السيسي في موسكو..بالبذلة المدنية وصفقات التسلح محور المحادثات

13-02-2014

السيسي في موسكو..بالبذلة المدنية وصفقات التسلح محور المحادثات

في وقت يترقب المصريون بين لحظة وأخرى الإعلان الرسمي عن ترشّحه للانتخابات الرئاسية، ظهر وزير الدفاع المصري الفريق أول عبد الفتاح السيسي في مشهد نادر، وهو يرتدي البذلة المدنية بدلاً من الزي العسكري، اثناء استعداده لركوب الطائرة التي نقلته من مطار ألماظة الحربي إلى العاصمة الروسية موسكو، وبصحبته وزير الخارجية نبيل فهمي، وذلك في زيارة رسمية يجريان خلالها مباحثات مع نظيريهما الروسيين سيرغي شويغو وسيرغي لافروف، لبحث مجمل العلاقات الثنائية وأوجه التعاون بين البلدين، وذلك ضمن لقاء بصيغة 2+2، وهي صيغة تعتمدها روسيا مع أهم شركائها في العالم.
ووفقاً لهذه الصيغة عينها، فاجأت موسكو القيادة المصرية في 14 تشرين الثاني الماضي، بزيارة قام بها لافروف، الذي سطع نجمه خلال الأعوام الثلاثة الماضية في حلبة حلول الأزمات العربية، وشويغو، السياسي الذي يتصدر للعام الثاني على التوالي المرتبة الأولى من حيث الشعبية في روسيا.
وبحسب ما تقتضيه عادة اللقاءات بصيغة 2+2، فإن المحادثات ستشمل بداية الشؤون الدولية والإقليمية - ولا شك هنا في أن اللقاء المصري الروسي سيتطرق إلى الأزمة السورية ومؤتمر "جنيف 2" والملف النووي الإيراني – لتنتقل بعد ذلك إلى العلاقات الثنائية والتبادل الاقتصادي وخصوصاً في قطاع السياحة. لكن أهم ما ستدور حوله المحادثات سيكون صفقة السلاح بين القاهرة وموسكو، والتي كثر الحديث عنها خلال زيارة الوزيرين الروسيين للقاهرة في العام الماضي.
وقبل التطرق إلى تفاصيل المحادثات، ولا سيما في الشق العسكري منها، لا بد من الإشارة إلى أن ظهور السيسي بالبذلة المدنية، وفي ظل الجدل المحتدم في مصر حول مسألة ترشّحه لرئاسة الجمهورية، قد القى بظلاله على المشهد السياسي في الداخل طوال يوم امس.
ونشر المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة العقيد أركان حرب أحمد محمد علي، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، صورة للمشير السيسي، وهو يرتدي الزي المدني، وذلك للمرة الأولى منذ ان عينه الرئيس المعزول محمد مرسي وزيراً للدفاع في آب من العام 2012، حيث كان يظهر طوال الفترة الماضية وهو يرتدي بذلته العسكرية.
واظهرت الصورة المشير السيسي وهو يرتدي قميصاً ابيض، وبنطالاً اسود، وربطة عنق زرقاء وسترة رزقاء، وهو في طريقه لركوب الطائرة من مطار الماظة، وخلفه الوفد العسكري المرافق (بالزي العسكري)، ومن ثم وزير الخارجية نبيل فهمي. ولاحقاً بث التلفزيون الرسمي لقطات للوفد المصري خلال مغادرته المطار العسكري.
ويأتي ظهور السيسي بالبذلة المدنية بعد يوم من استقباله رئيس "لجنة الخمسين" الدستورية عمرو موسى، وتصريح الأخير بأن المشير حسم أمر ترشحه للرئاسة، وأنه سيعلن عن ذلك بين نهاية شباط الحالي ومطلع آذار المقبل.
وأشعل هذا الظهور غير المألوف للسيسي مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات الساخرة، التي ذكّر بعضها بظهور المشير حسين طنطاوي على هذا النحو خلال المرحلة الانتقالية (وقد قوبل وقتها هذا الظهور بالاستهجان)، فيما تطرق آخرون إلى ترتيب نبيل فهمي (المدني الوحيد) في صورة مطار الماظة، وراء المشير وقادة الجيش، مشيرين إلى أن ذلك يؤكد أن مصر يحكمها العسكريون. وارتفع منسوب السخرية بعد صدور بيان عن المركز الثقافي الروسي في القاهرة يعلن فيه عن تخفيضات بنسة 70% على رسوم الاشتراك في الدورات التدريبية المتنوعة التي يقدّمها، وذلك خلال زيارة الوفد المصري إلى موسكو.
