مراجعة للأحداث التي أدت إلى قيام الحركة التصحيحية في سورية

25-11-2023

مراجعة للأحداث التي أدت إلى قيام الحركة التصحيحية في سورية

Image

 خليل اقطيني:

*لعل أهم ما يميز عامي 1969 و 1970 هو تفاقم الأزمة في حزب البعث العربي الاشتراكي والدولة في سورية. وتطور الخلاف بين القواعد الحزبية التي تعبر عن جوهر الحزب، وبين مجموعة في القيادة وُصِفَت بذات "العقلية المناورة المتسلطة التكتلية" واتُّهِمَت بقيامها بممارسات وسياسات "كادت تنهي دور ثورة الثامن من آذار والحزب، وتقضي على تلك الآمال العريضة التي عبّرت عنها الجماهير أثناء قيام الثورة". 
هذا الخلاف كان خلافاً حول أمور كثيرة هامة، منها دور الحزب والتنظيم الحزبي، وعلاقة الحزب بالسلطة، وقضايا ترسيخ الوحدة الوطنية وبناء جبهة داخلية متماسكة قادرة على تأمين القاعدة اللازمة لجيش قوي قادر على خوض معركة تحرير الأراضي المحتلة.
كان الخلاف كذلك قائماً حول خيارات التنمية وسبل تنشيط طاقات الشعب وإمكاناته وتوجيهها من أجل التنمية، وحول ترسيخ الديمقراطية الشعبية، وبناء المنظمات الشعبية القادرة على تفعيل دور الشعب بشكل مباشر. 
وكان الخلاف قائماً على قضية تعزيز دور سورية القومي وتعميق التضامن العربي، وتأكيد قومية المعركة من أجل التحرير. كما كان الخلاف قائماً على قضية تعزيز مكانة سورية الدولية والخروج من العزلة والانغلاق بما يخدم القضايا القومية الملحة. 
وكان الرئيس الراحل حافظ الأسد يمثل في القيادة التيار المدافع عن جوهر الحزب وعن خياراته الأصيلة المرتبطة بفكر الحزب وتاريخه النضالي، بينما كانت المجموعة التي سُميت بذات "العقلية المتسلطة" تقود التيار المعاكس وتقوم بممارسات بلغت حد الخطر، ولاسيما على صعيد التخلص من البعثيين المناضلين الذين يعارضون هذه العقلية.

*صدمة رحيل عبد الناصر

وفي الثامن والعشرين من أيلول عام 1970 صُدِمَت الأمة العربية بحدث مذهل ــ وإن كان متوقعاً ــ وهو وفاة الزعيم جمال عبد الناصر. وكان كان آخر عمل قام به هو جمع الملك حسين وياسر عرفات في محاولة منه لإنهاء القتال بين منظمة التحرير الفلسطينية والقوات الأردنية في الأردن. هذا القتال انعكس بحد ذاته على الأوضاع في سورية أيضاً وأسهم في تصعيد الأزمة الحزبية، والخلاف بين قواعد الحزب والمجموعة التي وصفت بذات "العقلية المناورة المتسلطة". 
هذه المجموعة في القيادة الحزبية ركزت كل جهودها من أجل التخلص نهائياً من الرئيس الراحل حافظ الأسد، وبالتالي من كل المناضلين الذين يعارضونها في الجهاز الحزبي. ومهدت لهذا الأمر باتصالات مكثفة وبأساليب الارتباط الشخصي مع مختلف الفروع ومع التنظيمات القومية. وعندما ظنت أن الجو بات مهيأ لها تماماً دعت إلى عقد مؤتمر قومي استثنائي في دمشق لإخراج الخطة إلى حيز الواقع بصورة "شرعية" بعد أن قامت بالتحركات والاستعدادات اللازمة مع مؤيديها وتابعيها.
وفي الأول من شهر تشرين الثاني 1970 بدأ المؤتمر القومي العاشر الاستثنائي واستمر ثلاثة عشر يوماً في إحدى قاعات مبنى القيادة القومية في البرامكة. وجاء انعقاده في ظروف صعبة ومعقدة للغاية، فمصر كانت تحاول استعادة وعيها بعد الصدمة الكبرى بوفاة الزعيم عبد الناصر، والمنظمات الفلسطينية كانت تحاول التأقلم مع الوضع الجديد الناجم عن الطلاق بينها وبين الأردن بعد المعارك المؤسفة في خريف 1970، مع كل ما يحمله هذا التأقلم من تغيير في البنية ومدى العمليات ضد إسرائيل. أما الوضع العالمي فكان يحمل بذور تحولات إيجابية لصالح العرب، فقد أصبحت إسرائيل في نظر غالبية الدوائر العالمية محتلة ومعتدية بغض النظر عن المواقف التفصيلية. لكن المجموعة المسيطرة على الحزب في سورية آنذاك، لم تكن قادرة على فهم هذه التحولات ولهذا لم تسعَ إلى تطويرها والارتكاز عليها في خلق تعاطف أوسع مع القضايا العربية. 
وعلى صعيد البناء الداخلي أدت الأزمة الحزبية إلى عرقلة جهود التنمية، وأصبح تنفيذ المشاريع يصطدم بحواجز من عدم التنظيم والارتجال والارتباك وعدم وجود خطة متماسكة ومتكاملة تربط بين المشاريع في شبكة انسجامية واحدة تضع للمسؤولين في المستويات القاعدية أسساً محددة للمتابعة والاستمرار. 
وعلى صعيد الحزب ذاته، وبوجه خاص على صعيد حياته الداخلية، بدا الشلل واضحاً أكثر من أي وقت مضى، حيث عملت القيادة على تقوية هذا الشلل العام وإرباك التنظيم الحزبي، كي تتخذ من اشتداد الأزمة ذريعة لتصفية الحساب مع الرئيس الراحل حافظ الأسد والتيار الذي يمثله بشكل نهائي. 

