الخيارات أمام دمشق

18-04-2011

الخيارات أمام دمشق

الجمل: يعتبر ريتشارد هاس من أبرز الخبراء الأمريكيين المختصين بشؤون السياسة الخارجية الأمريكية والنظام الدولي، وعلى خلفية أحداث سوريا الأخيرة، فقد كتب ريتشارد هاس تحليلاً سياسياً نشرته مجلة فورين بوليس الأمريكية الشهيرة. ما الذي قاله الخبير ريتشارد هاس وما هو تصوره للاحتمالات والتداعيات القادمة؟

* توصيف الحدث السوري

بدأ ريتشارد هاس تحليله بالإشارة إلى حديث رجل الدين المصري يوسف القرضاوي، والذي قال فيه: "بأن قطار الثورة العربية قد وصل إلى سوريا". إضافة إلى السخرية من حديث الشيخ القرضاوي الذي سعى من خلاله إلى تشبيه الحدث السوري بالحدث المصري والحدث التونسي.ريتشارد هاس
قال ريتشارد هاس بأنه زار سوريا عندما كان يتولى منصب مسؤول الشرق الأوسط من هيئة مجلس الأمن القومي الأمريكي، حيث التقى بالرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، وأشار ريتشارد هاس إلى أنه لاحظ الآتي:
•    إن اللقاء مع الرئيس الراحل حافظ الأسد يستوجب الاستماع جيداً، لأنه حديث يأتي على غرار محاضرة تغطي خلفيات تاريخية كثيرة، قد تمتد إلى عدة ساعات.
•    كان الرئيس الراحل حافظ الأسد براغماتياً حازماً.
هذا، وأشار ريتشارد هاس إلى براغماتية الرئيس الراحل حافظ الأسد الحازمة، عندما لاحظ أنه قد قام بالآتي:
•    انضم إلى التحالف الدولي الذي أخرج قوات نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين من الكويت في عام 1990م.
•    كان أول الموافقين على المشاركة في مؤتمر سلام مدريد.
وتحدث ريتشارد هاس قائلاً، بأن الأمريكيين اكتشفوا لاحقاً بأن الانضمام إلى التحالف الدولي والمشاركة في مؤتمر سلام مدريد لم تكن بسبب موافقة الرئيس الراحل حافظ الأسد على ذلك، وإنما كانت بسبب إدراكه بأن عدم الانضمام للتحالف، وعدم المشاركة في مؤتمر مدريد سوف يفسحان المجال أمام الملك الأردني حسين بن طلال، لكي ينفرد بالانضمام إلى التحالف الدولي ويشارك في مؤتمر مدريد وحده من بين سائر زعماء منطقة شرق المتوسط، الأمر الذي كان سوف يجعل من الملك حسين في نظر أمريكا والغرب بمثابة الزعيم الشرق متوسطي صاحب النفوذ الواسع على السياسة الخارجية الأمريكية والأوروبية تجاه المنطقة. ولكن شيئاً من ذلك لم يتحقق للملك حسين، وذلك بسبب براغماتية الرئيس الراحل حافظ الأسد وحساباته الدقيقة، والتي جعلته يكتسب نفوذاً أكبر في المنطقة خلال فترة ما بعد الحرب الباردة.

* الرئيس السوري بشار الأسد والإصلاح

تطرق ريتشارد هاس في تحليله إلى أن الرئيس بشار الأسد لم يكن يسعى للسياسة وكان هدفه أن يصبح دكتوراً مختصاً في مجال طب العيون، وقد ساقته الظروف إلى السياسة، ويضيف ريتشارد هاس قائلاً الآتي:
•    توجد لدى الرئيس بشار الأسد نوايا لجهة القيام بالإصلاحات.
•    العديد من الخبراء والمراقبين الدوليين يعتقدون بعدم الشك في نوايا وقدرة الرئيس بشار الأسد لجهة القيام بالإصلاحات.
•    القدرة على تحقيق الإصلاحات تتطلب التغلب على المصاعب والتحديات.
هذا، وأشار ريتشارد هاس إلى الحوار الذي أجرته صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية مع الرئيس بشار الأسد في نهاية شهر كانون الثاني (يناير) 2011م الماضي، والذي ألمح من خلاله إلى عملية الإصلاح السياسي التدريجي، وأضاف ريتشارد هاس قائلاً بأن التعب من انتظار حدوث الإصلاحات هو الذي دفع البعض في سوريا لجهة محاولة الاستلهام من حدث النموذج التونسي وحدث النموذج المصري.

