تقييم تقريربتراوس المقدم للكونغرس وتداعياته على العراق وسورية وإيران

11-09-2007

تقييم تقريربتراوس المقدم للكونغرس وتداعياته على العراق وسورية وإيران

الجمل:    تقدم الجنرال ديفيد بتراوس، قائد القوات الأمريكية في العراق (وأيضاً قائد القوات المتعددة الجنسية الموجودة في العراق) بتقريره الذي ظل الرأي العام الأمريكي والعربي، والدولي، في انتظاره منذ لحظة انفضاض جلسة الكونغرس العاصفة التي شهدت قبل ثلاثة أشهر المواجهة الساخنة بين الديمقراطيين المطالبين بالانسحاب من العراق، والجمهوريين وإدارة بوش المطالبين باستمرار الاحتلال العسكري الأمريكي للعراق.
تقرير بتراوس:
تم نشر التقرير بواسطة كل الصحف الأمريكية الورقية والالكترونية، ويقع التقرير في عشر صفحات من القطع المتوسط، وقد احتوى على ستة مفاصل: المقدمة، طبيعة الصراع، الموقف في كانون الأول 2006 وزيادة القوات، الموقف الحالي واتجاهاته، قوات الأمن العراقية، والتوصيات.
ويمكن استعراض النقاط والمفاصل الأساسية لتقرير بتراوس على النحو الآتي:
• المقدمة: أكد بتراوس على أنه أعد هذا التقرير ليكون بمثابة شهادته وإفادته أمام الكونغرس، وأكد بتراوس بأن هذا التقرير- الشهادة، قد قام بإعداده شخصياً وبنفسه، وبأنه لم يتدخل أي طرف في إعداد هذا التقرير- الشهادة، لا من الإدارة الأمريكية، ولا من البنتاغون (وزارة الدفاع الأمريكية)، ولا من قادته أو مرؤوسيه في الجيش الأمريكي.
وأشار الجنرال ديفيد بتراوس في مقدمة تقريره إلى النقاط الآتية:
- تمت مقابلة الأهداف العسكرية لعملية زيادة القوات الأمريكية.
- حققت قوات التحالف وقوات الأمن العراقية بعض التقدم في المجال الأمني.
- انخفضت الأحداث الامنية إلى 8 بدلاً عن 12 حدثاً في الأسبوع، وذلك خلال الأسابيع الماضية، وتعتبر هذه النسبة الأقل منذ حزيران 2006.
- الانخفاض في معدل الأحداث يرجع إلى قيام القوات الأمريكية، وقوات التحالف، وقوات الأمن العراقية باستهداف تنظيم القاعدة ومن يقفون معه.
- تمت عملية استهداف متطرفي الميليشيات الشيعية، والجماعات الخاصة المدعومة إيرانياً، وعناصر حزب الله اللبناني التي ظلت تقدم لها الدعم والمساندة.
- تم تقليل أحداث العنف الاثني- الطائفي في العراق عموماً، وفي بغداد خصوصاً.
- انخفض عدد القتلى في العراق عموماً، بقدر كبير عما كان عليه في العام الماضي.
- تم إحراز التقدم في بناء قوات الأمن العراقية، وأصبحت قادرة نسبياً على القيام بالمبادرة والقيادة في بعض العمليات.
- تزايدت ظاهرة الرفض القبلي والعشائري لوجود تنظيم القاعدة.
- خلال الأشهر القليلة القادمة يمكن أن نكون قادرين على تخفيض قواتنا الموجودة في العراق، إلى المستوى الذي كانت عليه قبل عملية زيادة القوات.
• طبيعة الصراع: قول الجنرال ديفيد بتراوس بأن المصدر الرئيسي للصراع في العراق، هو التنافس بين الجماعات الاثنية والطائفية حول السلطة وموارد الثروة. وسوف يظل التنافس مستمراً، وحله سوف يؤدي إلى إحلال الاستقرار على المدى الطويل الأجل في العراق الجديد، وسوف تبقى المسألة متمثلة في مستوى العنف الذي تحدث وتستمر به بطريقة أو بأخرى هذه المنافسة.
ويرى الجنرال بتراوس بأن التحديات الأمنية في العراق، قد أصبحت أكثر وضوحاً، فالإرهابيين الأجانب والعراقيين، والمتمردين، ومتطرفي الميليشيات، والمجرمين، جميعهم يعملون باتجاه دفع التنافس الاثني- الطائفي باتجاه العنف.
ويرى الجنرال بتراوس أيضاً بأن الأعمال (الخبيثة) بواسطة سورية وإيران تزكي وتزيد من العنف. وأضاف بتراوس بأن الافتقار إلى قدرة الحكم الكافية، قد أدى على عدم الثقة والمصداقية بين الطوائف، وإلى نشوء المزيد من أشكال الفساد الجديدة المتنوعة، التي أضيفت إلى التحديات الموجودة في العراق.
