لبنان يشيع العريضي بإجماع على مواصلة المصالحة

13-09-2008

لبنان يشيع العريضي بإجماع على مواصلة المصالحة

وحّدت دماء شهيد بيصور صالح العريضي، في يوم تشييعه الى مثواه الأخير، منطقة الجبل، وفتحت الباب أمام مصالحات جديدة وارتسام مشهد سياسي طبيعي بين الجبل والضاحية الجنوبية في لبنان، وذلك على طريق معالجة ذيول أحداث السـابع من أيار المنصرم.
وجاء الخطاب السياسي لكل من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط ورئيس الحزب الديموقراطي اللبناني الوزير طلال أرسلان، في مهرجان التأبين، ليكرس أول خطاب مشترك بين الموالاة والمعارضة في مواجهة الانكشاف السياسي ـ الأمني ومسلسل الاغتيالات والتفجيرات على مدى السنوات الأربع الماضية، في مؤشر يعزز عملية إعادة التموضع الجارية في غير اتجاه، سواء تحت عنوان المصالحة أو الحوار...
ووفق مصادر متابعة وموثوقة، فإن قرار »حزب الله« بإيفاد رئيس مجلسه السياسي السيد ابراهيم أمين السيد، ممثلا السيد حسن نصر الله، الى مهرجان تأبين الشهيد العريضي، »يعتبر خطوة متقدمة، على طريق تحقيق المصالحة بين »حزب الله« من جهة والحزب التقدمي الاشتراكي من جهة ثانية، خاصة أن الطرفين أعربا عن رغبتهما بتطوير صيغة التنسيق الأمني الحالية (وفيق صفا عن »حزب الله« وأكرم شهيب عن »الاشتراكي«) والارتقاء بها سياسيا في اتجاه تعزيز القواسم المشتركة بين الجانبين.
وفي الوقت نفسه، كانت المساعي الجدية مستمرة بعيدا عن الأضواء بين قيادتي »حزب الله« و»تيار المستقبل« سعيا الى تحقيق خطوة تقارب بين الجانبين، تتجاوز في المرحلة الاولى الاعتبارات الأمنية التي حالت دون حصول لقاء السيد حسن نصر الله والنائب سعد الحريري.
وفيما تكتمت مصادر متابعة لهذه المساعي على الشوط الذي بلغته، الا أنها أكدت جدية المساعي ووجود فرصة لإحداث اختراق بين الجانبين بمعزل عما أسمته »بعض التشويشات الإعلامية والسياسية«.
وتأتي هذه الانفراجات السياسية، ومعها استمرار الهدوء الذي يلف معظم الخطاب السياسي الداخلي، على مسافة ايام قليلة من انعقاد مؤتمر الحوار الوطني، حيث انهمكت دوائر القصر الجمهوري بالإعداد للحوار الثلاثاء المقبل في السادس عشر من الجاري، بعد أن تم توزيع الدعوات الخطية الرسمية، فيما أنجزت اللجنة التحضيرية التصور الذي سيطرحه رئيس الجمهورية، ويقضي في مرحلة ما بعد الافتتاح بتشكيل لجان تتولى مناقشة بعض عناوين الاستراتيجية الدفاعية.
وعلم في هذا السياق، ان الجلسة المقررة قبل ظهر الثلاثاء، ستقتصر على حضور »الصف الأول« من المتحاورين من دون مساعديهم. كما سيقتصر جدول الاعمال على كلمة لرئيس الجمهورية. وكما هو معلوم على بند وحيد متعلق بالاستراتيجية الدفاعية، الا اذا توافق فرقاء الحوار على إدخال بنود إضافية، في الوقت الذي يحاط موضوع توسيع التمثيل الحواري باتصالات على غير مستوى، ولا سيما في ظل بروز مطالبات من هنا وهناك لتوسيع اطار المشاركين في الحوار ليشمل قيادات وأحزابا وتيارات سياسية أساسية غير ممثلة في »صيغة الـ ١٤«.
وأعرب الرئيس نبيه بري عن ارتياحه لمسار الامور المحيطة بالتحضيرات الجارية لإطلاق الجولة الحوارية، وقال لـ»السفير« إن الحوار في هذه الظروف »حاجة بالنسبة الى اللبنانيين، وفي كل الأحوال يجب ان ينجح الحوار. وأكثر من ذلك، كل الفرقاء من دون استثناء، محكومون بإنجاح الحوار، والشرط الاساسي لهذا الإنجاح، هو ان تتوفر الثقة بين الجميع، وهذا هو العنصر الاساسي للنجاح المفترض. خصوصا انه اذا ما برزت تشكيكات من هنا ومن هناك، فهذا يعني ان الحوار لا يمكن ان يصل الى خواتيم سعيدة، بل على العكس«.
وأكد بري ان مصلحة الجميع »تكمن في نجاح الحوار، وهذا يفرض على كل الفرقاء ان يسمعوا الى بعضهم البعض، والدخول في نقاش جدي بكل موضوعية وصدر رحب، وصولا الى القواسم المشتركة«.
وقال بري »نستطيع ان نتوصل الى نتيجة، وطبعا أنا لا اقلل من حجم الخلافات، والامر ليس سهلا، وأنا لا أستخف به، او أخفف منه، لكن الامر ليس مقفلا، ولست فاقدا للامل«.
