مكونات المعارضة الليبية وتاريخها وقدراتها اللوجستية

22-03-2011

مكونات المعارضة الليبية وتاريخها وقدراتها اللوجستية

الجمل: تحدثت التقارير الإعلامية بقدر مستفيض عن نظام الزعيم الليبي معمر القذافي وعن القوى الدولية التي تقوم حالياً باستهدافه، وبرغم ذلك فهناك قدر ضئيل للغاية من التقارير الإعلامية التي سعت إلى تسليط الضوء على المعارضة الليبية: فما هي حقيقة هذه المعارضة وما هي قدراتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومن أين لهذه المعارضة هذا القدر الهائل من الدعم الذي أصبحت تحصل عليه خلال هذه الفترة الوجيزة؟

* القوى السياسية الليبية المعارضة: من هي؟الموقف الميداني في الصراع الليبي

شهدت الساحة السياسية الليبية نشوء بعض الحركات السياسية المعارضة لنظام الزعيم معمر القذافي، وتشير المعطيات والمعلومات إلى النقاط الآتية:
•    حركات معارضة نشأت على خلفية السياقات العشائرية ـ القبلية، الأمر الذي جعل من هذه الحركات مجرد واجهات سياسية تعبر عن الروح المحلي العشائري ـ القبلي.
•    حركات معارضة نشأت على خلفية السياقات المذهبية ـ الدينية، الأمر الذي جعل من هذه الحركات مجرد واجهات تقوم بعملية التسويق لبناء الدولة الدينية الإسلامية في ليبيا.
•    حركات معارضة نشأت على خلفية السياقات المؤسسة الخاصة بنظام الزعيم معمر القذافي، الأمر الذي جعل من هذه الحركات مجرد واجهات تعبر عن وجهة نظر المنشقين الذين خرجوا عن النظام.
هذا، وعلى خلفية هذه المحفزات، فقد برز القوام السياسي الليبي المعارض بما تضمن الحركات الآتية:
•    الاتحاد الدستوري الليبي: بقيادة محمد السنوسي الذي يعتبر نفسه ولي العرش والوريث الشرعي لوالده الملك إدريس السنوسي الذي أطاح الزعيم القذافي به في انقلاب الفاتح من سبتمبر.
•    عصبة حقوق الإنسان الليبية: تم إنشاؤها بواسطة الناشطين الليبيين في مجال حقوق الإنسان: سليمان بوشقير ـ حسين رياني ـ محمد زيان ـ منصور الكيخيا.
•    مؤتمر الأمازيغ الليبي: تم إنشاؤه بواسطة رموز الأمازيغ ـ الطوارق الليبيين، ويهتم بملف المسألة الأمازيغية في ليبيا خاصة في الجوانب المتعلقة بالحقوق الثقافية للأمازيغ الليبيين باعتبارهم أقلية غير ناطقة باللغة العربية.
•    الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا: تم إنشاؤها في عام 1981م في العاصمة السودانية الخرطوم، وتحت إشراف الرئيس السوداني السابق جعفر النميري وبدعم وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، والمخابرات المصرية، وأعلن الزعيم الليبي المنشق عن القذافي ـ محمد المقريف في مؤتمره الصحفي الذي عقده بالخرطوم عن إنشاء هذه الجبهة وبدء فعاليات العمل لإسقاط نظام الزعيم القذافي.
•    منظمة التحرير الليبية: بقيادة عبد الحميد البكوش، وقد تأسست في العاصمة المصرية القاهرة، هذا وتجدر الإشارة إلى أن عبد الحميد البكوش كان من أبرز الوزراء في فترة حكم الملك إدريس السنوسي.
•    منظمة البركان: تتميز بالجمع بين عنصر السرية المطلقة والعنف المطلق، وقد برزت هذه المنظمة من خلال الاغتيالات التي نفذتها ضد بعض رموز نظام الزعيم القذافي داخل وخارج ليبيا.
•    التجمع الوطني الديموقراطي الليبي: بقيادة سليمان المغربي، الذي انشق عن نظام الزعيم معمر القذافي.
•    حركة الحق: وهي حركة يمينية متطرفة التوجهات وتعمل من أجل عودة النظام الملكي الليبي كما كان من فترة ما قبل الزعيم معمر القذافي.
•    حزب الله الليبي: ظهر إلى الوجود عام 1987م، من خلال عملية الاغتيال التي نفذها أحد عناصر الحزب ضد أحد كبار المسؤولين في حركة اللجان الثورية في مدينة بنغازي، والتي بحسب المعلومات تمثل معقل تمركز عناصر هذا الحزب.
•    حركة الجهاد المقدس: ظهرت إلى الوجود على خلفية أحداث العنف التي اندلعت في بعض مناطق شرق ليبيا.
•    حركة الإخوان المسلمين الليبية: تمثل الفصيل الرئيس الإسلامي، وتتمركز في منطقة بنغازي وبقية المناطق المجاورة لها في شرق ليبيا، وهي ترتبط بحركة الإخوان المسلمين المصرية، وقد ظلت تلعب دوراً فاعلاً في تحريك الفعاليات الأصولية الإسلامية في كافة المدن الليبية وعلى وجه الخصوص في بنغازي والبيضا وغيرها من مدن شرق ليبيا المجاور لمصر.
•    تنظيم القاعدة: سعى العديد من الإسلاميين الليبيين إلى المشاركة إلى جانب الفصائل الإسلامية الأفغانية المسلحة ضد القوات السوفييتية، وبعد خروج القوات السوفييتية برزت ظاهرة الأفغان العرب، ومن بينها العناصر الإسلامية الليبية، والتي اكتسبت ليس القدرة على خوض العمليات القتالية وحسب وإنما بناء الروابط والصلات الوثيقة من العناصر الأصولية الجهادية الإسلامية، مثل بن لادن وأسامة الظواهري، وعلى هذه الخلفية فقد تشكل تنظيم القاعدة الليبي. كامتداد تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي إضافة إلى تنظيم القاعدة المصري وحركة الجهاد الإسلامي المصرية. ومن أبرز رموز تنظيم القاعدة الليبي نجد الزعيم أبو أنس الليبي والذي لا يعتبر زعيماً لتنظيم القاعدة الليبي وحسب وإنما لعموم حركة تنظيم القاعدة في العالم.
توجد العديد من الحركات السياسية الليبية المعارضة، ولكن وبسبب مفاعيل عمليات الاستقطاب والاصطفافات السياسية، فإن الحركات الإسلامية تمثل الآن حوالي 90% من إجمالي نشاط المعارضة السياسية الليبية التي تنخرط حالياً في المواجهات المسلحة ضد نظام الزعيم معمر القذافي.