* الخيارات أمام دمشق

لجهة تحديد الخيارات المتاحة أمام دمشق، فقد سعى الخبير ريتشارد هاس بشكل مباشر في التحليل لجهة الإشارة إلى الآتي:
•    الخيار الأول: إجراء الإصلاحات  وتقديم المزايا.
•    الخيار الثاني: استخدام عمليات القمع المرتفع الشدة.
وعلى خلفية هذه التحديات، أشار ريتشارد هاس من خلال تحليله إلى أن خطاب الرئيس الأسد التلفزيوني في 30 آذار (مارس) 2011م، قد تضمن الآتي:
•    عدم إلغاء قانون الطوارئ الصادر في عام 1963م.
•    اتهام الأطراف الخارجية بالتآمر ضد سوريا.
وتعليقاً على ذلك، أشار ريتشارد هاس إلى أن انطباعه عن الخطاب جعله يعتقد بأنه سوف لن تكون هناك عملية إصلاح، وأن الخيار المتوقع هو استخدام القمع، وأضاف ريتشارد هاس قائلاً بأن الحكومات تميل إلى الاحتفاظ بالسلطة إذا كانت موحدة، وتسعى لاستخدام قوات الأمن لإخماد مقاومة المناوئين لها.
وعلق ريتشارد هاس مشيراً إلى أن خيار استخدام القمع بالقوة المرتفعة الشدة، لم يحدث، واستدرك ريتشارد هاس قائلاً بأن السبب يتمثل في أن الرئيس بشار الأسد لا يتمتع بمساندة طائفة معينة وحسب، وإنما بمساندة وتأييد في أوساط عدد كبير من السنة السوريين، والذين وصفهم ريتشارد هاس بأنهم يرحبون باستمرار حكم الرئيس بشار الأسد لأنه واعد بالاستقرار والمجتمع العلماني المستنير، وأضاف قائلاً بأن هذا الترحيب ـ بحكم الرئيس بشار ـ لو لم يكن موجوداً، لكانت دمشق أكثر هشاشة من القاهرة وتونس في مواجهة الاحتجاجات.
اختتم الخبير الأمريكي ريتشارد هاس تحليله قائلاً بأنه إزاء حدوث أي واحد من الخيارين، فإن الأطراف الخارجية، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، لا تملك الكثير من النفوذ الكافي لجهة التأثير على مستقبل سوريا، وكل ما في وسع هذه الأطراف هو: رفع الأصوات المطالبة بإجراء الإصلاحات، إضافة إلى القيام بفرض المزيد من العقوبات، والسبب في محدودية قدرة الأطراف الخارجية هو بفعل تميز دمشق بالتماسك، والعناد.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

التعليقات

كل المحللين والسياسيين الذين يقرأون مايحصل في دمشق وعلى مر العصور إبتداءمن العصر الأموي وحتى الآن تفاحئهم دمشق بشئ لم يخطر في بال أحد لأن دمشق تتفرد وحدها من بين عواصم العالم بسياسة خفية وطريقة تعاطي وتفكير تجاه قضاياها وقضايا المنطقة منذ زمن معاوية ........وصولا الى الرئس بشار الاسد ....(إذا لم تمتلك القوة فالعب بهدوء )هكذاهي دمشق تفاجئ الجميع ومخلصة لأصدقائهاولجميع العرب لأنها لا تستطيع ان تحيد عن خطها القومي ودورها العروبي على مر العصور...اما الاحداث التي تمر بها الآن فسوف تخرج منها دمشق اقوى مما كانت عليه قبلها لأنها لم تستخدم أوتكشف أوراقها كلها بعد...