• الموقف في كانون الأول 2006: يقول الجنرال بتراوس لأعضاء الكونغرس بأنه في جهودنا الحالية لاستطلاع المستقبل، من المفيد أن نراجع الماضي: في كانون الأول 2006م، وفي وسط تزايد العنف الاثنو-طائفي الذي تصاعد بعد تفجير المسجد الذهبي في مدينة سامراء العراقية، فقد ظن القادة في العراق –آنذاك- (الجنرال جورج كيسي قائد القوات الأمريكية الذي جاء بعد بتراوس، والسفير الأمريكي السابق زلماي خليل زاده) بأن القوات الأمريكية وقوات التحالف قد فشلت في تحقيق أهدافها وغاياتها.
وينتقد الجنرال بتراوس وجهة نظر الجنرال كيسي والسفير زلماي خليل زاده، قائلاً بأن وجهة نظرهم قد قللت من أهمية الحاجة إلى حماية السكان وتقليل العنف الطائفي، وعلى وجه الخصوص في العاصمة بغداد. ونتيجة لذلك، فقد طلب الجنرال كيسي المزيد من القوات الإضافية من أجل تمكين القوات الأمريكية وقوات التحالف على إكمال وإنجاز مهمتها، وبالفعل بدأت هذه القوات تتدفق في كانون الثاني.
• الموقف الحالي واتجاهاته: يقول الجنرال بتراوس بأنه توجد بعض الإخفاقات والتراجعات، ولكن توجد بعض النجاحات، وبرغم الخسائر الموجعة، فإنه والقادة التكتيكيين (الميدانيين) يرون أن هناك تحسناً قد حدث في البيئة الأمنية العراقية.
ويشير الجنرال بتراوس إلى أن مؤشرات التحسن في البنية الأمنية العراقية، قد تم رصدها من واقع الإحصاءات وتحليل البيانات بواسطة القوات الأمريكية، وقوات التحالف، والمراكز العراقية المختصة.
أبرز الأرقام الإحصائية التي أشار إليها الجنرال بتراوس للتدليل على صحة رأيه، تمثلت في الآتي:
- انخفاض عدد القتلى المدنيين بنسبة 45% في كل العراق.
- انخفاض عدد القتلى المدنيين بنسبة 70% في بغداد.
- تم الكشف والقضاء خلال الفترة من أول كانون الثاني وحتى الآن عن 4400 مخبأ للأسلحة والمتفجرات، وذلك بزيادة 1700 من العدد الإجمالي الذي تم الكشف عنه وإزالته طوال العام الماضي.
ويرى الجنرال ديفيد بتراوس بأن التطور الأكثر أهمية في الفترة الأخيرة يتمثل في تزايد توجهات القبائل والعشائر والسكان المدنيين العراقيين لعمليات ووجود المتطرفين وعناصر القاعدة في مناطقهم، ومن أبرز الأمثلة على ذلك ما حدث مؤخراً في محافظة الأنبار.
• قوات الأمن العراقية: يقول الجنرال بتراوس بأن قوات الأمن العراقية قد بدأت تتطور ويتحسن أداءها، وأصبحت قدراتها أفضل مما كانت عليه، إلا أنه مايزال عددها غير كاف، وماتزال تعاني من القصور في الميزانيات والعتاد والمؤسسات التدريسية. ويشير الجنرال بتراوس إلى عدم قدرة قوات الأمن العراقية، على القيام بالدور المطلوب في مواجهة ومكافحة التمرد، وذلك لأن عمليات مكافحة التمرد تتطلب عدداً أكبر من القوات البرية، ومن ثم يتوجب على القوات الأمريكية تقديم المساعدات من أجل زيادة وتوسيع حجم قوات الأمن العراقية، على النحو الذي يجعلها قادرة على الإمساك بزمام المبادرة والسيطرة الميدانية في عمليات مكافحة التمرد.
توصيات الجنرال بتراوس:
يقول الجنرال بتراوس بأن توصياته قد قام بوضعها بالأخذ في الاعتبار للجوانب والاعتبارات العملياتية، والاستراتيجية الخاصة بالوضع العراقي.
وأضاف الجنرال بتراوس بأن توصياته قد قام بتقديمها إلى قادته في الجيش الأمريكي وأعضاء هيئة الأركان المشتركة، وقال بأن توصياته ركزت على تحقيق مبدأ تحقيق (الأمن في أثناء القيام بالتغيير: من القيام بالقيادة، إلى المشاركة، إلى الإشراف).