*استثمار التحريض والافتراء

وفي بداية المؤتمر بدأت مجموعة "العقلية المتسلطة" بفرض مناخ مناسب من الديماغوجية والتحدث حول المبادئ والعموميات، كي يسهّـل لهم ذلك استثمار ما زرعوه في الجهاز الحزبي في الفترة الماضية من تحريض وافتراء على الرئيس الراحل حافظ الأسد. 
ومع مرور الساعات الأولى للمؤتمر أخذت الحملة تشتد وأخذ أعضاء القيادة من مجموعة "العقلية التكتلية" يحثّون مندوبي المنظمات الحزبية كي يتكلموا بسبب وبدون سبب، ويعربوا عن تأييدهم لما تطرحه القيادة، من أجل خلق مناخ من الدعاية والضجة بما يخدم أهداف هذه المجموعة. بعض المندوبين استجاب للتحريض والبعض الآخر بقي صامتاً. وبدا واضحاً لمجموعة "القيادة المتسلطة" أن المؤتمر القومي العاشر الاستثنائي لن يكون ساحة سهلة تحصد فيها ما شاءت من حصاد الفتنة. 
وفي إطار التعامل المسرحي المعتاد مع الحزب ومؤتمراته والاستخفاف بعقول الرفاق قدّم الأمين العام ــ في ذلك الوقت ــ استقالته، وألقى خطاباً في المؤتمر لم يتضمن جديداً سوى الشعارات والأفكار العامة المعروفة. 
كما تكلم الأمين العام المساعد صلاح جديد الذي كان يعتبر "مؤدلج" العقلية المتسلطة ومهندس توجهاتها وفعالياتها. انطلق صلاح جديد في كلامه محاولاً الإجابة عن تساؤلات الرفاق حول سبب عقد المؤتمر فقال إن هذا المؤتمر انعقد لحل الأزمة الحزبية، واستعرض تاريخ حركة 23 شباط ومسوّغاتها، وأخذ يردد الشعارات والعموميات ومبادئ الحياة الداخلية للحزب والأسس التنظيمية، في محاولة منه لاستدرار تعاطف أكبر عدد ممكن من أعضاء المؤتمر تمهيداً لتنفيذ الخطة القاضية بالتخلص من الرئيس الراحل حافظ الأسد، وما يمثله من نهج هدفه إنقاذ الحزب والثورة من الانغلاق والتسلط والعقلية المناورة والتكتلية. 
وتحدث صلاح جديد مطولاً عن "جماعية القيادة" وعن الالتزام ورأي الأكثرية وغير ذلك من الحق الذي كان يريد به باطلاً، والذي تخلّى هو وجماعته عنه وأبدلوه بعقلية التكتل والاستزلام. وفي محاولة واضحة للهروب من القضايا المحددة والمشكلات التي يفرزها الواقع والسلبيات التي يعاني منها الحزب، حاول جديد تحويل انتباه الرفاق نحو قضايا عامة، كالحاجة إلى الوضوح الفكري والبنية الطبقية للكادر القيادي والفرز وغير ذلك من المفاهيم الانتقائية التي يمكن أن يستخدمها المرء على هواه ويجعل منها أداة للفُرقة بين الحزبيين وفي صفوف الشعب بشكل عام. وبدلاً من أن يتحدث عن ضرورة إعادة الجسور المهتزة بين الحزب والجماهير، وضرورة التوجه نحو القوى الوطنية والتقدمية للبدء بالتعاون ونسج شبكة من الوحدة الوطنية أو على الأقل من التضامن الوطني، أخذ يؤكد على طبقية الحزب وضرورة "الانتقائية" و "الفرز" ومحاربة "الإصلاحية" معتبراً أن حرب حزيران تعبر عن خوف الاستعمار من ظهور حزب طبقي يقود جماهير منظمة في سورية. 
