مصر: تهدئة مؤقتة يخرقها «الإخوان» وبيرنز في القاهرة مجدداً

03-08-2013

مصر: تهدئة مؤقتة يخرقها «الإخوان» وبيرنز في القاهرة مجدداً

يختتم «العهد الجديد» المنبثق من «ثورة 30 يونيو» اليوم شهره الأول، في ظل استمرار الأزمة السياسية في البلاد، ومن أبرز مؤشرات استمرار مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي في الاعتصام في ميدان رابعة العدوية في مدينة نصر وميدان النهضة قرب الجامعة المصرية في الجيزة، وسط ترقب شديد الحذر، تعززه تسريبات وزارة الداخلية ببدء المرحلة الثانية من عملية فض الاعتصامين، والمتمثلة في فرض حصار مشدد على الموجودين في المكانين.
وفي ظل التباين الحاد في الموقف من فض اعتصامي «رابعة» و«النهضة» بين مؤيد للخطوة ومعارض لها، تحدثت تقارير إعلامية عن وجود رسائل غير مباشرة بين «الإخوان المسلمين» والسلطات المؤقتة، وتستهدف خصوصاً ثني مؤيدي الرئيس المعزول عن التصعيد الميداني، في مقابل تأجيل تنفيذ خطة فض الاعتصامين بانتظار الشروع في عملية تفاوض بشأن المرحلة الانتقالية، وهو ما أفضى، بحسب بعض المصادر، إلى اتفاق تهدئة، جنّب الشارع طوال يوم أمس مصادمات دامية، لكن «الإخوان» سرعان ما خرقوه مساءً بتنظيم تظاهرات وصفت بالاستفزازية إلى مقارّ القوات المسلحة والأمن الوطني، في ما قد يعيد الأمور إلى النقطة الصفر، لجهة المضي قدماً في فضل اعتصامات مؤيدي المعزول. من اعتصام رابعة العدوية أمس (فايز نورالدين ــ أ ف ب)
يأتي ذلك، في وقت أوفد وزير الخارجية الأميركي جون كيري كبير مساعديه وليم بيرنز إلى القاهرة، في زيارة هي الثانية من نوعها منذ إطاحة مرسي، وذلك بهدف المساهمة في التوصل إلى تسوية سياسية تنهي الأزمة، وذلك بعدما أبدى الوزير الأميركي تحوّلا في موقف حكومته مما جرى في مصر بين الثلاثين من حزيران والثالث من تموز الماضيين، وذلك بوصفه تدخل الجيش المصري بأنه «لاستعادة الديموقراطية».

وذكرت صحيفة «الأهرام»، عبر موقعها الالكتروني، ان اتصالات غير مباشرة جرت طوال ليل أمس الأول وحتى الساعات الأولى من فجر أمس، بين «الإخوان المسلمين» ومسؤولين في الحكومة المؤقتة، عبر وسطاء، لإقناع كل الأطراف بوقف عمليات التصعيد والشروع في العملية السياسية.
وبحسب «الأهرام»، فقد مارست قنوات الاتصال ضغوطا على الجانبين، حيث اتفقت مع «الإخوان» على ضرورة العمل من أجل احتواء التظاهرات العشوائية والحيلولة دون وقوع صدامات مع الأهالي وخصوصاً في المناطق العشوائية، فيما اتفقت مع قيادات الجيش والداخلية على عدم الصدام مع المتظاهرين أو الشروع في فض الاعتصام بالقوة.
وتعهد المفاوضون من الجانبين بالعمل على تهدئة الموقف يوم امس، ومحاولة امتصاص أي صدمة، والضغط على الراغبين في التصعيد، سعياً لأن يمر اليوم من دون إراقة دماء، بما يمهّد للشروع في مفاوضات تحقق مصالحة وطنية جدّية.
وأكّدت «مصادر مطلعة» وجود هذه الاتصالات، مشيرة إلى ان ثمة اقتراحاً تقدّم به وسطاء لتجنب أي عمليات تصعيد في الشارع، بانتظار انتهاء عطلة عيد الفطر (8-11 آب)، وذلك بهدف منح الجانبين فرصة لتهيئة أرضية خصبة للشروع في عملية التفاوض.
وفي ما يعزز هذه المعلومات، قال نائب رئيس الجمهورية للشؤون الدولية محمد البرادعي، في مقابلة مع صحيفة «واشنطن بوست»، إن القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبد الفتاح السيسي «يدرك ضرورة التوصل إلى حل سياسي للأزمة في البلاد»، لكن «عليه مسؤولية حماية البلاد». وشدد البرادعي على أن «الحوار هو الأسلوب الأمثل لفض اعتصامي رابعة العدوية وميدان النهضة»، موضحاً «يجب أن نوقف العنف تماماً. لا أحد يريد أن يرى المزيد من إراقة الدماء، ونحن نبذل أقصى الجهود لذلك، ولهذا السبب فإنني أفضّل اللجوء إلى الحوار ونبذ العنف كجزء من حزمة كاملة للمعتمصين لفض هذه التظاهرات والشروع في بناء البلاد».
ورأى البرادعي أن «الإخوان يحتاجون إلى أن يشعروا بالأمان، ويحتاجون الحصانة، كما أنهم يحتاجون إلى أن يشعروا بأنهم ليسوا مستبعدين». وأضاف «تلك أشياء نحن على استعداد لتقديمها... لكنّ علينا استعادة القانون والنظام»، مشدداً على «أننا في سباق مع الوقت».

