مخاوف أمريكية من انتشار عدوى ما جرى في غزة إلى دول الجوار

17-06-2007

مخاوف أمريكية من انتشار عدوى ما جرى في غزة إلى دول الجوار

الجمل:    تنتقل عدوى الأزمات والنزاعات مثل الأمراض المعدية تماماً، وحالياً انتقلت عدوى أزمة نزاع فتح- حماس إلى داخل أروقة البيت الأمريكي، وإلى علاقة تل أبيب- واشنطن، ويتوقع امتداد العدوى لتشمل علاقات عبر الأطلنطي، ومحور عمان- القاهرة- الرياض- بيروت المعروف باسم المعتدلين العرب.
• بؤرة الأزمة:
استطاعت إسرائيل وأمريكا بمساعدة المعتدلين العرب، بتوجيه ودعم "فتح"، بحيث تلعب دور رأس الرمح في الضغوط الإسرائيلية- الأمريكية المفروضة على حركة حماس، وذلك عن طريق عدم إعطائها وزنها الحقيقي ضمن مؤسسات السلطة الفلسطينية، وتجاهل وزنها الحقيقي الذي ظهرت به بعد الانتخابات التشريعية، وذلك بما يؤدي لتهمشيها وإضعافها تمهيداً لإسقاطها في نهاية الأمر.. ولكن لم تأت الرياح بما تشتهي السفن، فقد كانت التحركات الإسرائيلية- الأمريكية، وجهود المعتدلين العرب، و"فتح"، جميعاً صبت في صالح حماس، والتي ركزت على كسب الشارع الفلسطيني المقاوم، وعدم الابتعاد عنه.. الأمر الذي أدى في آخر المطاف إلى انقسام المشهد الفلسطيني بين شارع مقاوم.. ومؤسسات متواطئة مع إسرائيل وأمريكا بمساعدة مصرية- أردنية- سعودية.. وانتهى الأمر بانتصار الشارع المقاوم، وتصفية المؤسسات المتواطئة.
• انتقال عدوى الأزمة:
مجلس الأمن القومي الأمريكي، ممثلاً في إيليوت ابراهام نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي، حدد المسارات الرئيسية للسياسة الخارجية الأمريكية، وبالتنسيق مع تل أبيب، وحصراً تيار الليكود وجماعة المحافظين الجدد، اتجهت السياسة الخارجية الأمريكية نحو دعم تحالف المعتدلين العرب، باعتباره النموذج المثالي الذي يتيح لإسرائيل المضي قدماً في فرض أجندتها ومخططاتها.. ولكن بعد استيلاء حماس على غزة، برزت بعض الأحداث في مجلس الأمن القومي الأمريكي المطالبة بإعادة تقييم الموقف، وأخذ العبر ما حدث في قطاع غزة، وذلك لأن ما حدث في غزة يمكن أن يمتد ليحدث في القاهرة، وعمان، والرياض، وبيروت وكل المؤشرات تقول بأن توجهات فتح (التي تم رسمها بواسطة مجلس الأمن القومي الأمريكي) قد أدت إلى تزايد السخط الشعبي ضد حركة فتح والدعم والتأييد لصالح حماس، وحالياً لما كانت حكومات القاهرة، عمان، الرياض، تقوم جميعها بالتقيد حرفياً بمخططات مجلس الأمن القومي الأمريكي، وبالتالي فعلى خلفية السخط الشعبي الموجودة والمتزايد ضد حكومات هذه العواصم.. من الممكن أن يؤدي إلى حدوث نفس سيناريو غزة.. وكل ما هو مطلوب حالياً هو انتقال عدوى سيناريو غزة إلى الضفة الغربية.. وبعدها سوف ينتقل الزلزال إلى الأردن.. وبسبب تزايد المعارضة والسخط الشعبي في القاهرة فمن الممكن أن تنتقل العدوى إلى هناك أيضاً. وهكذا تفقد أمريكا أبرز حلفائها في المنطقة.. وتصبح منطقة شرق المتوسط بالكامل عصية على تطبيق مخططات مجلس الأمن القومي الأمريكي، وتشير التوقعات على احتمالات قيام مجلس الأمن القومي الأمريكي بمراجعة سياساته في منطقة الشرق الأوسط، والبحث عن أفضل الوسائل للتعامل مع أزمة قطاع غزة.. بما يؤدي لتطويقها ومنع انتشار عدواها.
• نطاق عدوى الأزمة:
- التداعيات القصيرة الأجل: على المدى القريب سوف تنتقل عدوى الأزمة إلى الضفة الغربية، وسوف يبرز واضحاً صراع حماس- فتح وهو نزاع لو اندلع فعلى الأغلب أن تخسر فتح المعركة.. وحالياً تحاول "فتح استخدام الأساليب الوقائية عن طريق القيام باعتقال عناصر حماس، والتنسيق مع الإسرائيليين من أجل إغلاق كافة المعابر بشكل محكم وذلك لمنع انتقال عناصر حماس من غزة إلى الضفة.