وبعد هذه المقدمة الفكرية الطويلة التي اعتقد صلاح جديد أنها ستكون قاعدة تخدع الرفاق وتجعلهم أكثر تعاطفاً معه، بدأ هجومه المركز على الرئيس الراحل حافظ الأسد مشيراً إلى رفضه قرار الاجتماع المشترك أي اجتماع القيادتين في إزاحة ما سماه بمراكز القوى، وهو ما كان يعني فعلاً الأسد وإبعاده من قيادة الحزب والثورة، تماماً كما تم إبعاد الكثيرين ممن يلتقون مع قناعات الأسد من القيادات الحزبية. وهنا لابد من الإشارة إلى أن قرار الاجتماع المشترك جاء في إطار حملة "المجموعة  المتسلطة" في القيادة للتخلص من كل من يعارض توجهاتها وعقليتها وممارساتها. وفي الإطار ذاته كانت المجموعة قد بدأت بتنفيذ خطة لتبديل القيادات الحزبية والعسكرية في القوات المسلحة، وهي القيادات التي كانت ملتفة حول الرئيس الراحل  حافظ الأسد وتؤيد مواقفه ودفاعه عن جوهر الحزب والثورة. 
كان الرئيس الراحل حافظ الأسد يطرح آراءه في المؤتمرات القطرية والقومية وفي اجتماعات القيادة، ويشرح الأوضاع التي وصل إليها الحزب والثورة وطرق معالجة هذه الأوضاع. وعلى الرغم من معارضة المجموعة لهذه الآراء، إلا أن الأسد كان ملتزماً بقرارات القيادة حفاظاً منه على الأصول الحزبية والأسس التنظيمية، بل إن القواعد الحزبية العسكرية والمدنية كانت تعبر عن رغبتها بإزاحة "مجموعة العقلية المتسلطة" وتضغط عليه من أجل التحرك، لكنه كان يقف في وجه هذه الرغبة بالرغم من قناعته بمبرراتها، حرصاً منه على الحزب ومؤسساته وتعبيراً منه عن أمله بحل الأزمة لصالح الحزب دون خسارة أي من أعضائه. 
وبالعودة إلى حديث صلاح جديد، حيث تابع هجومه المركّز على الرئيس الراحل حافظ الأسد وعلى ما سماه بـ "الازدواجية" في الحزب والسلطة، وأكد أنه منذ سنتين لا توجد ثورة، وإن البرنامج الذي أقره المؤتمر القومي التاسع الاستثنائي معطل، ووضع الجيش غير طبيعي ويعيش أوضاعاً شاذة والوضع النفسي متدهور، وظهور انعكاسات سلبية على المنظمات القومية وتخبط بالسياسة العربية ... الخ وطالب أن يكون الحل بالعودة إلى الحزب، والمقصود طبعاً بالعودة إلى الخضوع إلى المجموعة "المسيطرة على القيادة"، وبدا واضحاً من كلام صلاح جديد أن السبب الرئيس في أزمة الحزب هو وجود الرئيس الراحل حافظ الأسد، وبالتالي إن الخلاص من الأزمة يتوقف على إزاحة الأسد  وظاهرته الفكرية والتطبيقية. 

