ماهية ضغوط الإدارة الأمريكية على القيادة الإسرائيلية تجاه ملف السلام

18-06-2009

ماهية ضغوط الإدارة الأمريكية على القيادة الإسرائيلية تجاه ملف السلام

الجمل: شهدت العاصمة الأمريكية مؤخراً لقاء وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان مع وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، وبسبب التطورات والمستجدات الجارية فإن هذا اللقاء يحمل أكثر من دلالة ويطرح أكثر من تساؤل حول ما هو جديد السياسة الخارجية إزاء تفاهمات خط دبلوماسية واشنطن - تل أبيب والتطورات الميدانية الشرق أوسطية التي أصبحت أكثر تعقيداً.
* ماذا تقول المعلومات؟
لقاء ليبرمان – كلينتون تم أول أمس ولم يحظ بالتغطية الإعلامية الكافية لا بواسطة الصحافة العالمية ولا حتى بواسطة الصحافتين الأمريكية والإسرائيلية، ولكن ما هو متوافر من معلومات حتى الآن يتمثل في النقاط الآتية:
• تفاهم الطرفان حول كيفية تحريك العملية الدبلوماسية الإسرائيلية – الفلسطينية.
• أكد ليبرمان على جاهزية واستعداد إسرائيل لبدء واستئناف المفاوضات المباشرة مع السلطة الفلسطينية.
• أكدت هيلاري كلينتون على قوة الروابط الإسرائيلية – الأمريكية وببقاء واستمرارية التزام أمريكا بحماية أمن إسرائيل كأحد المرتكزات الأساسية للسياسة الخارجية الأمريكية.
• شددت هيلاري كلينتون مطالبة الإدارة الأمريكية لإسرائيل بوقف بناء المستوطنات.
• أكد ليبرمان بأن إسرائيل لا تسعى من أجل تغيير التوازن الديمغرافي اليهودي – الفلسطيني في الضفة الغربية ولكن من الصعب إن لم يكن من المستحيل أن تسعى إسرائيل لوقف "النمو الطبيعي" للاستيطان.
إضافة لذلك، تقول بعض المعلومات الجديدة بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتينياهو سيغادر إلى أوروبا وسيتضمن جدول أعماله عقد لقاء في أحد البلدان الأوروبية مع المبعوث الأمريكي الخاص بالشرق الأوسط السيناتور جورج ميتشل وأضافت المعلومات بأن نتينياهو سيتفاهم مع ميتشل حول ضرورة أن تبدي واشنطن قدراً من المرونة ما يتيح لإسرائيل السماح بـ"النمو الطبيعي" للمستوطنات ولو حتى ضمن نطاق محدود.
* دبلوماسية تبادل الأدوار: ثنائية الأداء والهدف نفس الشيء؟
ذهب نتينياهو إلى واشنطن واختلف مع الإدارة الأمريكية والشيء ذاته حدث مع ليبرمان الذي اختلف مع الأوروبيين. الآن وبحسب المعلومات تحرك ليبرمان باتجاه أمريكا وسيتحرك نتينياهو وذلك وكما هو واضح ضمن عملية يمكن وضعها تحت التحليل بما يتيح لنا تفهم أداء الدبلوماسية الإسرائيلية الجديدة على النحو الآتي:
• تغيير الوجوه والشخصيات على أمل أن يؤدي ذلك إلى دفع الأطراف الأخرى لتغيير مواقفها.
• تغيير نمط الخطاب السياسي الدبلوماسي مع ضرورة الإبقاء على الهدف ذاته.
• اعتماد الحركة المكثفة لتثبيت تركيز الطرف الآخر.
• الاستخدام المتزامن لاستراتيجية دبلوماسية الخطوط الخارجية لتحقيق الاقتراب غير المباشر ودبلوماسية الخطوط الداخلية لجهة الاقتراب المباشر.
