مقتل المصور الفرنسي أوليڤييه ڤوازان

26-02-2013

مقتل المصور الفرنسي أوليڤييه ڤوازان

الجمل ـ طوني كارتالوتشي ـ ترجمة: د. مالك سلمان:

دليل آخر على الطبيعة البائسة للحملة الغربية على سوريا, والطبيعة البائسة لمؤسساتها وطرائقها ومنظماتها غير الحكومية الزائفة, يثبت ميلاً متنامياً لإطلاق "صحفيين" غربيين ومنظمات غير حكومية غربية من عدد متزايد من الدول. فقد تم الكشف عن مقتل مصور فرنسي مؤخراً في إدلب, شمال سوريا, كان يعمل لصالح "مراسلون بلا حدود" الممولة من قبل "المنحة الوطنية للديمقراطية" التابعة لوزارة الخارجية الأمريكية.
كشفت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية في مقالها "مقتل مصور فرنسي بواسطة شظية طائشة في سوريا أثناء هجوم جديد للمتمردين على أكاديمية الشرطة في حلب" :
" مقتل مصور فرنسي بواسطة شظية طائشة أثناء تغطيته لعمليات مجموعة معارضة مسلحة.
قالت الحكومة الفرنسية اليوم إن أوليڤييه ڤوازان كان يعمل لصالح ‘مراسلون بلا حدود’ بالقرب من مدينة إدلب الشمالية."
تسيطر القاعدة على إدلب ومعظم المناطق الواقعة في شمال سوريا. وفي الحقيقة, قالت مقالة حديثة نشرت في "واشنطن بوست" إن القاعدة متواجدة بكثافة في شمال سوريا إلى درجة أن الدول الأوروبية وشركاءها العرب قد قرروا نقل الأسلحة إلى سوريا عن طريق درعا في جنوب سوريا. وبالطبع كانت درعا مهداً للنشاطات المتطرفة منذ وقت طويل أيضاً, بما في ذلك القاعدة, حتى قبل أن تبدأ ما تسمى "الانتفاضة" بسنوات.
وتعترف مقالة "واشنطن بوست" المعنونة "في سوريا, شحنات أسلحة جديدة إلى المتمردين تقلب موازين القوى في المعركة ضد الأسد":
"تقدم المتمردين في سوريا بسبب تدفق الأسلحة الثقيلة في جهد متجدد من قبل قوى خارجية لتسليح المعتدلين في ‘الجيش السوري الحر’, تبعاً لمسؤولين عرب ومسؤولين في ‘الجيش الحر’.
وقد تم إرسال الأسلحة الجديدة, بما في ذلك القناصات والصواريخ المضادة للدبابات, عبر الحدود الأردنية إلى محافظة درعا في الأسابيع الماضية لمواجهة التأثير المتنامي للمجموعات المتطرفة الإسلاموية في شمال سوريا من خلال دعم المجموعات الأكثر اعتدالاً التي تقاتل في الجنوب, كما قال المسؤولون."
على الرغم من التطرف المنتشر في الشمال, وجد المصور الفرنسي أوليڤييه ڤوازان نفسَه بين هؤلاء المتطرفين في وسط ما يوصف بأنه موجات من "مكاسب المتمردين". من الواضح أن هذه "المكاسب" تأتي بأثمان باهظة.
إن منظمة ڤوازان , "مراسلون بلا حدود", هي منظمة غير حكومية زائفة تلعب دوراً مركزياً على مستوى العالم, حيث تعمل على تقويض الدول المستهدَفة من قبل المصالح الرأسمالية الغربية وتعمل بالتنسيق مع الوكلاء المدعومين من قبل وزارة الخارجية الأمريكية في إيران والصين وروسيا والسودان, وفي كل مكان يريد "وول ستريت" ولندن أن يزرعا رايتيهما فيه. ففي سنة 2008, تلقت "مراسلون بلا حدود" الأموال من "المنحة الوطنية للديمقراطية" [التي يرتبط بها الدكتور رضوان زيادة] المموَلة من وزارة الخارجية الأمريكية والتي يتشكل مجلس إدارتها من مجموعة من المحافظين الجدد والرأسماليين المتعطشين للحروب.
مع أن هذه المصالح الرأسمالية تجسد النقيض من "حقوق الإنسان" و "الحرية الإنسانية" و "الديمقراطية", إلا أنه يتم استخدام هذه المبادىء نفسها في تعزيز المصالح وإثارة التعاطف الجماهيري ودعم تقويض الدول وتغيير الأنظمة في الدول المستهدفة.
كما تلقت "مراسلون بلا حدود" المال من "شركة سيغريد روزنغ", و "أوڤربروك فاونديشن", و "مركز كوبا الحرة" التابع لوزارة الخارجية الأمريكية والموجود في واشنطن العاصمة. وجدير بالذكر أن "شركة سيغريد روزنغ" تقدم الدعمَ المالي أيضاً ﻠ "مجموعة الأزمة الدولية" (مع شركات "بريتش بتروليوم" و "شيڤرون" و "شل" و "مجموعة دويتش بانك" و "مورغان ستانلي") التي قامت بالتهليل للعنف الذي أودى بحياة ڤوازان. وفي الحقيقة, يضم مجلس إدارة "مجموعة الأزمة الدولية" كوفي أنان الذي ساعد في شراء الوقت لمسلحي الناتو لإعادة التنظيم والانتشار من خلال "خطة سلام" مشبوهة.
وبينما تناضل الحكومة السورية والشعب السوري ضد مسلحي القاعدة – المتمركزين في تركيا والذين يقوم الناتو باحتضانهم وتمويلهم وتسليحهم, وتدعمهم بطاريات صواريخ باتريوت المقدمة من قبل الولايات المتحدة, وعملاء "سي آي إيه", والقوات البريطانية والفرنسية الخاصة – لا يسع الإعلام الغربي الرسمي سوى إدانة مقتل ڤوازان بالإضافة إلى إدانة إطلاق سوريا لصواريخ "سكود" على مدينة حلب, وهي قصة يبدو أن المسلحين قد فبركوها ولا يوجد أي دليل على صحتها. إلا أن المؤكد هو قتل السيارات المفخخة, التي تحمل كل بصمات القاعدة, للعشرات من المدنيين في دمشق, الحادثة التي تم التغاضي عنها بشكل كلي من قبل الغرب. وفي حقيقة الأمر, تقوم الولايات المتحدة بإعاقة قرار يدين تفجير القاعدة الأخير في دمشق الذي أودى بحياة أكثر من 150 شخصاً بما في ذلك أطفال المدارس.
إن بؤسَ الغرب وحكوماته ومؤسساته وإعلامه ومنظماته غير الحكومية الزائفة يعمل بشكل حثيث على تقويض أي مفهوم ﻠ "القانون الدولي", كما ترك الشعوبَ الغربية بشرعية متعثرة سوف تؤثر في النهاية على كافة أوجه حياتهم, وليس السياسة الخارجية فقط. فالسياسة الخارجية الإجرامية هي واحد من أعراض الأوليغاركية الحاكمة الرأسمالية الفاسدة التي اختطفت المؤسسات والمواثيق والعقود الاجتماعية التي تخلق مجتمعاً متماسكاً. والحل هو مقاطعة واستبدال هذه الاحتكارات الرأسمالية من خلال خلق وتنمية مؤسسات محلية تخدم مصالح المواطنين بشكل مباشر.

("غلوبل ريسيرتش", 25 شباط/فبراير 2013)

الجمل- قسم الترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...