*طرح مهين للجيش 

وفي الحقيقة لم تكن الصورة كما تحدث عنها صلاح جديد وخاصة ما يتعلق بالجيش، فهذه المؤسسة الدفاعية الهامة كانت خارج إطار الأزمة، لأن الأسد بصفته وزيراً للدفاع آنذاك استطاع حمايتها وبذل جهوداً كبيرة لإعادة بنائها وتسليحها وتوحيد صفوفها في مواجهة العدو الصهيوني. لهذا كان طرح صلاح جديد والتقرير المقدّم إلى المؤتمر بصدد الجيش مهيناً وغير صحيح، وخاصة أن القوات المسلحة كانت تحقق انتصارات عسكرية هامة على الجبهة في حرب الاستنزاف، وكانت تقض مضجع العدو الصهيوني في الجولان المحتل، كما كانت مستمرة بتعزيز جاهزيتها. 
وقد تحدث كثيرون من أعضاء المؤتمر حول الأزمة الحزبية كل من وجهة نظره، لكن القاسم المشترك عند جميع المتكلمين كان تأكيد ضرورة حل الأزمة لأن تأجيل هذا الحل لم يعد ممكناً، وخاصة أن الظروف الداخلية والعربية والدولية تتطلب من الحزب والثورة عملاً محدداً وملموساً. 
وبغض النظر عن التفاصيل كان الذين تحدثوا في المؤتمر يركزون ــ ظاهرياً ــ  على تنفيذ قرارات القيادة، لكن مضمون حديثهم الفعلي يلتقي تماماً مع طروحات الرئيس الراحل.
وخارج قاعة المؤتمر كان هؤلاء يتحدثون عن هذا بصراحة، ويؤكدون مسؤولية القيادة عن الأوضاع الراهنة التي نشأت بسبب عدم إفساح المجال كي تأخذ المؤسسات الحزبية دورها، وبسبب أسلوب الخروج عن قرارات المؤتمرات التي انعقدت. كما كان الانتقاد يوجه للقيادة بسبب تقصيرها في وضع تصور واضح وصيغة محددة للعلاقة بين الحزب والسلطة.
كما انتقد عدد من الرفاق بوضوح تام توجه القيادة لمحاسبة وزير الدفاع آنذاك الرئيس الراحل حافظ الأسد، وكأنه المسؤول عن الأزمة دون غيره من الوزراء وأعضاء القيادة الآخرين. وانتقد بعض أعضاء المؤتمر كذلك العلاقات الشخصية والاستزلام والتكتلات وتهرّب القيادة من اتخاذ قرارات واضحة بشأن بعض أمور السياسة العربية كمؤتمرات القمة وغيرها. وطالبوا أن تسرع القيادة بتقديم تصوّر عن علاقة الحزب بالسلطة والفصل بين المناصب الحزبية والمناصب الحكومية، وتنفيذ ما جاء في المؤتمر الرابع الاستثنائي حول مشاركة الجماهير في الحكم ووضع الدستور موضع التنفيذ. 

