قسد تنفتح على المعارضة

16-07-2023

قسد تنفتح على المعارضة

في محاولة منها لإنهاء العزل السياسي تحاول «قوات سورية الديموقراطية» ، تسعى قسد إلى خلق مروحة من الخيارات التي تتيح لها ضمان استمرار مشروع «الإدارة الذاتية»، أو على أقلّ تقدير، الانخراط في مسارات الحلّ القائمة، بما فيها الروسي والأممي اللذان يغيب عنهما الأكراد بشكل كلّي.

ويتم ذلك بالتوازي مع الالتزام الميداني التامّ القرار الأميركي في مناطق انتشارها في الشمال الشرقي من سوريا .

وتسعى «قسد»، من خلال ذلك، إلى استباق أيّ تقدّم سياسي متوقّع قد يعمّق من تهميشها، في ظلّ التقارب السوري – التركي الذي تدفع روسيا وإيران به على هامش «أستانا»، واقتراب عودة أعمال «اللجنة الدستورية» المعطّلة، إلى الحياة.

وقالت الصحيفة أن «مجلس سوريا الديموقراطي – مسد» قد بدأ حواراً مع «هيئة التنسيق الوطنية» (معارضة داخلية)، في محاولة يمكن اعتبارها الثانية من نوعها لخلق «جبهة معارضة» بالشراكة بين الأكراد الذين يقودون مشروع «الإدارة الذاتية» في مناطق سيطرة «قسد» وقوى معارِضة ووصل الحوار إلى مرحلة متقدّمة.

في حين قالت مصادر أنه لا تزال هناك بعض الملفات الخلافية قيد المناقشة، أملاً في التوصّل إلى اتفاق يفتح الباب أمام تمثيل، سيكون الأول من نوعه، للأكراد في أروقة الحلّ السياسي في سوريا. وحملت المحاولة الجديدة، التي تمّ الإعلان عنها في الرابع والعشرين من الشهر الماضي، اسم «مبادئ»، أعلنت عنها «مسد» و«هيئة التنسيق»، في بيان مشترك، عبّر عن التوافق على خمس نقاط رئيسة.

وتَمثّلت أبرز تلك النقاط في «التأسيس لبناء جبهة وطنية ديموقراطية سورية عريضة لقوى الثورة والمعارضة السورية، تتبنّى مشروع التغيير الوطني الديموقراطي ،الذي يكفل المحافظة على وحدة سوريا الجغرافية والسياسية، ويرفض كل المشاريع والمحاولات التقسيمية والانفصالية التي تهدّد وحدة سوريا أرضاً وشعباً»، بحسب البيان.

كذلك، شدّد الطرفان على «مشاركة القوى السياسية الوطنية الديموقراطية في العملية السياسية من دون إقصاء»، وهي نقطة يمكن اعتبارها الهدف الرئيس لهذا الحراك، في ظلّ غياب «قسد» عن التمثيل في مسار «أستانا» الروسي، وعن ورش «اللجنة الدستورية»، سواء في فريقَي المعارضة أو المستقلين، بسبب العداء بينها وبين «الائتلاف السوري المعارض» الذي تقوده تركيا، إلى جانب فشل جميع محاولات الحوار السابقة بين الأكراد والحكومة السورية.

وتُعيد هذه المبادرة، التي لا تزال تخطو أولى خطواتها في طريق طويل مليء بالعثرات، إلى الأذهان، محاولات سابقة للانخراط في المسارات السياسية للحلّ، أبرزها محاولة عام 2015 التي انخرط فيها هيثم المنّاع، بصفته شريكاً في قيادة «مسد» آنذاك، قبل أن ينسحب من المجلس عام 2016، معلناً رفض «إعلان الفدرالية الكردية» التي يحاول الأكراد ترسيخها، ما أدّى إلى حصر تمثيل هؤلاء في المباحثات السياسية حول سوريا بـ«المجلس الوطني الكردي» المدعوم تركياً. والواقع أن النقاط الخلافية الحالية التي يَجري الحديث عنها بين «هيئة التنسيق» و«قسد»، لم تخرج عن صلب المشكلة التي تمنع الأخيرة من الانخراط في أيّ عمل سياسي.

إذ يدور الحديث، وفق مصادر كردية مطّلعة على الحوار القائم بين الطرفَين تحدّثت إلى «الأخبار»، عن وجود «خلاف جوهري بينهما يتعلّق بشكل اللامركزية» الذي يجب الاتفاق عليه، بالإضافة إلى «خلافات تتعلّق بدور قسد المستقبلي في الجيش السوري»، في ظلّ تمسك الأكراد الذين يقودهم «حزب الاتحاد الديموقراطي» بشكل «الإدارة الذاتية» الذي تحظى بدعم غير مباشر من واشنطن وحلفائها، ما يجعل مصيرها مرتبطاً بالقرار الأميركي، والذي أعاق طوال السنوات الماضية التقارب بين «قسد» والحكومة السورية، وهو أمرٌ مرفوض من أنقرة وموسكو وطهران أيضاً.

في هذا السياق، تلفت المصادر الكردية إلى أن «قسد» تعوّل على جهود المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، نيكولاس غرينجر، الذي أنهت واشنطن عمله في سوريا ونقلته إلى تركيا مع استمرار عمله في الملف السوري، ما يأتي، على ما يبدو، ضمن المحاولات الأميركية لخلق توافقات جديدة حول المسألة السورية، يمثّل التوافق الكردي – الكردي أحد جوانبها، وخصوصاً أن غرينجر أعلن نيّته إعادة إحياء ذلك الحوار.

ويشكّل التوافق المنشود بين الأكراد، والذي يندرج في إطار خطّة أميركية قديمة – جديدة لتشكيل حلف معارض يوحّد المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية في الشمال والشمال الشرقي، نافذة أخرى يمكن أن تخوّل «قسد» العبور إلى مسارات الحلّ السياسي، غير أن دون التوافق المشار إليه عثرات تعزّز من فرص فشله الذي بات معتاداً نتيجة تجارب عديدة سابقة، ما لم يحدث اختراق كبير يعيد ترتيب الأوراق، وهو ما يبدو أن «قسد»، التي تستشعر اقتراب «خطر» التطبيع السوري – التركي، تعوّل عليه. والجدير ذكره، هنا، أن الولايات المتحدة قادت خلال السنوات الماضية محاولات عديدة لتوحيد الصف الكردي، إلّا أنها باءت جميعها بالفشل بسبب التدخّل التركي المؤثر على قرار «المجلس الوطني»، وإصرار «حزب الاتحاد الديموقراطي» في المقابل على احتكار المشهد الكردي.

 

الأخبار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...