برقية دمشق ترسم خيوط المؤامرة

06-03-2012

برقية دمشق ترسم خيوط المؤامرة

الجمل- ترجمة رندة القاسم: في تشرين الأول عام 2006 كتب المحلل السياسي مهدي داريوسِ ناظمروايا  بالتفصيل عن خطة الولايات المتحدة الأميركية في الشرق الأوسط،  إذ قال :(قدمت عبارة "الشرق الأوسط الجديد" للعالم أول مرة في حزيران 2006 في تل أبيب على لسان وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس كبديل عن تعبير "الشرق الأوسط الكبير"  الأقدم و الأكثر وقارا).
قد يعتبر الإنسان العاقل الأمر نوعا من الفنتازيا الأميركية إلى أن يدرك بأن مؤلف خارطة العالم الجديد هو المقدم رالف بيتيرس الذي كتب واحدة من أكثر المقالات رعبا عام 1997 و جاء فيها:
(لن يكون هناك سلام. و في أية لحظة من حياتنا الباقية، ستوجد صراعات متعددة بأشكال متغيرة حول الكرة الأرضية. ستسيطر المعارك العنيفة على أخبار الصحف... و سيكون  الدور الفعلي للقوات المسلحة الأميركية  هو الاحتفاظ بالعالم آمنا لأجل اقتصادنا و مفتوحا لأجل هجومنا الثقافي.و لأجل هذه الأهداف، سنقوم بالقتل بقدر مناسب).
في ذاك الوقت، عين بيتيرس نائبا لرئيس الأركان للاستخبارات ، حيث كان مسؤولا عن "حرب المستقبل"، و نفذت خططه المتعلقة بالعراق بشكل جيد، إلا إذا كنت عراقيا.
بعد شهر من نشر مقالة ناظمروايا، كان ويليام روباك، مدير مكتب شؤون الشرق الأدنى في وزارة الخارجية الأميركية، يضع إستراتيجية نهاية العام لأجل سوريه من خلال أبحاثه في سفارة الولايات المتحدة في دمشق، حيث عمل بين عامي 2004 و 2007 حيث كان نائب رئيس البعثة الدبلوماسية.
و كان العنوان : (سلطة الجمهورية العربية السورية في نهاية 2006) و ورد: ( أنهت الجمهورية العربية السورية عام 2006 و هي أكثر قوة داخليا و دوليا عما كانت عليه عام 2005) و وصف الرئيس الأسد بأنه ( أضحى أكثر ثقة بالنفس) و  قال بأنه يشعر بأن هذا قد يؤدي إلى ( أخطاء و قرارات خاطئة ... ما سيوفر لنا فرصا جديدة.. و يمكن أن يتم الضغط بشكل ثنائي أو متعدد الجوانب على سوريه).و من الواضح أنه كان يملك المزيد من الخطط الطموحة فقال:
(هذه البرقية تلخص تقييمنا ل "نقاط الضعف"، و تفترض أنه ربما كان هناك نشاطات و تصريحات و إشارات يمكن لحكومة الولايات المتحدة إرسالها بحيث تزيد من إمكانية نشوء الفرص. هذه المقترحات بحاجة للتحول إلى أفعال حقيقية و يجب أن نستعد لانتهاز هكذا فرص).
و مع نهاية عام 2006 كتب روباك: (يبدو بشار أقوى مما كان عليه منذ سنتين. البلد مستقر اقتصاديا ... و القضايا الإقليمية تسير وفق الطريقة السورية. غير أن "نقاط الضعف" و القضايا المعلقة قد توفر فرصا لزيادة الضغط على بشار ... و يمكن استغلال الأمور المتعلقة ب"نقاط الضعف" (و التي تضم التعقيدات مع لبنان) للضغط على الحكومة. فالأعمال التي تسبب خسارة بشار لتوازنه و زيادة تقلقله هي لصالحنا. لا يمكن التنبؤ بأخطاء الرئيس و بذا تتغير الفوائد إذا كنا مستعدين للتحرك بسرعة و انتهاز الفرص....)
فإحدى نقاط الضعف تكمن حسب روباك في( حماية بشار الأسد لكرامة سوريه و السمعة الدولية، فمن الواضح أن الكرامة و الحماية مفاهيم صادمة).
و يمكن استغلال "نقاط الضعف" في ضوء المحكمة المقترحة للتحقيق باغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق حريري(14 شباط 2005) مع صديقه وزير الاقتصاد السابق باسل فليحان و عشرين من زملائه و حراسه الشخصيين في انفجار ضخم استهدف موكبه. و دون براهين أشير بأصابع الاتهام إلى إسرائيل و سوريه و حزب الله و الكثيرين على أساس أنهم يقفون وراء مأساة جديدة في الشرق الأوسط. غير أن روباك اعتبر الأمر فرصة لاستغلال هذه الهيستيريا دون انتظار المحكمة.
و ظهرت فكرة أخرى متعلقة ب "نقاط الضعف"، ألا و هي التحالف بين سوريه و إيران، إذ (يمكن اتخاذ إجراءات باللعب على خوف السنة من التأثير الإيراني، و على الرغم من المبالغة الدائمة بهذا الأمر إلا أنه وجد ليتم استغلاله) و كتب روباك:
(يوجد بعثات تبشيرية دينية  مصرية و سعودية تقوم بمنح المزيد من الاهتمام للموضوع و يجب أن نتعاون بشكل أكبر مع حكوماتها لأجل دعاية و تركيز إقليمي أفضل على هذه القضية. و يجب أن يعمل القادة السنة المعنيون على هذا الأمر بحيث يسود النموذج العراقي (فرق تسد) على مستوى أوسع).