*الأسد يتحدث

وتحدث الرئيس الراحل حافظ الأسد في المؤتمر، فأكد ما كان قد طرحه في المؤتمرين القطريين الرابع والرابع الاستثنائي، وقال إن الأيام تمر لتؤكد القناعة الكاملة بكل كلمة طرحها، وإن هذا ناتج عن الممارسة، لأن الاختلاف بين أعضاء الحزب في الممارسة هو مصدر الاختلاف في كثير من الآراء. وبعد أن أكد الأسد التزامه الحزبي انتقد أسلوب الإرهاب الذي تمارسه القيادة ضد حرية إبداء الرأي في الحزب، وقال إن التجربة برهنت على وجود عقلية معينة في الحزب هي عقلية الاستهلاك والتصفية. واستعرض بعض الأمثلة على ممارسات التصفية وعلى محاولات تشويه سمعته تمهيداً لتصفيته.
وتحدث الأسد محللاً القضايا التي تواجه الحزب والثورة، مؤكداً ضرورة فهم كل مرحلة من مراحل التطور وضرورة ترتيب المهام على أساس الأولويات. وقال إن الأولوية هي للعمل من أجل تحرير ما اُحـتُـل من الأرض، وهذه الأولوية تتطلب اعتماد حرية الحركة كأسلوب أساس في العمل. وعبّر عن ايمانه بأن معركتنا مع العدو الصهيوني معركة قومية عربية وليست معركة قطرية. لذلك فإن حرية الحركة تكتسب أهمية خاصة على الصعيد العربي، من أجل تعزيز إستراتيجية الحزب وتنفيذ المهام الأساسية الملقاة على عاتقه. وأكد أن قرار المشاركة في مؤتمر القمة العربية الخامس في الرباط صدر عن المكتب السياسي للحزب. وقال إن صيغة مؤتمرات القمة جزء من حرية التحرك على الصعيد العربي، وإن الأمم التي تتعرض للاحتلال تتجاوز كثيراً من الأمور في سبيل إزالة هذا الاحتلال.

*نقاط محددة

وتلا الأسد النقاط الأساسية التي يقترحها على المؤتمر كي تتابع الثورة مسيرتها دون توقف، وكانت النقاط محددة تحديداً دقيقاً بعيداً عن العموميات والشعارات الكلامية. 
*ففي السياسة الداخلية أكد الأسد على ما يلي:
1ــ جمع كل الطاقات التقدمية والشعبية وتوجيهها باتجاه المعركة من خلال جبهة وطنية تقدمية يقودها الحزب.
2ــ تشكيل مجلس الشعب.
3ــ متابعة رسم خطط التنمية وتنفيذها في ضوء ضرورات الدفاع وحاجات الشعب الأساسية.
4ــ متابعة تنفيذ التحولات الاشتراكية بما يضمن بناء القاعدة المادية للصمود.
5ــ إعطاء المنظمات الشعبية دوراً فعالاً في قيادة الدولة والمجتمع.
6ــ إعادة النظر في صيغة علاقة الحزب بالسلطة بما يضمن قيادة الحزب الحقيقية للسلطة وتطوير أجهزة الدولة بما يكفل بناء الدولة الحديثة. 
*وفي السياسة العربية أكد الأسد  ما يلي:
1ــ التحرك الواسع مع الدول والقوى العربية التقدمية.
2ــ النضال من أجل خطوات وحدوية مع الدول العربية التقدمية.
3ــ النضال الدائم والإيجابي مع الجمهورية العربية المتحدة.
4ــ دعم الحركات التحررية والتقدمية في الوطن العربي كافة. 
5ــ العمل لتحقيق جبهة عربية تقدمية.
6ــ العمل الجاد من أجل وحدة المقاومة الفلسطينية ودعمها وحمايتها.
*وفي السياسة الدولية أكد الأسد  ما يلي:
1ــ تطوير العلاقات مع المعسكر الاشتراكي وخاصة مع الاتحاد السوفييتي.
2ــ الانفتاح على حركات التحرر الوطني والقوى التقدمية في العالم.
3ــ تطوير العلاقات وتعميقها مع الدول التي تقف مع قضايانا العادلة. 
*وفي مجال المعركة: أكد الأسد متابعة بناء القوات المسلحة وتطويرها لأنها " العمود الأساس للتحرير" وتطوير المقاومة والعمل الفدائي والعمل الجاد لتحقيق وحدة المقاومة. وتحدث عن المفهوم المنطقي لحرب التحرير الشعبية ودور القيادة العسكرية العليا في إدارة عمليات المقاومة الشعبية. 
*وفي مجال الحزب: أكد الأسد على ضرورة إعادة النظر بالنظام الداخلي وتشكيل الإدارة السياسية في الجيش وتأكيد مبدأ الرقابة والمحاسبة وتوسيع القاعدة الحزبية عبر الانفتاح على جماهير الشعب ذات المصلحة الحقيقية بالثورة، وإعادة الحزبيين القدامى وفق أسس محددة باستثناء العناصر المرتبطة بتنظيم اليمين وترسيخ الفكر القومي الاشتراكي.

