المقاومة تضرب في تل أبيب مجدّداً

07-05-2022

المقاومة تضرب في تل أبيب مجدّداً

لم تكد تمرّ ساعات على وقوع الاقتحام الإسرائيلي للمسجد الأقصى في ذكرى ما يُسمّى «الاستقلال»، حتى جاء الردّ في منطقة إلعاد شرقيّ تل أبيب، حيث نفّذ مقاومان فلسطينيان عملية فدائية أدت إلى مقتل أربعة إسرائيليين وإصابة أربعة آخرين بجروح خطيرة. عملية تُظهر نجاعة رهان المقاومة على جهود القدس والضفة والداخل المحتلّ في مواجهة مخطّط الاحتلال الهادف إلى تقسيم المسجد زمانياً ومكانياً، وهو ما ظهر بوضوح في تبنّي حركة «حماس» للعملية، واعتبارها إيّاها تطبيقاً عملياً لما حذّرت منه فصائل غزة من أن «الأقصى خطّ أحمر». وإذ يبدو واضحاً أن المقاومة لا تستعجل الحرب في القطاع، فهي تعتبر أن أيّ ردّ على ما يجري في القدس لا ينبغي أن يكون «تقليدياً وانفعالياً، بل منسجماً مع سياق الهَبّة الفلسطينية المستمرّة»

في ظلّ تَواصل تهديدات المقاومة الفلسطينية بتفجير الأوضاع في وجه العدو، شهد المسجد الأقصى في مدينة القدس المحتلّة عملية اقتحام «مقنّنة» من قِبَل المستوطنين، خلت من الاستفزازات، في ذكرى ما يُسمّى «الاستقلال»، كنوع من حفظ ماء الوجه. وبحسب خطيب المسجد، الشيخ عكرمة صبري، فإن المصلّين والمرابطين أفشلوا اقتحام المستوطنين لباحات المسجد، ورفع الأعلام الإسرائيلية و«ذبح القرابين» داخله، ليُجبَر هؤلاء على تغيير مسار العملية واختصارها، فيما واصل الفلسطينيون صلواتهم حتى نهايتها. من جهته، أكد مصدر قيادي في حركة «حماس»، أن «الفلسطينيين في هذه المرحلة استطاعوا فرض معادلة جديدة على الاحتلال تتعلّق بالأقصى، ومنعوا العدو من القيام بخطوات جديدة تجاه المسجد ضمن مخطّط تقسيمه زمانياً ومكانياً»، مضيفاً أن «هذا الحال سيستمرّ حتى يمنع العدو مستوطنيه من اقتحام الأقصى». وتعتمد المقاومة، بشكل أساسي، على جهود المقاومين الفلسطينيين من سكّان القدس والضفة الغربية والأراضي المحتلّة عام 1948، في ما يخص الرباط في الأقصى والدفاع عنه. وعلى رغم أن فصائل غزة مستعدّة للدخول في معركة مع العدو، وهي تتحضّر لها وتتوقّعها باستمرار، إلّا أنه يبدو أن القرار لدى قيادات المقاومة حتى الآن، هو منح الجماهير الفلسطينية فرصة لعب دور أساسي في الدفاع عن المقدّسات، وتحريك الشارع ضدّ الاحتلال، باعتبار ذلك فرصة لإيقاع الضرر الأكبر في المنظومة الأمنية الإسرائيلية، وربّما أكثر ممّا تُوقعه صواريخ قطاع غزة. لكن «فرصة» الجماهير هذه، ليست متاحة لوقت طويل، إذ تؤكّد مصادر «حماس» أن «ما حدث أمس في المسجد الأقصى لن يمرّ من دون ردّ رادع، إلا أن الردّ لن يكون تقليدياً وانفعالياً، إنّما بما يتناسب مع السياق الأكبر لثورة الشعب الفلسطيني المستمرّة بشكل خاصّ منذ معركة سيف القدس في أيار الفائت».

وصباح أمس، أصيب العشرات من المرابطين داخل المسجد، جرّاء إطلاق قوات الاحتلال قنابل الغاز والرصاص المطّاطي تجاههم، أثناء محاولتها اقتحام المصلّى القبلي. ومنذ ساعات الصباح، بدأت مجموعات متتالية من المستوطنين اقتحام الأقصى، بعد سماح الحكومة الإسرائيلية لها بذلك مجدّداً، إثر منع استمرّ 15 يوماً بسبب العشر الأواخر من شهر رمضان وعيد الفطر. وعلى خلفية ذلك، حذّرت حركة «حماس»، التي بعثت برسائل تهديد إلى الوسطاء خلال الأيام الماضية، من أن اقتحام المستوطنين الأقصى بحماية جنود الاحتلال يُعدّ «تصعيداً خطيراً واستفزازاً مباشراً ينذر بانفجار شامل للأوضاع»، مؤكدةً أن «محاولات التقسيم الزماني والمكاني، وفرض سياسة الأمر الواقع الاحتلالية، ستَفشل على أيدي المرابطين الذين يدافعون عن قِبلة المسلمين الأولى نيابةً عن الأمة العربية والإسلامية». من جهته، شدّد رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، على أن ما جرى في الأقصى «يؤكد أن المعركة ليست مرهونة بحدث، بل هي مفتوحة وممتدّة زمانياً ومكانياً على أرض فلسطين»، وأن «لكلّ واقعة أدواتها ووسائلها التي نستخدمها لصدّ العدوان وحماية الهوية»، مضيفاً أن «هدفنا الراهن هو إفشال التقسيم الزماني والمكاني». ورأت حركة «الجهاد الإسلامي»، بدورها، أن تكرار الاقتحامات الإسرائيلية للمسجد يأتي في سياق استكمال مخطّط التقسيم، عادّة تلك «الاعتداءات المتكرّرة استهانة بالأمّة العربية والإسلامية وبكلّ رموزها». وتبدو «سرايا القدس» (الجناح العسكري للجهاد) أكثر «توثّباً» للتصعيد مع العدو انطلاقاً من غزة، إلّا أنها رغم ذلك، لا تخرج عن التنسيق مع الفصائل الأخرى، وعلى رأسها «كتائب القسام» (الجناح العسكري لحماس)، بل هي ملتزمة بما تقرّره غرفة العمليات المشتركة التي تتولّى اتخاذ القرارات العسكرية الكبرى.


من ناحيتها، دانت الخارجية الفلسطينية قرار رئيس وزراء الاحتلال، نفتالي بينيت، السماح للمستوطنين باقتحام الأقصى، واعتبرته «تحدّياً سافراً للمجتمع الدولي وللعالمَين العربي والإسلامي»، و«تجاهلاً لجميع الدعوات إلى تمديد فترة التهدئة إلى ما بعد شهر رمضان والأعياد». كما عدّته «تحدّياً للوضع التاريخي القانوني القائم، بهدف فرض واقع جديد فيه تقاسم زماني للأقصى وباحاته حتى الآن»، «وإعلاناً رسمياً بالحرب الدينية التي ستشعل المنطقة برمّتها». وفي الإطار نفسه، طالبت وزارة الخارجية الأردنية، سلطات الاحتلال، بـ«الكفّ عن جميع الانتهاكات بحق الأقصى، واحترام حرمته، ووقف جميع الإجراءات التي تستهدف تغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم، واحترام سلطة إدارة أوقاف القدس».

الأخبار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...