فساد كبير في المديرية العامة للمصالح العقارية

24-03-2009

فساد كبير في المديرية العامة للمصالح العقارية

تنتشر شبكات الفساد المنظم في كل المؤسسات الحكومية الكبرى وخاصة المالية فيها، وتتشابك المصالح بينها وبين المؤسسات الأخرى التي تحميها وتدعمها وتتقاسم معها الغنائم والفرائس. وبات استغلال المنصب للإثراء غير المشروع ظاهرة «مشرعنة» في ظل غياب الرقابة والمحاسبة أحياناً، أو في ظل التواطؤ والحماية أحياناً أخرى. والمديرية العامة للمصالح العقارية هي المؤسسة التي تجمع بين الأموال والعقارات معاً، ما يجعلها مطمعاً كبيراً لكل فاسد يبيع ويشتري بهذا الوطن وأبنائه كما يريد، تسوقه أطماعه ومآربه الشخصية، وخاصة إذا كان يتمتع بغطاء من المتنفذين وأصحاب القرار.

تم تعيين المدير العام للمصالح العقارية الحالي بهذا المنصب بعد تسميته رئيساً للجنة التحقيق مع المدير العام السابق، وقد كان قبل هذا المنصب مديراً لأملاك الدولة لمدة لا تقل عن عشر سنوات، لذا فهو يعرفها شبراً شبراً. ومع تعيينه مديراً عاماً للمصالح العقارية ندب معه من مديرية أملاك الدولة، خمسة مدراء للمصالح العقارية في كل من طرطوس واللاذقية ودرعا والسويداء والقنيطرة. وقد وصلت إلى صحيفة «قاسيون» الكثير من الوثائق التي تثبت وتفضح عمليات الابتزاز وتعطيل المعاملات المستوفية للشروط، نورد منها فيما يلي غيضاً من فيض...

استرجع المواطن ف. ن. جزءاً من أرضه التي استملكتها الدولة في العقار رقم 209 منطقة بلودان 8/17 وبمساحة 154 دونماً، بموجب الحكم القضائي الصادر عن محكمة الاستئناف المدنية الأولى بريف دمشق، قرار رقم 443 أساس 605، الذي نص على تعويض المذكور مبلغ /13936500/ ثلاثة عشر مليوناً وتسعمائة وستة وثلاثين ألفاً وخمسمائة ليرة سورية، وفي حال اعتذرت الجهة المستأنَف عليها رسمياً (وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي) عن دفع المبلغ، توجب إعادة تسجيل الجزء المذكور من العقار قانونياً باسم المواطن صاحب الحق، ولكن رغم الكتب الرسمية والقانونية التي تؤكد وجوب توثيق العقار باسم صاحبه، واعتذار وزارة الزراعة رسمياً عن عدم دفع المبلغ، فقد صدرت أوامر من المدير العام للمصالح العقارية بمماطلة التسجيل وقال: «الذي سيوثق هذه المعاملة دون علمي سوف أكسر رجليه» وطلب من صاحب المعاملة مقابل ذلك مبلغ 7 مليون ل.س تحت غطاء بيعه قطعة أرض مساحتها 3 دونمات رقمها 439 بلودان 9/8، عائدة إلى شقيق المدير العام ن. د. والمدعوة و. ك. التي يشاع في المصالح العقارية أنها زوجة صديقه هـ. ح. الموظف في وزارة الزراعة مديراً للتعليم الزراعي، مدير مكتب الوزير سابقاً، مع أن ثمن الأرض لا يتجاوز 500 ألف ل.س، وتحت الضغط والتهديد اضطر المواطن ف. ن. للموافقة، ودفع مقدماً مليوني ل.س، ولكنه لم يستطع تأمين المبلغ الباقي وهو 5 مليون ل.س. وحدثت الكثير من الإشكالات اضطرت المدير العام إلى إعادة المبلغ المدفوع لصاحبه، ولكنه أصدر قراراً بنقل رئيس مكتب التوثيق العقاري في الزبداني، المدعو محمد أ. م. كونه سمع ووثق إشارة دعوى على العقار439 بلودان 8/9 دون علمه، وتلافياً لقرار النقل قام رئيس المكتب بشراء أرض العقار بمبلغ 8 مليون ليرة سورية، وتم تسجيلها باسم ابنته مياس بنت محمد أ. م. وبناء على ذلك نمت علاقة ود ومصالح مشتركة بين المدير العام ورئيس المكتب.

