مشاكل المؤسسة العامة للسينما في حوار مع محمد الأحمد

18-02-2008

مشاكل المؤسسة العامة للسينما في حوار مع محمد الأحمد

أثار ويثير واقع السينما في سورية الكثير من الجدل والنقاش والطروحات من قبل السينمائيين السوريين الذين ساءهم حالها وهم يتلمسون الحلول سعياً إلى الارتقاء بها وخاصة أن في سورية أسماء سينمائية كبيرة لا تنقصها الدراسة الأكاديمية العالية أو الخبرة الكبيرة إضافة إلى الحماسة والطموح لعملية النهوض والارتقاء. 
 ومع النجاحات التي سجلتها الدراما التلفزيونية السورية بات الحديث عن حالة القصور السينمائي أكثر مشروعية وحدة وصلت إلى درجة الانقسام بين السينمائيين وتحميل مسؤوليات لهذا الفريق أو ذاك وأصحاب المؤسسة العامة للسينما كثيراً من النقد ويحمّلها عدد من السينمائيين مسؤولية التقصير والعرقلة بصورة علنية في وسائل الإعلام.
وكانت المؤسسة عقدت مؤخراً ندوة حول «واقع السينما السورية وآفاق تطوير» فتحت الباب مجدداً للنقاش والجدل الواسع وهي التي أقيمت بحضور السيد وزير الثقافة وغياب بعض السنيمائيين (وثمة من يتحدث عن تغييب).