وبإسقاط هذه النقاط على الأداء السلوكي لدبلوماسية السياسة الخارجية الإسرائيلية نلاحظ أن ليبرمان قد طالب وزيرة الخارجية الأمريكية بالشيء ذاته الذي طالب به نتينياهو الرئيس الأمريكي أوباما وبرغم عدم موافقة الأخير فإن ليبرمان سعى ليعيد الكرة مرة أخرى، والشيء ذاته بالنسبة للمسرح الأوروبي الذي سيذهب إليه نتينياهو ليطالب الأوروبيين بما سبق أن طالبهم به ليبرمان ورفضوه.
* الضغوط الأمريكية الجديدة: إلى أين؟
يوجد نوعان من الضغوط، "الضغوط الاتصالية" التي تتم بواسطة الاتصالات الدبلوماسية والتصريحات الإعلامية وما شابه ذلك، و"الضغوط المادية" وتتم عن طريق العقوبات والوسائل العسكرية والاقتصادية وما شابه ذلك.
حتى الآن لا توجد مؤشرات لاستخدام واشنطن لأي ضغوط مادية مرتفعة أو منخفضة الشدة ضد إسرائيل ولكن ما هو واضح يتمثل في أن واشنطن قد بدأت القيام بـ"الضغوط الاتصالية" من أجل دفع الحكومة الإسرائيلية الجديدة للتراجع عن تشددها وتقديم التنازلات لجهة إنجاح مساعي عملية السلام مع الفلسطينيين هذا ويمكن الإشارة إلى الضغوط التي حدثت حتى الآن على النحو الآتي:
• المرحلة الأولى: تضمنت تبادل التصريحات التي تعكس مواقف أمريكية – إسرائيلية متعاكسة إزاء ملف سلام الشرق الأوسط.
• المرحلة الثانية: عقد اللقاءات مع المسؤولين الإسرائيليين والرفض الصريح العلني لتوجهات سياسة الحكومة الإسرائيلية الجديدة إزاء السلام مع الفلسطينيين.
• المرحلة الثالثة: إضافة المزيد من الضغوط الجديدة وتقول المعلومات الصادرة اليوم بأن الإدارة الأمريكية قد طالبت الحكومة الإسرائيلية الجديدة بضرورة إنهاء حصار غزة.
أشارت التسريبات إلى أن الإدارة الأمريكية قد أبلغت على لسان مبعوث السلام الأمريكي الخاص جورج ميتشل الإسرائيليين بضرورة إنهاء حصار غزة وعدم الربط بين رفع الحصار وإطلاق سراح الجندي جيلعاد شاليط المحتجز لدى حركة حماس.
تقول التقارير والتسريبات أن الإدارة الأمريكية أرسلت مؤخراً مذكرة دبلوماسية إلى تل أبيب أعلنت فيها عن رفضها لـ"سياسة غزة" التي تقوم بتطبيقها الحكومة الإسرائيلية وأشارت التسريبات إلى أن المذكرة الدبلوماسية الأمريكية طالبت إسرائيل بالقيام بالآتي:
• السماح بتمرير الغذاء والدواء للقطاع.
• السماح بتحويل الأموال للبنوك في القطاع.
• تمديد نظام فتح المعابر الحدودية.
• السماح بحركة الصادرات والواردات بما يتيح تحريك اقتصاد القطاع.
• السماح بتمرير مواد البناء للقطاع.
هذا، وأكدت المعلومات أن المذكرة الدبلوماسية الأمريكية سلمتها الإدارة الأمريكية للأطراف الرئيسية الإسرائيلية الآتية:
• مكتب رئيس الوزراء نتينياهو.
• مكتب وزير الخارجية ليبرمان.
• مكتب وزير الدفاع باراك.
وتقول المعلومات والتقارير أن المسؤولين الأمريكيين نقلوا للمسؤولين الإسرائيليين عدم رضا الإدارة الأمريكية تجاه سياسة إسرائيل إزاء القطاع وأكدوا لهم أن استمرار هذه السياسة سوف لن يسمح في تحقيق التقدم في عملية السلام فحسب، وإنما سيشكل عائقاً أمام الجهود الأمريكية.
وبرغم كل هذه التطورات فإن لعبة تبادل الدوار وتغيير الوجوه مع الإبقاء على الأهداف ذاتها والغايات المرفوضة مسبقاً هي لعبة ستظل تشكل هوية وأسلوب عمل الدبلوماسية الإسرائيلية مهما تغيرت الشخصيات الحكومية الإسرائيلية.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...