السلطة الفلسطينية تشكّك بمهنية «الجزيرة» .. والقناة ترد

16-07-2009

السلطة الفلسطينية تشكّك بمهنية «الجزيرة» .. والقناة ترد

في خطوة لا يمكن فصلها عن عدم رضى السلطة الفلسطينية على «سياسة» قناة «الجزيرة» وتغطيتها للشأن الفلسطيني الداخلي، وهو ما بدا جلياً في مفاصل كان أهمها سيطرة «حماس» على الضفة ومن ثم الحرب الاسرائيلية الأخيرة على غزة، قررت وزارة الإعلام في السلطة الفلسطينية مقاضاة قناة «الجزيرة» وتعليق عملها في الضفة الغربية على خلفية تناولها تصريحات لرئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية فاروق القدومي بشأن ما وصفه بضلوع الرئيس الفلسطيني محمود عباس والمسؤول السابق في الأمن الوقائي الفلسطيني محمد دحلان بالتخطيط لاغتيال الرئيس السابق ياسر عرفات بالتعاون مع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل شارون. موظفون في مكتب «الجزيرة» في الضفة بعيد الإعلان عن قرار السلطة الفلسطينية
بعد إعلان القرار، توالت موجة ردود الفعل. استرجعت قناة «الجزيرة» عبر تقرير إخباري أبرز الأحداث الفلسطينية التي تميزت القناة في تغطيتها ونقلت عبرها معاناة الشعب الفلسطيني، مستهجنة تبرير السلطة قرارها بـ«ضرورة الحفاظ على المصالح الوطنية العليا للشعب الفلسطيني»، معتبرة ان في الأمر كماً لحرية وسائل الإعلام وإغفالاً لتاريخ «الجزيرة» التي خاضت مع مراسليها أكثر من معركة في سبيل نقل صورة القضية الفلسطينية. بينما خصص برنامج «ما وراء الخبر» لمناقشة تداعيات ما قاله القدومي وقرار السلطة بخصوص «الجزيرة» كما تابع شريط القناة الإخباري تسليط الضوء على رود الفعل الداعمة لـ«الجزيرة».
وفي حين لمّحت القناة في بيان لها ان القرار فيه استقصاد ظالم لـ «الجزيرة» دون غيرها، اعتبرت وزارة الإعلام أن قناة «الجزيرة» قد «دأبت ومنذ زمن على تخصيص مساحة واسعة من بثها للتحريض على منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية». وبحسب بيان وزارة الإعلام الفلسطينية فإنه «على الرغم من دعوة القناة مرارا إلى الحيادية في تناولها الشأن الفلسطيني، إلا أنها ما زالت مستمرة في ممارساتها بالتحريض على المنظمة والسلطة، وكان آخرها ما قامت به القناة (أمس الأول) من تحريض ونشر للفتنة وترويج أنباء كاذبة». مشيرة إلى أن قرار تعليق عمل القناة سيظل ساريا إلى حين بت القضاء في الموضوع، من دون ان تتطرق إلى الاجراءات التي ستتخذ بحق وكالات الأنباء أو وسائل الاعلام التي بثت الخبر نفسه.
بأية حال، لم يتأخر رد قناة «الجزيرة»، هي التي كانت قد شددت منذ البدء أن وسائل إعلام عربية وعالمية قد تناولت التصريحات هذه «وربما باستفاضه أكبر، ومع ذلك لم يتخذ أي قرار مماثل بحق أي وسيلة أخرى، وهو الباعث على استغراب القناة من جهة وعلى قلقها على وضع حرية الصحافة في الأراضي الفلسطينية من جهة أخرى»، بحسب ما جاء في بيان أصدرته القناة عبّرت فيه عن تلقيها قرار السلطة «بكثير من الاستغراب»، واعتبرت القناة أن القرار يعكس «ضيق صدر بالاستماع للرأي الآخر واحترام حرية الإعلام الذي ينشر ما يهم المشاهد من أخبار وليس فقط ما يروق للمسؤولين».
وفي حين كانت الاتصالات بين إدارة «الجزيرة» والسلطة الفلسطينية لا تزال مفتوحة لغاية كتابة هذه السطور، أكدت القناة انها «لا تزال ماضيه برغم كل شي في تغطية الشأن الفلسطيني». وفي اتصال مع «السفير» أكد كريم الماجري المسؤول الإعلامي للقناة انه في حال بقي قرار تعليق عمل فريق «الجزيرة» قائماً فإنه سيكون هناك نقاش حول كيفية التغطية لكن الأكيد ان «تغطية الجزيرة للحدث ستستمر، وعدم التواجد في الميدان لا يعني الغياب عن الخبر ومتابعة مواكبة كل ما يجري في فلسطين». هذا عدا عن ان القناة ترحب بلجوء السلطة الفلسطينية إلى القضاء «ذلك إنها ترى فيه ساحة لتفنيد المزاعم الخاصة ببثها لأخبار كاذبة، وتعتقد أن أي شخص يحتكم إلى قواعد المهنة لا يسعه أن يخطّئها في نقل إتهام خطير يتعلق بالطريقة التي قضى بها رئيس بثقل الرئيس الراحل ياسر عرفات وصادر من شخصية بثقل فاروق القدومي».
بدوره، اعتبر وليد العمري مدير مكتب «الجزيرة» في فلسطين ان هذا القرار يعتبر بمثابة «تعطيل كامل لعمل قناة «الجزيرة»، ويعتبر انتهاكاً لحرية الصحافة والإعلام في فلسطين».
وشدد العمري على أن الاتهامات التي جاءت في بيان وزارة الإعلام، مرفوضة وغير صحيحة، «فالقناة لم تبدأ عملها أمس، وهي قائمة منذ عام 1996، والجميع يعرف ماذا قدمت «الجزيرة» خلال السنوات الماضية في الأراضي الفلسطينية، وما تحملته من اعتداءات وتحريض».
وكانت القناة قد حرصت في بيانها على التشديد على مهنيتها في التعاطي مع خبر الاتهامات التي ساقها القدومي، إذ دعت مشاهديها، كما السلطة الفلسطينية، «إلى العودة إلى بث القناة للخبر للوقوف على مدى المهنية التي تعاطت بها. فقد حرصت «الجزيرة» على التوازن التحريري بكافة صورهِ عبر بثها الاتهامات حسبما نُقلت عن السيد القدومي، وبث تكذيبها من قِبل بيان مركزية «فتح»، وكذلك عبر التوازن في استضافة المعلقين سواء الذين استمعوا إلى اتهامات القدومي بأنفسهم أو الذين انتقدوه».
وأكدت القناة أنها كانت طوال الإعداد لبث الخبر تبذل محاولات دؤوبة للاتصال بأعضاء رئيسيين في السلطة للتعليق عليه، وأن كثيرين منهم أحجموا عن الظهور بل إن منهم من وعد بالتعليق ثمَّ عاد وتراجع. و«على الرغم من ذلك استضافت القناة عباس زكي القيادي البارز في «فتح» وأفسحت له المجال كاملاً في أهم نشراتها «حصاد اليوم» للرد».
هل ستنجح الخطوط المفتوحة بين «الجزيرة» والسلطة الفلسطينية بتجاوز الأزمة هذه وعودة فريق «الجزيرة» إلى العمل على الأرض؟ أم ان «الجزيرة» ستدفع ثمن نشرها خبر لا يتلاءم وسياسة السلطة الفلسطينية؟

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...