حرب التماثيل تمنع عودة أبي جعفر المنصور

21-05-2007

حرب التماثيل تمنع عودة أبي جعفر المنصور

لم تسلم التماثيل والنصب التي تزين شوارع وساحات بغداد والتي نحتها أبرز الفنانين العراقيين من أعمال العنف المستمرة، فقد تعرض قسم كبير منها الى التحطيم والسرقة، فيما ينتظر قوس النصر وسط المنطقة الخضراء الذي شيده نظام صدام حسين دلالة على حرب الثماني سنوات مع ايران مصيره وسط تجاذبات سياسية لإزالته.

تمثال الخليفة العباسي ابو جعفر المنصور تعرض في 18 تشرين الاول (اكتوبر) 2005 الى تفجير ادى الى تحطيمه بالكامل. وكان تمثال ثاني الخلفاء العباسيين (714 - 775م) يتوسط الساحة الرئيسة في حي المنصور الراقي وسط العاصمة، وكان عبارة عن قبة بارتفاع خمسة امتار تحمل رأساً من البرونز مرتدياً عمامة بارتفاع أربعة أمتار من تصميم النحات العراقي خالد الرحال، أبرز رواد الحركة الفنية الحديثة.

ويقول وزير الثقافة السابق رئيس لجنة الثقافة والآثار مفيد الجزائري : «يصعب تفسير ما حدث لتمثال ابو جعفر المنصور، وقد يكون وراء عملية تفجيره دوافع سياسية معينة وممنهجة او قد يكون فجر بصورة عشوائية كما حصل لكثير من النصب والتماثيل وباقي معالم بغداد».

ويضيف ان «مشكلة استهداف معالم بغداد الحضارية لم تقف عند تمثال ابو جعفر المنصور بل هي جزء من المشكلة الأمنية وعدم الاستقرار في البلاد، فكما يوجد مخطط لذبح المواطنين العراقيين هناك مخططات لذبح جسور بغداد وتماثيلها ونصبها، ولجنة الآثار في مجلس النواب تدخلت مرات كثيرة لمنع هدم الكثير من النصب والتماثيل مثل قوس النصر في ساحة الاحتفالات في بغداد حيث كانت هناك اجراءات لهدمه باعتباره من رموز النظام السابق».

واشارت تقارير اميركية قبل نحو أسبوع الى تعرض منطقة ساحة الاحتفالات الكبرى التي يقع فيها قوس النصر الى هجمات بقذائف هاون، فيما سرب سياسيون ان تجاذبا حاداً تم على خلفية رغبة أطراف حكومية مقربة من ايران إزالة النصب، وان الصراع حوله لم ينته بعد.

وكانت الحكومة العراقية والتي سبقتها أزالت عشرات النصب والتماثيل التي ترمز الى فترة حكم نظام حزب البعث، ابتداء من عام 1968 او الى الحرب مع ايران، بينها «سفينة البعث» في ساحة العلاوي ونصب بلاط الشهداء، والاسير العراقي، وأزيلت تماثيل الضباط الذين شاركوا في انقلاب 1941 بقيادة رشيد عالي الكيلاني من مركز المدينة، وعشرات التماثيل في شط العرب في البصرة، وكان يرمز معظمها الى الحرب العراقية - الايرانية في ثمانينات القرن الماضي، وحطمت ايضاً تماثيل لضباط عراقيين اعدموا في منطقة ام الطبول غرب بغداد عام 1959.

واشار الجزائري الى ان «هناك صعوبات أمنية وفنية كبيرة تعيق إعادة بناء تمثال ابو جعفر المنصور، وغيره من التماثيل التي هدمت، كما توجد صعوبات أكبر في المحافظة على ما تبقى من آثار ونصب أخرى»، معتبراً ما حدث لآثار بغداد وأماكنها التراثية «خسارة كبيرة لا يمكن تعويضها ابداً».

ومن أبرز التماثيل التي هدمت بعد احتلال العراق عام 2003 تمثال الخليفة العباسي الثالث الواثق بالله، كما سرق تمثال رئيس الوزراء العراقي في العشرينات عبد المحسن السعدون، وتعرض تمثال كهرمانة ايضاً الى التفجير بسيارة ملغومة أدت الى تحطيم أجزاء مهمة منه، وهو عبارة عن جسم فتاة هي كهرمانة، الشخصية المشهورة في قصة علي بابا، احدى قصص «الف ليلة وليلة» واقفة وسط دائرة حاملة جرة كبيرة تصب منها الزيت على اربعين جرة تطل منها رؤوس أربعين لصاً صممه النحات محمد غني حكمت في سبعينات القرن الماضي.

اما تمثالا شهريار وشهرزاد في شارع ابو نواس فقد قطعت أجزاء كبيرة منهما واصبح من الصعب المرور في هذا الشارع بعد ان انتشرت فيه اسوار خرسانية واسلاك شائكة.

ويقول النحات العراقي كريم موسى ان «التماثيل التي سرقت او تحطمت في العاصمة كثيرة جداً ولاسباب عدة أهمها: السرقة للحصول على مادة البرونز التي تتكون منها، اضافة الى بعض الانفعالات الشعبية التي تقف وراءها تفسيرات تاريخية». ويضيف: «ان ما فقده العراق من تماثيل وآثار لا تقدر بثمن، منها اعمال خالد الرحال واسماعيل الترك وجواد سليم، وبغداد ستفقد معالمها المميزة اذا استمرت أعمال العنف التي تستهدف التماثيل».

وكانت القوات الاميركية هي التي بدأت هذه الحماقة عندما حطمت دباباتها البـــــوابة الــــــتاريخية ذات الطراز الآشوري للمتحف العراقي عام 2003».

 

عمر ستار

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...