.
هذا, وأضافت المعلومات والتقارير بأن السلطات الروسية قد بادرت إرسال مبعوث حكومي خاص إلى المنطقة, وذلك من أجل إجراء المشاورات والمفاوضات مع الأطراف الشعبية والمدنية التي تزعمت حركة الاحتجاجات السياسية في منطقة كالينينغراد وبقية مناطق شمال غرب روسيا.
الأزمة في منطقة كالينينغراد: هل هي حقيقية أم مفتعلة؟
تقع منطقة كالينينغراد في شمال غرب روسيا, ويبلغ عدد سكانها حوالي مليون نسمة, وبسبب الجوار الإقليمي مع بلدان غرب أوروبا, والجمهوريات التي استقلت عن الاتحاد السوفييتي, فقد ظل سكان منطقة كالينينغراد أكثر طموحا من أجل الارتباط بالغرب, وبتسريع وتائر التحول باتجاه اعتماد نمط الحياة الغربي الأوروبي, وتقول بعض المعلومات, بأن تأثيرات التمرد البولندي الذي قادته حركة التضامن البولندية ضد الاتحاد السوفييتي السابق والكتلة الاشتراكية لدول حلف وارسو, مازالت تداعياته السياسية تؤثر بقوة على توجهات سكان منطقة لينينغراد, وفي هذا الخصوص تجدر الإشارة إلى أن حركة الاحتجاجات والمظاهرات المدنية التي دارت الأسبوع الماضي, كانت تحت إشراف وتنظيم مجموعة أطلقت على نفسها اسم "حركة التضامن" وذلك تيمنا بحركة التضامن النقابية البولندية, التي قادها الزعيم النقابي البولندي ليخ فاليشا, وأطاحت بنظام الجنرال باروزلسكي الشمولي الشيوعي, بما أدى إلى إحداث عملية تحول ديموقراطي شاملة في الحياة السياسية البولندية, أدت إلى إعادة توجيه الحياة السياسية البولندية باتجاه الاندماج ضمن الحياة السياسية الأوروبية الغربية.
تقول بعض التفسيرات, بأن الأزمة في كالينينغراد هي أزمة حقيقية, بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية, إضافة إلى قيام السلطات الروسية بمحاولات الضغط على المنطقة بسبب التأييد السكاني الكبير للحركات الليبرالية الروسية المعارضة لحكومة موسكو, الواقعة تحت سيطرة حزب روسيا المتحدة, الذي يقوده الثنائي بوتين-ميدفيديف, وبرغم ذلك, فهناك تفسير آخر يقول بأن الأزمة في كالينينغراد هي بالأساس أزمة سياسية مصنوعة, وذلك لان المعاناة الاقتصادية موجودة في كافة أنحاء روسيا, وهناك مناطق روسية تعاني أكثر من معاناة منطقة كالينينغراد, ولكن, الحركات السياسية المعارضة لحكومة حزب روسيا المتحدة, هي التي قامت بدعم حركة الاحتجاجات, إضافة إلى توافر الدعم الغربي, والذي وجد سبيله إلى زعماء النقابات في المنطقة, وذلك بما أتاح لهم بتشكيل "حركة التضامن" والتي سعت إلى تطبيق نفس سيناريو "حركة التضامن البولندية".
التطورات المتوقعة لأزمة كالينينغراد:
تجري حاليا مفاوضات بين السلطات الروسية, وزعماء "حركة التضامن" في المنطقة, وتقول المعلومات, بان زعماء حركة التضامن, يطرحون في مفاوضات مطالبا ذات سقف عالي نسبيا, وبرغم تكتم السلطات الروسية على ملفات الأزمة, فمن المتوقع أن تسعى موسكو لجهة استخدام شتى الوسائل القادرة على احتواء الأزمة, وذلك, لان انتقال عدوى هذه الأزمة إلى المناطق الأخرى, هو أمر سوف يعرض الاتحاد الفيديرالي الروسي إلى المزيد من احتمالات الضعف والتفكك, إضافة إلى ان الاستقرار في منطقة كالينينغراد يعتبر عاملا ضروريا بالنسبة للاستقرار الاقتصادي الروسي, وذلك لأن خطوط أنابيب نقل النفط والغاز الروسي سوف يتم تمريرها عبر منطقة كالينينغراد ثم عبر بحر البلطيق إلى ألمانيا, وبقية دول وسط الاتحاد الأوروبي, وهو المشروع الذي يراهن عليه رئيس الوزراء بوتين, باعتباره يتيح لموسكو تمديد خطوط الأنابيب بشكل مباشر, دون حاجة إلى المرور عبر الدول الأخرى, وهو أيضا المشروع الذي ظلت تسعى واشنطن بكل الوسائل إلى تعطيله وإفشاله, لأنه يؤدي إلى تعزيز علاقات خط موسكو-برلين المباشرة!!.


الجمل: قسم الدراسات والترجمة 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...