و بالتأكيد يجب أن تركز إستراتيجية "فرق" على الأسرة الأولى و الدائرة التشريعية، (مع قوانين مستهدفة تقوم باستغلال التصدعات و تجعل الحلقة الداخلية أضعف عوضا عن تقريب أفرادها من بعضهم البعض.و الشعب يجب أن يكون عرضة للمذكرين الدائمين بالفساد و يجب أن نبحث عن طرق التذكير).
و الموضوع الآخر القابل للاستغلال هو خدام، فعبد الحليم خدام كان نائب الرئيس ما بين عامي 1984 و 2005، و رئيس فعلي في عام 2000 خلال الفترة السابقة لتسلم بشار السد الحكم بعد موت أبيه.و إضافة إلى  طموحاته بالرئاسة، كان هناك خلاف حاد بين الخدام و الأسد بعد مقتل الحريري، فاتهام خدام بالخيانة العظمى كان ساري المفعول.و كتب روباك:
(يتبع كل خبر متعلق بخدام تشويق عاطفي هائل. و علينا الاستمرار بتشجيع السعوديين و الآخرين للسماح بظهور خدام على وسائل إعلامهم.  و تزويده بالمسرح لنشر غسيل الجمهورية العربية السورية القذر).و النتيجة ستكون (ردة فعل من قبل الحكومة تضيف إلى عزلتها و ابتعادها عن جيرانها العرب).
و في الرابع عشر من كانون الثاني 2006 ألف خدام حكومة في المنفى، و توقع نهاية حكومة الأسد مع نهاية العام. و يعتبر الآن قائد معارضة ، و أعلنت قناة 2TV الإسرائيلية حصوله على نقود من الولايات المتحدة و الإمارات المتحدة للمساعدة بإسقاط الحكومة السورية.
و تتضمن خطة روباك المبدعة (تشجيع الإشاعات و الإشارات المتعلقة بتآمر خارجي. و لهذا يجب أن يشجع حلفاء إقليميون مثل مصر و السعودية للقاء شخصيات مثل خدام و رفعت الأسد، مع تسريبات مناسبة للقاءات فيما بعد. و هذا سيزيد من احتمال ردة الفعل المبالغ بها للدفاع عن النفس).
و إليكم سببا جديا للاهتمام بإسقاط النظام : (بشار يستمر بكشف النقاب عن تدفق ثابت لمبادرات الإصلاح و هو يؤمن بأن هذا هو  ارثه لسوريه. و هذه الخطوات أعادت المغتربين السوريين للاستثمار.. و ازداد الانفتاح) .و الحل؟ (العثور على طرق للتشكيك علنا بجهود بشار الإصلاحية) و بالطبع أضحى من الواضح كيف تم إضعافها.
و الأكثر من ذلك،(سورية تتمتع  باستثمارات أجنبية مباشرة) و لذا ، يجب (إعاقة) الاستثمارات الأجنبية.
و في أيار 2006  يشتكي روباك من تذمر الاستخبارات العسكرية السورية مما (يظنون أنه جهود أميركية لتوفير تدريب عسكري و عتاد لأكراد سوريه). مرة ثانية النموذج العراقي. و الجواب كان لأجل (إلقاء الضوء على شكاوي الأكراد). غير أن هذا الأمر بحاجة (للمعالجة بحذر، إذا أن منح نوع خاطئ من الاهتمام بقضية الأكراد في سوريه، قد يعوق جهودنا.. )
و في المحصلة ما تقوله هذه الوثيقة المخجلة المتفاخرة:( السبب الحقيقي هو أن بشار يدخل السنة الجديدة  في وضع أقوى عما كان عليه منذ عدة سنوات، ما يعني أنه علينا البحث عن نقاط الضعف، و إذا كنا مستعدين للاستفادة من الأمر فإنه سيمنحنا الفرص لتعطيله عن اتخاذ القرار و إفقاده توازنه و جعله يدفع ثمن أخطائه).
تم إعطاء نسخ من هذه الرسالة إلى البيت الأبيض، و وزارة الخارجية الأميركية، وزارة المالية الأميركية ، البعثة الأميركية في الأمم المتحدة، مجلس الأمن القومي الأميركي، القيادة المركزية الأميركية و الجامعة العربية و الدول الأوربية .
السفارة الأميركية الوحيدة التي حصلت على نسخة هي التي في تل أبيت حيث عمل روباك بين عامي 2000 و 2003 و شجع على غزو العراق، و نجا بصعوبة من الاغتيال، فربما كان هناك من اعتقد بأنه يجب الحذر منه.
عام 2009، كان روباك ممثل المجلس السياسي في بغداد (يقود الجهود لدعم الانتخابات العراقية الحرجة في 2009)، الانتخابات (العادلة و الديمقراطية) حيث هدد الناس بموت أولادهم إن لم يصوتوا بالطريقة (الصحيحة).
برقية دمشق ظهرت بواسطة ويكيليكس وقد طالب المقدم بيتريس ، في Fox  News، باغتيال المؤسس جوليان آسانج. والمقدم يكتب روايات و قصص مثيرة تحت اسم آوين باتيرسون، إذ يبدو أنه يعيش الحلم.
بقلم فيليسيتي آربوثنوت كاتبة و صحفية مقيمة في بريطانيا مختص بالشأن العراقي.

عن Information Clearing House
الجمل: قسم الترجمة


إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...