القذافي يشتري إيطاليا

30-08-2010

القذافي يشتري إيطاليا

الجمل: تداولت نشرات أخبار الفضائيات مساء الأمس الأحد 29 آب (أغسطس) 2010 مشاهد فعاليات وصول طائرة الزعيم الليبي معمر القذافي في مطار سيامبينو القريب من العاصمة الإيطالية روما، حيث كان في استقباله وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني: فما هي حقيقة العلاقات الليبية-الإيطالية التي بدأت أكثر دفئاً وحرارة؟ وما الذي يور حقيقة على خلفية خط القذافي-برلسكوني؟
* فعاليات زيارة القذافي لإيطاليا: ماذا تقول المعلومات؟خارطة إيطالية
تشير التقارير إلى أن هذه رابع زيارة يقوم بها الزعيم الليبي معمر القذافي لإيطاليا، وتقول المعلومات بأن هذه الزيارة قد جاءت بمناسبة مرور عام على توقيع معاهدة الصداقة الليبية-الإيطالية، وهي الاتفاقية التي أثارت جدلاً كبيراً بسبب احتواءها على بند وافقت بموجبه إيطاليا الاعتذار عن الجرائم التي ارتكبها الإيطاليون خلال فترة الاستعمار الإيطالي لليبيا والتي امتدت من عام 1911 وحتى عام 1943، إضافة إلى دفع مبلغ 5 مليار دولار كتعويض عن الأضرار التي لحقت بليبيا والليبيين خلال هذه الحقبة الاستعمارية.
جاءت زيارات الزعيم الليبي معمر القذافي الأربعة لإيطاليا بشكل متعاقب خلال الفترة القصيرة التي أعقبت انتهاء أزمة العلاقات الليبية-الغربية على خلفية انتهاء مفاعيل أزمة تحطم طائرة لوكربي بقيام طرابلس بتسليم المتهمين، ودفع التعويضات، إضافة إلى إقرار طرابلس بالتخلي عن برنامج أسلحة الدمار الشامل، والقيام بإشراف القوى الدولية بتفكيك بنيات برامج أسلحة الدمار الشامل.
تشير المعطيات إلى أن مفاعيل العلاقات الليبية-الإيطالية قد أصبحت أكثر قوة لجهة الدفع باتجاه العديد من بنود جدول أعمال التعاون الليبي-الإيطالي، وفي هذا الخصوص نشير إلى مجالات التعاون الثنائي المشترك التي يسعى الزعيم الليبي معمر القذافي إلى إعطائها قوة دفع أكبر:
• ملف التعاون الاقتصادي: يعتبر الأكثر أهمية، وذلك لجهة قيام طرابلس بمنح رجال الأعمال الإيطاليين المزيد من التسهيلات والامتيازات ذات المزايا الاستثنائية، وحالياً، وبحسب المعطيات الجارية، فقد دخلت مئات الشركات الإيطالية إلى السوق الليبية.
• ملف التعاون السياسي: تسعى كل من القيادة الليبية والقيادة الإيطالية إلى الاستفادة من الطرف الآخر، فالقذافي يسعى إلى توظيف روما لكي تلعب داخل الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو دور «حصان طروادة الليبي»، وعلى هذه الخلفية، فقد لعبت إيطاليا دوراً كبيراً في تهدئة التوترات والإستهدافات الغربية والأمريكية ضد ليبيا، إضافة إلى نجاح إيطاليا في إفشال كل محاولات الاتحاد الأوروبي الشهيد الليبي عمر المختارلجهة التشدد في التعامل مع ليبيا. أما بالنسبة للزعيم الإيطالي برلسكوني، فقد سعى إلى توظيف طرابلس لكي تقوم بدور «شريان الحياة الإيطالي»، وعلى هذه الخلفية، فقد لعبت ليبيا دوراً كبيراً في إنقاذ الزعيم برلسكوني وحكومته، ونشير في هذا الخصوص إلى أن ضغوط فضائح برلسكوني المتلاحقة قد خففت منها مفاعيل السيناريو الذي رتبه الزعيم القذافي عندما وجه الدعوة لبرلسكوني ليكون ضيف الشرف الرئيسي في قمة الاتحاد الأفريقي التي حضرها أكثر من 54 رئيساً، الأمر الذي أدى إلى تعزيز كاريزما برلسكوني وقوته الرمزية الناعمة في أوساط الرأي العام الإيطالي، وبالنسبة لضغوط الأزمة المالية، فقد أدى حصول الشركات الإيطالية إلى مزيد من المزايا الاستثمارية في ليبيا إلى ارتفاع أسهم الشركات الإيطالية مقارنة بانخفاض أسهم الشركات الأوروبية الأخرى، وقد جلب ذلك لبرلسكوني المزيد من رضا رجال الأعمال الإيطاليين وعلى وجه الخصوص الذين ساعدتهم الاستثمارات الليبية من الإفلات من شبح كارثة الإفلاس والانهيارات المالية التي ظلت تضرب الأسواق المالية والبورصات الأوروبية والأمريكية.