طابت الأجواء بين المدير العام للمصالح العقارية ورئيس مكتب التوثيق العقاري محمد أ. م. بعد إتمام معاملة بيع العقار ودفع المبلغ الخيالي نقداً، وبدأ بتكليفه بإبرام صفقات غير قانونية ومنها صفقة مبادلة عقارات تعود لأملاك الدولة، مع عقارات تعود لجمعية سكنية، وذلك بالتنسيق مع المدعو م. د. مندوب الجمعية، وقد جرت هذه المبادلة بدون موافقة مسبقة من رئاسة مجلس الوزراء، الأمر الوحيد الذي يجعل هذه المبادلة قانونية، وأخذت الجمعية عدداً من العقارات المثقلة بإشارات الدعاوى، ويوجد تلاعب من اللجان المختصة ببيانات مساحات الأراضي المبادَل عليها، والتي تتجاوز 700 دونماً من أراضي منطقة إفرة، وتم تدقيق وتسجيل العقد بشكل سريع ومن أشخاص غير مختصين، بعد تأمين أربع أو خمس موافقات شكلية من مدير المصالح العقارية بريف دمشق، وتم توثيق عقد المبادلة رقم 7652 لعام 2007.

باع المواطن ر. ن. حصة قدرها 2000 م2 من العقار1539 منطقة الهامة، إلى المواطن محمد ع. ع. والحصة المتبقية من العقار تتجاوز قيمتها 150 مليون ل.س، والتي يجب أن تبقى باسم المالك الأساسي. قام المشتري محمد ع. ع. ببيع الحصة إلى مشترٍ آخر يدعى ك. م. وتم وضع إشارة دعوى باسمه بالعقد رقم 1344/1989، ثم قام محمد ع. ع. نفسه ببيع الحصة مرة أخرى إلى زوجته ر. ط. (وهذه عملية احتيال) وقد أقرت بعلمها وقبولها لإشارة الدعوى الموضوعة من ك. م. وحصلت على حكم قضائي بتسجيل كامل العقار 1539 من منطقة الهامة باسمها (وهذه مخالفة قضائية)، ثم وضعت هي نفسها إشارة دعوى لشخص يدعى طه د.

نفذ ك. م. حكماً على الحصة التي وضع إشارة الدعوى عليها والبالغة 2000 م2، وبقيت الحصة المتبقية من العقار باسم ر. ط. وعليها إشارة دعوى من طه د. الذي أراد توثيق ملكيته في مكتب التوثيق العقاري، ورفضت رئيسة المكتب قبول المعاملة، فقام مدير المصالح العقارية بريف دمشق بالتنسيق مع رئيس دائرة النبك أ.أ. بتوثيق المعاملة في النبك وهذه مخالفة كبيرة، وبعد توثيق المعاملة طلب رئيس دائرة التوثيق بالنبك الموافقة على تدقيقها وتسجيلها من رئيس دائرة السجل العقاري بريف دمشق، وعند دراسة الإضبارة رفض السماح بذلك، فبدأت الضغوطات والتهديدات توجه له بشكل غير مباشر عن طريق شقيق المدير العام ع. ن. د. الذي يعمل سائقاً في القضاء العقاري، ورئيس مكتب التوثيق في النبك. وللتخلص من هذه التهديدات طلب تشكيل لجنة لدراسة المعاملة، وتم تشكيل لجنة مؤلفة من مدير التسجيل العقاري سابقاً ع. ط. ورئيس دائرة السجل العقاري بدمشق سابقاً م. ص. والمدققة في المصالح العقارية في ريف دمشق د. م. وعند اطلاع اللجنة على المعاملة توصلت إلى قرار أنه يجب رفض هذه المعاملة. ووافق مدير المصالح العقارية بريف دمشق على هذا القرار. ولكن في اليوم التالي مورست عليه ضغوط من المدير العام، فقام بطي أمر تشكيل اللجنة، وأهمل وجودها من الأساس، وتم إعطاء أربع موافقات شكلية على المعاملة، وتم تدقيقها وتسجيلها خلال ساعتين فقط.