وأكد بري »ان الاولوية بالنسبة الينا هي الحفاظ على السلم الاهلي والحؤول دون تعرضه لاهتزازات او إرباكات، وكل حركتنا السياسية منطلقة من الحرص على الاستقرار والسلم الاهلي«، واصفا جريمة اغتيال الشهيد العريضي بأنها »خطيرة وخطيرة جدا جدا«.
بدوره، أكد رئيس الحكومة فؤاد السنيورة أن عنوان الحوار الذي دعا إليه رئيس الجمهورية هو الإستراتيجية الدفاعية، وهذا الموضوع لم تتناوله جلسات الحوار الماضية، وقال »كما مجلس النواب سيد نفسه، فالمتحاورون هم أسياد أنفسهم ويقررون ما يريدون، وعلى ضوء المناقشة يتقرر جدول أعمال الجلسات«.
وتمنى السنيورة أن تكون حادثة اغتيال العريضي »بمثابة قربان لمزيد من الوحدة بين اللبنانيين لأن مستوى الوعي بينهم وبين القيادات هو أعلى، وأنا على قناعة بأن هذه المحاولات لن تجدي ولن تنفع ولن تؤثر باللبنانيين«.
وكانت بلدة بيصور، قد ودّعت، امس، شهيدها في مأتم رسمي وسياسي وشعبي حاشد، تحدث فيه النائب وليد جنبلاط والوزير طلال ارسلان، فأكدا أن الرسالة وصلت وأن الجريمة لا تميز بين موال ومعارض وأن الرد يكون باستمرار نهج الحوار والمصالحة.
وقال جنبلاط في كلمته »وصلتنا الرسالة القاسية والدامية والضارية والخسارة الفادحة التي لا تعوض إلا بموقفنا الموحد في بيصور التي تعودت دائما على الموقف الواحد الموحد تعوض فقط بتعميم المصالحات في كل لبنان«، ورأى أن التعويض يكون »فقط ببناء الدولة القوية، كون هذه الجريمة النكراء برهنت الانكشاف التام للساحة اللبنانية لشتى انواع المخابرات الاجنبية ولشتى المشاريع. فنحن نمر اليوم في مرحلة مخاض وتوتر عالميين. لهذا فإن الدول المخربة والإرهاب سيحاولان ان يصطادا في لبنان يمينا وشمالا من دون تمييز من أجل خلق الفتنة«.
وأكد جنبلاط أن الدولة وحدها تحمي الجميع وقال »انه عمل شاق ومضن وصعب ولكن لا مفر منه من أجل تفادي ضربات الغدر التي يبدو انها تطل علينا من جديد ولا تميز اليوم بين فريق وآخر، وقد تضرب أيا كان من أجل خلق الفتنة المذهبية او الطائفية«.
وقال الوزير ارسلان »ان القاتل عدو لا يميز موالاة عن معارضة وإنه عندما يحرّك آلة الموت إنما يفعل ليحرّك فينا الغرائز والعصبيات لنكمل نحن النصف الذي لا يستطيع فعله إلا بأيدينا نحن انفسنا«. أضاف »المطلوب ان يكون الجبل منقسماً على نفسه، يقاتل بعضه بعضا، المطلوب زرع بذور الفتنة والعصبيات الحزبية والطائفية والمذهبية البغيضة. ونقول نحن هذا لن يحصل، ما حصل بالأمس لن يحصل اليوم ولن يحصل في المستقبل مهما كانت التضحيات غالية بالدم، فالعدو، ولا عدو للبنان الا عدو واحد، هو اسرائيل، هذا العدو سيصفق وينام ملء جفونه اما ان يحمي الجبل وحدته بحوار وأخوة قادته وحماية ظهر المقاومة والتمسك بعروبته، فها هو الجواب، ونقولها من بيصور لقد وصلت الرسالة«.
الى ذلك، قال رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري انه آن الأوان لوقفة لبنانية موحدة ومسؤولة، توقف مسلسل الاستقواء على لبنان بأي قوى خارجية شقيقة كانت ام عدوة ام صديقة، وآن الأوان لجعل الحوار الوطني وسيلة لتعزيز مفهوم القرار الوطني المستقل القائم على ارادة اللبنانيين وفي وجوب قيام دولة قادرة مسؤولة عن حماية المواطنين والسيادة الوطنية وتجديد الثقة بدورها ومؤسساتها وفك الحصار المفروض عليها سواء من الاحزاب او الطوائف او المذاهب او القوى المسلحة«.
وجاء كلام الحريري في الافطار البقاعي الثالث والأخير، في بارك أوتيل شتورة، على أن يستأنف اعتبارا من اليوم الإفطارات البيروتية في قريطم.
[ أعلن البيت الابيض رسميا ان الرئيس الاميركي جورج بوش سيستقبل الرئيس اللبناني ميشال سليمان في ٢٥ أيلول المقبل، وقال بيان البيت الأبيض »يتطلع الرئيس (بوش) الى مناقشة العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة ولبنان والدعم الاميركي للبنان سيد وديموقراطي ومجموعة من القضايا الاقليمية«.

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...