وعود مصرفية بفك ارتباط الليرة السورية عن العملة الأمريكية

10-01-2007

وعود مصرفية بفك ارتباط الليرة السورية عن العملة الأمريكية

اتخذت الحكومة السورية مع بداية 2007 عدداً من الإجراءات الإصلاحية في السياسة النقدية والمــالية تشــمل توحيد سعر صـــرف الليرة السورية والعمل علـــى فك ارتباطها بالدولار الأميركي مقابل ربطها بـ «سلة عملات»، إضافة إلى تمويل إجمالي قيمة المستوردات بالقطع الأجنبي.

وقدرت مصادر مصرفية إجمالي قيمة الودائع لدى المصارف الخاصة الستة العاملة في سورية بنحو ثلاثة بلايين دولار، بعدما كانت في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي نحو 2.6 بليون دولار، يشكل القطع الأجنبي منها نحو 60 في المئة.

وقال حاكم «مصرف سورية المـــركـــزي» الدكــتور أديب مياله ان الحكومة السورية قررت البدء بتنفيذ قرارها فك ارتباط الليرة بالدولار في الربع الأول من السنة، مقابل ربطها بسلة حقوق السحب الخاصة التي يشكل اليورو 44 في المئة منها والدولار 34 في المئة وكل من الين الياباني والجنيه الإسترليني 11 في المئة. وقال: «ان ذلك سيعكس طبيعة مدفوعاتنا الخارجية وتعاملاتنا التجارية التي تشكل أوروبا اكثر من نصفها».

ويجــمع عدد من المراقــبين على ان الســــنة الــمـــاضــــية كانت الأصـــعب على صناع قرار السياسة المالية والنقدية في سورية بسبب الضغوط الخارجية، وكان أحد مؤشرات ذلك ارتفاع سعر صرف الدولار إلى 61 في المئة بداية كانون الأول (ديسمبر) 2005. وأوضح مياله: «واجهنا الأزمة بطريقتين: قرارات على المدى القصير ووضع أركان وأسس سياسة نقدية طويلة الأمد، انطلاقاً من توجيهات الرئيس بشار الأسد وتوافر إرادة حكومية واضحة بالإصلاح، اتخذت أجرأ القرارات في اصعب المراحل» التي أعقبت اغتيال رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري وانسحاب القوات السورية من لبنان عام 2005.

واستطاعت الحكومة عبر مجلس النقد والتسليف الذي قام بتشكــــيل لجنة من «مصرف سوريــــة المركــزي» وممثــلين عـــــن «المصرف التجــاري السوري» (الحكومي) وموظفين سابقين في القطاع المصرفي وممثلين عن القطاع الخاص، معالجة الأزمة ووقف تدهور سعر الصرف. وأوضح مياله: «ان المصرف تدخل في السوق واصبح بائعاً وشارياً للقطع الأجنبي بحســــب حاجــــة الســــوق من دون ان تتأثر احتياطات القطع الأجنبي، بل على العكس، ارتفع المخـــزون ووصل إلى أعلى معدلات له في تاريخ سورية».

وشملت القرارات العمل على توحيد سعر الصرف وتحرير الحساب الجاري ودور المصرف المركزي كـ «لاعب أساسي» وتحرير أسعار الفوائد في المصارف.

ويــبلـــغ إجمالي احتياط ســـوريـــة من القطـــع الأجنــبي نحـــو 20 بليــون دولار. وقــــال مياله: «كـــــانــت عملة الاحتياط عــــام 2005 الدولار الأميركي، فحولنا نصفها إلى يورو خلال ستة اشهر، كي نخفف من مخاطر تقلبات سعر الصرف. وهذا يعكس تعاملاتنا الخارجية وعملات التسديد». وكانت هذه الخطوة احترازية لمواجهة العقوبات الأميركية المحتملة، عندما طلب الرئيس جورج بوش في أيار (مايو) 2004 من وزارة الخزانة العمل على قطع العلاقات مع «المصرف التجاري السوري» المسؤول عن جميع العمليات المصرفية الحكومية.

- وأعلن مـــدير «التجاري السوري» الدكـــــتور دريد درغـــام ان 20 مصــــرفاً دولـــياً قطعت علاقاتها مع هذا المصرف الحكومي، ذلك في ضــــوء قــــرار وزارة الخزانة عام 2005 بقطع التعامل مع «المصرف التجاري» بتهم تتعلق بـ «تمويل الإرهاب وغسيل الأموال»، علماً انه تم استحداث هيئة خاصة في مصرف سورية المركزي تعنى بالرقابة على العمليات المصرفية. كما انضمت سورية عام 2005، إلى الاتفاق الدولي لمكافحة تبييض الأموال.

والى قـــرار «فك الارتباط» وتحويل نصف الاحتياط إلى يــــورو، واجهـــت سورية العقوبات الأمــــيركية بتــوقيع اتفاقات مع عـــدد من الــــدول لسداد الدفعات المستــحـــقـة على الديون الخارجية باليـــورو، وتبلغ قيمة الديون نحو أربعة بلايين دولار، بمعدل دفعات سنوية قدرها 450 مليون دولار. كما باتت دمشـــق تسعر مستوردات القطاع العام وصادراتها النفطية بالعملة الأوروبية، علماً ان إجمالي الإنتاج النفطي السوري يبلغ حالياً نحو 450 ألف برميل يومياً.

ومن القرارات التي بدأ تنفيذها مع بداية السنة، تحرير الحساب الجاري بالكامل، أي السماح بتمويل إجمالي المستوردات عبر المصارف الخاصة والعامة، بعدما كانت الحكومة سمحت في نهاية 2005 بتمويل 65 في المئة منها، علماً ان إجمالي قيمة المستوردات يصل إلى ستة بلايين دولار وإجمالي قيمة الموازنة يصل إلى 11 بليون دولار.