وبحسب وزارة الخارجية المصرية، فإن المحادثات بين الجانبين ستعقد في دار الضيافة التابعة لوزارة الخارجية الروسية، فيما نقلت وكالة "أنباء الشرق الأوسط" عن "مصادر مطلعة" قولها إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، سيستقبل الوزيرين المصريين في "الكرملين".
وتعززت العلاقات بين روسيا ومصر بشكل كبير في موازاة التوتر الذي شهدته العلاقات المصرية – الأميركية بعد عزل الرئيس محمد مرسي في الثالث من تموز العام 2013. وسبق للإدارة الأميركية أن أعلنت تجميد جزء من المساعدات العسكرية لمصر، في حين شهدت الزيارة الأخيرة للوزيرين الروسيين الى مصر في تشرين الثاني الماضي عن توقيع صفقات تسلح يتوقع البحث بشأن تنفيذها – أو ربما التفاوض على صفقات أخرى - خلال زيارة الوفد المصري.
وتحدثت الصحف الروسية عن تلك الصفقات خلال اليومين الماضيين. وبحسب وسائل الإعلام الروسية فإن كلفة الصفقة – التي تتراوح بين مليارين وأربعة مليارات دولار - ستسددها السعودية والإمارات، الدولتان اللتان دعمتا "العهد الجديد" في مصر.
وترجح وسائل الإعلام الروسية أن تتم صفقة التسلح على مرحلتين، أولاهما في تموز المقبل.
ورأى الكثير من المعلقين الروس أن صفقات التسلح هذه ستشكل صفعة قوية للولايات المتحدة، فيما وضعها آخرون في سياق عودة روسيا كقوة عظمى تدور من حولها الأرض كما في تاريخها السوفياتي.
وكتب المحلل السياسي الروسي أنطون يفستراتوف مقالاً بعنوان "الجنرال السيسي – حامي روسيا السوفيتية"، أشار فيه إلى ان وزير الدفاع المصري هو رئيس مصر المقبل بحسب تقدير المحللين الروس. وذهب المحلل الروسي إلى تفصيل شخص السيسي، متسائلا: "من هو هذا الرجل في الزي العسكري، المبتسم والواقف إلى جانب الشعب المصري في أصعب الأوقات وبيد من حديد عزل رئيساً إسلامياً وأسقط نظام حكمه؟".
وبين أسطر الاتفاقية العسكرية، إحياء لتقليد اتبعه اتحاد الدول الاشتراكية السوفياتية مع مصر بين خمسينيات وسبعينيات القرن الماضي، عندما كانت موسكو أكبر مورد للسلاح إلى مصر، علاوة على انها كانت من أهم الشركاء الاقتصاديين للدولة الناصرية، حيث ساعد السوفيات في بناء السد العالي في أسوان ومصنع الحديد والصلب في حلوان ومجمع الألمنيوم في نجع حمادي ومد الخطوط الكهربائية أسوان - الإسكندرية، بالإضافة إلى انجاز 97 مشروعاً صناعياً.
أما في أواخر عهد مبارك فكانت روسيا تعود إلى مصر بخجل وببطء، حيث قُدرت اتفاقيات بيع الأسلحة الروسية لمصر بين العامي 2010 و2011 بمليار ونصف المليار.
وبعد سقوط حكم مبارك جمدت العلاقات والاتفاقيات الثنائية كافة، وقد تجاهل الروس رغبة مرسي في مواصلة التفاهم العسكري، بعدما تبيّن لهم أن الرئيس "الإخواني" لم يكن يملك أي قرش لتسديد قيمة الأسلحة الروسية.
ولكن، ثمة سؤال يطرح نفسه في إطار هذه التحولات في العلاقات الروسية - المصرية، وهو لماذا تنفق مصر الأموال على السلاح الروسي في وقت تعيش فيه البلاد حالة اقتصادية صعبة؟
 يرى مدير معهد الأديان والسياسة ألكسندر ايغناتينكو أن "مصر، من وجهة نظر قيادتها الحالية، تواجه تهديدات خارجية عدة".
ويضيف "بالطبع، اول ما قد يخطر في أذهاننا إسرائيل، ولكن لا يجدر بنا أن ننسى أن مصر جارة ليبيا، التي تعيش في قمة عدم الاستقرار. فمصر تحارب هناك – وكذلك في سيناء - الإرهابيين الذين تشير التقديرات إلى أنهم يتلقون دعماً من قطر الجار اللدود للسعودية"، التي يفترض أنها أحد ممولي صفقات السلاح.
تختلف التقديرات، والتأويلات لكن الفعل الوحيد الأكيد هو أن مصر، رغم الأوضاع الراهنة فيها قد أعادت توازناً ما في القوى العالمية، من دون أن تكون إحدى هذه القوى بديلة من الأخرى. أليس وزير الخارجية المصري هو من أعلن أن "روسيا أهم من أن تكون بديلاً للولايات المتحدة في مصر؟".

ريما ميتا
مصطفى صلاح

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...