تقييم تقرير بتراوس:
من الواضح أن الجنرال ديفيد بتراوس يؤيد توجهات معهد المسعى الأمريكي، التي أعد تقريرها فريدريك كاغان، والذي نشره معهد المسعى الأمريكي، كذلك فقد لجأ ديفيد بتراوس إلى حيلة خبيثة لإرضاء المطالبين بالانسحاب، عندما أشار في تقريره إلى إمكانية تخفيض القوات الأمريكية الموجودة في العراق، ولكنه اشترط لحدوث ذلك تحسن الأوضاع الأمنية.
تداعيات تقرير ديفيد بتراوس سوف تتمثل في الآتي:
- داخل العراق: سوف تضطر حركات المقاومة العراقية إلى تكثيف عملياتها لإقناع الأمريكيين والرأي العام العالمي بأن الوضع لم يتحسن. كذلك سوف تتزايد الخلافات بين حكومة نوري المالكي والأطراف العراقية الأخرى.
- بالنسبة لإيران: الخطر الأمريكي سوف يظل متزايداً، خاصة وأن تقرير كروكر، السفير الأمريكي في العراق، الذي قدمه معاً بجانب تقرير بتراوس للكونغرس، قد ركز بشدة على ضرورة التحرك الأمريكي من أجل القضاء على الخطر الإيراني.
- بالنسبة لسورية: ركز الجنرال ديفيد بتراوس على دور القبائل والعشائر العراقية في رفض المتطرفين وعناصر القاعدة، وأشار في تقريره أكثر من مرة لمحافظة الأنبار (المجاورة لسورية) باعتبارها النموذج (السني العراقي) الأمثل للتعاون الامريكي- العراقي المشترك في حفظ الأمن والاستقرار.
التوقعات تقول بأن استمرار الوجود الأمريكي العسكري في العراق والإبقاء عليه، سوف يتيح للأمريكيين فرصة تعزيز وجودهم في محافظة الانبار المجاورة لسورية، ومن المتوقع أن لا تكتفي أمريكا (ومن ورائها إسرائيل) بحفظ الاستقرار والأمن، بل، وبكل تأكيد سوف تلجأ وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، والموساد الإسرائيلي (الموجود حالياً داخل العراق تحت الغطاء الأمريكي) بالتحول من حالة الدفاع إلى حالة الهجوم، بحيث لا يتم الاكتفاء بمكافحة المسلحين الموجودين داخل العراق، وإنما بمحاولة إرسالهم إلى داخل سورية، وربما الى لبنان إن دعت الحاجة، ويجب عدم الاستغراب إزاء حدث مثل هذه الاحتمالات، وذلك لأن الحرب ضد العراق، هي بالأساس بمثابة الخطوة الأولى في حروب الشرق الأوسط التي تعمل لإشعالها أمريكا وإسرائيل، وهي حروب سوف لن تكون سورية وإيران بمعزل عنها.
إن الحديث عن محافظة الأنبار العراقية، والتواجد العسكري- الاستخباري الأمريكي- الإسرائيلي المتزايد فيها، هو تواجد يرتبط بمشروع أكبر، من أبرز أهدافه:
- تمديد أنابيب النفط والغاز من شمال العراق عبر (محافظة الأنبار) وعبر الأردن، إلى إسرائيل.
- تأمين الطرق البرية التي تربط إسرائيل عبر الأردن ومحافظة الأنبار مع وسط وشمال العراق (إقليم كردستان).
- تأمين المنفذ البري للحركات الكردية الانفصالية الموجودة في شمال العراق، بحيث تسهل نقل الإمدادات من إسرائيل إليها عبر الأراضي الأردنية ومحافظة الأنبار العراقية.
- بناء قاعدة أمريكية كبيرة، حالياً توجد قاعدة عسكرية أمريكية في محافظة الأنبار على مقربة من الحدود السورية- الأردنية- السعودية مع محافظة الأنبار، وتجدر الإشارة إلى  أن الأمريكيين يطلقون على هذه القاعدة تسمية (قاعدة الأسد).
وعموماً، سوف تكون هناك المزيد من التداعيات والتفاعلات حول محتوى ومضمون وتوصيات تقرير بتراوس، وحتى الآن لم يبرز رد فعل الديمقراطيين والجماعات الأمريكية، وعلى الأغلب فإن الأيام القليلة القادمة سوف تشهد ظهور المزيد من الانتقادات للتقرير وتوصياته والتي هي بالأساس قد ظهرت بداياتها عندما تصدى بعض الصحفيين والسياسيين الأمريكيين إلى التشكيك في مصداقية الجنرال بتراوس، وعلاقته بجماعة المحافظين الجدد والتي طالبت أصلاً بتعيينه لهذه المهمة، وهناك مقال مشهور كتبه دونيللي في معهد المسعى الأمريكي في بداية العام الماضي يطالب فيه بإقصاء الجنرال كيسي عن قيادة القوات الأمريكية، وتعيين الجنرال ديفيد بتراوس بدلاً عنه باعتباره رجل المهمة.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...