الشرق الأوسط في سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية

23-01-2008

الشرق الأوسط في سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية

الجمل: تهتم الصحافة الإسرائيلية كثيراً بمجريات الانتخابات الرئاسية الأمريكية، بينما تهتم مراكز دراسات اللوبي الإسرائيلي بقدر أكبر، ومن أبرز ملامح الاهتمام الإسرائيلي نجد التركيز الدقيق في المفاضلة بين المرشحين لجهة أيهما أفضل لإسرائيل وعلى ما يبدو فقد حُسم أمر المفاضلة الإسرائيلية لتكون حصراً بين هيلاري كلينتون الديمقراطية وماكين الجمهوري.
* أهمية الانتخابات الرئاسية الأمريكية للشرق الأوسط:
في الوقت الذي يهتم فيه الرأي العام الشرق أوسطي بوقائع أزمات غزة ولبنان والعراق وإيران، فإنه وبشكل متزامن تدور في الولايات المتحدة أحداث ووقائع معركة لا تقل أهمية بالنسبة لسكان الشرق الأوسط عن أحداث منطقتهم وذلك لجملة من الأسباب أبرزها:
• طبيعة السياسة الخارجية الأمريكية التدخلية ودورها الكبير في صنع الأزمات في الشرق الأوسط.
• تأثير نتائج الانتخابات الرئاسية على الأداء السلوكي الإسرائيلي في المنطقة.
• تأثير التوجهات الأمريكية إزاء الشرق الأوسط على التوجهات الأوروبية الغربية إزاء المنطقة.
وتزداد أهمية الانتخابات الرئاسية الأمريكية كحدث قد يترتب عليه بالمقابل حدوث الكثير من التداعيات إزاء موازين القوى الشرق أوسطية على الصعيدين المحلي والإقليمي. أما الإدراك العربي الرسمي والشعبي إزاء الانتخابات الأمريكية فما زال يتسم بالسطحية. وحتى الآن لم يتابع الإعلام العربي وقائع الانتخابات الأمريكية إلا فيما يتعلق بالجوانب الإخبارية التي تكتفي بمجرد التوصيف دون النفاذ إلى العمق علماً بأن تبني موقف واضح إزاء المرشحين وتوجهاتهم يمكن أن يلعب دوراً مؤثراً في هذه الانتخابات، فبالأمس صرح أردوغان رئيس الوزراء التركي محذراً المرشح الرئاسي الأمريكي باراك أوباما من مغبة التمادي في الوقوف إلى جانب ملف المذبحة الأرمنية على أساس اعتبارات أن هذا الملف سيؤدي إلى الإضرار بالعلاقات التركية – الأمريكية، هذا وبرغم إعلان معظم المرشحين الأمريكيين عن دعمهم اللامحدود لإسرائيل -باستثناء المرشح الرئاسي الجمهوري رون بول الذي حمل إسرائيل واللوبي الإسرائيلي المسؤولية عن كارثة السياسة الخارجية الأمريكية إزاء الشرق الأوسط- فإنه لم يدل أي طرف عربي رسمي أو شعبي أي تعليق أو وجهة نظر تؤيد وجهة نظر المرشح رون بول، ولما كانت مشاكل السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط هي المحور الأكثر أهمية في التأثير على توازنات المنافسة في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، فإن وجهة النظر العربية سوف يكون لها أهمية كبيرة لجهة:
• تنوير الرأي العام الأمريكي بوجهة النظر العربية إزاء الانتخابات الأمريكية.
• تعزيز موقف المرشحين غير المتحمسين لإسرائيل.
• ردع المرشحين الموالين لإسرائيل.
• إفهام الرأي العام الأمريكي بأن المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط سوف تتعرض لمخاطر أكبر وأكثر إذا استمرت توجهات السياسة الخارجية الأمريكية على ما هي عليه.