* ملف العلاقات الليبية-الإيطالية: المعطيات وخلفيات ما وراء الكواليس
تعتبر العلاقات الليبية-الإيطالية من أبرز وأقدم العلاقات المتوسطية، وفي هذا الخصوص نشير إلى المحطات الآتية:
- شهدت مناطق الساحل الليبي المزيد من التفاعلات الرومانية-الفينيقية، فقد كانت ليبيا في الماضي الغابر بلداً فينيقياً صرفاً.
- على خلفية الصراع الأوروبي-العثماني، فقد سعت القوات الإيطالية في عام 1911 إلى احتلال ليبيا وإنهاء الحكم العثماني فيها.
- خلال فعاليات الحرب العالمية الأولى قاوم الليبيون بقيادة الأسرة السنوسية الحكم الاستعماري الإيطالي، ثم أعقب ذلك موجة مقاومة ليبية ضارية بقيادة الزعيم عمر المختار للحكم الاستعماري الإيطالي، الأمر الذي أدى إلى جعل الإيطاليين لا يسيطرون سوى على الشريط الساحلي الليبي.
- أدت هزيمة إيطاليا الفاشية في الحرب العالمية الثانية إلى استيلاء الحلفاء على ليبيا في عام 1943، وبالفعل فقد تم تقسيم ليبيا بين فرنسا وبريطانيا.
- نالت ليبيا الاستقلال تحت حكم الملك إدريس السنوسي في عام 1956والذي استمر في السلطة حتى أطاح به الضابط معمر القذافي في 1 أيلول (سبتمبر) 1969م، والذي بدأ ناصرياً في توجهاته، ثم تحول بعد ذلك إلى تأسيس مذهبيته الثورية الخاصة به والتي حملت اسم الطريق الثالث، وضمها في ما أطلق عليه تسمية الـ(كتاب الأخضر).
بسبب الروابط الوثيقة التي ظلت تجمع طرابلس مع موسكو خلال فترة الاتحاد السوفييتي السابق، فقد أصبحت ليبيا هدفاً للدول الغربية، وعلى وجه الخصوص الولايات المتحدة خلال فترة انتهاء الحرب الباردة.
بعد انتهاء مفاعيل أزمة العلاقات الليبية-الأوروبية، والعلاقات الليبية-الأمريكية، اتجه الزعيم معمر القذافي بكل ثقله باتجاه روما وفرنسا، وكان يمكن أن يكون لفرنسا نصيب كبير في ليبيا، ولكن السيناريو الذي نفذه الرئيس الفرنسي ساركوزي في مقلب ملف الممرضات البلغاريات دفع طرابلس إلى تركيز معاملاتها مع روما، وحرمان باريس من أي مزايا استثمارية في السوق الليبي.
تقول المعلومات والتقارير، بأن العلاقات الثنائية الليبية-الإيطالية قد وصلت إلى المستويات الآتية:رئيس الوزراء الإيطالي برلسكوني
• نجاح إيطاليا في تأمين مصادر الطاقة النفطية، وحالياً تشتري إيطاليا وحدها 25% من إجمالي صادرات النفط الليبي و33% من إجمالي صادرات الغاز الطبيعي.
• نفذت ليبيا مع إيطاليا واحدة من أكبر عمليات الرقابة البحرية لجهة الحد من دخول المهاجرين غير الشرعيين إلى إيطاليا.
• سعى الزعيم معمر القذافي إلى دفع الأموال الطائلة لمساعدة إيطاليا في أزمة تغطية خسائر زلزال مدينة  لاكويلا الإيطالية، والذي أدى إلى تعزيز شعبية الزعيم القذافي في أوساط الرأي العام الإيطالي.
• سعى الزعيم القذافي إلى إنعاش المصارف الإيطالية بتدفقات رأس المال غير المباشرة الليبية، وعلى وجه الخصوص إيرادات عائدات بيع النفط والغاز الليبي.
• سعى الزعيم القذافي إلى إنعاش المنشآت الإيطالية بتدفقات رأس المال المباشرة وغير المباشرة وعلى وجه الخصوص القيام بعمليات الشراء المكثفة لأسهم الشركات الإيطالية.
