رخص وهمية لمشاريع عامة لاستجرار الاسمنت بطرق غير شرعية

09-04-2007

رخص وهمية لمشاريع عامة لاستجرار الاسمنت بطرق غير شرعية

بعد طفرة سعرية مفاجئة وصل فيها سعر طن الاسمنت في محافظة ريف دمشق إلى حوالي عشرة آلاف ليرة خلال الأسبوعين الماضيين.. بدأت الأزمة بالانحسار تدريجياً, وشهدت نهاية الأسبوع انخفاضاً في سعر الطن في السوق السوداء إلى 7500 ليرة.. أي بقي الفارق السعري عن منافذ بيع مؤسسة عمران ب 1500 ليرة زيادة.

فما الأسباب الكامنة وراء الأزمة كما تراها إدارة مؤسسة عمران؟ وماذا عن آلية المعالجة؟ وما دور التجار و سماسرة السوق في إدارة الأزمة؟‏

بداية تشكل ريف دمشق المركز الأول لاستهلاك الاسمنت محلياً نظراً لامتداد رقعتها الجغرافية ولنمو المشاريع الصناعية والاستثمارية والسكانية فيها.. ومع بداية آذار من كل عام ينشط الطلب على المادة لأعمال البناء التي تستمر لغاية تشرين أول حيث تدخل مرحلة الإكساء الداخلي بسبب العوامل الجوية..‏

ورغم ما أثير عن زوبعة اشتداد الطلب والارتفاع السعري لم تشهد مراكز بيع الاسمنت في المحافظة نهاية الأسبوع الازدحام المألوف الذي كنا نلحظه في سنوات سابقة ولم نلحظ الحركة المعتادة لسماسرة السوق من المتاجرين بالمادة.‏

ورغم خلو مستودعات مركز عربين من الاسمنت كانت الشاحنات في ساحاته تنتظر تفريغها فوراً لصالح المخصصين من حرفيين ومتعهدين ومرخصين.. وحسب رئيس المركز فإن الوارد من المادة يومياً يبلغ 150 طناً وسطياً في حين الحاجة الفعلية تقدر بنحو 170 طناً يومياً.. ولتلافي النقص تم اعتماد مبدأ الدور في التوزيع, وتحويل 272 من مرخصي منطقة عين ترما إلى مركز المليحة بهدف الحد من الضغط والازدحام وثانياً لكون وسطي الاستجرار اليومي من مركز المليحة لا يتجاوز عشرة أطنان للمرخص الواحد كما تم زيادة مخصصاته إلى 70 طناً يومياً..‏

وأجمعت عينة ممن التقيناهم في مراكز المحافظة من المخصصين بالمادة أن المشكلة تكمن في عزوف التجار عن الاستيراد بعد سلسلة الإجراءات الحكومية الأخيرة. وقال المتعهد أحمد طرابيشي -حرستا: لا يوجد مشكلة في تأمين المادة حالياً من مراكز العمران بينما أكد المرخص مفيد بشاش من سقبا ان مخصصاته يستجرها من عمران تباعا وأوضح المتعهد فرزات الشيخ علي أن إنتاج مؤسسة الاسمنت لا يكفي لسد حاجة السوق ويجب البحث عن بدائل أخرى رغم أنه يستجر خمسة أطنان كل عشرة أيام من مراكز العمران..‏

من جهته بين الحرفي حسن الحمص من حمورية أن المشكلة تكمن في محدودية العرض على حساب الطلب وأن التسوق قبل الأزمة كان يتم بموجب البطاقة الشخصية ومع بداية الأزمة لجأ المخصصون إلى قسائمهم ودفاترهم بهدف الاحتكار والإتجار غير المشروع بالمادة.. وبالتالي شكلت فرصة للتهرب من الرسوم والطوابع لزوم القسائم والدفاتر المعتمدة في التعامل.‏

وقد أوضح معتصم بركات مدير فرع المحافظة بدوما أن حاجة الفرع اليومية من المادة تقدر بخمسة آلاف طن لا يرد منها حالياً سوى كمية 3850 طناً ويتم منح المخصصات وفق التراخيص الصناعية ومتوسط النسبة المئوية للترخيص يضاف اليها متوسط الطلب بموجب دفاتر وبحسب مجموع السنتين ووسطيهما للمجابل حصرا وقسائم الصناعة والجمعيات للحرفيين علما ان هؤلاء لا يسلمون حاليا الى نسبة 50% من مخصصاتهم وتتجه النية لتسليمهم كامل المخصصات بعد الخروج من الأزمة.‏

وتوزع كمية 400 طن يوميا لسبع جهات حكومية و1200 طن للمجابل التي تتشكل من تسع شركات وفق توزيع رئاسة مجلس الوزراء وتستثمر شركة الاتحادالعربي 300 طن دوكما يوميا باعتبارها قطاعا مشتركا موضحا ان المحافظة تضم 17 مركزا لتوزيع الاسمنت .‏

ومع نشوب الازمة ارتفع سعر الطن الواحد الى حوالي عشرة آلاف ليرة لكن لماذا حدث الاختناق وما ظواهره؟‏

