بصمات إسرائيلية في جريمة اغتيال «صالح العريضي»

11-09-2008

بصمات إسرائيلية في جريمة اغتيال «صالح العريضي»

تعرضت الهدنة السياسية الداخلية في لبنان، وما يتخللها من بداية مناخات سياسية إيجابية ومصالحات مناطقية، كانت باكورتها الأولى مصالحة الجبل، الى محاولة للاغتيال من جانب المتضررين منها، وذلك على مسافة ايام قليلة من دعوة رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان لالتئام مؤتمر الحوار الوطني، وبعد أيام من إنجاز المصالحة الطرابلسية.
وقد تمثلت هذه المحاولة، ليل أمس، بتفجير سيارة القيادي في »الحزب الديموقراطي اللبناني« الشيخ صالح العريضي، الأمر الذي أدى الى استشهاده فورا، بالاضافة الى جرح عدد من ابناء بلدته بيصور ممن كانوا قريبين من سيارته لحظة انفجارها، بعدما تبين أن الجناة قد زرعوا العبوة تحت السيارة أو قربها وقاموا بتفجيرها لاسلكيا من نقطة قريبة.
وإذا كانت هذه الجريمة قد سمّمت الأجواء السياسية العامة، فإن سرعة تحرك القيادات السياسية ولا سيما رئيس »اللقاء الديموقراطي« النائب وليد جنبلاط، وقيامه بزيارة بيصور ومنزل الشهيد العريضي، قد نجحت في تطويق مشروع فتنة كان يراد له أن يطل برأسه مجددا من منطقة الجبل.
واللافت للانتباه أن عملية الاغتيال ترافقت مع حملة شائعات منظمة سرت كالنار في الهشيم، عبر الترويج في قرى وساحل الشوف وعاليه، لاستنفارات متبادلة بين المعارضة وتحديدا »حزب الله« من جهة والحزب التقدمي الاشتراكي من جهة ثانية، غير أن قنوات الاتصال فتحت سريعا بين قيادة »حزب الله« ممثلة بالحاج وفيق صفا والحزب الاشتراكي ممثلا بالنائب أكرم شهيب، حيث عملا، ومن خلال لجان ميدانية، على قطع دابر أية محاولة لاشاعة الفوضى في الجبل، ولعبت قيادة الجيش اللبناني ومديرية المخابرات أيضا دورا حاسما عبر تعزيز الاجراءات الأمنية وتكثيف الاتصالات في كل الاتجاهات سعيا الى تطويق الموقف.
ووفق المعلومات التي توافرت، فإن العريضي، يعتبر الذراع اليمنى للوزير طلال ارسلان، ومن أبرز الذين تولوا العمل على خط المصالحة بينه وبين النائب جنبلاط، مستفيدا من موقعيته السابقة في الحزب التقدمي وعلاقته بجنبلاط ومعظم قيادات »الاشتراكي«، وهو معروف أيضا بصلته الوثيقة بعدد كبير من القيادات السورية وتوليه ملف الأحزاب اللبنانية بما فيها ملف العلاقة بين »الحزب الديموقراطي« و»حزب الله«، فضلا عن الرمزية التي يشكلها والده الشيخ المرجع أبو صالح فرحان العريضي أحد رموز الاعتدال والوسطية بين اليزبكية والجنبلاطية في الجبل.
وقد شكل اغتيال العريضي، استهدافا لكل »التقاطعات« التي يمثلها، وهو الأمر الذي جعل الوزير ارسلان (موجود في الخارج وقد قرر العودة سريعا الى بيروت) كما نقل عنه قياديون في حزبه، يوجه الاتهام
الى اسرائيل باعتبارها صاحبة المصلحة في إثارة الفتنة وتفجير الوضع الداخلي.
وإذا كانت قيادات مقربة من ارسلان، رفضت تأكيد المعلومات التي ترددت مؤخرا حول رسائل نقلها رئيس »الديموقراطي« بين دمشق وجنبلاط، خاصة أن ارسلان التقى الوزير غازي العريضي عشية الزيارة وغداتها ايضا، فإن المقربين من جنبلاط رفضوا أيضا الخوض في الموضوع.
ووضع الامين العام للحزب الديمـوقراطي زياد شـويري الجريمة في خانة محاولة ضرب وتخريب الاستقرار والمصالحة في الجبل، وقال انها رسالة مشبوهة بتوقيتها ضد نهج الاعتدال والاستقرار.
واستنكر شيخ عقل الطائفة الدرزية الشيخ نعيم حسن، الجريمة، واعتبرها فعلا جبانا يستهدف المصالحة الوطنية.
ووضع النائب جنبلاط الاغتيال في خانة »المتضررين من المصالحة بيني وبين الأمير طلال«، وقال انها ايضا برسم المتضررين من مصالحة طرابلس والمصالحات العامة في البلد وأجواء التقارب السياسي الداخلي.
وقال جنبلاط انه اتصل فور وقوع الجريمة بأرسلان واتفقا على أن يأخذ العدل مجراه وأن لا يتم استباق التحقيق وأن يصدرا موقفا موحدا مما جرى، داعيا الى أوسع مشاركة في تشييع العريضي بوصفه شهيدا لكل أبناء الجبل.
وسأل جنبلاط »هل نحن أمام بداية مسلسل جديد من الاغتيال السياسي«؟ وقال ان والد الشهيد الشيخ أبو صالح فرحان العريضي أبلغه بصريح العبارة أنه مسامح لمن قام بالجريمة، لأنه كان ينظر الى المستقبل ويريد أن يقطع الطريق على من يريد اشعال الفتنة في الجبل واستهداف السلم الأهلي مجددا. 
وأطلق بعض المشاركين في الاجتماع الموسع الذي عقد في بيصور، هتافات ضد اسرائيل واتهموها بمحاولة اشعال الفتنة مجددا في الجبل، وأوضح ان المغدور العريضي (٥٥ سنة) استقل سيارته »المرسيدس« من منزله قرابة التاسعة والنصف ليلا، وتوجه الى ساحة بيصور لأمر ما لم يستغرق طويلا، وعاد الى منزله بعد دقائق قليلة، وأوقف سيارته بعيدا عن المنزل لتعذر وجود مكان قربه، ثم عاد بعد فترة ليركنها قرب المنزل، ولدى وصوله اليها، انفجرت عبوة ناسفة ادت الى استشهاده فورا، وتدمير السيارة واحتراقها كليا.
وأفادت المعلومات الاولية ان العبوة جرى تفجيرها عن بعد وكانت موضوعة في السيارة وتردد أن زنتها لا تقل عن خمسة كيلوغرامات وقدر المحققون أن المغدور كان يخضع لمراقبة دقيقة وأن التفجير من صنع محترفين أمنيا.
الى ذلك، من المفترض ان تنطلق اليوم في القصر الجمهوري اللبناني ورشة التحضير العملي لاستضافة مؤتمر الحوار يوم الثلاثاء المقبل، حيث سيرأس رئيس الجمهورية ميشال سليمان اجتماعات لهذه الغاية مع فريق العمل الخاص بهذا الموضوع لدرس النواحي اللوجستية للمؤتمر، وكيفية توجيه الدعوات الى الاركان الاربعة عشر المشاركين.

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...