المصالحة التركية ـــــ السورية.. المشكلة في إدلب!

26-06-2024

المصالحة التركية ـــــ السورية.. المشكلة في إدلب!

بعد مرور أكثر من سبع سنوات على توقيع اتفاقية سوتشي في 17 سبتمبر 2018، والتي كانت تهدف إلى إيجاد حل نهائي للأزمة السورية في إطار تفاهمات أستانة، لا يزال الوضع معقدًا وصعبًا بشأن المصالحة بين تركيا وسوريا، رغم الجهود الوسيطة التي تبذلها روسيا وإيران والآن العراق، إضافة إلى التنسيق المستمر مع بغداد وموسكو.

ووفقًا لمصادر مطلعة، جاءت معلومات حول وساطة عراقية بعد زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني إلى أنقرة في 21 مارس الماضي، والتي تبعتها زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى أربيل في 22 أبريل.

كما استقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في 11 يونيو الماضي في موسكو، حيث ناقشا مجموعة من القضايا الثنائية والإقليمية، بما في ذلك الوضع في سوريا، مما عزز التكهنات حول إمكانية إجراء حوار سوري-تركي.

وتحدثت تقارير عن لقاءات بين مسؤولين عسكريين واستخباراتيين من سوريا وتركيا في قاعدة حميميم، تلتها تحركات عسكرية مشتركة في مناطق قريبة من الوجود العسكري التركي في تل أبيض وعين العرب والباب ومنبج وعفرين وإعزاز.

هذه التحركات تعزز آمال البعض في تحقيق مصالحة قريبة بين الرئيسين بشار الأسد ورجب طيب إردوغان.

ومن المتوقع أن تصبح الأمور أكثر وضوحًا بعد اجتماع المسؤولين السوريين والأتراك في بغداد هذا الأسبوع، بالإضافة إلى لقاء مرتقب بين الرئيسين إردوغان وبوتين على هامش قمة منظمة شنغهاي في أستانة المقررة في 3-4 يوليو المقبل.

المصادر المقربة من الرئيس إردوغان تتوقع أن يسفر هذا اللقاء عن تحديد الخطوات النهائية نحو المصالحة بين دمشق وأنقرة، وقد يتم تتويج هذه الجهود بلقاء بين الرئيسين إردوغان والأسد في بغداد، وربما بحضور قادة إقليميين مثل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والملك الأردني عبد الله الثاني، ورئيس الإمارات محمد بن زايد، والرئيس الإيراني المنتخب.

اتفاقية سوتشي، التي تم تعزيز بنودها في اتفاقية موسكو في 5 مارس 2020، بعد اشتباك حاد بين القوات الروسية والسورية من جهة والقوات التركية من جهة أخرى في 28 فبراير، مما أدى إلى مقتل 34 جنديًا تركيًا، كانت تهدف إلى تحقيق استقرار نسبي في المنطقة.

تفسر الأوساط السياسية كل هذه التطورات بأنها تعكس القلق المشترك بين تركيا وسوريا بشأن الوضع في شمال شرق سوريا، على الرغم من قرار الأكراد بتأجيل الانتخابات المحلية المقررة في 11 يوليو إلى أغسطس المقبل دون تحديد موعد جديد. وهذا الموضوع من المتوقع أن يكون محور النقاش بين الرئيس إردوغان والرئيس الأمريكي جو بايدن خلال لقائهما المرتقب على هامش القمة الأطلسية في واشنطن من 9-11 يوليو.

من المتوقع أن تسفر نتائج محادثات إردوغان مع بايدن عن تأثير كبير على القرار التركي بشأن العلاقة مع دمشق، خاصة بعد فشل أنقرة في تحقيق أهدافها من المصالحة مع الرياض وأبو ظبي والقاهرة.

وتستمر أنقرة في التنسيق مع العراق لمواجهة التطورات في شرق الفرات وشمال العراق، حيث تنشط عناصر حزب العمال الكردستاني، بالتعاون مع القوات الأمريكية.

تسعى أنقرة، بدعم من حليفها الاستراتيجي مسعود البرزاني، إلى منع التحركات التي يدعمها الحزب الكردستاني الديمقراطي السوري ومنعه من تنفيذ أجندته بدعم أمريكي. هذه الجهود تهدف إلى ضمان عدم تنفيذ المخططات الغربية التي تشمل سوريا والعراق وإيران وتركيا، ولمنع الرئيس بوتين من تحقيق مكاسب على حساب السيناريوهات الأمريكية في المنطقة.

الوضع في إدلب يظل معقدًا مع استمرار التوترات والمواجهات بين القوات السورية المدعومة من روسيا والقوات التركية، وتزايد الاحتجاجات ضد الجولاني ومليشياته.

تثير هذه التوترات قلقًا كبيرًا في تركيا بسبب الوجود الكبير لمسلحين من جنسيات مختلفة في إدلب، وهو ما يشكل تهديدًا أمنيًا لتركيا ويعرقل الحل النهائي للأزمة السورية.

ورغم التوقعات المختلفة حول مستقبل المصالحة السورية-التركية، يبدو أن التاريخ قد يعيد نفسه حيث يظل الأكراد أداة في أيدي القوى الإقليمية والدولية التي تعرقل جهود الاستقلال، مثلما حدث مع محاولة مسعود البرزاني لإجراء استفتاء استقلال كردستان العراق في سبتمبر 2017.

السياسة التركية تجاه الأكراد شهدت تغييرات عدة، حيث سعت أنقرة في بدايات “الربيع العربي” إلى الحوار مع صالح مسلم، الرئيس المشترك للاتحاد الديمقراطي الكردستاني، ولكنها عادت لاحقًا إلى موقفها التقليدي المتشدد ضد الأكراد، مما دفعهم إلى التحالف مع الولايات المتحدة، وهو ما تسبب في مشاكل كبيرة لتركيا وسوريا والمنطقة ككل.

رأي اليوم

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...