الرقة ـ الموصل: ثنائية الحرب على «داعش».. والتباينات الكردية

17-11-2015

الرقة ـ الموصل: ثنائية الحرب على «داعش».. والتباينات الكردية

الطريق الواصل بين الرقة والموصل أصبح عقدة الربط في الحرب على تنظيم «داعش»، فعبره تمرّ الرسائل الإقليمية من طهران إلى أنقرة، وهو طريق «الخلافة» التي أُعلنت بين المدينتين السورية والعراقية.مقاتلات كرديات يحملن نعش الكندي جون غالاغر، الذي قتل خلال مشاركته في القتال الى جانب «وحدات حماية الشعب» في الحسكة، امس (رويترز)
ومن الجهة السورية لبلاد ما بين النهرين، أعلنت «قوات سوريا الديموقراطية» حملتها العسكرية ضد تنظيم «الدولة الاسلامية»، انطلاقاً من ريف الحسكة الجنوبي، وتحديداً في منطقة الهول المحاذية للحدود العراقية.
وتتشكل «قوات سوريا الديموقراطية» من تنظيمات مقاتلة في المنطقة الشرقية، وتُعتبر «وحدات حماية الشعب» الكردية عمودها الفقري. وتهدف الحملة العسكرية إلى القضاء على تنظيم «داعش» في ريف الحسكة وصولاً إلى الرقة.
وعلى الضفة العراقية، أعلنت «البشمركة» الكردية عملية عسكرية لتحرير قضاء سنجار التابع لمحافظة الموصل. وقد أعلن «رئيس» إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني السيطرة على سنجار بشكل كامل، من خلال هذه العملية العسكرية التي تطلبت وقتاً طويلا قبل إعلانها والبدء في تنفيذها.
وبرغم وحدة الهدف في ما يتعلق بالقتال ضد «داعش»، فإن العلاقات الكردية ـ الكردية (العراقية والسورية) لا تُعتبر في أحسن حالها. ولعل أبرز مثال على ذلك، البيان الذي نشرته قيادة «البشمركة» في سنجار، والذي نفت فيه وصول «وحدات حماية الشعب» و «وحدات حماية المرأة» إلى شنكال، للمشاركة في القتال، لا بل أشارت إلى أن هذه «الشائعات» تهدف إلى إضعاف دور «البشمركة» في حماية الأيزيديين وشعب كردستان.
وذهبت قيادة البشمركة الى حد القول إن «حزب العمال الكردستاني» ينتظر حتى تبدأ قوات إقليم كردستان حملاتها العسكرية ليسرق منها انتصاراتها!
ويشكل بيان قيادة البشمركة جزءاً من المسألة الكردية ـ الكردية التي تعكس رسائل إقليمية، فـ «الحزب الديموقراطي الكردستاني» الحاكم في اربيل، والذي تتبع بالتالي قوات «البشمركة» له، يُعدّ من المقربين من الحكومة التركية، ويقيم تنسيقاً مباشراً مع الولايات المتحدة، وهو ما خرج به اللقاء الأخير بين «رئيس» إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني والرئيس الاميركي باراك اوباما من تأكيد التنسيق بين القوات الكردية والتحالف الدولي للقضاء على الارهاب.
أما «حزب العمال الكردستاني»، الذي ينتشر في العمق التركي في جبال قنديل، وتُعدّ «وحدات حماية الشعب» موالية له، فهو على تنسيق مع الحكومتين الإيرانية والسورية. وقد أجاب مصدر في «قوات سوريا الديموقراطية»،  بشأن إمكانية التنسيق مع الجيش السوري في المستقبل، قائلاً «نحن نرحّب بأي قوة تقاتل من أجل بناء سوريا ديموقراطية».
ولعل هذا الاختلاف يفسّر الاشتباكات التي حصلت بين قوات «الحشد الشعبي» العراقي و «البشمركة» في شمال العراق، وتحديداً عند نقطة تفتيش في جنوب منطقة طوزخورماتو، والتي أدّت إلى قطع الطريق بين بغداد وكركوك، وتبادل التهديدات بين الطرفين.
وعلى الصعيد الميداني، فإنّ تقدّم «قوات سوريا الديموقراطية» في ريف الحسكة يتجه نحو المعركة الأساسية في أحد أهم المعاقل الاساسية لـ «داعش» في شرق سوريا، وهي منطقة الشدادي، التي تشكل أحد أهم طرق الإمداد بين الموصل والرقة، ولكنها لا تقطعها بشكل كامل، فالمساحات الواسعة بين الحدود السورية والعراقية تؤمن للتنظيم المتشدد طرقاً فرعية وثانوية تساعده في الهرب، والتحرّك، وإن بشكل أبطأ عن المرحلة السابقة.
وتدفع العملية العسكرية مسلحي «داعش» إلى التوجه نحو البادية السورية ما يجعلهم في مواجهة مفتوحة مع الطيران الروسي والوحدات العسكرية للجيش السوري، خصوصاً في ظل الحديث عن اقتراب معركة استعادة تدمر، ما يفتح الباب أمام التوجه شرقاً بشكل متسارع، وخاصة مع ازدياد العمليات في ريف حمص الشمالي الشرقي. وقد أعلنت «قوات سوريا الديموقراطية» في بيان سيطرتها على مدينة الهول بشكل كامل بعد أن تم قطع طرق الإمداد كافة من العراق.
أما في الجهة العراقية، فإنّ السيطرة على سنجار تؤمن الجهة الجنوبية من إقليم كردستان العراق، ويصبح للبرزاني قوة ضغط على الحكومة العراقية في بغداد في الأرض المتنازع عليها بين الطرفين. وصرح المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية بيتر كوك أن مستشاري قوات التحالف يلعبون دوراً فاعلاً في تحديد أهداف الغارات الجوية في العملية العسكرية في قضاء سنجار. وأوضح أن الهدف الأساسي هو قطع طريق الإمداد الرئيسي بين الموصل والرقة.
وفي ضوء الخلافات داخل البيت الكردي، والتداخل الإقليمي والدولي في المنطقة المشتركة بين العراق وسوريا، والتي تعتبرها الأحزاب الكردية على مختلف توجهاتها «أرض كردستان»، فإنّ صعوبات ستواجه كل الأطراف الكردية في الفترة المقبلة، لا بل يرى ناشطون سوريون أكراد انه حين يقع الخلاف بين أكراد تركيا وأكراد العراق فإن الأكراد في شرق سوريا هم من يدفعون الثمن بالدرجة الأولى.
ومن أبرز الإشكاليات التي يواجهها الأكراد في هذا الإطار، والتي تحول دون تشكيل كيان كردي في «ارض كردستان»، صعوبة توسّع الإدارة الذاتية في شرق سوريا باتجاه العراق، بينما الجزء التركي يشهد حرباً ضروساً بين «حزب العمال الكردستاني» وحكومة «حزب العدالة والتنمية»، وهي حرب من المتوقع أن تزداد وتيرتها بعد الانتخابات الأخيرة، في حين أن المشاكل الداخلية في إقليم كردستان مستمرّة، وأبرزها الخلاف المستمر بين «الحزب الديموقراطي الكردستاني» و«حركة التغيير»، حيث تعترض الأخيرة على ما تسميه أسلوب الحزب الواحد والقائد الواحد في إشارة إلى مسعود البرزاني.

وسام عبد الله

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...