* تحليل قدرات المعارضة السياسية الليبية

تشير المعطيات الجارية إلى نجاح حركات المعارضة السياسية الليبية في الحصول على المزيد من القدرات وتوظيفها في مسرح الصراع السياسي ـ العسكري ضد نظام الزعيم معمر القذافي، وفي هذا الخصوص تشير إلى القدرات الآتية:
•    القدرات العسكرية: استطاعت المعارضة تجنيد العديد من عناصر الشباب الذين تلقوا تدريبهم العسكري بواسطة المؤسسات العسكرية الرسمية الليبية، وإضافة لذلك فقد نجحت المعارضة في تجنيد المزيد من العسكريين الذين انشقوا مؤخراً عن النظام، وحالياً، تتمتع المعارضة المسلحة الليبية بوجود ثلاثة أنواع من القدرات هي: القدرات العسكرية البرية وتتكون من عناصر الجيش الليبي من القوات المدرعة وقوات المشاة والقوات الخاصة، والقدرات العسكرية الجوية وتتكون من عناصر السلاح الجوي الليبي الذين انشقوا مؤخراً عن النظام، والقدرات العسكرية البحرية، وتتكون من عناصر فرقاطتين تابعتين لسلاح البحرية الليبي الذي يمتلك 17 فرقاطة، وقد انشق عناصر الفرقاطتين مؤخراً وانضموا إلى المعارضة.
•    القدرات السياسية: استطاعت حركات المعارضة السياسية الليبية التغلب على عامل الضعف الناتج بسبب كثرة العدد، عن طريق التنسيق المشترك وبناء تحالف واسع ضم العديد من الفصائل الرئيسية وحمل اسم: المجلس الوطني الليبي الانتقالي، والذي تقول التقديرات بأنه أصبح يتمتع بالمزيد من الروابط والعلاقات مع العديد من الأطراف الإقليمية والدولية، فقد اعترفت به السلطات الفرنسبة كممثل شرعي وحيد للشعب الليبي. إضافة إلى وجود اتصالات شبه معلنة لهذا المجلس مع كل من أمريكا وبريطانيا وكندا إضافة إلى جامعة الدول العربية.
•    القدرات الاجتماعية: استطاعت حركات المعارضة السياسية الليبية القيام بعمليات تعبئة سلبية فاعلة واسعة النطاق أتاحت لهذه الحركات الحصول على التأييد الواسع النطاق لأفراد وزعماء قبائل وعشائر مناطق شرق ليبيا وعلى وجه الخصوص الموجودين في منطقة بنغازي والبيضا والمناطق المجاورة للجزء الشمالي من شريط الحدود الليبية ـ المصرية.
•    القدرات الإعلامية: تتمتع حركات المعارضة السياسية الليبية في الوقت الحالي بالدعم الإعلامي الكبير ليس غير المسبوق وحسب بل والمثير للانتباه والجدل، فالقنوات الإعلامية العربية الكبرى مثل الجزيرة والعربية، والقنوات الإعلامية العالمية مثل البي بي سي البريطانية وقناة الحرة الأمريكية إضافة إلى شبكات فوكس نيوز وسي إن إن الأمريكية وغيرها تقوم حالياً بتقديم السند الإعلامي ـ النفسي عن طريق تغطية الأخبار الداعمة للمعارضة وأيضاً تقديم التحليلات التي تنطوي على قدر كبير من طاقة البروباغاندا والدعاية النفسية الداعمة لحركات المعارضة الليبية وعملياتها.
•    القدرات اللوجستية: تحدثت الكثير من التقارير عن نجاح حركات المعارضة الليبية في بناء ثلاثة أنواع من خطوط الإمداد: عبر الموانئ البحرية الليبية الشرقية المطلة على البحر الأبيض المتوسط (وتحديداً ميناء بنغازي) وعبر خط الحدود الليبية ـ المصرية المتاخم لمناطق شرق ليبيا، وعبر الجو (مطار بنغازي). وتقول التسريبات بأن الإمدادات العسكرية والغذائية والعتاد العسكري والذخائر أصبحت تصل بانتظام إلى حركات المعارضة الليبية.
هذا، وإضافة لهذه القدرات، فقد أصبح واضحاً أن حركات المعارضة السياسية الليبية أصبحت تتمتع حالياً بالحماية الدولية المسلحة بدليل تدخل القوات الدولية الأمريكية والفرنسية والبريطانية من أجل توفير الحماية لهذه المعارضة عندما أصبحت قوات الزعيم معمر القذافي على مشارف مدينة بنغازي وبدأت الدخول في ضواحي المدينة القريبة.