ومن غير الواضح بعد، ما إذا كان التصعيد الذي مارسه «الإخوان» ابتداءً من مساء يوم أمس، والذي تبدّى في تظاهرات خرجت إلى مدينة الإنتاج الإعلامي ومقارّ قيادة القوات المسلحة والحرس الجمهوري والأمن الوطني وميدان الألف مسكن، قد شكلت خرقاً جدياً لمساعي التهدئة التي جرى الحديث عنها، بما يعني استمرار وزارة الداخلية في التنفيذ التدريجي لفض اعتصامي «رابعة» و«النهضة»، والتي يخشى البعض من أنها قد تجري دموياً.
وقال وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، في تصريحات نشرتها صحيفة «المصري اليوم»، إن أجهزة الأمن اتخذت العديد من الإجراءات للتصدي لأعمال العنف والإرهاب والمخاطر التي تصدر عن اعتصام أنصار الرئيس المعزول. وأوضح أن «هناك إجراءات عدّة ينتظر أن تصدر فيها موافقة من مجلس الدفاع الوطني، وتتعلق بالمرحلة الأخيرة من خطة فض الاعتصام بـالقوة»، مؤكدًا أن الهدف هو فض الاعتصام دون وقوع أي ضحايا بين صفوف المعتصمين أو قوات الأمن أو السكان.
وأشار إلى أن وزارة الداخلية تنتظر صدور قرارات من النيابة العامة خلال الساعات المقبلة، استناداً إلى محاضر وتحريات قدمتها الأجهزة الأمنية والمعلوماتية، مشيراً إلى ان قوات الأمن ستبدأ حصار «النهضة» و«رابعة» خلال ساعات.
من جهته، قال رئيس «حزب التحالف الشعبي الاشتراكي» عبد الغفار شكر، في حديث إلى «السفير»، إن اعتصامي محيط مسجد رابعة العدوية وميدان النهضة يشهدان تصعيداً ملحوظاً، الهدف منه حمايتهما من الفض، لأن جميع قياديي «الإخوان المسلمين» المتهمين بالتحريض على العنف يدركون أن مصيرهم سيكون السجن بعد ذلك، مشيرا الى أنهم يدركون أيضا أن استمرار الاعتصام يضع الدولة والحكومة في موقف محرج أمام العالم الخارجي.
وأضاف شكر أن «الاعتصام يمثل بؤرة توتر، لأنه يمثل مركز قيادة لعمليات إرهاب تتم في المجتمع، إذ تخرج منه مجموعات مسلحة تقود عمليات تخريبية، كما حدث في موقعتي الحرس الجمهوري والمنصة ومحاصرة المحكمة الدستورية العليا أمس الأول».
وحذر شكر، في المقابل، من أن فض الاعتصام اذا نتج منه الكثير من الضحايا سيسبب لمصر مشاكل كثيرة في علاقتها مع دول العالم، لكنه لفت إلى أن استمراره سيرفع حالة التوتر الموجودة في المجتمع المصري.
بدوره، قال رئيس «مركز ابن خلدون» سعد الدين ابراهيم إن الجيش المصري وقوات الأمن أصبحا مخولين من الشعب المصري في أن يستخدما كل الوسائل المتاحة لفض الاعتصام، مشيرا الى أن هذا التفويض تم في مشهد لم يسبق له مثيل في العالم، وأن الشعب الآن أصبح يتمنى وينتظر فض الاعتصام.
وأضاف ابراهيم، في حديث إلى «السفير»، أن «الإخوان يريدون الآن استمرار الاعتصام لإجبار الدولة على تقديم تنازلات وتعهدات بعدم الملاحقة الأمنية، وليس للمطالبة بعودة مرسي، لأنهم فقدوا الأمل برجوعه».

في هذا الوقت، وصل نائب وزير الخارجية الأميركي وليم بيرنز، أمس، إلى القاهرة، في زيارة تستهدف عقد لقاءات مع القادة المصريين حول أهمية تجنب العنف والمساعدة على تيسير عملية سياسية سلمية وشاملة، وفقاً لما جاء في بيان للخارجية الأميركية.
وكان بيرنز قد قام بزيارة للقاهرة، في منتصف تموز الماضي، حيث التقى الرئيس المؤقت عدلي منصور ومحمد البرادعي ورئيس الوزراء حازم الببلاوي والفريق أول عبد الفتاح السيسي، من دون أن تشمل زيارته أي لقاء مع قادة «الإخوان».
وفي السياق، قال وزير الخارجية الأميركية جون كيري، عقب لقائه نظيره الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد في لندن، إنه يتعين على المتظاهرين في مصر ألا يوقفوا تقدم كل شيء في البلاد، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن الحكومة المؤقتة مسؤولة عن منح المتظاهرين مساحة للتمكن من التظاهر سلميّاً.
وأشار إلى أن جميع الأطراف المعنية تقع عليها المسؤولية في التوصل إلى حل سلمي، محذراً من ان الوضع لا يحتاج إلى مزيد من العنف.
وأضاف كيري ان «مصر في حاجة إلى إعادة الأمور إلى طبيعتها من جديد واستعادة الاستقرار لكي تكون قادرة على جذب رجال الأعمال والأخيار من الناس للعمل». وتابع «سنعمل على إيجاد حل سلمي يعمل على دعم مسيرة الديموقراطية ويحترم حقوق الجميع، وهذا هو ما ننخرط فيه الآن».
إلى ذلك، ترددت أنباء عن أن كيري قرر تعيين السفير السابق لدى سوريا روبرت فورد سفيراً للولايات المتحدة لدى القاهرة، وأنه تمّ استدعاء السفيرة الحالية آن باترسون إلى واشنطن.

أحمد علام

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...