أزمة أوكرانيا: روسيا تشهر سلاح الغاز

08-03-2014

أزمة أوكرانيا: روسيا تشهر سلاح الغاز

ما زالت أبواب التواصل على خط الأزمة الأوكرانية مفتوحة، بالرغم ارتفاع حدة التوتر الدولي، خصوصاً بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من جهة، وروسيا من جهة أخرى، التي شهرت أمس، سلاحاً سياسياً نوعياً وهو الغاز، رداً على التلويح الغربي الأميركي بفرض عقوبات عليها، في وقت أجرى فيه الرئيس الأميركي باراك أوباما اتصالاً هاتفياً فجر أمس، بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، برر خلاله قرار الولايات المتحدة فرض قيود على منح تأشيرات لمسؤولين من روسيا وأوكرانيا، بينما أكد بوتين أن العلاقات بين البلدين يجب ألا تتأثر بالأزمة الأوكرانية.
وقال البيت الأبيض، في بيان بعد المحادثات الهاتفية التي استمرت ساعة بين رئيسي الدولتين، إن "الرئيس أوباما شدد على أن روسيا تنتهك سيادة ووحدة أراضي أوكرانيا، ما حتم علينا اتخاذ إجراءات انتقامية بالتنسيق مع شركائنا الأوروبيين".
وأضاف أن أوباما "قال إنه يمكن تسوية الوضع بطريقة ديبلوماسية بما في ذلك لمصلحة روسيا ومصلحة الشعب الأوكراني والأسرة الدولية".
وأوضح البيان أن أوباما كرر مرة جديدة "مطلبه إجراء محادثات مباشرة بمساعدة الأسرة الدولية" بين روسيا وأوكرانيا ونشر "مراقبين دوليين للتأكد من أن الأوكرانيين، بمن فيهم الأقلية الروسية محميون... وعودة القوات الروسية إلى ثكناتها".
وإذ أكد البيان على تشديد أوباما أن "الأسرة الدولية يمكنها مساعدة الشعب الأوكراني على الاستعداد للانتخابات في شهر أيار المقبل"، مشيراً إلى أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري سيواصل محادثاته مع نظيره الروسي سيرغي لافروف ومع الحكومة الأوكرانية ومع الشركاء الدوليين الآخرين من أجل التقدم نحو هذه الاهداف.
من جهته، أعلن الكرملين في بيان أن "الرئيس الروسي ذكر بأهمية العلاقات الأميركية الروسية لضمان الاستقرار والأمن في العالم، ولا يجوز التضحية بهذه العلاقات بسبب مشاكل دولية معزولة حتى وإن كانت مهمة".
وجاء في البيان أنه "خلال المناقشة بين الرئيسين، برز اختلاف في المواقف وفي تقييمات أسباب نشوب الأزمة والتطورات الحالية. وشدد الرئيس الروسي خلال المكالمة على أن القيادة الأوكرانية الحالية تفرض على مناطق في شرق وجنوب شرقي البلاد قرارات غير شرعية".
كما أكد بوتين أهمية العلاقات الروسية - الأميركية بالنسبة إلى الاستقرار والأمن العالميين، مشدداً على أنه "لا يجوز التضحية بهذه العلاقات بسبب خلافات حول قضايا دولية معينة وإن كانت مهمة جداً".
وبعيد ذلك، حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف واشنطن أمس، من خطوات غير مدروسة، خلال مكالمة هاتفية مع نظيره الأميركي جون كيري، قائلاً إن تلك الخطوات ستنعكس على الولايات المتحدة نفسها.
وجاء في بيان وزارة الخارجية الروسية أن لافروف "حذر من خطوات متسرعة وغير مدروسة من شأنها أن تلحق ضرراً بالعلاقات الروسية - الأميركية، وخصوصاً في ما يتعلق بالعقوبات التي ستنعكس حتماً على الولايات المتحدة نفسها".
وأضاف البيان أن الوزيرين اتفقا في المكالمة، التي جرت بمبادرة من الجانب الأميركي، على مواصلة بحث موضوع الأزمة الأوكرانية.
وردت موسكو أمس أيضاً، على الاتحاد الأوروبي، حيث قالت وزارة الخارجية الروسية في بيان، إن موسكو لا تقبل لغة العقوبات والتهديدات وسترد في حال تنفيذها.
