تايلاند..ابتسم وامرح .. وأنجز

16-12-2015

تايلاند..ابتسم وامرح .. وأنجز

ارتقى مفهوم بوذي يُعرف باسم «سانوك» في تايلاند، ويتعلق بسعي المرء لجلب السعادة لنفسه في كل ما يمارسه في الحياة، إلى أن أصبح بمثابة أسلوب حياة يمكن أن يتعلم منه الغرب.
حين يزور الإنسان تايلاند، يباغَت بمشهد المتعة التي ينعم بها معظم الناس هناك. قد يحدث ذلك في الكثير من دول العالم، لكنه يبدو مختلفاً في هذا البلد الآسيوي.
تحمل كل ثقافة مفردةً تُعبّر عن المتعة، لكن «سانوك» في الثقافة التايلاندية مشحونةٌ بما هو أكثر من مجرد معناها الحرفي، فهي مفعمة بتبجيل وتوقير على نحو يفوق مثيلاتها في الثقافات الأخرى.
ولا يعني الـ «سانوك» الانغماس في اللهو باعتباره طيشاً، بل يعبّر عن المرح بوصفه نشاطاً ذا قيمة.
ولرؤية الـ «سانوك» مُجسداً على الأرض، ما على الإنسان سوى أن يسلك أي شارع في بانكوك، من تلك الأزقة النشطة على نحو رائع، أو تقصد أياً من المقار الإدارية الموجودة في المدينة. فربما سترى تجليات هذا المفهوم في صورة «تلاعب بارع بالألفاظ» أو «حماقة عتيقة عادية»، ودائماً ما يتسم كل ذلك تقريباً باللطف.
يقول ويليام كلاوسنر، الخبير الأميركي في علم الإنسان، والذي عاش في تايلاند لعقود، إن استخدام مفردات مثل «مرح ولهو» كترجمة للـ «سانوك» يشكل «إجحافاً»، لأن ذلك يمثل «فشلاً في استشعار جانب فريد من الثقافة التايلاندية».
وبوسع زوار تايلاند رؤية هذا المصطلح في أوج تألقه خلال المهرجان السنوي الذي تشهده البلاد لمناسـبة رأس السنة التايلاندية، والمعروف بـ«سونكران».
ويُطلق على هذا المهرجان، الذي يُقام سنوياً بين 13 و15 نيسان، اسم «أكبر حرب بالمياه في العالم». فإذا ما خرجت إلى الشوارع، ستُجازف بأن تصبح مغموراً بالمياه، من قبل الأطفال والكبار الذين يحملون دِلاءً مملوءة بها. هكذا، يشكل «سونكران» احتفاءً عملاقاً باللهو والمرح، والعطلة الأهم في تايلاند.
في الواقع، لدى التايلانديين مصطلح آخر يُدعى «لين» أو «لنلعب» يستخدمونه لوصف القيام بأنشطة مثل إجراء أبحاث علمية أو المشاركة في اجتماعات عمل، وهي أنشطة لا يربطها الغرب بالمرح.
تلك الديناميكية، تبدو مُجسدة في المقار الحكومية أو الشركات، إذ ترى الموظفين وكأنهم يتصرفون بهزلية. برغم ذلك، فإن العمل يُنجز في النهاية.
قد يمثل الـ «سانوك» آلية للتكيف مع الظروف، والتي من شأنها توفير «سد عاطفي لمواجهة الأشياء الصعبة في الحياة»، كما كتب أرني كيسلنكو في كتابه «ثقافة تايلاند وتقاليدها».
فعلى الرغم من أن تايلاند تُعرف بـ «أرض الابتسامات»، فإنه يصعب على الأجانب إدراك أن تلك الابتسامات ذات طابع معقد. فبرغم أن التايلانديين يبتسمون للتعبير عن السعادة أو الامتنان، فإنهم يفعلون ذلك أيضاً لإخفاء مشاعر سلبية، فهم يبتسمون حتى أثناء السير في الجنازات.
هناك مفهوم آخر في الثقافة التايلاندية يعرف باسم «ماي بِن راي»، والذي يمكن ترجمته بـ «لا عليك» أو «ما من مشكلة»، وهو يستهدف التذكير بضرورة التركيز على ما هو أكثر أهمية، أي «لا عليك، كل شيء زائل».
وبالنسبة للغربيين، يبدو «ماي بِن راي» محبِطاً. فالكفاءة تتأثر سلباً باللهو. لكن التايلانديين يرون أن خصالاً مثل هذه مثمرة. ففي تايلاند، يتجاهل الناس الشخص الثمل الذي يتصرف بعدوانية عوضاً عن مواجهته، قائلين له «ماي بِن راي»!
لا يعني ذلك كله أن جميع التايلانديين سعداء، لكن ما تعتبر أنشطة «جادة» قد تحتاج إلى القليل من الـ «سانوك»، للتذكير بحسب ما يقولون في تايلاند، بأن الجبين المجعد (من فرط الجدية) لن يقود سوى إلى وجه مليء بالتجاعيد.


 («عن بي بي سي ترافل»)

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...