محطّة «تلاقي» لـ «جميع السوريين»: المهمّة الصعبة

22-05-2013

محطّة «تلاقي» لـ «جميع السوريين»: المهمّة الصعبة

بعد لقطة افتتاحية مُتعثّرة بخطأ تقني... بدأت قناة «تلاقي» الرسمية السورية بثّها أمس الأوّل. وجاء ذلك بعد تحضيرات دامت أشهراً، رافقتها حملة إعلانية ضخمة في شوارع دمشق. تعدّ «تلاقي» جزءاً من مشروع جديد لوزارة الإعلام السوريّة، ويتضمّن أيضاً إطلاق قناة أخرى، تحمل اسم «عروبة»، خلال أشهر. وكان وزير الإعلام عمران الزعبي قد صرّح في أكثر من مناسبة أنّ «تلاقي» تجسّد «مشروعه الخاص الذي يحلم به، وأنها جزء من إستراتيجية الدولة السورية عموماً».
لا يبدو الحديث عن «إستراتيجية» بالأمر الغريب عن سياق الخطاب الرسمي السوري الذي يرى أنّ ما تشهده البلاد «حرب إعلامية في المقام الأول»، محمّلاً ما وصفها بـ«القنوات الإعلاميّة المُغرضة» المسؤولية الكاملة عن الأزمة. هذا ما يُفسّر الاتجاه إلى إطلاق عدد من الإذاعات المحليّة أخيراً، ومجلة «سيريا تايمز» الإلكترونية، إلى جانب إنشاء مركز إعلامي سوري في موسكو، وإدارة للإعلام الإلكتروني في وزارة الإعلام.يتألف فريق القناة بمعظمهم من صحافيين شباب
اختارت القناة الشابّة عبارة «نلتقي لنرتقي» شعاراً لها، ولوغو باللونين الأحمر والأصفر، يذكّر للوهلة الأولى بلوغو بقناة «الميادين». خُصِّصت ساعات البثّ الأولى للتعريف ببرامج القناة وإجراء لقاءات قصيرة مع بعض المعدين والفنيين والمذيعين. تخلَّل كلّ ذلك فواصل إعلانية تروّج لبرامج القناة، تظهر جلياً أنّ «تلاقي» ستأخذ طابعاً ثقافيّاً فنيّاً اجتماعيّاً، يهتمّ بالرياضة والسينما والتراث والطب والأسرة، مقابل برنامجين سياسيين فقط هما «حوارات التلاقي» و«يحدث اليوم». وهذا ما يعكس توجّه القناة إلى تقديم مواضيع قد تلقى ــ في نظر القائمين عليها ــ رواجاً بين جميع فئات الشعب السوري. تكتب القناة عبر صفحتها الرسميّة على فايسبوك: «يسألنا البعض عن توجه القناة أو القناة مع من ضدّ من؟ لماذا يصعب على البعض التصديق بأنّ قناتنا موجهة للجميع؟ أليس ما يجمع السوريين هو أكثر بكثير ممّا يفرقهم؟».
يعمل مقدّمو البرامج في المحطة على الإيحاء بسطوة «الروح الشابة» على شكل ومضمون القناة. وفي يوم الافتتاح، حاول المذيعون ـــ معظمهم يطلّ على التلفزيون للمرّة الأولى ــ كسر «النمطية والجمود» اللذين يسمان التلفزيون السوري، وكلّ ما يدور في فلكه. هكذا، راحوا يطلقون النكات ويتعمّدون المزاح أو الحديث باللهجة العامية واستخدام بعض الكلمات الإنكليزية... إلاّ أنّ بعض محاولاتهم تلك جاءت مصطنعة لتجعل المشاهد يخشى «نمطية كسر النمط».
يعبّر مدير «تلاقي» الإعلامي ماهر الخولي عن رضاه عن الافتتاح الرسمي، معترفاً بحدوث بعض المشكلات التقنية. لكنّه يرى أنّ «الغاية من حفل الافتتاح قد تحققت بتعريف المشاهد السوري على السمات العامة للمحطة، ومضامين برامجها ووجوهها الشابة». وعند سؤاله عمّا إذا كان إنشاء قناة متنوّعة ذات طابع ثقافي اجتماعي، أولوية في سوريا في المرحلة الراهنة، يردّ الخولي: «نحن نسعى إلى جذب المشاهد السوري عبر الكلمة، لخلق مناخ للتلاقي، ونعترف أنّنا نخوض تحدياً صعباً، لكن من قال إن المنغمس في السياسية من موقع المتابع لا يحتاج مشاهدة برنامج موسيقي أو برنامج حول التاريخ؟ هذه البرامج ضرورة في الوقت الراهن». يؤكّد الخولي إنّ «القناة ليست إخبارية، لكنّها لا تتجنّب السياسة، لذلك هناك برنامج يومي يعالج أهم حدث في اليوم وآخر أسبوعي»، مؤكداً أنّ «القناة تحاول التزام الموضوعية قدر الإمكان».
لكن كيف ستصل القناة إلى جميع السوريين، إن كانت شريحة واسعة منهم فقدت الثقة بالإعلام الرسمي؟ يؤكّد الخولي إنّ «90 في المئة من العاملين في المحطة هم من الكوادر الشابة، وتلك الكوادر لا بد أن تطرح رؤاها. جل ما أطلبه من المشاهد أن يحاول ترك الانطباعات والمواقف المسبقة على مضمون القناة. تابعونا لمدة شهرٍ فقط، ثم قولوا بعدها ما تريدون».
مواكبةً لانطلاق القناة، نشرت صفحتها على فايسبوك صوراً ليوم الافتتاح، ومواقيت عرض البرامج. كما طرحت عدداً من الأسئلة للوقوف على آراء المشاهدين، وتلقت ردود فعل متباينة ومتنوعة. فمن المشاهدين من طالب بالعودة إلى «أغاني الطرب الأصيل» التي عرضتها القناة خلال بثّها التجريبي، في حين اقترح آخر رفع الصوت، وطالب أحدهم تغيير السجادة في الأستوديو لتتماشى مع الديكور!
ستجد «تلاقي» نفسها في الأشهر القادمة أمام تحدٍّ كبير، ضمن مناخٍ سياسي متأجّج، وانقسام حاد، وجمهورٍ غاضب فاقدٍ للثقة بالإعلام الرسمي ـــ بعد سجلٍّ طويل من الخيبات. لذلك سيكون نجاحها في تحقيق هدفها، بأن تكون «دعوةً لنلتقي، ولو في منتصف الطريق، طريق مشيناه معاً منذ سبعة آلاف عام، وسنكمله معاً»... مهمّة شديدة الصعوبة.

نور أبي فراج

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...