العقار 1679 صيدنايا 77/12 هو أملاك دولة مقسَّم إلى ستة مقاسم، خمسة منها لها إشارات دعاوى أمام القضاء، وأقرت المحكمة أن المقسمين 2 و3 مساحتهما 25 دونماً، ومباعة من أملاك الدولة إلى أحد المواطنين. والمقاسم 4 و5 و6 مجموع مساحتها 22 دونماً وعليها إشارات دعاوى، والمقسم رقم 1 ذو المساحة الكبرى، مازال في عداد الأملاك العامة للدولة.

اشترى المحامي م. أ. إشارات الدعاوى للمقاسم 4 و5 و6 من أصحابها، وحاول رشوة القضاة لتسجيل كامل العقار باسمه، بما في ذلك المقسم رقم 1، ولما لم يحصل على مراده قام بالتنسيق مع شقيق المدير العام للمصالح العقارية، ع. ن. د. السائق في القضاء العقاري، وتم تحويل مساحة المقسم رقم 6 على السجل من 10 دونمات إلى 220 دونماً، كون المساحة المأخوذ منها هي أملاك دولة، ولا أحد يطالب بها، وفصلت الدعوى عند القاضي العقاري لصالح المشتري بعد إعطائه مساحة من أملاك الدولة تزيد عن الحصص المشتراة بأكثر من 200 دونماً.

وبالأسلوب نفسه والطريقة نفسها فصلت الدعوى عند القاضي العقاري على العقار رقم 740 تلفيتا 5/1، بعد إعطاء المشتري مساحة من أملاك الدولة تزيد عن المساحة المشتراة بحوالي 225 دونماً.

محضر الضبط رقم 1538 جلد 5633/د، يبين أن العقار رقم 1538 منطقة التواني 10/3، يعود للمواطن علي بن محمد قاسم، وهذا مسجل في الصحيفة العقارية ومحضر التحديد والتحرير. وبالتنسيق بين ع. ن. د. شقيق المدير العام للمصالح العقارية، ومختار قرية التواني والقاضي العقاري، تم تغيير الاسم (علي بن محمد قاسم) إلى (علي بن محمد قسوم)، وهو شخص متوفى، وأحد ورثته يحمل وكالة عن أشقائه، وقاموا بتنظيم عملية انتقال وبيع بعقد واحد رقمه 956 تاريخ 20/5/2008، ذُكِر فيه أن العقار يعود لورثة علي بن محمد قسوم، للشارية ع. بنت م. ن. وكُتب على صحيفة العقار: يرقّن قيد علي قسوم لكامل العقار 1538 التواني 10/3 بالانتقال إرثاً، وتسجل الملكية باسم الورثة، ويرقّن قيد الورثة لكامل العقار (دون ذكر الاسم) بالبيع، وتسجيل الملكية باسم ع. بنت م. ن. شراءً.

وعندما علم مالك العقار بعملية الاحتيال أسرع لاستخراج محضر التحديد والتحرير من مستودع المديرية العامة للمصالح العقارية، ولكن أمين المستودع، وهو شقيق المدير العام أيضاً، ويدعى ف. د. قام بإخفاء المحضر وإدعاء فقدانه، ثم سارعوا بعد أن كشف الأمر إلى إعادة ملكية العقار لصاحبه بعملية بيع وشراء إخفاء لعملية الاحتيال.

