مستقبل كركوك ضمن المتحولات السياسية الأخيرة

16-09-2007

مستقبل كركوك ضمن المتحولات السياسية الأخيرة

الجمل:     تخضع الأزمة في المناطق الكردية إلى محاولات التعامل وللوصول إلى الحل عبر استخدام الأساليب الوقائية الكلية، والتي بسبب تشدد الحركات الكردية، وتزايد النزعة المحلية الاجتماعية الكردية، أصبحت مجرد محاولات شبه عقيمة لا فائدة ولا جدوى منها، وهي تقترب يوماً بعد يوم من السقوط في هاوية الفشل والدخول في نفق الصراع المصلح..

·       الاستقواء بأمريكا إلى درجة وضع الـ(الخط الأحمر):

بعد قيام القوات الأمريكية بغزو واحتلال العراق، وفرض سيطرتها بمساعدة الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يقوده البرازاني، والاتحاد الوطني الكردستاني الذي يقوده الطالباني، قامت الحركات الكردية على خلفية الاستقواء بأمريكا بالتشدد في فرض مطالبها، ووصف عملية ضم منطقة كركوك الغنية بالنفط إلى إقليم كردستان باعتبارها (خطاً أحمر)، لن تسمح (القوى الكبرى) الكردية بتجاوزه ولكي تتم عملية ضم كركوك إلى إقليم كردستان، عمدت الحركات وفصائل البشمركة الكردية إلى:

-         التواطؤ مع سلطات الاحتلال الأمريكي في تضمين استفتاء كركوك ضمن الدستور العراقي.

-         القيام بعمليات التطهير الجماعي من أجل طرد العراقيين العرب، والآشوريين والكلدانيين، والتركمان، وكل من هو غير كردي من منطقة كركوك.

-         توطين أعداد كبيرة من الأكراد في المنطقة.

·       ملف كركوك وتطورات الصراع الكلي الإقليمي:

الطموحات الانفصالية الكردية دفعت البرازاني والطالباني إلى محاولة استغلال الوضع الاستثنائي (الاستقلالي الذاتي العالي الصلاحيات الذي يتمتع به إقليم كردستان)، وتحويل أراضي شمال العراق إلى دولة كردية مستقلة (غير معلنة) تعمل كملاذ آمن للحركات الكردية الانفصالية الناشطة في دول الجوار الإقليمي الأربعة: العراق، تركيا، إيران، وسورية.

أهمية ضم كركوك لإقليم كردستان، تنبع من الاعتبارات القائمة على أساس تقاطع المصالح الكردية- الأمريكية- الإسرائيلية، فكركوك غنية بالنفط الذي تحتاج إليه أمريكا، والتي سوف تدفع قيمته سلاحاً وعتاداً للحركات الكردية الانفصالية التي سوف تعمل بالتنسيق مع إسرائيل في تهديد أمن واستقرار دول المنطقة، وبالتالي فإن عدم ضم كركوك إلى إقليم كردستان، معناه أن الحركات الكردية الانفصالية سوف لن تحصل لا على المال ولا على السلاح، إلا عن طريق الهبات والهدايا والمنح التي يمكن أن تجود بها إسرائيل، وهي هبات ومنح سوف لن تكون كافية لحسم الصراعات الكردية- الكردية، ناهيك عن خوض الصراع مع دول المنطقة التي تتكون من: سورية، تركيا، إيران، والعراق.

·       تحولات (الخط الأحمر) على خلفية التهديد التركي:

حشدت تركيا 140 ألف جندي على حدودها مع العراق، وأصبحت قواتها على أهبة الاستعداد ورهن الإشارة للقيام بعملية اقتحام عسكري واسعة ضد شمال العراق.. وبسبب ما يفرضه حدوث هذا الاقتحام من تهديد لمستقبل الوجود الكردي المسلح في شمال العراق، وأيضاً مستقبل استمرار الاحتلال العسكري الأمريكي في العراق.

وإزاء رغبة الحركات الكردية في استمرار الاحتلال الأمريكي للعراق، والحصول على الدعم الإسرائيلي، وتفادي كارثة الاقتحام العسكري التركي، فقد نقلت وكالة أنباء الفرات تقريراً يقول بأن (الخط الأحمر) –أي استفتاء كركوك- قد وافق التحالف الكردي (تحالف الحزب الديمقراطي الكردستاني مع الاتحاد الكردستاني) على تعليقه إلى حين شهر أيار 2008م. وأشارت الوكالة إلى أن زعماء التحالف الكردي (البرازاني والطالباني) قد زعموا بأن تأجيل الاستفتاء كان من جراء تأثير بعض (الأسباب الفنية وليس الضغوط السياسية).

·       التأجيل بسبب الضغوط السياسية وليس الأسباب الفنية:

شبكة اي.اس.ان الاستخبارية السويسرية أفادت بأن الأمريكيين هم الذين أصدروا قرار تأجيل استفتاء كركوك، وليس الحركات الكردية، وتحديداً في يوم 16 آب الماضي، تحدث السفير الأمريكي في العراق كروكر قائلاً: انه من غير الممكن إجراء استفتاء كركوك، وأشارت شبكة اي.اس.ان إلى أنه ليست هذه هي المرة الأولى التي يقوم الامريكيون فيها بتأجيل الاستفتاء دون مشورة الحركات الكردية، فقد كان الاستفتاء مقرراً له نهاية شهر تموز الماضي، وأجله الأمريكيون بحجة عدم اكتمال عملية المصالحة الوطنية العراقية.

·       مستقبل كركوك على خلفية بعض (الإشارات) السياسية الحالية:

قررت تركيا عدم القبول مطلقاً بضم كركوك إلى إقليم كردستان، وعدم السماح بإخراج العرب والتركمان الموجودين فيها، إضافة إلى عدم موافقة العراقيين على ذلك.. وبين هذه وتلك، فإن الإدارة الأمريكية سوف تظل تستخدم (ورقة كركوك) في إغراء الفصائل والحركات الكردية بالمزيد من التعاون مع سلطات الاحتلال الأمريكي من جهة، ومن الجهة الاخرى في محاولة إقناع الأتراك بأن أمريكا لن تسمح بضم كركوك إلى إقليم كردستان، وبالتالي لا داعي للتدخل العسكري التركي حالياً.

الأزمة حول تبعية مدينة كركوك، ومستقبلها السياسي، سوف تأخذ طابعاً أكثر (سخونة) بين الأطراف العراقية، وعلى وجه الخصوص على أساس الاعتبارات المتعلقة بقانون توزيع العائدات النفطية العراقية، والذي كانت قضية كركوك واحدة من بين أهم مسببات فشل وانهيار جهود سلطات الاحتلال والحركات الانفصالية الكردية لإجازته وتمريره.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

 

 


إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...