نزاع ساركوزي-نتنياهو وتجدد الاحتقانات على خط تل أبيب-باريس

31-10-2010

نزاع ساركوزي-نتنياهو وتجدد الاحتقانات على خط تل أبيب-باريس

الجمل: تحدثت بعض التقارير الصحفية الإسرائيلية الصادرة اليوم عن توترات جديدة في مجرى العلاقات الإسرائيلية-الفرنسية، وتحديداً بين الرئيس الفرنسي نيكولاس ساركوزي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: فما هي طبيعة هذه التطورات؟ وما هي تداعياتها على دبلوماسية خط باريس-تل أبيب؟ وما مدى احتمالات تأثيراتها على علاقات عبر الأطلنطي الأمريكية-الفرنسية والتي ظلت بالأساس تشهد العديد من التوترات الباردة خلال الأشهر الماضية؟
* دبلوماسية خط باريس-تل أبيب: ماذا تقول المعلومات؟
تعتمد القدرات الدبلوماسية الإسرائيلية على استخدام العامل الدبلوماسي الخارجي كقوة مضافة، وذلك بالاعتماد على الدبلوماسية الأمريكية والدبلوماسية الأوروبية الغربية، ولكن في مجرى تطورات الأحداث والوقائع، فقد أصبحت الدبلوماسية الأمريكية أكثر دعماً للدبلوماسية الإسرائيلية والدبلوماسية الأوروبيةالرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أقل دعماً، وقد شهدنا خلال الأربعة أعوام الماضية كيف أن الخلافات والتوترات كانت تظهر بين الحين والآخر بين تل أبيب وإحدى العواصم الأوروبية، وحالياً، بالنسبة لعلاقات خط باريس-تل أبيب نلاحظ المعطيات الآتية:
•    سعت فرنسا لمطالبة تل أبيب بضرورة الاستمرار في وقف تجميد الأنشطة الاستيطانية بما يتيح إفساح المجال والفرصة أمام استمرار مفاوضات السلام الإسرائيلية- الفلسطينية، وبالمقابل ردت تل أبيب برفض    الطلب الفرنسي.
•    سعت فرنسا إلى دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى حضور قمة تجمعهما مع الرئيس الفرنسي ساركوزي والرئيس المصري حسني مبارك، إضافةً إلى وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون. ولكن، فجأة ودون مقدمات أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن رفضه لحضور هذه القمة.
تحدثت التقارير بأن الأداء السلوكي السياسي الدبلوماسي الإسرائيلي إزاء فرنسا قد سبب المزيد من الغضب والتوترات، وذلك لأن قصر الإليزيه قد غدا أكثر إدراكاً لأسلوب تل أبيب الدبلوماسي الذي أصبح ينطوي على المزيد من عدم الاحترام والتقليل لمكانة فرنسا كقوة كبرى، إضافةً إلى نكران الجهود التي سبق لفرنسا أن قدمتها دعماً لإسرائيل والإسرائيليين.
* ساركوزي-نتنياهو: هل اقتربت لحظة الصدام؟
تقول التسريبات بأن الرئيس الفرنسي ساركوزي قد أجرى اتصالاً هاتفياً قبل عشرة أيام مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، وتطرقت المحادثة إلى تبادل وجهات النظر حول الموقف الإسرائيلي الرافض للطلب الفرنسي المتعلق بوقف الاستيطان لجهة تعزيز جهود عملية سلام الشرق الأوسط، وفي هذا الخصوص تحدثت بعض المصادر الدبلوماسية الأوروبية الغربية العليمة بفحوى ومحتوى محادثة ساركوزي-نتنياهو التلفونية قائلةً بأن ما هو مثير للانتباه في محادثة ساركوزي-نتنياهو التلفونية تمثل في الآتي:رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو
-    رد الفعل الغاضب الذي أبداه ساركوزي بعد المحادثة أمام موظفي قصر الإليزيه، وفي هذا الخصوص أصدر ساركوزي التوجيهات لمكتبه بضرورة عرض فحوى المحادثة على الزعماء الأوروبيين.
-    رد الفعل المتناقض الذي أبداه نتنياهو بعد المحادثة، وبعد علمه بإطلاع قصر الإليزيه لبقية الرؤساء الأوروبيين لفحوى المحادثة، فقد سعى مكتب نتنياهو إلى إطلاق المزاعم بأن محادثة نتنياهو-ساركوزي لا تتميز بأي خصوصية استثنائية وإنما كانت محادثة روتينية عادية.
تقول المعلومات والتسريبات، بأن الرئيس الفرنسي نيكولاس ساركوزي قد سعى إلى ترتيب قمة ساركوزي-نتنياهو-عباس-مبارك، إضافةً إلى هيلاري كلينتون في يوم 21 تشرين الأول (أكتوبر) الحالي، بحيث تسعى إلى التوصل إلى صيغة محددة إجمالية حول تعثر المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية، ثم بعد ذلك، يتم نقل هذه الصيغة المحددة الإجمالية إلى اجتماع قمة الاتحاد من أجل المتوسط المحدد انعقادها خلال شهر تشرين الثاني (نوفمبر) 2010 في برشلونة. وأضافت المعلومات والتسريبات، بأن نتنياهو قد طرح موقفين متناقضين إزاء إلغاء مشاركته في قمة باريس وهما:
•    الموقف الأول: وهو الموقف المعلن من خلال التذرع لساركوزي في المحادثة التلفونية بأن قرار نتنياهو بعدم المشاركة في القمة هو بسبب أن توقيت عقد القمة كان غير مناسب بالنسبة لجدول أعمال رئيس الوزراء الإسرائيلي.
•    الموقف الثاني: وهو الموقف غير المعلن، والذي تسربت المعلومات حوله لاحقاً، وذلك على أساس اعتبارات أن رفض نتنياهو المشاركة في القمة كان لعدة أسباب من أبرزها: أن محمود عباس قد طرح شروطاً مسبقة وهو أمر غير مقبول إسرائيلياً، والثاني أن نتائج هذه القمة سوف يتم استخدامها أمريكياً وأوروبياً لجهة الضغط على نتنياهو لكي يقدم المزيد من التنازلات لصالح الفلسطينيين.
التدقيق الفاحص في مجريات محادثة ساركوزي-نتنياهو يشير إلى أنها وإن كانت لن تشكل نقطة تحول رئيسية في مجريات علاقات التعاون على خط دبلوماسية باريس-تل أبيب، فإنها، وعلى خلفية تداعياتها وخلفياتها تشير بكل وضوح إلى وجود المزيد من الاحتقانات المتجددة، وهو أمر سوف يؤدي تراكمه إلى دفع ليس باريس وحسب، وربما كامل بلدان الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز الإدراك بأن تل أبيب لا تفرق بين تركيا وبلدان الاتحاد الأوروبي، وذلك بسبب إدراك تل أبيب المتزايد بأن القدرات الأمريكية الدبلوماسية سوف تظل تشكل عنصر القوة المضافة المستمرة، والتي سوف تتيح لتل أبيب ممارسة المزيد من التعاون والغرور على الجميع بما في ذلك حلفاءها الأوروبيين الغربيين، والذين تدرك تل أبيب جيداً بأنهم لن يستطيعوا التحرك خارج نطاق السقف المحدد بواسطة الدبلوماسية الأمريكية والقائم على مبدأ أن أمن إسرائيل هو خط أحمر ممنوع على جميع الأوروبيين تجاوزه.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...