وهناك تقديرات بأن 20 مليون دولار تصرف يومياً لتمويل المستوردات، وان بين 20 و30 منها توفر عبر السوق السوداء من دون ان يعني ذلك ان الـ 70 في المئة المتبقية تجري في المصارف السوري العامة والخاصة، لان بعض المعاملات تجري عبر الخارج.

وكانت الحكومة السورية رخصت لسبعة مصارف خاصة بموجب القانون 28 لعام 2001. والمصارف العاملة هي «مصرف بيمو السعودي - الفرنسي» و «بنك سورية والمهجر» و «المصرف الدولي للتجارة والتمويل» و «بنك عودة» و «بنك بيبلوس» و «البنك العربي». ولا يزال «بنك سورية والخليج» قيد التنفيذ.

وأوضح مياله ان هناك قراراً بتعديل سقف رأسمال المصرف من 30 مليون دولار إلى 100 مليون، مع السماح برفع نسبة المساهمة الأجنبية من 49 إلى 60 في المئة، مشيراً إلى ان الخطوة المقبلة في الإصلاحات، تتضمن السماح بالتعامل بالسندات وأذون الخزينة. وتتم هذه الخطوة بدعم فني من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. ويتوقع إنجاز التشريع اللازم في النصف الثاني من السنة.

كما سمحت دمشق بتأسيس مصـــارف إســلامية بموجب القانون 35 لعام 2005. وحصل مصرفا «بنك الشام الإسلامي» و «مصرف سورية الدولي الإسلامي» على التراخيص اللازمة وباشرا إجراءات التأسيس. ويبلغ رأسمال كل منهما مئة مليون دولار.

ويساهم «مصرف قطر الإسلامي الدولي» ورجال أعمال قطريون في «مصرف سورية الدولي الإسلامي» بنسبة 49 في المئة. وسيطرح 51 في المئة من رأسماله للاكتتاب العام ما يعتبر اكبر طرح للاكتتاب العام في سورية.

في المقابل، كان لافتاً انه تمت تغطية الأسهم المطروحة البالغة مليوناً و250 ألف سهم ( بقيمة خمسة بلايين ليرة ما يشكل 25 في المئة من رأس المال) في «الشام الإسلامي».

وفيما تسلمت الحكومة 50 طلباً لترخيص شركات ومكاتب صيرفة، قدرت مصادر مصرفية إجمالي قيمة الودائع بنحو ثلاثة بلايين دولار نهاية عام 2006، بعدما كانت 2.6 بليون في نهاية تشرين الأول (اكتوبر).

ويأتي في مقدم هذه المصارف لجهة الودائع، «بنك بيمو السعودي الفرنسي» الذي تصل قيمة ودائعه إلى 51 بليون ليرة، منها 30 بلــيوناً بالقطع الأجنبي. ويليه «بنك سورية والمهجر» بإجمالي ودائع قدره 36 بليوناً، ثلثاها في القطع الأجنبي. وقال مصدر مستقل ان إجمالي قيمة ودائع هذا المصرف وصلت إلى 800 مليون دولار نهاية عام 2006، مشيراً إلى ان الحرب الإسرائيلية على لبنان في تموز (يوليو) الماضي زادت من تدفق الأموال إلى المصارف الخاصة.

ولجهة تمويل التجارة الخــــارجية، يأتي في مقدم المصارف الخـــاصــــة «بنــك سورية والمهجر» و «البـــنك العربي» بإجمالي قدره 65 مليوناً لكــــل منـــهما. كـما مول «بنك عودة» المــــؤسس حديثاً، بقيمة 54 ملــــيون دولار إلى نهاية تشـــرين الأول، علماً ان إجمالي قيمة ودائعه لم تتجاوز 12 بليون ليرة بالقطع الأجنبي والليرة في الفترة نفسها. في حين بلغ إجمالي تمويل «بيمو» نحو 22 مليون دولار.

وفي ضوء الواقع الحالي خطت الحكومة خطوة إضافية في إطار الإصلاح المالي، اذ تقرر أيضاً ان يأخذ «المركزي السوري» دوره كـ «ملاذ أخير» في السياسة النقدية.

وأوضح مياله: «بدءاً من بداية السنة، سيطبق على المصارف الخاصة ما يسمى «مراكز القطع» لتستطيع المصارف بيع فائضها من القطع إلى «المركزي» وشراء ما يلزمنا من القطع بعد إجراء عمليات البيع بين المصارف الخاصة (إنتر بنك)».

-ومن القرارات الأخرى المهمة، توحيد سعر الصرف بحيث بات الآن في سورية سعر واحد بعدما كان هناك 11 سعراً للدولار في ثمانينات القرن الماضي، وهو يبلغ حالياً 51.8 ليرة للدولار. وقال حاكم «سورية المركزي» رداً على سؤال: «ليس هناك قرار بتعويم الليرة وهذا ليس ضمن برنامجنا. لا نزال ندير سعر الصرف ضمن متطلبات الاقتصاد الوطني وضمن أسعار نستعد للدفاع عنها». وزاد ان سعر الصرف كان يحدد سابقاً في أسواق دول الخليج ولبنان، بينما بات يحدد الآن في المصرف المركزي السوري «وبات متعذراً على أي طرف المضاربة على العملة السورية». وتابع مياله ان قانون النقد الأساسي خاضع للتعديل كي يتناسب مع معطيات السياسة النقدية الحالية.

ابراهيم حميدي

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...