تحديد المخاطر الأساسية والثانوية في إستراتيجية الأمن القومي البريطاني

20-10-2010

تحديد المخاطر الأساسية والثانوية في إستراتيجية الأمن القومي البريطاني

الجمل: تحدثت التقارير والتحليلات كثيراً خلال اليومين الماضيين عن إستراتيجية الأمن القومي البريطاني التي أصدرتها السلطات البريطانية، هذا وتقول المعلومات بأن محتوى هذه الإستراتيجية قد أثار جدلاً واسعاً بسبب انقسامات وخلافات الخبراء الإستراتيجيين البريطانيين والأوروبيين والأمريكيين، والذين ذهب كل طرفٍ منهم مذاهب شتى: ما هي معالم هذه الإستراتيجية؟ وهل تمثل ورقة إستراتيجية الأمن القومي البريطاني الأخيرة خارطة طريق حماية أمن بريطانيا أم لا؟

* إستراتيجية الأمن القومي البريطاني: توصيف المعلومات الجارية

تطرقت ورقة إستراتيجية الأمن القومي البريطاني إلى وصف التحدياتخارطة العلاقات عبر الأطلنطي الماثلة أمام المعنيين بحماية أمن بريطانيا، وفي هذا الخصوص أشارت الورقة إلى المحاور والمفاصل الآتية:

    * المخاطر الأولية: وفي هذا الخصوص أشارت الورقة إلى ستة مخاطر أساسية هي:

-       الهجمات والاعتداءات على شبكات المعلومات البريطانية بوساطة الأطراف الأخرى، إضافةً إلى جرائم المعلوماتية الكبيرة الحجم.

-       قيام إحدى الجماعات الإرهابية باستخدام أسلحة الدمار الشامل ضد بريطانيا.

-       قيام الجماعات المرتبطة بأيرلندة الشمالية باستهداف بريطانيا.

-       حدوث الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والأعاصير.

-       تفشي مرض الأنفلونزة الشديد والسريع العدوى.

-       التورط البريطاني المتزايد في الأزمات والصراعات العسكرية إلى جانب حلفاءها.

    * المخاطر الثانوية: وفي هذا الخصوص أشارت الورقة إلى أربعة مخاطر ثانوية هي:

-       تعرض بريطانيا إلى هجوم بالصواريخ البالستية من جانب دولة أخرى.

-       حدوث تمرد أو حرب أهلية في دولة أخرى بشكل يهدد بريطانيا.

-       ارتفاع معدلات الجرائم المنظمة.

-       تعرض شبكات المعلوماتية وتكنولوجيا الاتصالات إلى الأعطال الكبيرة الواسعة النطاق.

    * المخاطر الأخرى:

-       تعرض بريطانيا لهجوم دولة أخرى بالوسائل العسكرية التقليدية.

-       حدوث زيادة كبيرة في أعداد الإرهابيين والمهاجرين غير الشرعيين داخل بريطانيا.

-       حدوث تزايد كبير في معدلات تهريب السلع والخدمات في بريطانيا.

-       تعرض دولة عضو في حلف الناتو أو الاتحاد الأوروبي لاعتداء عسكري بواسطة دولة أخرى بما يضطر بريطانيا إلى التدخل والتورط.

-       تعرض إحدى المناطق النائية التابعة لبريطانيا لهجوم أو اعتداء عسكري أو إرهابي.

-       تعرض خطوط إمدادات النفط والغاز والغذاء والخدمات الضرورية للاضطراب والانقطاع.

-       التعرض الواسع النطاق لأنشطة انبعاث الإشعاعات.

هذا، وأشارت التعليقات والتحليلات إلى أن اعتماد مبدأ الأولوية في ترتيب منظومة مخاطر الأمن القومي البريطاني هو أمر لا يعني التمسك القاطع بهذه الأولويات، وذلك لأن تطورات الأحداث والوقائع الجارية يمكن أن تؤدي إلى حدوث المزيد من الأوضاع الفجائية بما يترتب عليه انقلاب ترتيب هذه الأولويات.

* إستراتيجية الأمن القومي البريطاني: صراع الخيارات

بعد خروج حزب العمال البريطاني وصعود حكومة ائتلاف حزب المحافظين-حزب الديمقراطيين الأحرار إلى السلطة في لندن، فقد أثارت خلافات الحليفين موجة من الصراعات الباردة في أروقة داوينغ ستريت (مقر مجلس الوزراء البريطاني) وأروقة مجلس العموم البريطاني، وعلى خلفية ضغوط هذه الخلافات فقد بدا واضحاً أن:

-       حزب المحافظين البريطاني ظل يسعى دائماً باتجاه التوافق مع توجهات الإدارات الأمريكية.

-       حزب الديمقراطيين الأحرار ظل أكثر سعياً لجهة تقليل الارتباط البريطاني بالسياسة الأمريكية.

أشارت المعلومات والتقارير إلى أن التفاهم بين طرفي الحكومة البريطانية الائتلافية قد أدى إلى التوافق بين الطرفين على ضرورة السعي لجهة وضع إستراتيجية جديدة واضحة المعالم لقضايا ومسائل الأمن القومي البريطاني، وتأسيساً على ذلك فقد شهدت إعداد إستراتيجية الأمن القومي البريطاني قدراً كبيراً من الخلافات المتعلقة بالخيارات الآتية:

    * خيارات المفاضلة بين علاقات عبر الأطلنطي (خط لندن-واشنطن) وعلاقات عبر المانش (خط لندن-بروكسل) عندما تحتدم الخلافات الأوروبية-الأمريكية.
    * خيارات تحقيق الحل الوسط إزاء ما يتعلق بتوازنات المصالح في معادلة الروابط الخاصة البريطانية-الأمريكية والروابط الخاصة البريطانية-الأوروبية.
    * خيار السعي لتعزيز الروابط مع أمريكا حتى لو كان ذلك على حساب التزامات بريطانيا إزاء الاتحاد الأوروبي.
    * خيارات السعي لاستقلالية السياسات البريطانية بشكل لا يؤثر سلباً على التزامات لندن إزاء الاتحاد الأوروبي وإزاء العلاقة الخاصة مع أمريكا.

