تجارة بلا رأسمال

07-01-2007

تجارة بلا رأسمال

معنا لا مشكلة.. اشعري بالفرق.. احصلن على الجسم الرشيق الذي طالما حلمتن به.. لا شيب ولا صلع بعد الآن.. لدينا الحل لترهلات البطن ومشكلات السمنة.. نحن من يمنحك صدراً جميلاً وقواماً رشيقاً..

- قليلة هي المحطات الفضائية والمجلات والصحف التي تخلق من إعلانات لا تتصدرها هذه العبارات المنمقة والحاملة لوعود قد يتشابه تحقيقها بوجود الغول أو العنقاء أو حتى الخل الوفي, ولعل أهم عوامل نجاحها يكمن في صياغتها بأساليب اقناعية مشوقة, إذ غالباً ما يستخدم في هذا النوع من الإعلانات الإعلان المسمى (إعلان الشهادة), وهو الإعلان الذي يتحدث فيه أشخاص جربوا السلعة وعرفوا نتائجها, ويراد من عرض هذه الشهادة إقناع المتلقي بمزايا السلعة عبر تصوير حالة الشخص قبل وبعد استخدام هذه السلعة.‏

ومن عوامل النجاح أيضاً تسهيل عملية الدفع على الزبون (نقداً, شيك, بطاقة فيزا كارد..), وكذلك تسهيل عملية الحصول على السلعة عبر فروع الشركة ووكلائها في مختلف الدول, والتي غالباً ما تقوم بتأمين طلبات الزبائن بطريقة Door todoor - أي من الباب إلى الباب - مع بعض الهدايا الدعائية الخفيفة, والتعبئة والتغليف الفاخرين.‏

وبرغم أهمية عوامل النجاح هذه, إلا أننا نعتقد أن العامل الرئيسي في نجاح تسويق المنتجات التي تسوقها هذه الإعلانات إنما يكمن في المقام الأول في طبيعة الزبائن المفترضين لمثل هذه المنتجات, فإذا اعتمدنا على ما يقوله خبراء التسويق والاجتماع والنفس حول منشأ القرار الشرائي لهؤلاء, لوجدنا أن منشأه عاطفي بنسبة كبيرة, ما يفتح الباب على مصراعيه أمام الباعة والمسوقين الذين يتسلقون على عواطف الآخرين لتحقيق ربحية فاحشة باستغلال امرأة سمينة تحلم بأن تصبح هيفاء ممشوقة القوام, أو رجل أصلع مترهل البطن يطمح بمحاكاة أبطال هيوليوود وبوليوود في الوسامة وبنية الجسم, وهكذا..‏

وتشير أنظمة وتشريعات الإعلان حول العالم بشكل قاطع ولا يقبل اللبس إلى ضرورة التقيد بأخلاقيات وضوابط الإعلان, إذ ينص الدستور الأخلاقي المهني الدولي للإعلان, والصادر عن الغرفة التجارية الدولية في باريس على مبدأ (ذكر الحقيقة في الإعلان, وتعتبر عدم نشر هذه الحقيقة من شأنه الإضرار بالمستهلك, لذا يجب ألا يحتوي الإعلان على إدعاءات مبالغ فيها ومن شأنها إثارة البلبلة وخيبة الأمل لدى المستهلكين الذين يحصلون على نتائج تخالف ما ورد في نص الإعلان.. ولكن تبقى القوانين والتشريعات شيئاً, وما هو مطبق في هذا النوع من الإعلانات شيء آخر, فلا أحد يستطيع أن ينكر أن هذه الإعلانات تحقق رواجاً وانتشاراً ملحوظين, وتفضي إلى تحقيق مبيعات عالية جداً للشركات التي تسوق لمنتجاتها..!!‏

- ورغم حداثة دخول هذه المنتجات إلى السوق السورية, إلا أنها أصبحت أكثر انتشاراً في الآونة الأخيرة, كما أصبح لها زبائنها ومريدوها, ولكن كثر من هؤلاء أصيبوا بالإحباط بعد تناول بعض الأدوية والمستحضرات, لأنهم لم يحصلوا على نتيجة تذكر, يحدثني أحدهم بأنه فشل غير مرة في أن يستنبت شعرة واحدة من فروة رأسه, التي أكل عليها الدهر وشرب, فلقد لهث هذا الرجل وراء الكثير من المساحيق والمستحضرات و(الكريمات), ولكنه كان يعود في كل مرة من الغنيمة بالإياب - كما يقال - لذا اقتنع, أو لنقل أقنع نفسه, أخيراً بأنه راض بقضاء الله وقدره معتبراً الصلع قدراً لا فكاك منه, بعد أن انضم لطابور خامس هدفه التشويش على الإعلانات التي تضلل المستهلك واصفاً إياها بالكاذبة, وأصحابها بالمخادعين الذين تجب محاكمتهم.‏

- تقول إحدى السيدات إنها حاولت, ولأكثر من عام كامل التغلب على مشكلة السمنة لديها عبر استخدام العديد من الأدوية والوصفات التي يروج لها بعض الباعة هنا وهناك, ولكنها لم تنجح بعد رحلة العناء هذه إلا بإزالة كغ غرام واحد, ولكن بعد أن كلفها ذلك 25.000 ل.س!!‏

وتستطرد هذه السيدة لتقول: أشك حتى في النتيجة المتواضعة التي حققتها, لأنني أجزم بأن خسارة هذا الكيلو غرام إنما جاءت نتيجة ريجيم قاس اتبعته لفترات طويلة, وليس بتأثير الأدوية والعقاقير المزعومة.‏

- لا يقتنع عبد الرحمن, مهندس معماري, بجدوى العقاقير والمستحضرات التي تروج لها الإعلانات المختلفة, بيد أنه يعتقد بفائدة الأجهزة الرياضية, لأن نتائجها تكون ملموسة في الغالب, وقد استفاد منها هو شخصياً في شد عضلات المعدة وتقوية عضلات الكتفين والصدر.‏

- ينفي محمد علاء, يعمل في بيع منتجات النحافة, أن تكون هذه المنتجات غير مفيدة, لكنه يؤكد على حقيقة مهمة مفادها أن هذه الأجهزة أو العقاقير لا تفيد من يستخدمها ما لم يكن هذا الاستخدام ضمن برنامج متكامل, إذ من غير المقبول أن يلجأ شخص ما لأدوات ووسائل التخفيف ثم لا يطبق برنامج الحمية ويمارس الرياضة اليومية, وهذا أمر منطقي جداً, فلو ذهب شخص إلى الطبيب وأعطاه مضاداً حيوياً, ثم تناول هذا الشخص الدواء, لكنه لم يقِ نفسه البرد, فإنه لن يستفيد من هذا الدواء أبداً.‏

- لابد من التأكيد على أن بعض الاستخدامات السيئة للإعلان لا تنفي أهميته كفن أصبح, وأكثر من أي وقت مضى, لصيقاً بحياة المجتمعات المعاصرة, ومحركاً رئيساً للنشاطات والفعاليات الاقتصادية, فضلاً عن دوره المحوري في إبلاغ المستهلك بوجود السلع والخدمات والأفكار, وطرق الحصول عليها, وأماكن بيعها, فالإعلان إذاً, شأنه شأن غيره من النشاطات, سمينة سمين وغثه غث..‏

أحمد العمار

المصدر: الثورة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...