* لعبة المعارضة الليبية: الأبعاد غير المعلنة

تشير الوقائع والتسريبات الجارية إلى الآتي:
•    ترغب الحركات الأصولية الإسلامية في التخلص من نظام الزعيم معمر القذافي وبناء سلطة مزدوجة، تأخذ على الجانب المعلن مظهر السلطة الديموقراطية المعتدلة الحليفة للغرب. وعلى الجانب غير المعلن شكل السلطة الإسلامية المسيطرة على موارد الدولة الليبية لجهة استخدامها في التأسيس للمشروع السياسي الإسلامي في المنطقة والعالم.
•    ترغب الأطراف الغربية بقيادة أمريكا وبريطانيا وفرنسا إضافة إلى إسرائيل في التخلص من نظام الزعيم معمر القذافي. وبناء نظام شرق أوسطي معتدل يعوض الخسائر الإستراتيجية التي حدثت بفعل سقوط نظام حسني مبارك المصري، ونظام زين العابدين بن علي التونسي.
إذاً يجتمع الغرب وإسرائيل مع الحركات الأصولية الإسلامية تحت شعار التخلص من نظام الزعيم معمر القذافي. وكما هو واضح فإن جولة الصراع القادمة في المسرح الليبي سوف تتضمن نجاح الحركات الأصولية الإسلامية الليبية وتنظيم القاعدة في استدراج الأطراف الدولية الأمريكية والبريطانية والفرنسية إلى المسرح الليبي. بما يتيح إشعال الحرب الجهادية، عن طريق الاغتيالات وعمليات الخطف، وقطع الرؤوس، وما شابه ذلك. فهل يا ترى سوف تنجح الحركات الأصولية الإسلامية في استثمار أزمة الملف الليبي لجهة استدراج الأطراف الغربية، أم أن الأطراف الغربية سوف تنجح في استدراج الحركات الأصولية في خوض المواجهات مع نظام الرئيس القذافي.
ولم يعد خافياً على أحد التصريح الذي أدلى به وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس بالأمس عندما قال بأن الزعيم معمر القذافي ليس هدفاً لعمليات القوات الدولية. وهو أمر اتضح بجلاء عندما قامت القوات الدولية بقصف البناية التي تقع على بعد بضعة أمتار من "خيمة" الزعيم القذافي. دون أن تصيب هذه الخيمة بأي شظية!

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...