تشير الأرقام والإحصائيات والمعلومات إلى أن رأس المال الليبي قد نجح في تحقيق اختراق هائل في السوق الإيطالية، وحالياً، وبحسب نشرات أسواق المال والبورصات الإيطالية والأوروبية والعالمية، فقد استطاعت استثمارات رأس المال المباشر وغير المباشر الليبية في السوق الإيطالية إحداث المزيد من التغلغل والاختراقات المتزايدة في معظم الشركات ومنشآت الأعمال الإيطالية الكبرى، ويمكن الإشارة إلى ذلك على النحو الآتي:
• مجموعة يونيكربديت المصرفية الإيطالية: يمتلك رأس المال الليبي حوالي 2.1% من رأس مال المجموعة.
• مصرف ميديوبانكا الإيطالي: تم تخصيص شراكة بين المصرف ورأس المال الليبي لجهة إقامة صندوق استثماري بمساهمة مشتركة بمبلغ نصف مليار دولار (500 مليون دولار أمريكي).
• شركة إينيل: وهي شركة إيطالية معنية بشئون الطاقة تقول المعلومات بأن رأس المال الليبي سوف يشتري 30% من أصولها لجهة القيام بتخصيصها للعمل في مجال الطاقة النظيفة والمتجددة من المصادر الطبيعية.
• شركة تيليكوم إيطاليا: وهي شركة معنية بشؤون الاتصالات وناشطة في أسواق الاتصالات الأوروبية، وترتبط بشراكة مع معظم شركات الاتصالات الأوروبية، وعلى وجه الخصوص شركة تيليفونيكا الإسبانية، وتقول المعلومات بأن حصة ليبيا في هذه الشركة سوف تكون في حدود 14.8% عبر شركة ريتيليت الإيطالية المملوكة لرأس المال الليبي.
• شركة إمبريقيلو الإيطالية: هي إحدى شركات المباني الإيطالية الكبرى، وتقول المعلومات، بأن حصة ليبيا في هذه الشركة ما تزال غير معروفة.الرئيس الليبي معمر القذافي
• شركة فيات: وهي شركة ناشطة في مجال صناعة السيارات، وتعتبر من بين كبريات الشركات العالمية، وفي عام 1977 تعرضت شركة فيات لأزمة مالية خانقة، الأمر الذي أتاح الفرصة لليبيا التي تحركت وقامت حينها بشراء حصة تعادل 15% من رأسمال الشركة، وقد أدت هذه العملية إلى احتجاجات واسعة في أوساط اليمين الإيطالي. وخلال فترة العقوبات الدولية ضد ليبيا، سعت ليبيا إلى بيع بعض أسهمها من الشركة، وذلك خوفاً من خطر المصادرة.
• شركة سوكير الإيطالية: وهي الشركة المالكة لنادي جوفتوس الإيطالي الشهير الذي فاز ببطولة كأس الأندية الأوروبية عدة مرات، وظل لفترة طويلة يتربع على عرش الكرة الإيطالية، وتقول المعلومات بأن رأس المال الليبي يملك حصة تبلغ حوالي 7.5% من رأسمال شركة سوكير المالكة لنادي جوفنتوس.
• شركة تيكيستيليس الإيطالية: تختص بمجال النسيج، ويملك رأس المال الليبي 21.75 من رأسمال الشركة.
• شركة فينميكسانبكا: تختص بمال تكنولوجيا الدفاع والفضاء، وتقول المعلومات بأن رأس المال الليبي سوف يدخل في شراكة مع هذه الشركة بنسبة 50% لجهة القيام ببعض الشركات الاستثمارية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
• أسيكيوراتريوني سينترالي: تختص بمجال التأمينات العامة، وتقول المعلومات بأن رأس المال الليبي له حصة لم يعلَن عنها بعد، ولكن تقول التقديرات بأنها سوف تبلغ حوالي 29% من رأسمال الشركة.
على هذه الخلفية نلاحظ أن دخول رأس المال الليبي إلى السوق الإيطالية عبر تدفقات رأس المال الاستثمارية المباشرة وغير المباشرة، سوف ينعكس بقدر كبير ليس على طبيعة العلاقات الليبية-الإيطالية وحسب وإنما على طبيعة العلاقات العربية-الأوروبية، طالما أن السياسة –على الأقل بالنسبة للأوروبيين- تبدأ بالاقتصاد وتنتهي بالاقتصاد. وفي هذا الخصوص تجدر الإشارة إلى أن دخول رأس المال الليبي في السوق الإيطالية هو دخول لم يتم بشكل مكشوف الظهر على غرار دخول رؤوس الأموال العربية الأخرى في الأسواق الأمريكية والأوروبية الغربية، وذلك لأن كل الشركات التي دخل رأس المال الليبي فيها تم إدخالها بالضرورة في السوق الليبية، وبالتالي لا خوف من مخاطر المصادرة أو التجميد، وبكلمات أخرى، إذا تعرضت الاستثمارات الليبية في إيطاليا إلى المخاطر، فإن الاستثمارات الإيطالية في ليبيا سوف تتعرض بالضرورة للمخاطر.
 

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...