عندما تتقدم الجباية على التنمية؟

16-10-2021

عندما تتقدم الجباية على التنمية؟

زياد غصن:

ما نحن فيه اليوم سببه باختصار أن السياسات المالية بأولويتها الحالية المتمثلة في الجباية تتقدم على السياسات التنموية في البلد، فيما المنطق والواقع يفرضان أن تكون السياسات المالية في خدمة السياسات التنموية، لاسيما وأننا نرفع شعار الاعتماد على الذات في مواجهة العقوبات الخارجية!

والدليل على ذلك...

إن سياسة الجباية التي تنتهجها وزارة المالية تتقدم على سياسات التحفيز  الفعلي للنمو الإستثماري والتنموي في مختلف القطاعات الاقتصادية...

قد تحدث الجباية أثراً إيجابياً على المدى القصير، لكنها على المدى البعيد سيكون لها تأثيرات سلبية عميقة لجهة هجرة الصناعيين ورجال الأعمال وأموالهم إلى الخارج!

إن سياسة رفع الدعم عن مستلزمات الإنتاج الزراعي والصناعي تتقدم على سياسات تشجيع الإنتاج وزيادة معدلاته... والنتيجة توقف كثير من المنتجين عن العمل، تراجع كميات الإنتاج، وارتفاع التكاليف!

إن سياسة ربط تنفيذ المشروعات الإستثمارية الحكومية بموافقة مسبقة من وزارة المالية تتقدم على الجدوى الإقتصادية لهذه المشروعات... والنتيجة فوات منفعة إقتصادية كبيرة خلال السنوات السابقة جراء توقف كثير من المشروعات!

إن سياسة رفع الحكومة لأسعار السلع والخدمات بوتيرة منتظمة بحجة ارتفاع تكاليف الإنتاج والتشغيل تتقدم على أولوية استقرار بيئة العمل والأسواق... والنتيجة صب مزيداً من الزيت على نار التضخم!

بعبارة أكثر وضوحاً.. تصدر أولوية زيادة إيرادات خزينة الدولة على أولوية تنشيط السياسات التنموية في البلد هو الذي يفاقم من مشكلة التضخم، وهو الذي يزيد من معدل الفقر، وهو الذي يفشل عملية إنعاش الإنتاج، وهو الذي يتسبب بهجرة رؤوس الأموال، والأخطر أنه هو الذي يهدد مخرجات التعليم... وغير ذلك.

ما سبق لا يعني بالطبع، كما قد يعتقد البعض، إهمال مشروعية تحسين إيرادات خزينة الدولة وتالياً تخفيض عجز الموازنة، لكن تنفيذ هذ الهدف لا يكون من خلال إتباع إجراءات مالية صرفة كما يحدث حالياً، وإنما يتحقق من خلال مدخل تنموي ومالي في آن معاً... وهذا من دون شك بحاجة إلى وقت واستراتيجية واضحة المعالم، ولا يمكن أن يحدث بين ليلة وضحاها.

الأمر هنا لا يعني وزارة المالية لوحدها، فكل الوزارات معنية بتغيير عقيلتها واتجاهات عملها...

إذ لا يعقل أن تعجز جميع وزارات الدولة عن تقديم مشروع استثماري واحد "عليه العين" لإدراجه في موازنة العام الحالي!

في قطع حسابات العام 2016، أظهرت البيانات أن تقديرات إيرادات الفوائض الإقتصادية المتأتية من المؤسسات الإقتصادية تصل إلى أكثر من 472 مليار ليرة، لكن عملياً لم يتم توريد سوى 119 مليار ليرة أي ما نسبته 25%.

باختصار... عندما تكون الأولوية للسياسات التنموية، فمن البديهي أن تزداد تدريجيا الإيرادات المحلية للدولة، سواء تلك المتأتية من أنشطة مؤسسات الدولة والقطاع العام أو من مؤسسات القطاع الخاص... والأهم أن تلك الإيرادات ستحافظ على ديمومتها.

 

 


 موقع فينكس الإخباري

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...