 وفي إطار سعينا إعلامياً إلى المساهمة في إيجاد الحلول والتعرف على وجهات نظر السينمائيين  التقينا عدداً منهم في حوارات مطولة وفيها يرى السينمائي محمد ملص أن «الوضع السينمائي لا يختلف أحد حول بؤسه طبعاً باستثناء مدير عام المؤسسة» الذي «حاول في تصريحاته الأخيرة التي لا تنتهي تكسير أجنحة الحالة السينمائية».
ويشدد ملص- الذي يعتبر أن أفلام سينما المؤلف وساماً على صدر المؤسسة- على «أن برامج المؤسسة جوفاء ودائماً هناك محاولات متكررة لوضع العصي في العجلات في مسيرة أي سينمائي حاول التمرد أو الخروج عن هذه البرامج»، مؤكداً «غياب المشروع الثقافي وانزياحاته بهمة إدارة المؤسسة» واصفاً كلام السيد الوزير وكلام مدير عام المؤسسة عن الندوة بـ«التعمية الإعلامية التي تسعى إلى تجنب الدخول في السعي الحقيقي والجاد إلى رؤية واقع السينما بشكل فعلي» معتقداً «أن الاقتراحات الخاطئة إذا لم نقل غير النزيهة والسعي إلى تعليق السينما على أهداب الدراما التلفزيونية وتحويل الإنتاج السينمائي إلى تلفزيوني يدل ويشير إلى عدم الرغبة في فهم الحالة السينمائية اليوم في سورية».
بدوره المخرج بلال صابوني اعتبر  أن هناك «أزمة حقيقية في الإدارة معوقة للسينما» وأن ما يحكمها هما «المزاجية والفردية» متسائلاً عن خطط المؤسسة «الغائبة» والتي «حولت أناساً بلا مؤهلات نهائياً إلى مخرجين» والأهم برأي صابوني «أنها خلقت علاقة غير متوازنة وسيئة بين السينمائيين وبين هذه الإدارة»، متمنياً «إحصاء عدد الذين وظفتهم المؤسسة في السنوات الأخيرة ومعرفة مؤهلاتهم وكفاءاتهم وهم الذين أضافتهم إلى أعبائها.» مطالباً المؤسسة بالتصريح عن الأسماء التي ترسلها لحضور المهرجانات متوقفاً عند تصريح لأسعد فضة في أحد مهرجانات القاهرة عندما قال: «خجلت عندما وجدت الوفد السوري كله من الإداريين».
هذه الآراء وغيرها أثارت حفيظة السيد محمد الأحمد مدير المؤسسة العامة للسينما الذي أجرينا معه حواراً للوقوف منها على الرأي والرأي الآخر وفيه بيّن الأحمد آراءه من مجمل ما أثير معتبراً كلام كل من السيدين ملص وصابوني إنما هو «ناتج عن رؤى شخصية ومصالح ذاتية ضيقة» مسهباً في توضيح ذلك عبر مجريات الحوار معه الذي كانت بداية عن «ندوة السينما» وحولها يقول: ناقشنا وبطلب من السيد وزير الثقافة واقع السينما وآفاق تطويرها ومدها بروح تحديثية. وخرجنا بمجموعة من التوصيات التي أعتقد أنها كفيلة بتحريك عملية الإنتاج وإنشاء الصالات والواقع التقني وتطوير مهرجان دمشق السينمائي الدولي وقد غطيت الندوة إعلامياً بشكل كاف وبصورة طيبة لكن وكالعادة لابد أن تسمع صوتاً شاجباً أو معارضاً وهذا ما حصل من الأشخاص الذين يعتبرون أنفسهم مقاطعين للمؤسسة ومستنكرين لكل ما يمكن أن يصدر عنها على الرغم من أن المؤسسة قد أعطتهم فرصاً في بداية حياتهم وهي بشكل أو بآخر صاحبة فضل عليهم.
ولم يتردد الأحمد في الإفصاح عن اسم كل من المخرج محمد ملص وبلال صابوني اللذين ما إن انتهت الندوة – تبعاً للأحمد- حتى بادرا إلى شتم المؤسسة واستنهاض قضايا خاصة محضة تختبئ وراء الكلام الذي قيل من قبلهما والواجهة الأساسية له المشروع الثقافي للمؤسسة.
ما يؤسف له – بنظر الأحمد- أن ما قيل ليس لغاية ثقافية أو فكرية أو وطنية بل هو مجموعة من الأحقاد الشخصية الذاتية.. ولتبيان الحقيقية ولكي لا تتكون لدى المتابع قناعة خاطئة حول ما يجري في عملنا السينمائي – يعقب الأحمد- ما قاله السيد ملص عن كلام الوزير وكلامي عند الندوة إنه «تعمية إعلامية» فإنني أقول هنا هل عندما نناقش في الندوة واقع الصالات ودفع عجلة الإنتاج السينمائي إلى الأمام وتطوير مهرجان دمشق السينمائي الدولي بعدما غدا سنوياً تجاوره مهرجانات كبيرة مثل أبو ظبي ودبي ومراكش وغيرها والسعي إلى دفع عجلة الإنتاج في التلفزيون والقطاع الخاص بالمشاركة مع السينما والتطوير للواقع التقني واستقدام الخبراء هل هذا كلام يشكل «تعمية إعلامية» كما قال السيد محمد ملص الذي لو سألته عما يمكن أن يُبحث فهل يستطيع أن يضيف إلى ما ذكرناه في الندوة شيئاً واحداً؟! ويقول إن كلامنا يهدف إلى جر السينما وإلحاقها بالحالة التلفزيونية والسعي إلى تعليق السينما على أهداب الدراما التلفزيونية وهنا أقول – يشدد الأحمد- إن ما يقدم في الدراما التلفزيونية عبر أنزور وحجو وحاتم علي أهم بكثير مما قدمه السيد ملص خارج المؤسسة، سجله الحقيقي فيلما (أحلام المدينة) و(الليل) اللذان أنتجتهما المؤسسة وعدا ذلك فلا يليق به أن يكون على أهداب الدراما التلفزيونية. ثم ما المعيب في أن تتجه السينما إلى إنتاجات بطريقة التلفزيون أسوة بالسينما الأوروبية؟
