الإرهابي السعودي عبدالله المحيسني يطالب بحلّ «جيش الفتح» وتشكيل «حكومة الداخل»

22-12-2015

الإرهابي السعودي عبدالله المحيسني يطالب بحلّ «جيش الفتح» وتشكيل «حكومة الداخل»

تعكس الدعوة التي وجّهها الداعية السعودي عبدالله المحيسني لحلّ «جيش الفتح» وتشكيل «جبهة سياسية عسكرية شرعية» بدلاً منه، مدى المأزق الذي وصلت إليه الجماعات الإسلامية في سوريا، لا سيما أن التداعيات وردود الأفعال على مؤتمر المعارضة السورية في الرياض ما تزال مستمرة، وآخرها هجوم غير مسبوق من قبل «جند الأقصى» على المؤتمر والمشاركين فيه، وصل لدرجة التكفير بعدما كان زعيم «جبهة النصرة» أبو محمد الجولاني قد اكتفى بالتخوين في «مؤتمره الصحافي» الأخير.المحيسني داخل سيارة الإسعاف في ادلب امس الاول
واعتبر المحيسني، وهو «القاضي العام» في «جيش الفتح»، أن «الساحة الشامية اليوم تمر بأخطر مرحلة فيها، فإما أن يوفق الله قادة الشام لقرارات جريئة وإما يقطف الثمرة من لم يغرسها».
وأشار إلى أن «سقف جيش الفتح لم يعد كافياً ولا ملبياً لمتطلبات الساحة»، مطالباً، في تغريدات على حسابه على «تويتر» حملت عنوان «الحل بحل جيش الفتح»، قادة الفصائل بأن «أدنى سقف اليوم يجب أن تصلوا إليه هو الانتقال من جيش الفتح إلى تحالف جبهوي سياسي ـ شرعي ـ عسكري».
وتوحي الدعوة السابقة من حيث الظاهر بأنها تنطوي على مطالبة بالتوحد بين الفصائل لمواجهة تحديات المرحلة الراهنة، إلا أن حقيقة الأمر هي أن المحيسني يحاول ضرب عصفورين بحجر واحد، الأول هو تحصين «جبهة النصرة» وغيرها من التنظيمات المرتبطة مع «القاعدة»، عبر تكريس اتحادها مع كبرى الفصائل المسلحة في الساحة السورية وعلى رأسها تلك المرضيّ عنها خليجياً وغربياً، والثاني محاولة تطويق تداعيات مؤتمر الرياض التي استشعر المحيسني أنها ستؤدي إلى إحداث شرخ كبير بين الفصائل المسلحة، وخاصة بين «جبهة النصرة» و«أحرار الشام».
واعتبر البعض أن دعوة المحيسني جاءت متأخرة جداً، ولم تعد قادرة، حتى في حال نجاحها، على التأثير في مجريات الأمور، خصوصاً في الشقّ السياسي الذي خرج من بين أيدي اللاعبين المحليين، وأصبح التحكم به حكراً على بعض الجهات الإقليمية والدولية. غير أن البعض الآخر لم يخف ريبته من دعوة المحيسني وإمكانية أن تؤدي إلى نتائج عكسية، لأن مؤداها في النهاية سيكون تقسيم الفصائل إلى قسمين، قسم جبهوي يرفض مؤتمر الرياض ولا يقبل المشاركة في العملية السياسية التي أقرّ مجلس الأمن الدولي أهم بنودها في قراره 2254، وقسم مدجّن سيجد نفسه، أمام تعنت القسم الأول، مضطراً لمسايرة الاملاءات الإقليمية والدولية، والتي سيكون من بينها محاربة هذا القسم لإخراجه من المعادلة وإفقاده أي قدرة على التأثير بمسار الحل. وبالتالي يرى هؤلاء أن دعوة المحيسني ستنتهي إلى مزيد من التشرذم والفرقة، وربما تتسبب في الإسراع بحدوث التفجير المؤجل بين بعض الفصائل.
وما عزز هذه النظرة السلبية، أن المحيسني استغلّ الإصابة التي تعرض لها بينما كان يمر «بموكبه» أمام مبنى «المحكمة الشرعية» في إدلب لحظة قصفها من الطيران الروسي، أمس الأول، ليكشف عن حقيقة ما يتوخاه من وراء مطالبته السابقة بتشكيل «جبهة سياسية وعسكرية وشرعية»، حيث شدد في كلام قاله من داخل سيارة الإسعاف التي كانت تقله إلى أحد المستشفيات الميدانية لمعالجته، مخاطباً قادة الفصائل الإسلامية، وأهمها «جند الأقصى» و«جبهة النصرة» و«الحزب الإسلامي التركستاني» و«أحرار الشام»، على ضرورة الاستعجال «بجمع كلمة المسلمين، وإعلان حكومة من داخل أرض الشام».
فالأمر ليس مجرد دعوة إلى التحالف ضمن جبهة واحدة، بل «إعلان حكومة من الداخل»، وهذا ليس له سوى تفسير واحد هو «إعلان إمارة إسلامية» تقطع الطريق أمام عربة فيينا وتوابعها. ولا شك بأن هذه الدعوة تتلاقى مع سياسة التشدد التي باتت «إدارة إدلب» تنتهجها ضد المواطنين، في محاولة منها لفرض تطبيق الشريعة الإسلامية بحذافيرها، لكنها تتعارض مع موقف العديد من الفصائل التي ترى أنه من المبكر التفكير في الإعلان عن «إمارة» لعدم توافر شرط التمكين بعد.
وفيما يبدو كأنه توزيع للأدوار، أو اتباع لسياسة العصا والجزرة، وبينما كان المحيسني ينادي بتأسيس «حكومة الداخل» مغرياً بالانضمام إليها، خرج الشيخ عبدالله الحسيني أحد «الأمراء الشرعيين» في «جند الأقصى» بتسجيل صوتي، حمل عنوان «ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا».
وتضمن هذا التسجيل هجوماً غير مسبوق على مؤتمر الرياض، لدرجة أن المتحدث وصف ما جرى في المؤتمر بأنه «تواطؤ على رؤية كافرة واحدة»، وهذا يعني بلغة القوم إطلاق حكم التكفير على جميع المشاركين فيه من أفراد وفصائل وهيئات.
غير أن التسجيل حاول التغزل بالموقف العلني الذي أصدرته «أحرار الشام» حول انسحابها من مؤتمر الرياض من دون أن يتطرق إلى اللغط الذي ثار حول موضوع التوقيع على البيان الختامي للمؤتمر من عدمه، وذلك في محاولة لتشجيع «الأحرار» على تكريس موقف الانسحاب الذي أعلن عدد من قادة الحركة تأييدهم له، وحثهم على التنصل من التوقيع إذا كان حصل بالفعل.
وفي رسالة واضحة، قامت «جبهة النصرة» مساء أمس بالهجوم على بعض مقار «الفرقة الوسطى» التابعة لـ «الجيش الحر» بالقرب من معبر باب الهوى وسرقت محتوياتها، الأمر الذي أثار مخاوف النشطاء من أن يكون ذلك خطوة تمهيدية لإطلاق حملة ضد الفصائل التي ترفض الانصياع لتوجهات «جبهة النصرة» وحلفائها، ما يذكّر بالحملة التي تسببت بالقضاء على «جبهة ثوار سوريا» و«حركة حزم» أواخر العام الماضي.

عبد الله سليمان علي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...