* خيار إسرائيل – اللوبي الإسرائيلي: إشكالية المفاضلة بين هيلاري كلينتون وماكين:
قبل بدء المراحل التمهيدية، وتحديداً حتى نهاية كانون الأول 2007م الماضي، كانت إسرائيل واللوبي الإسرائيلي ترميان بكل ثقلهما وراء المرشح الرئاسي الجمهوري رود غولياني. وقد لعب معارضو الإدارة الأمريكية الحالية دوراً كبيراً في إحراق أوراق رود غولياني، وعلى خلفية الانتقادات المتزايدة للوجود الأمريكي في العراق ولتأثير اللوبي الإسرائيلي ودوره الكبير في الإخلال بتوازنات السياسة الخارجية الأمريكية إزاء الشرق الأوسط، فقد أدرك الرأي العام الأمريكي تماماً بأن تحمس رود غولياني المفرط لإسرائيل سوف يؤدي إلى تصعيد مأزق السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط، خاصة وأن شخصية غولياني تجمع بين مواصفات ديك تشيني وجون بولتون. وقد خرج غولياني وأصبح خارج دائرة التنافس الانتخابي بعد مرور أول أسبوعين، الأمر الذي يؤكد مدى أهمية العامل الشرق أوسطي في توجيه خيارات وأفضليات الناخبين الأمريكيين في هذه الانتخابات.
هذا، وما يؤكد على ذلك أن كل الانتقادات التي كانت توجه ضد رود غولياني كانت حصراً تتعلق بمدى تطرفه في المطالبة بدعم إسرائيل والتمادي في تصعيد توجهات إدارة بوش والتركيز على الوسائل العسكرية في تطبيق إستراتيجية الضربة الاستباقية.
المفاضلة التي يقوم بها الإسرائيليون واللوبي الإسرائيلي تعتمد جانبين:
• استطلاع الرأي العام الإسرائيلي واليهود الأمريكيين بشكل دوري.
• رصد مواقف المرشحين الأمريكيين إزاء القضايا الآتية:
* دعم إسرائيل.
* الحرب ضد الإرهاب.
* الاستمرار في احتلال العراق وأفغانستان.
* الموقف من إيران.
* الضغوط الأمريكية ضد سوريا وحزب الله والفلسطينيين.
* التوجهات الأمريكية إزاء الدول العربية.
* الموقف إزاء أجندة محور تل أبيب - واشنطن.
* دعم اليهود الأمريكيين.
وذلك من أجل تنوير الرأي العام الإسرائيلي واليهودي الأمريكي بحقيقة موقف كل مرشح إزاء القضايا والملفات ذات الأهمية بالنسبة لإسرائيل واليهود الأمريكيين.
وتأسيساً على ذلك، فالمرشح الذي يقدم المزيد من المزايا لإسرائيل واليهود الأمريكيين يحصل بالمقابل على:
• الدعم الإعلامي المقدم بواسطة 90% من أجهزة الإعلام والصحافة الأمريكية.
• الدعم المالي بواسطة كيانات المجمع الصناعي – العسكري، وكبريات شركات النفط والمعلوماتية والمصارف التي يملكها ويسيطر عليها اليهود الأمريكيين.
• الحصول على أصوات اليهود الأمريكيين البالغ عددهم 5 مليون والحصول أيضاً على الجزء الأكبر من أتباع المسيحية الصهيونية الذين يبلغ عددهم في أمريكا حوالي 70 مليون.
* آخر التطورات:
منذ مطلع عام 2007م الماضي، ظلت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية تخصص صفحة كاملة للانتخابات الرئاسية الأمريكية، تحمل عنوان «العامل الإسرائيلي»، ويشرف على تحريرها الصحفي الإسرائيلي (اليهودي - الأمريكي) شموئيل روزنر، والذي يعتبر المحلل السياسي الأبرز والأكثر شهرة وقراءاً بين الإسرائيليين واليهود الأمريكيين. وقد نشر روزنر تقريراً حمل عنوان «هيلاري كلينتون في مواجهة ماكين: أيهما أفضل حقيقةً بالنسبة لإسرائيل؟».
