«جنوب السودان» تواجه شبح الحرب

20-12-2013

«جنوب السودان» تواجه شبح الحرب

لا تظهر التطورات المتسارعة في جنوب السودان أي هدوء قريب، بل العكس تماماً، إذ يبدو أن المعارك تصاعدت، واتسعت رقعتها، تزامناً مع إعلان الأمم المتحدة أن الوضع يتجه نحو النزاع الإتني. ويأتي ذلك كله، بعد تأكيد الجيش سيطرة القوات المتمردة الموالية لنائب الرئيس السابق ريك مشار على مدينة بور (200 كيلومتر شمال جوبا)، في الوقت الذي دعا فيه مشار إلى إسقاط الرئيس سلفا كير، رافضاً الحوار.
وفي مقابلة مع إذاعة «فرنسا الدولية»، قال مشار «أدعو الحركة الشعبية لتحرير السودان (الحزب الحاكم) وجناحها العسكري (الجيش الشعبي لتحرير السودان) الى إطاحة سلفا كير من منصبه»، مضيفاً «اذا ما اراد ان يتفاوض على شروط تنحيه عن السلطة فنحن موافقون. لكن عليه ان يرحل، لانه لا يستطيع ان يحافظ على وحدة شعبنا، خصوصاً عندما يعمد الى قتل الناس كالذباب ويحاول اشعال حرب اتنية». ويكون مشار بذلك ردّ على عرض التفاوض الذي قدمه كير أمس الأول.
وشدد مشار، الذي استبعده كير من منصبه في تموز الماضي، على القول «نريد ان يرحل، هذا كل شيء. لقد اخفق في الحفاظ على وحدة شعب جنوب السودان، التي توصلنا اليها بعد صراع طويل وصعب». وتابع «لست مضطراً لقتال كير، فقواته التي أغضبها تصرفه ستنقلب عليه».
وبحثاً عن التهدئة، اوفد الاتحاد الافريقي بعثة مؤلفة من ديبلوماسيين ووزراء خارجية إلى جنوب السودان. إلا أن شبح الحرب يخيم على العنف الدائر، ويذكر بالصراعات التاريخية بين إتنية الدينكا التي ينتمي إليها كير، وإتنية النوير التي ينتمي إليها مشار.
وفي محاولة للتخفيف من توتر شبح الحرب الأهلية، جاء في بيان حكومي أمس، «ندين بأشدّ التعابير محاولة توصيف الانقلاب على أنه صراع اتني». وأشار البيان إلى أنه من بين 11 شخصية اعتقلت منذ بدء النزاع، اثنان فقط من اتنية النوير.
وفي المقابل، اعتبرت مفوضة الأمم المتحدة العليا لحقوق الانسان نافي بيلاي أن مخاطر اندلاع نزاع اتني مرتفعة جداً. وقالت في بيان «أنا قلقة جداً ازاء سلامة المدنيين العالقين وسط المعارك. إن خطر أن تتخذ المعارك بعداً اتنياً مرتفع للغاية، ويمكن أن تؤدي الى وضع خطر»، مضيفة «لقد تلقينا معلومات تشير الى سقوط قتلى مدنيين في جوبا بسبب انتمائهم الاتني». وأضافت «ادعو الحكومة الى توجيه رسالة واضحة الى هؤلاء الذين يتولون قيادة في الجيش كي يمنعوا اي هجوم انتقامي على اساس الانتماء الاتني او القبلي ومحاكمة المسؤولين المفترضين».

كذلك، نقلت منظمة «هيومن رايتس ووتش» عن شهود أن الجنود والمتمردين قاموا بإعدام أشخاص استناداً فقط الى انتمائهم الاتني.

وعلى الصعيد الميداني، أكد الجيش الجنوب سوداني أمس سيطرة القوات المتمردة على مدينة بور عاصمة ولاية جونقلي. وقال المتحدث باسم الجيش فيليب اغي إن «جنودنا فقدوا السيطرة على بور لحساب قوات ريك مشار في وقت متأخر من ليل الاربعاء (أمس الأول)»، مضيفاً أن المعارك ما زالت متواصلة.

إلى ذلك، قال الأمين العام المساعد للأمم المتحدة يان إلياسون إن قاعدة لقوات حفظ السلام التابعة للمنظمة الدولية في ولاية جونقلي هوجمت أمس، وسط تقارير عن سقوط قتلى.

إلى ذلك، أشار المتحدث باسم الامم المتحدة فرحان حق إلى أن «الوضع في جونقلي تدهور. في أكوبو (القاعدة الأممية) دخل شباب النوير عنوة للوصول الى المدنيين»، مضيفاً أن «بعثة الامم المتحدة ستحاول إخراج افراد المنظمة الدولية غير المسلحين من أكوبو مع تعزيز القاعدة بقوة اضافية قوامها 60 جندياً من ملكال غداً (اليوم)». وبحسب حق، فإنه من المحتمل أن المدنيين كانوا هدف الهجوم، خصوصاً أنهم ينتمون إلى اتنية الدينكا.

وأضاف حق ان هناك ايضاً تقارير غير مؤكدة تشير الى مقتل طلاب عديدين برصاص قوات الامن في جامعة جوبا أمس الأول. وبقي مئات الطلاب في حرم الجامعة وطلبوا حماية من الامم المتحدة، بحسب قوله.

وكان المتحدث باسم الامم المتحدة مارتن نسيركي قال أمس الأول إن 19 مدنياً على الاقل قتلوا في اشتباكات جديدة. وقال إن المعارك الاخيرة جرت في بور مشيراً إلى أن «التوتر يزداد في ولايتي اعالي النيل والوحدة». وتحدث مسؤولون أمميون عن معارك في مدينة توريت عاصمة ولاية شرق الاستوائية (جنوب شرق).

وفي وقت ساد الهدوء العاصمة جوبا، أو مواقع الاشتباكات، قال نائب حاكم ولاية الوحدة مابيك لانج دي مادينج أمس، إن 16 قتيلاً سقطوا في اشتباكات بين عمال في حقلي نفط. وأوضح أن خمسة أشخاص قتلوا في وقت متأخر أمس الأول في حقل الوحدة، و11 آخرين قتلوا أمس في حقل ثار جاث. ويقع الحقلان إلى الشمال من العاصمة جوبا.

وبحسب بعثة الامم المتحدة أمس، فإنها «تأوي حالياً مدنيين في قواعدها في خمس من ولايات» البلاد العشر. وأوضحت البعثة في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» أن «بعض عمال النفط لجأوا الى احدى قواعدها في بانتيو»، عاصمة ولاية الوحدة، على الحدود مع السودان.
وتوقع المتحدث باسم الأمم المتحدة في جنوب السودان جو كونتريراس أن تقوم شركات النفط بإجلاء نحو 200 من عمالها اللاجئين.
وحاول وزير الإعلام مايكل مكوي طمأنة المعنيين حول إنتاج النفط، وقال إن المناطق المنتجة لم تتأثر بالقتال، «إنها آمنة. والنفط يتدفق كالمعتاد».

المصدر: وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...