- التداعيات المتوسطة الأجل: وهي التداعيات التي سوف تحدث في الأردن ومصر، وذلك من جراء أسلوب التدخل الداعم لجماعة محمود عباس الذي سوف تقوم به عمان- القاهرة، فعمان سوف تعمل على توصيل الدعم الأمريكي- الإسرائيلي للضفة الغربية، بينما سوف تعمل القاهرة على تشديد الحصار الأمريكي- الإسرائيلي على قطاع غزة، وعلى خلفية المعاناة الجديدة التي سوف تتصاعد في الضفة والقطاع فإن المعارضة والسخط سوف يزداد بالمقابل في عمان- القاهرة.
- التداعيات الطويلة الأجل: وهي التداعيات التي سوف تحدث في النظام الإقليمي لمنطقة شرق المتوسط، وذلك لأن تأكل شعبية عمان- القاهرة، وانقراض جماعة محمود عباس، سوف تؤدي بشكل نهائي إلى نسف نموذج المعتدلين العرب من أساسه، إضافة إلى أن تل أبيب- واشنطن، سوف تكونان أول من يتخلى عن المعتدلين العرب، طالما أنهم أصبحوا بلا فائدة وقد بدأت في واشنطن وتل أبيب إرهاصات البحث عن البديل،
وعموماً، فقد بدأت الصحف الأمريكية تحمل نذر العاصفة القادمة، وقد نشرت صحيفة نيويورك تايمز الصادرة في أمريكا اليوم 17/6/2007م تقريراً من إعداد ستيفن إيرلانغير، حمل عنوان (الانقسام الفلسطيني يفرض مأزقاً لسياسة الولايات المتحدة).
أشار التقرير إلى أن الإدارة الأمريكية سوف تعمل على انتهاج وتبني سياسة للتعامل مع الأراضي الفلسطينية كمنطقتين منفصلتين تخضعان لسيطرة كيانين سياسيين منفصلين، ومن ثم سوف تعمل على دعم "فتح" في الضفة الغربية، والضغط على حماس في قطاع غزة.. أما إسرائيل فقد قررت التعامل حصراً مع الحكومة التي سوف يقوم بتكوينها محمود عباس.. وعلى ما يبدو فإن أزمة تل أبيب- واشنطن سوف تكون أكبر إذا استطاعت حماس تنفيذ انقلابها في الضفة الغربية.. فهل سوف تقبل تل أبيب- واشنطن بالأمر الواقع.. أم أن الصراع سوف ينتقل إلى خطوة جديدة، تتمثل في الإصرار على التعامل مع حكومة محمود عباس، حتى لو كانت (حكومة منفى)، لا وجود لها في الواقع الميداني.
وفي صحيفة كاونترنيكش الالكترونية  الأمريكية، نشر اليوم الكاتب الإسرائيلي عوري أفنيري، المؤيد لجماعات السلام تحليلاً حمل عنوان (دموع التماسيح: قفص غزة) قال فيه بأن قطاع غزة في الفترة السابقة تحول إلى سجن كبير، تم حشر مليون ونصف المليون شخص فيه، بحيث تم عزلهم وحرمانهم من أبسط احتياجاتهم الإنسانية، والآن، مازال الخبراء الذين أشرفوا على تنفيذ هذه التجربة من تل أبيب، واشنطن، والاتحاد الأوروبي، لا يريدون رفع أيديهم عن هؤلاء السكان.. بل مازالوا مصرّين على معرفة ما يمكن أن يحدث لسكان غزة إذا تم فرض المزيد من الضغوط عليهم!.
وفي صحيفة كومون دريم الالكترونية الأمريكية كتب إيراتشيرنوس، البروفيسورة بجامعة كولورادو الأمريكية، اليوم تحليلاً حمل عنوان (الولايات المتحدة وإسرائيل، تقومان بتوجيه مقود الأزمة الفلسطينية) وقد ركزت البروفيسورة على إثبات أطروحة أن ما حدث الآن هو النتيجة الطبيعية لتبني أمريكا وإسرائيل لسياسة عدم قبول الأمر الواقع، والعمل على تطبيق نموذج لا علاقة له بالواقع.. والإصرار على تنفيذه لو كان الواقع القائم يرفضه تماماً.. وهو ما حدث لمحمود عباس الذي أصبح العرب والفلسطينيون يرفضونه تماماً لأنه يتبنى خط السياسات الإسرائيلية الأمريكية غير المقبولة واقعياً لا بواسطة الرأي العام العالمي، ولا العربي، ولا الفلسطيني.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة


 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...