تقول المعلومات، بأن حزب المحافظين البريطاني مازال أكثر ميلاً لخيار السعي لتعزيز العلاقات والروابط مع أمريكا باعتبار أن العلاقة الخاصة البريطانية-الأمريكية يجب أن تحظى بالأولوية ضمن جدول أعمال أية إستراتيجية بريطانية، أما حزب الديمقراطيين الأحرار فقد كان أكثر ميلاً لخيارات السعي لاستقلالية السياسات البريطانية بشكل لا يؤثر على التزامات لندن إزاء أمريكا وإزاء الاتحاد الأوروبي.

* أين تقف بريطانيا الآن؟

سعى العديد من الخبراء البريطانيين وغير البريطانيين إلى توجيه الانتقادات لإستراتيجية الأمن القومي البريطانية الجديدة وذلك على أساس اعتبارات الآتي:

-       ضعف سياقات الإدراك النظري والتحليلي الخاصة بالإستراتيجية الجديدة، وقد برز ذلك بوضوح من خلال ضعف المحاور الأربعة الآتية:

+ غياب المقاربات المستقبلية الحقيقية للمخاطر، وذلك بسبب عدم مراجعة وتقديم المخاطر التي سبق وأن تعرضت لها بريطانيا، وعلى وجه الخصوص الأزمة الاقتصادية التي حدثت بفعل تأثير ضغوط عدوى الأزمة الاقتصادية الأمريكية.

+ غياب المشاركة الواسعة، بحيث اقتصر إعداد وصياغة الإستراتيجية على مجموعة صغيرة محددة من خبراء الائتلاف الحاكم، واستبعدت الأطراف الأخرى، وهو أمر غير مقبول طالما أن الأمن القومي البريطاني يهم الجميع بلا استثناء.

+ غياب عنصر التوازن بين بنود الإستراتيجية بحيث اختلت الموازنة بين قضايا السياسة الداخلية البريطانية وقضايا السياسة الخارجية البريطانية.

+ غياب عنصر التأطير الزمني، وذلك لأن السباق الذي تم ضمنه وضع الإستراتيجية هو سباق افتراضي خالي من أية تحديدات زمنية بما أدى إلى جعل الإستراتيجية مفتوحة على الفترة القادمة.

هذا، تقول التحليلات، بأن أبرز عوامل ضعف الإستراتيجية الأمن القومي البريطاني الجديدة تمثل في غياب الشفافية، وعلى وجه الخصوص في البند المتعلق بميزانية الأمن القومي البريطاني، وفي هذا الخصوص تشير المعلومات إلى الآتي:

    * الخلافات حول مدى قدرة الحكومة الائتلافية البريطانية الجديدة على كبح جماح النفقات الأمنية-الدفاعية المتزايدة، وفي هذا الخصوص توجد مؤشرات تفيد لجهة أن بريطانيا سوف تسعى من جانب إلى تقليل النفقات على الجيش البريطاني، لكنها من جانبٍ آخر سوف تسعى إلى رفع النفقات لصالح أجهزة الأمن البريطاني.
    * الخلافات حول مدى قدرة الحكومة الائتلافية البريطانية الحالية على التقليل من بند المساهدات العسكرية-الأمنية التي ظلت تقدمها بريطانيا لحلفائها وأصدقائها، وفي هذا الخصوص يرى طرف بضرورة أن تلتزم لندن بتقليص المساعدات، بينما يرى الطرف الآخر بضرورة أن تلتزم لندن بتقديم المساعدات ضمن مستوى محدود، وذلك لأن تقليص المساعدات سوف يؤدي بالضرورة إلى تقليص النفوذ الخارجي البريطاني.

تحدثت بعض الأطراف البريطانية المرتبطة بإسرائيل وجماعات اللوبي الإسرائيلي، وسعت من خلال انتقادها إلى التأكيد على ضرورة أن تلتزم بريطانيا في حالة تقليص المساعدات الخارجية بتقديم مستوى أكبر من المساعدات العسكرية لإسرائيل، إضافةً  إلى ضرورة إعطاء الأولوية لجدول أعمال العلاقات الخاصة البريطانية-الأمريكية، أما الأطراف الأخرى المعارضة للسياسة البريطانية فرأت بأن إستراتيجية الأمن القومي البريطانية الجديدة لم تحمل سوى المزيد من المضي قدماً في نفس الطريق الذي ظلت تسير عليه بريطانيا خلال حكومة الزعيم العمالي توني بلير والزعيم العمالي الذي خلفه غوردن براون. وإضافةً لذلك، فقد حذرت هذه الأطراف من مغبة تمادي إستراتيجية الأمن القومي البريطاني الجديدة في مسايرة بنود إستراتيجية الأمن القومي الأمريكية، وعلى وجه الخصوص في قضايا السياسة الخارجية البريطانية المتعلقة بملفات أزمات الشرق الأوسط ومشروع الحرب الأمريكية المقترحة على الإرهاب.

 


 
الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...