• تقول استطلاعات الرأي بأن الإسرائيليين واليهود الأمريكيين الديمقراطيين والجمهوريين بأن:
* المرشح الجمهوري ماكين حصل على 7.12 نقطة.
* المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون حصلت على 6.62 نقطة.
• تقول التحليلات بأن دعم إسرائيل واللوبي الإسرائيلي داخل الحزب الجمهوري سوف يركز على تحويل الدعم من رود غولياني إلى ماكين لسد الطريق أمام صعود المرشح الجمهوري رون بول الذي ترفضه إسرائيل واللوبي الإسرائيلي بشدة. وحالياً تجتهد وسائل الإعلام المناصرة لإسرائيل واللوبي الإسرائيلي في وصف رون بول بـ "العداء للسامية". أما داخل الحزب الديمقراطي فقد أصبح الإسرائيليون واللوبي الإسرائيلي أكثر دعماً لهيلاري كلينتون بدلاً من المرشح باراك أوباما الذي بدأت الصحافة الموالية لإسرائيل تتعرض لفضائحه الجنسية.
عموماً، تتميز خارطة الانتخابات الرئاسية الأمريكية هذه المرة بتعقيداتها الشديدة، فداخل الحزب الجمهوري، وبرغم تقدم ماكين على بول، فإن التوقعات بحدوث المفاجآت ما تزال كبيرة لأن رون بول يتمتع بشعبية كبيرة في الولايات الكبيرة التي سوف تغطيها الحملة الانتخابية في المراحل اللاحقة، أما بالنسب للحزب الديمقراطي فإن المنافسة بين هيلاري كلينتون وباراك أوباما ما تزال متقاربة ومن الصعب تحديد من سيكون الفائز النهائي بترشيح الحزب الديمقراطي إلا عند دخول الحملة مراحلها النهائية. ما تزال رهانات العامل الإسرائيلي لم تتجاوز مرحلة الرهان الثنائي. بكلمات أخرى، في هذه المرحلة:
• يريد الإسرائيليون واللوبي الإسرائيلي أن يكون ماكين هو المرشح الجمهوري.
• يريد الإسرائيليون واللوبي الإسرائيلي أن تكون هيلاري كلينتون المرشحة الديمقراطية.
وإذا نجح هذا الرهان تكون إسرائيل واللوبي الإسرائيلي قد استطاعا التأمين مبكراً على وجود رئيس أمريكي يخدم المصالح الإسرائيلية وإن اختلفت الوسائل:
• سياسة الحزب الجمهوري في دعم إسرائيل تركز على الوسائل العسكرية والسياسية الخارجية الأمريكية التدخلية في الشرق الأوسط.
• سياسة الحزب الديمقراطي في دعم إسرائيل تركز على الوسائل الاقتصادية والسياسية الدبلوماسية وأسلوب تدخل السياسة الخارجية الأمريكية غير المباشر في الشرق الأوسط.
إذا استطاعت جهود الإسرائيليين واللوبي الإسرائيلي الخروج بسيناريو المنافسة النهائية بين ماكين وكلينتون فسوف يتم الانتقال إلى المرحلة الثانية التي سوف تتمثل في المفاضلة بين ماكين وكلينتون وبرغم أنه أمر سابق لأوانه فإن فرصة ماكين سوف تكون أكبر في الحصول على دعم ومساندة إسرائيل واللوبي الإسرائيلي على أساسا اعتبارات أن ماكين يؤيد استمرار الوجود العسكري الأمريكي في العراق أما هيلاري فقد أبدت تردداً كبيراً في التأكيد على ضرورة استمرار احتلال العراق على الأقل بالطريقة التي تتبعها حالياً إدارة بوش.

 


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...