*نوع مختلف من الخطاب السياسي 

وقال الأسد في نهاية حديثه: "إن ممارسات القيادة التي لا تنسجم مع جوهر الحزب وقراراته هي سبب الأزمة التي أضعفت الحزب وهددت ثورته". كما قال بروح عالية وشحنة قوية من التفاؤل: إن الحزب سيبقى قوياً بمناضليه ولن تنقضي سنة حتى ينعقد مؤتمر قومي جديد في هذا المكان بالذات، يجسد إرادة الحزب ويعبر عن وحدته وتماسكه وقدرته على المضي قدماً في تحقيق أهدافه". 
هكذا فال الرئيس الراحل حافظ الأسد وكان يعي كل كلمة يقولها. وبالفعل انعقد المؤتمر القومي الحادي عشر في المكان نفسه، بعد مرور عشرة أشهر على قيام الحركة التصحيحية. 
واختتم الأسد حديثه بكلمات ذات مغزى عميق : "إذا ما أخطأنا لن تفيدنا أي تبريرات أمام شعبنا وأمام حزبنا وأمام التاريخ". 
كان حديث الأسد يعبر عما يدور في نفوس غالبية القواعد الحزبية. لكن لم تكن هذه ميزات الحديث فقط. كانت هناك ميزة أخرى هامة أكدت ظهور نوع مختلف من الخطاب السياسي لم يكن الحزب قد اعتاد عليه قبل ذلك. كان كلام الرئيس الراحل محدداً دقيقاً بعيداً عن العموميات والصياغات المبهجة والشعارات الكلامية التي يفسرها كل شخص كما يريد. وكان يعتمد على الشرح والتحليل والمدعم بأمثلة حية من الواقع ومن تجارب الأمم الأخرى. وكان لا يقف عند القضايا الهامشية أو الفرعية وإنما يَـنْـفَـذ إلى الجوهر ويعرض ما في صلب الظواهر وباطنها، كما كان كلامه لا يقتصر على عرض المشكلات والقضايا وإنما يتخطى ذلك إلى عرض طرق المعالجة المحددة والدقيقة. لذلك كله كان الرئيس الراحل حافظ الأسد في واد، و"مجموعة  العقلية التصفوية المتسلطة" في وادٍ آخر.

*ولادة الحركة التصحيحية 

وقد تبين من مناخ المؤتمر وأحاديث أعضائه، وعلى الرغم من كل الذين كانوا مرتبطين بمجموعة "العقلية التكتلية" أن الغالبية لا تؤيد توجه القيادة حول وضع إشارة المساواة بين الأزمة وبين الراحل حافظ الأسد، وهو ما كان يعني أن الخلاص من الأزمة يتطلب التخلص من الأسد. لكن على الرغم من ذلك كان المؤتمر غير قادر على الحسم النهائي وإدانة "العقلية التكتلية" وعجزه هذا ناتج عن عوامل عدة من أهمها ذهنية "الحلول الوسط" التي كانت مسيطرة، وعقلية "التأجيل والتسويف" إضافة إلى ارتباطات شخصية معينة بالقيادة. كما أن هناك عاملاً نفسياً هاماً لعب دوراً أساسياً في المؤتمر ويتلخص في عدم رغبة بعض أعضاء المؤتمر اتخاذ موقف حاسم يتماشى مع ما يؤمنون به كي لا يبدو هذا الموقف وكأنه التزام بطرف ضد آخر. 
ومع كل يوم جديد من أيام المؤتمر كان الشعور أن اللقاء أضحى مستحيلاً، وأن الخيار هو: إما الحزب والثورة وإما "العقلية التكتلية المناورة والمتسلطة". وكان لابد من التحرك لإنقاذ الحزب. وتـكـثـفـت الاتصالات بين عدد من الرفاق وبين الرئيس الراحل حافظ الأسد، وتشكلت دائرة معينة ظهرت على أساسها القيادة القطرية المؤقتة، وضمت هذه الدائرة أعضاء كثيرين بالإضافة إلى الأسد منهم: عبد الله الأحمر، عبد الحليم خدام، مصطفى طلاس، محمد حيدر، أحمد الخطيب، محمود الأيوبي، علي الحلبي، محمد طلب هلال، داوود الرداوي، عبد الكريم عدي، ناجي جميل، فهمي اليوسفي. ثم انضم بعد ذلك كل من: عبد الغني إبراهيم، وبعد ذلك عبد الله الأحمد، ثم محمد جابر بجبوج، وأخيراً جبر الكفري وعبد الله اللاذقاني.
كان لابد من التحرك، وكان المخاض يؤكد ولادة الحركة التصحيحية.