يقول احمدصالح مدير عام العمران يعود سبب تفاقم الازمة وبالتالي ارتفاع السعر الى عزوف تجار القطاع الخاص المستوردين للمادة عن الاستجرار بعد تحديد عملية الضبط والفحص الفني للمستورد في مخابر معامل وشركات الاسمنت حصرا للتأكد من الصلاحية والمطابقة للمواصفات والتأخير الحاصل في صدور نتائج التحاليل حيث تستغرق حوالي عشرين يوما.‏

اضافة الى عدم استكمال تنفيذ العقد الاردني الموقع مع مؤسسة التجارة الخارجية لكمية مئة الف طن وتوقف توريد كمية 75 الف طن لربع العقد المبرم بين التجارة الخارجية وشركة هولسيم اللبنانية بسبب بطء اجراءات التجارة الخارجية.واستغلال سماسرة السوق وبعض المخصصين الأزمة عند بيع المادة للمواطنين بموجب البطاقات الشخصية وتخزين كميات كبيرة بقصد الاحتكار واحداث تأثير سلبي في تموين السوق ما دفع المؤسسة إلى وقف البيع بموجب البطاقة الشخصية ريثما تتحسن المادة..‏

وخلال الأزمة تبين أن نسبة 30% من الاسمنت تستجر من المراكز بطرق غير مشروعة.. فتدخلت العمران للمراقبة والمتابعة من خلال تشكيل ثلاث لجان مركزية و 20 فرعية في ريف دمشق لإجراء الكشوف الحسية على استجرارات المرخصين والمتعهدين والحرفيين للتأكد من التراخيص وأن الكميات المباعة لا تذهب للاحتكار.‏

وأشار مدير عام العمران إلى أن عمل هذه اللجان أثمر في حسم حوالي مئة ألف طن من المخصصات الممنوحة للمتعاملين منها 85 ألف طن من مركز معمل عدرا وحده. كما تم ترقين قيد أكثر من 40 ألف طن لمتعاملين استجروا حاجتهم من السوق أثناء انخفاض سعر القطاع الخاص وعادوا للمؤسسة للاستجرار بعقد الاتجار غير المشروع.وتم ضبط رخص وتعهدات وهمية لمشاريع عامة على الورق فقط منها مشروع نادي الضمير الرياضي ومشروع لمؤسسة السكك الحديدية في السبينة وأودعت هذه المخالفات لدى الأجهزة الرقابية المختصة للتحقيق.‏

وتقوم اللجان بالكشوف على رخص البناء الوهمية التي تمنحها البلديات ووحدات الإدارة المحلية لضبط التلاعب والتزوير وبهدف إيصال المادة إلى مستحقيها الحقيقيين وسبق هذه الإجراءات تغيير معظم مديري وأمناء مستودعات مراكز فرع ريف دمشق.‏

تقدر حاجة السوق المحلية من الاسمنت يوميا بحوالي 25 الف طن وللحد من جنون الاسعار لجأت العمران الى بيع 170 الف طن من مخزونها مع ان اعلى نسبة بيع كانت بموجب البطاقات الشخصية قبل ايقاف العمل بها وبنسبة 70% من اجمالي المبيع.‏

وتؤمن العمران كمية 21 الف طن فيما يتدبر القطاع الخاص بالفي طن والباقي استيرادا بموجب عقود وبمعدل سنوي تقدر حاجة السوق المحلية بحوالي سبعة ملايين طن. وكانت مؤسسة الاسمنت تأخرت العام الماضي بتأمين 423 الف طن للعمران كما هو مخطط له من أصل اربعة ملايين و860 الف طن.‏

وحاليا الآمال معقودة على معمل اسمنت حماة الجديد والذي تقدر طاقته الانتاجية سنويا بمليون طن وكان مقررا ان يبدأ انتاجه الصيف الماضي ثم تأخر لمطلع العام الحالي ثم أرجئ الى تموز القادم ونأمل ان تكون وعود اقلاعه حقيقية هذه المرة .‏

وتعاني العمران حسب ادارتها من اشكالية العروض الوهمية التي تردها لاستيراد المادة من اصل 20 عرضا تلقتها مؤخرا تنتظر حاليا التأمينات النهائية لشركتين عارضتين لتوريد كمية 800 الف طن.‏

وازاء هذا الواقع نتساءل لماذا لا تقوم مؤسسة الاسمنت باستيراد الكلنكر لكونه يتحمل التخزين الطويل رغم توافر امكانية طحنه وبالتالي تحقق وفورات مالية كبيرة من جانب ومن جهة اخرى ان انتاج المؤسسة من المادة لم يزدد منذ اكثر من خمسة عشر عاما رغم ما لحق من استثمار ونمو صناعي وسكاني وانما على العكس انخفض انتاج الاسمنت الى اقل من خمسة ملايين طن سنويا كتأكيد على التطور العكسي الذي تعيشه مع شركاتها وعجزها عن مواكبة حركة النمو المحلي....‏

ناهيك عن التناغم الطردي بين المؤسسة وتجار الاسمنت؟؟!‏

عدنان سعد

المصدر: الثورة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...