وأعربت الوزارة في بيانها عن استغرابها من نتائج الاجتماع الطارئ لـمجلس أوروبا حول الوضع في أوكرانيا، مشيرة إلى أن "المواقف الانتهازية كما يبدو صارت تتغلّب على المنطق الذي يدعو إلى الإصغاء على الأقل للموقف المبدئي لروسيا، الشريك الاستراتيجي للاتحاد الأوروبي".
وأضافت أن "الاتحاد الأوروبي تبنّى موقفاً غير بناء وقرر التخلي عن التعاون مع روسيا في مجالات تهم المواطنين وأوساط العمل في روسيا والاتحاد الأوروبي، بما في ذلك تسهيل نظام التأشيرات وتوقيع اتفاقية تعاون جديدة"، مشيرة إلى أن "بروكسل ترتكب خطأ إذا كانت تعتبر أن روسيا تحتاج إلى إكمال العمل في المجالات المذكورة أكثر من الاتحاد الأوروبي".
من جهة ثانية، هددت المجموعة الروسية العملاقة الناشطة في مجال الغاز "غازبروم" أمس، أوكرانيا بوقف صادراتها من الغاز إليها بسبب متأخرات بقيمة 1.89 مليار دولار، على غرار ما حصل في شتاء العام 2009 عندما أدى وقف الشحنات إلى خلل في إمداد عدة دول أوروبية بالغاز.
وقال رئيس "غازبروم" ألكسي ميلر، بحسب ما نقلت وكالات الأنباء الروسية، محذراً من "أن أوكرانيا أوقفت بفعل الأمر الواقع تسديد ثمن الغاز. لا يمكننا أن نزوّد الغاز مجاناً. فإما أن تسدد أوكرانيا المتأخرات وإما سيكون هناك خطر العودة إلى الوضع الذي كان سائداً في بداية العام 2009".
وأوضح ميلر أن يوم أمس السابع من آذار كان الموعد النهائي المحدد لأوكرانيا لتسديد ثمن شحنات الغاز لشهر شباط الماضي. وقال إن "غازبروم لم تحصل على أي دفعة على حسابها. المتأخرات بلغت 1.89 مليار دولار".
ووقف إمداد الغاز سيؤثر كثيرا على الحكومة الأوكرانية الجديدة، وسيصيب أيضاً الاتحاد الأوروبي الذي لا تزال نصف مشترياته (65 مليار متر مكعب) تمر عبر أوكرانيا.
وفي الأول من كانون الثاني العام 2009، أوقفت "غازبروم" إمداد أوكرانيا بالغاز بسبب خلاف تجاري، ووقعت دول في الاتحاد الأوروبي ضحايا هذه الردود الانتقامية في أوج موجة من البرد، مع العلم أن بعض الدول مثل سلوفاكيا تعتمد على الغاز الروسي بنسبة 100 في المئة.
لكن اوروبا التي تستهلك المزيد من الغاز الروسي، باتت اقل تعرضاً من السابق لاحتمال قطع الامدادات في انابيب الغاز التي تمر في اوكرانيا بفضل خيارات جديدة للشحن.
وحصة الغاز المستهلك في أوروبا التي تمر عبر أوكرانيا تقارب اليوم 15 في المئة، أي أكثر بقليل من نصف ما تستورده أوروبا من روسيا في مقابل قرابة ثلاثة أرباع قبل تدشين أنبوب "نورد ستريم" في نهاية العام 2011، وهو الأنبوب الذي يربط روسيا بألمانيا تحت بحر البلطيق.
من جهة أخرى، احتشد أكثر من 65 ألف شخص في موسكو أمس، للمشاركة في حفل موسيقي لدعم سكان القرم، بحسب ما أعلنت شرطة موسكو.
وأقام المشاركون في هذا التجمع حفلاً موسيقياً خلف الساحة الحمراء المجاورة للكرملين، وحملوا أعلاماً روسية ولافتات كتب عليها "القرم أرض روسية" و"القرم نحن معك".
ثم صعد إلى المنبر وفد من البرلمان المحلي للقرم، الذين كان التقى نواباً روساً، حيث قال رئيس برلمان القرم فلاديمير كونستانتينوف "تحية من القرم! لقد اتخذنا قراراً تاريخياً حول إجراء استفتاء"، مضيفاً أن "روسيا لن تتخلى عنا. ونطلب دعم جميع الأوكرانيين، ضحايا السلطات غير الشرعية".
وفي هذا السياق، أعلن رئيس الدوما (مجلس النواب الروسي) سيرغي ناريشكين أمس، أن البرلمان سيحترم "الخيار التاريخي" للقرم في الاستفتاء الذي ستجريه في 16 آذار الحالي.
وكانت رئيسة مجلس الاتحاد الروسي فالنتينا ماتفيينكو أكثر وضوحاً، حيث قالت إنه "إذا عبر شعب القرم عن رغبة كهذه واتخذ قراراً من هذا النوع لإلحاقه بروسيا، فنحن، المجلس الأعلى في البرلمان، سندعم هذا القرار".

المصدر: وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...