*أكبر التحديات

وبعد عام 1970 كانت الحركة التصحيحية هي أكبر التحديات التي واجهت المحاولات الأميركية للتدخل في شؤون سورية الداخلية بهدف مصادرة القرار الوطني السوري والهيمنة على المنطقة، وذلك بفضل تمكن الرئيس الراحل حافظ الأسد من وضع حجر الأساس لقوة وطنية وقومية عالية الانتماء، وبناء دولة المؤسسات، وتعزيز سيادة القانون ودور السلطات الدستورية والتنفيذية والتشريعية في سورية، والعمل على تحقيق الغد المنشود، بما يضمن أداء الواجب لتلبية المتطلبات الأساسية للمواطن وضمان مستقبله ومستقبل الأجيال القادمة وتوفير حاجاتهم ورعايتهم، وتحقيق بناء الإنسان القادر على تحقيق ذاته من خلال إنشاء البنية التحتية الوطنية التي تلبي كل حاجاته، وبناء جيش عصري عقائدي نبيل متمسك بالهوية والولاء للوطن ويحتضنه شعب عظيم يمتلك السلاح والعتاد الجيد ويؤمن بالعقيدة الوطنية التي تميزه بأنه ينتمي إلى الشعب الذي يدافع عنه. فصمد هذا الجيش في وجه التآمر والعدوان متحدياً كل أشكال المؤامرات الرامية إلى إفشال الدولة وتدمير المجتمع وإنهاك الجيش عبر الإرهاب والموت. 
وقد شكلت هذه المنجزات الهامة مرتكزات أساسية للحركة التصحيحية في كل المجالات. وكانت تشكل دائماً العامل الأساس في دعم القرار الوطني والقومي الذي صنع البيئة القادرة على التحكم بمسار الصراع وحرمان العدو من النيل من سورية وهويتها القومية.

*النهج مستمر ويتجدد

وفي ظل قيادة السيد الرئيس بشار الأسد تتجدد الحركة التصحيحية من خلال الوقفة الوطنية الشامخة التي وقفها الشعب السوري محتضنا هذا الجيش العظيم. سائراً خلف السيد الرئيس بشار الأسد، الذي تميز بكل الخصال والسمات النضالية للقائد الذي ينتظره الشعب لكي يقود مسيرة التطوير والتحديث ومتابعة ما بدأه الرئيس الراحل حافظ الأسد.
 ومنذ بدء الأزمة السورية في 2011 تعددت أدوات الحرب ضد المجتمع السوري. لكنه تمكن من التصدي لها باحترافية عالية، وكان أساس الصمود الوطني هو البناء الذي تحقق في دولة المؤسسات الذي صنعته الحركة التصحيحية، التي كرّست القدرات الوطنية الشاملة في المجتمع السوري الصامد بالدفاع عن أرضه ووحدته. وتمكُّن الشعب السوري من إفشال عملية اختراق البنية الأساسية للخلية الوطنية السورية رغم كل المحاولات التي قام بها أعداء الوطن. وأكبر دليل على ذلك هو إسقاط المؤامرة الكونية على سورية بفضل تلاحم الشعب والجيش في ظل قيادة حكيمة للسيد الرئيس بشار الأسد.
واليوم بانت ملامح انتصار الوطن ترتسم في عيون الرجال الصامدين على خطوط النار. واقترب العدوان من الهزيمة، وها هو يطوي أذيال الخيبة بعد أن هُزِمَ مشروعه البغيض تحت أقدام الجيش العربي السوري.  

 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...