جرى تنفيذ العديد من المعاملات في مكتب التوثيق العقاري في عربين، وتم سماعها وتدقيقها دون استيفاء الرسوم المتوجبة للدولة، وتبين أن المدققين مقربون من المدير العام، وعندما كُشف أمرهم تمت ترقيتهم بدلاً من أن يحاسبوا، وتم وضع العقود عند المفتش (م. ع.) في الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش حتى لا يتم طلبها للتدقيق، وهذا المفتش له قضية فساد كبرى مع المصالح العقارية، فهو صمام الأمان الذي يخفون عنده العقود والمعاملات التي عليها إشكالات، تحت حجة (المعاملة موجودة بالتفتيش)، كما أنه صاحب قرار ضد من يريدون التخلص منه باختلاق أية تهمة وإثباتها عليه، وينسق في هذا مع معاونة رئيس الهيئة، ويتم إصدار القرار الذي يريدونه. وهناك الكثير من العقود المحققة والمسجلة بدون تسديد رسوم، ومخبأة في التفتيش، ولدينا الكثير من أرقام هذه العقود وتواريخها.

يتم تنفيذ معاملات وتوثيق عقود في المناطق الحدودية، دون وجود أو طلب موافقة مسبقة من وزارة الداخلية، علماً أن هذه الموافقة من ضمن الوثائق الأساسية لسماح وتوثيق المعاملات في المناطق الحدودية والاصطيافية، إلا أن رئيس مكتب التوثيق العقاري في الزبداني محمد أ. م. المقرب من المدير العام والمرتبط معه بمصالح كبيرة، كان يسمع المعاملات دون ربط الموافقة، رغم ما في ذلك من خطورة أمنية على أمن البلاد والعباد. وهناك الكثير من المعاملات والعقود التي تتجاوز الموافقات المطلوبة، ولدينا بعض أرقام هذه العقود وتواريخها.

بعد التدقيق في السجلات العقارية وجدنا أن السيد المدير العام للمصالح العقارية، ونتيجة الجد والكفاح المتواصل، ومن تعب يمينه وعرق جبينه، ومن راتبه المتواضع، قد جمع ثروة صغيرة لا تكاد تذكر، استطعنا معرفة جزء منها، والباقي في علم الغيب. ومن العقارات التي وجدنا أنها مسجلة باسمه: منزل في منطقة مساكن برزة، مرحلة تاسعة عمارة 125 مسكن 12، وكذلك العقارات التالية:

العقار 784 رنكوس 10/6

العقار 843 رنكوس 10/6

العقار 822 رنكوس 10/6

العقار 1674 رنكوس 9/6

العقار 1657 رنكوس 9/6

العقار 1651 رنكوس 9/6

العقار 1649 رنكوس 9/6

العقار 1659 رنكوس 9/6

العقار 5951 حرستا البصل

وهناك عقارات كثيرة مسجلة بأسماء الموظفين التابعين له أو زوجاتهم، نذكر منها العقارات 716، 718، 720 من منطقة معرة صيدنايا 3/7 والمسجلة باسم خ. ع. زوجة مدير الشؤون الإدارية في المديرية العامة للمصالح العقارية ح. م. وهو الصديق الوفي للمدير العام...

هذا غيض من فيض من فساد منظم منتشر في المؤسسات الحكومية، وخاصة التي تتعامل بالأموال، كالعقارات والسيارات، وهو فساد محمي ومغطى من بعض أجهزة الرقابة والتفتيش، فمن يحاسب الفاسدين الذين أنيطت بهم مهمة ومسؤولية محاربة الفساد؟!!

سؤال نضعه أمام أولي الأمر عسى أن يبدؤوا باجتثاث الفساد الذي أصاب معظم جوانب البلاد، وأفقر العباد، ففي محاسبته واجتثاثه ضمان لكرامة الوطن والمواطن...

يوسف البني

المصدر: قاسيون

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...