الغبار وظاهرة الاحتباس الحراري

11-12-2015

الغبار وظاهرة الاحتباس الحراري

وقع العلماء في حيرة بشأن ما يُعتبر «الحلقة المفقودة» في مجال أبحاث المناخ، وهو دور الغُبار في ظاهرة الاحتباس الحراري.
ومع تصاعد الكثير من جزيئات الغبار في الهواء، من الصحاري والأراضي الزراعية، يبقى سؤال ما إذا كان الغُبار يتسبّب في ارتفاع درجات الحرارة أو انخفاضها.
وقد هبّت عواصف رملية على عددٍ من المدن الكبرى في المنطقة مؤخراً. لذا، يبحث العلماء في ما إذا كان «العالم الأدفأ» سيكون مُغبراً أيضاً.
وبعض الأنشطة الإنسانية، مثل الحرث، أو الرعي في المناطق القاحلة، أو تحويل مسارات الأنهار، تتسبّب في فناء الجسيمات المائية، كما حدث في حالة بحر آرال في وسط آسيا.
لكن الكثير من الغُبار الجوّي، يظهر ظهورا طبيعيا في الأراضي القاحلة، وبكميّات تحكمها عوامل مثل سقوط الأمطار، والمصدر الجيولوجي، وسرعة الرياح.
وأكبر مصدر للغبار في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية هو منخفض إيتوشا، وهو مساحة شاسعة من الأرض في دولة ناميبيا، الواقعة في جنوب قارة أفريقيا. هذه المساحة تشهد فيضانات موسمية، وتخلف المياه ترسبات غنية، تجف تحت الشمس المدارية.
ويقع المنخفض في وسط متنزّه إيتوشا الوطني، وهو إحدى أكبر الوجهات السياحيّة للحفاظ على الحياة البرّيّة.
وتتصاعد سحب الغبار بدرجة ظاهرة حتى من الفضاء، إذ تلتقط الأقمار الاصطناعيّة صوراً لتصاعد الغبار من المنخفض، ثمّ يحمله الهواء إلى مسافة مئات الأميال فوق ناميبيا، ثمّ فوق المحيط الأطلسي.
وجمع فريق من العلماء البريطانيين، ومن جنوب أفريقيا، بيانات على مدار السنوات الثلاث الماضية، في محاولة لمعرفة كميّة الغبار التي تنبعث من هذه المساحة، والحالات التي تؤدّي إلى تكوّن ذرات الغُبار.
ونشر هؤلاء عدداً من المعدّات حول المنخفض، تقيس كلّ الظروف المناخيّة في المنطقة، بدءاً من سرعة الرياح، وحتى كمية الغُبار التي يحملها الهواء على الارتفاعات المختلفة، وسمك ذرات الغُبار نفسها.
ويقول أحد العلماء المشاركين في الدراسة، وهو البروفيسور ديفيد توماس من جامعة أوكسفورد، إنَّ النماذج المناخيّة تفتقر إلى التقديرات المحددة لدور الغُبار، ما ينتقص من دقتها.
ويرى أنَّ «الغُبار هو إحدى الحلقات المفقودة في النماذج المناخية». فمن ناحية، يمكن أن تكون زيادة الغُبار في الهواء سبباً في خفض الإشعاعات الشمسية ذات الموجة القصيرة. ومن ناحية أخرى، يمكن أن يكون الحاجز الذي يكوّنه الغُبار في الغلاف الجوي، سبباً في تقليل درجات الحرارة التي تفقدها الأرض، وهو ما يعني المزيد من الدفء.
ويضيف توماس أنَّ «المزيد من الغُبار في الغلاف الجوي، قد يعني حبس المزيد من الحرارة، خصوصاً في الليل. لذا، يصعب تقدير الموقف».
وهذه هي المرة الأولى التي يسعى فيها مشروع إلى جمع معلومات من أحد المصادر الرئيسيّة للغُبار، بطريقة تسمح باستخدامها في النماذج المناخيّة.
وستصبح هذه الأسئلة ذات أهمية أكبر إذا حفّز ارتفاع درجات الحرارة إطلاق المزيد من الغُبار في الغلاف الجوي.
وخَلُص مُعدّو الدراسة إلى أنَّه من بين العوامل المستقبليّة الرئيسيّة هي سرعة الرياح، وانحسار المساحات الخضراء.
وعما إذا كان الاحتباس الحراري سيؤدي إلى زيادة الغُبار في الغلاف الجوي، يقول توماس: «من غير الممكن الجزم بذلك. ما نعرفه هو أنَّ النشاط الإنساني على سطح الأرض قد يخلق بيئات لانبعاث المزيد من الغُبار».
واكتشف توماس وزملاؤه في منخفض إيتوشا أنَّ الرياح القوية ليست سبباً كافياً لفصل المادة المكونة لسطح الأرض.
وأحد العوامل المهمّة هي سلسلة من السنوات الرطبة التي زادت من الترسبات، بالإضافة إلى الأمطار الشديدة التي تكسر السطح.
والسير فوق المنخفض أشبه بالسير على طبقة رقيقة جداً من الثلج، وكأنَّ كلّ خطوة تدهس سطحاً هشاً ورقيقاً، يكشف طبقة أسفلها من الغُبار الدقيق أشبه بالمسحوق. وهذا الغبار خفيف بدرجة كافية لتحمله الرياح، وتتكون ذرات تطير عالياً في الغلاف الجوي.
وبخلاف تأثير الغبار على المناخ، فهو يمثل خطراً شديداً على صحّة الإنسان. ويقول توماس: «التأثير الأوضح هو الخاص بالتنفس، إذ تزيد الأمراض التنفسية».


 («بي بي سي»)

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...