«أحرار الشام» ما تزال برعاية الظواهري

23-03-2015

«أحرار الشام» ما تزال برعاية الظواهري

ما يزال زعيم تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري يحتفظ بخطوط اتصال قوية مع «حركة أحرار الشام الإسلامية»، التي رشحت معلومات مؤخراً عن تقدم التيار المتشدد داخلها، وتسجيله نقاطاً على التيار صاحب المراجعات.
لكن خطوة الاندماج بين «أحرار الشام» و «صقور الشام» جاءت لتشكك بصحة غلبة التيار المتشدد، وتدل على أن الحركة ما تزال تعاني من عوارض التخبط، الذي أصابها منذ تسريب المراجعات وما أعقبه من قتل جماعي لقادة الصف الأول فيها، حيث يرجح أن هذه التطورات تعبر عن تصاعد حالة التجاذب والاستقطاب ضمن الحركة، أكثر مما تعبر عن سيطرة تيار واحد على سلطة اتخاذ القرارات.عنصر في «احرار الشام» يحمل «قذيفة» في ريف ادلب امس الاول (رويترز)
وكشف مصدر مطلع على كواليس «أحرار الشام» أن الحركة ما تزال مرتبطة برباط أدبي مع «القاعدة»، وأن جزءاً لا يستهان به من نخبة قادتها ينظر إلى الظواهري باعتباره المرجع الأعلى في شؤون «الجهاد».
وأكد المصدر أن الظواهري ما زال يحتفظ لنفسه بممثل عنه ضمن كوادر الحركة، وهو من يتولى ما يمكن تسميته مهمة «ضابط الارتباط» بين الطرفين. ولم يكشف المصدر عن هوية ممثل الظواهري، لكنه أكد أنه معروف من قبل قادة الفصائل، وكان يتخذ من مدينة سراقب في ريف إدلب مركزاً لتواجده. وهذا يعني أن مقتل أبي خالد السوري، في شباط الماضي، الذي عيّنه الظواهري مندوباً عنه لحل الخلاف بين «جبهة النصرة» وتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» - «داعش»، لم يشكل نهاية لعلاقة الظواهري بقيادة الحركة، حيث من المعروف أن أبا خالد السوري هو من الأفغان العرب القدامى، وسبق له القتال في أفغانستان. ورغم أنه لم يكن مبايعاً لـ «القاعدة» إلا أن علاقته الشخصية مع الظواهري كانت أقوى من أي بيعة، وهو ما تجلى في الثقة الكبيرة التي منحها الظواهري له عبر تعيينه حكماً للفصل في أهم نزاع يطرأ على الساحة «الجهادية» في تاريخها.
وأشار المصدر إلى أن تواجد ممثل عن الظواهري ضمن صفوف الحركة، بالإضافة إلى عوامل أخرى، كان من أهم الأسباب التي أجهضت المراجعات التي قام بها بعض قادة «أحرار الشام» بهدف الاستغناء عن الانتماء إلى «السلفية الجهادية» وإخراج الحركة «من ضيق الحزبية إلى سعة الأمة»، مؤكداً أن حادثة الاغتيال الجماعي لقادة الحركة، في أيلول الماضي، التي أعقبت الكشف عن جزء من هذه المراجعات، ما تزال تثير الكثير من الجدل داخلها، كما أن تعمد قيادة الحركة عدم الإعلان عن نتائج التحقيق في القضية ساهم في عدم استبعاد بعض عناصرها أن يكون الاغتيال يرجع إلى أسباب داخلية تتعلق بالصراع بين تياراتها.