وجواباً عن سينما المؤلف التي يستشهد بها ملص يرد الأحمد: كفانا سينما قائمة على طفولة هذا المخرج أو ذاك فلنتجه إلى الأدب والقضايا الأوسع والأكبر، أما عن عدم دعوته للندوة فهي لم تكن تجاهلاً له أو لماضيه لكنها كانت رداً على مقاطعته للمؤسسة والتشهير بها أينما حل وكانت احتراماً له حجباً لموقف متأزم قد يقع فيه من قبل زملائه الذين قدموا له أرواحهم في بداياته.
ويتساءل الأحمد «عن المشروع الثقافي الغائب الذي تحدث عنه السيد ملص» هل الـ300 يوم لتصوير «الليل» هو مشروع ثقافي؟! وهل تصويره 45 علبة خام في «أحلام المدينة» مشروع ثقافي؟! وهل استبداله لممثلة بعد 20 يوم تصوير بحجة أنها سمينة الجسد على الكاميرا مشروع ثقافي؟! ويروي الأحمد حادثة أنه ذات يوم وفّر السينمائي عبد اللطيف عبد الحميد مواد خام ومالاً أثناء تصوير أحد أفلامه وكانت ردة فعل محمد ملص أن قال له بالحرف الواحد: يا عبد اللطيف أنت تخرب علينا. كان من الواجب أن تنفق المال وتهدر الخام كيلا يقال إننا وحدنا تصور بتلك الطريقة لقد خربت علينا ما سنحققه في المقبل من الأيام وهنا يتساءل الأحمد مجدداً هل هذه المشروعات الثقافية التي تحدث عنها السيد ملص الذي حاول الاستيلاء على حق سمير ذكرى المعنوي في «أحلام المدينة» وعلى حق حسن سامي يوسف في «الليل»، وعلى حق أسامة محمد عندما أراد طباعة سيناريو «الليل» في كتاب، وعلى حق خالد خليفة عندما أسقط اسم خليفة من فيلم «باب المقام» فهل هذه التصرفات تصب بخانة المشروع الثقافي الذي يفيدنا؟
لقد جلب السيد محمد ملص- برأي الأحمد- الويلات على الشركة التي أنتجت له فيلم «المهد» وما عليكم إلا أن تسألوا السيد وزير الثقافة حول هذا الموضوع أو السيد هاشم القيسية الذي أشرف على الإنتاج فالأخير أراد أن ينتج معنا في المؤسسة خمسة أفلام لكن طريقة ملص في تصوير «المهد» حجبت عن المؤسسة فرصة إنتاج خمسة أفلام لزملائه مع الشركة المذكورة قال لنا بالحرف الواحد: كفانا تجربة مريرة واحدة لا نريد أن نصور في سورية بعد اليوم بعدما شهدنا محمد ملص كيف يقود الأمور. هذا ما قدمه السيد ملص للمشروع الثقافي والسينمائي في سورية.
مشكلتي –يؤكد الأحمد- ومشكلة المؤسسة مع محمد ملص أننا أوقفنا تصوير فيلم له بعنوان «سينما الدنيا» بعدما تقدم إلينا رسمياً أحد الأشخاص (الاسم والكتاب في عهدة المؤسسة) الذين يخصون ملص معترضاً على السيناريو أنه يظهره بشكل مهين وتشهيري ولا إنساني وعندما عرضنا الأمر على قانونيين نصحونا إما بإسقاط (المشاهد) من السيناريو الذي يسيء للمعترض أو الحصول على موافقة خطية منه، ويوم رفض محمد ملص الشرطين اعتذرنا عن المضي في المشروع وقلنا له إن المؤسسة تحقق مشروعات تحترم البشر ولا تسيء إليهم وها نحن اليوم- يستدرك الأحمد- ورغم كل الخلافات نرحب به كمخرج لتحقيق مشروعه هذا شريطة إسقاط (المشاهد المعترض عليها) فنحن لا ننظر ذاتياً للمسائل، أفقنا أكثر اتساعاً ورغبة في أن تكون المؤسسة للجميع ودون استثناء.
مخرج آخر – يقول الأحمد- يقود حملة علينا واجهتها ثقافية وطنية لكن الغاية ضيقة بامتياز، إنه يطالبنا بأن نرسل المعاش الشهري لولده إلى المنزل دون أن يداوم في المؤسسة ويوم أخبرناه أن هذا الأمر صعب التحقيق شن السيد بلال الصابوني على الوزارة والمؤسسة حملة لأننا اقترفنا جريمة بمطالبة ابنه بضرورة التقيد بالدوام.
ويعود الأحمد مجدداً للحديث عن المخرج محمد ملص وهنا يسمي المسألة «قلة الأمانة» التي تتجسد أن السيد ملص ورغبة منه في جر استعطاف القائمين على مهرجان مراكش لمنحه جائزة عن «باب المقام» قال لهم إن الفيلم منع من التصوير في دمشق ولم يسمح بالسيناريو وهذا كلام عار عن الصحة جملة وتفصيلاً فالفيلم صُوّر في حارات حلب وبمعدات المؤسسة التي طلبها منا ولبيناه في فترة الجميع فيها اشتغل؛ أسامة محمد وعبد اللطيف عبد الحميد وريمون بطرس ولم نغلق باباً في وجه أحد إلا حينما كانت المسألة صعبة التلبية.
مشكلتنا مع هؤلاء – يلخص الأحمد الأمر- الذين يطلون عبر المنابر الإعلامية، خاصة بامتياز علماً أن إرضاء الناس غاية لا تدرك لكن أن يهبط المستوى إلى الأكاذيب الضيقة والمسائل التي تنافي الأخلاق والضمير فهذه كارثة وهي التي تؤذي المشروع الثقافي في سورية لكن ليس بالطريقة التي عبر فيها السيد محمد ملص عن كنه هذا المشروع.
أنا رجل – يقول الأحمد- أعشق السينما وإدارتي لها عبارة عن منجزات حاضرة أمام الناس أما هؤلاء الذين يتشدقون بالكلام القليل والصغير فهم أعداء السينما وأعداء أصدقاء عمرهم ومن تفضلوا عليهم وآزروهم وأعداء للمؤسسة التي قدمت لهم الكثير وما كان منهم سوى الرد الجاحد الغافل للحقيقة، إنها مؤسسة مذمومة مأكولة.

علي الحسن

المصدر: الوطن السورية

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...