بل إن بعض عناصر الحركة شككت في حادثة اغتيال أبي خالد السوري نفسها، وعما إذا كانت تشكل بداية هذا الصراع الداخلي، لاسيما أن تنفيذها في مكان لم يكن يتواجد فيه سوى أبي خالد السوري (الأفغاني) وأبي يزن الشامي، الرأس المدبر للمراجعات، يطرح أكثر من علامة استفهام. وهنا ينبغي التذكير بأن المراجعات أثارت غضب زعيم «جبهة النصرة» أبي محمد الجولاني الذي وبخ قادة «أحرار الشام» عليها في جلسة جمعته معهم قبل مقتلهم بأيام.
وأكد «مزمجر الشام»، وهو صاحب علاقة قوية مع قادة المراجعات في «أحرار الشام» أن «حملة تعيينات وتغييرات» داخل صفوف «أحرار الشام» أطاحت برموز «إصلاحية» وشخصيات «مرنة»، وعزّزت من هيمنة تيار «السلفية الجهادية» التقليدي. لكنه لم يشر إلى ماهية هذه التعيينات الجديدة، والى من هم القادة المشمولين فيها. وأكدت مصادر من داخل الحركة صحة إجراء هذه التغييرات، لكنها رفضت وضعها في سياق الصراع بين تيارين، وأنها تعبر عن إرادة القيادة في ضخ دماء شابة في الحركة.
في هذا السياق، جاءت خطوة الاندماج التي أعلن عنها أمس بين «أحرار الشام» وبين «ألوية صقور الشام» لتطرح المزيد من علامات الاستفهام حول حقيقة توجهات «أحرار الشام»، وطبيعة الخيارات التي يمكن أن ترسو عليها، في خضم التحولات الكبيرة التي تشهدها الفصائل المسلحة، ومحاولة كل قسم منها إعادة هيكلة نفسه بما يناسب متطلبات المرحلة الحالية. حيث من المعروف أن «صقور الشام» هي في الأصل ذات توجه «إخواني» يتناقض مع «السلفية الجهادية» التي ما تزال العقيدة الرسمية لـ «أحرار الشام».
واتفق الطرفان، أمس، على الاندماج الكامل بينهما تحت مسمى «حركة أحرار الشام الإسلامية»، في حين يطلق على الجناح العسكري اسم «كتائب صقور الشام»، على أن يقود «أمير أحرار الشام» أبو جابر الشيخ الكيان الجديد، ويكون أبو عيسى الشيخ قائد «صقور الشام» نائباً له. ووضع المندمجون هدفاً لهم هو إسقاط النظام السوري بكافة رموزه، من دون التطرق إلى الموقف من «داعش».
ويأتي هذا الاندماج ليتوج مرحلة من التطورات تعرضت لها الفصائل الإسلامية. ففي البداية انقسمت هذه الفصائل إلى جبهتين، هما «الجبهة السورية الإسلامية» التي شملت «أحرار الشام» و «لواء الحق» وغيرها، و «جبهة تحرير سوريا الإسلامية» التي كانت تشمل «جيش الإسلام» و «صقور الشام» و «لواء التوحيد». ثم اجتمعت الجبهتان، العام الماضي، تحت مسمى «الجبهة الإسلامية»، التي سرعان ما تعرضت للتفكك لتعود الفصائل إلى محاولة تجميع نفسها من جديد.
وجرت محاولة قبل أشهر للاندماج بين «جيش الإسلام» و «صقور الشام». ورغم أنه أعلن عنها في مؤتمر صحافي مشابه، إلا أنها بقيت حبراً على ورق. ويبدو أن «أحرار الشام» تمكنت من استقطاب «صقور الشام» وضمها إلى حركتها، من دون أن يوضح أحد مصير الاندماج السابق، بل إن «صقور الشام» المعنية بالأمر لم تعلن حتى أن اندماجها مع «جيش الإسلام» قد انتهى.
ومن شأن هذا الاندماج في حال تحقق فعلاً، أن يزيد من قوة «أحرار الشام»، ويجعلها أكثر قدرة على التأثير في التطورات الميدانية، خصوصاً في أرياف حماه وحلب وإدلب.

عبد الله سليمان علي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...