صحيح كما تقولين أن السياسة السورية سياسة خفية بعض الشيء لكن لم نتفاجأ نحن كسياسيون بتصرفات دمشق منذ خروج الجيش السوري من لبنان مرورآ بكل الأحداث التي تعرضت لها دمشق بل بالعكس تفاجأ الكثيرون ببعض الأمور الأكثر أهمية كالفجوة الأمنية التي تعرضت لها دمشق سابقآ(اغتيال عماد مغنية)فأين المفاجأة في السياسة السورية...ثم ماهي الأوراق التي تملكها دمشق الآن...هي ستخرج حتمآ من الأزمة لكن لا للأوراق التي تملكها بل لأن دمشق ليست مصر وليست تونس...؟؟ وشكرآ

سياسة سوريا خفية و أكثر من ذلك و لولا هيك لشاهدت اليهود عما يصتادو سمك من الفرات من أجل أن تأمن بذلك راجع بعض الأحداث السريعة ومنها كانت تركيا يوم من الأيام حاشدة جيوشها ضد سوريا و الأن حاشدة وزرائها على أبواب دمشق .. أيران أكبر و أضخم و أكثر تقدما" في الشرق الأوسط و في العالم الأسلامي تقف مع سوريا لدرجة ممكن عبر عنها بالعامية ( يعني على الموت و حياتك ) ووووووو إلخ . أما موضوع مقتل مغنية وهذا سؤال حضرتك فأننا نعيش كل هذه الأزمة بسب هذه القدية لأن بندر أبن *** هو وأبنه ال** و 20 مرافق أقلت السلطات السورية عليهم القبض في سوريا و ال*** بندر لقد أعترف بمصايبه في سوريا و غيره و هذه من أقل الأوراق التي في يد سوريا و فهمك كفاية والله ينصر سوريا و شعب سوريا بقيادة حبيبها و حكيمها بشار الأسد ابن الأسد

In reply to by مازن. (لم يتم التحقق)

مرة آخرى تحليلات إنطباعية تفتقد لأي عمق ولم تكن لتحظى بأي إهتمام لو لم تصدر عن أبيض أمريكي. وكتدليل على ذلك قوله الآخير حول خطاب سيادة الرئيس السوري بشار الأسد. في خطابه كان الرئيس واضحا ووضع نقاطا على الحروف وأعتقد كان واضحا لناحية الإصلاح والإسراع به لكل من إستمع إليه ماعدر ربما لمن روجوا ويروجون إشاعات من قبيل أطلقوا النار على فاروق الشرع أو الرئيس تحت الإقامة الجبرية وسواها من الكلام الرخيص والذين وجد من يدفع لُيقال ويدفع ليشتريه...وشكرا

يدرك هاس جيدآ أن بيد النظام السوري أوراقآ أخرى فسوريا ليست تونس وليست مصر لذلك فإن الحديث عن الخيارات المتاحة هو حديث مبكر نوعآ ما كون النظام السوري مازال مستوعبآ لمجريات الأحداث وهاس كغيره من السياسيين ورجال الإدارة الأمريكية يدركون أن مجال التدخل في سوريا أمر غير ممكن(وهذا ما أكده في تحليله) لذلك أعتقد أن الرئيس الأسد قد نجح في قطع الطريق مباشرة أمام أي مزاودات قد تجعل من المشهد السوري مشهدآ يمنيآ أو ليبيآ...

ريتشارد هاس له باع طويل في السياسة وهو على دراية كبيرة بشؤون الشرق الأوسط لذلك يدرك هاس جيدآ أن ما يحدث في سوريا مختلف تمامآ عما جرى في تونس ومصر وأن هناك خيارات أخرى(غير تلك التي حددها هانس في تحليله) بيد النظام السوري يمكن أن تخرجه من الأزمة الحالية خصوصآ أن الكثير من السياسيين الأمريكيين وبعض رجال الإدارة الأمريكية ومن بينهم هانس يدركون ان الأطراف الخارجية ومن بينهم usa لا يتمتعون بقدر كاف للضغط أو للتدخل بما يجري في سوريا فسوريا ليست ليبيا ...لذلك فإني أرى أنه من الصعب تقييم ما سيحدث في سوريا وما هي الخيارات التي سيستخدمها النظام السوري في ظل الأوضاع الراهنة فلا يمكن إنكار أن هناك تدخلآ خارجيآ له دور كبير في تأجيج الأوضاع حاليآ وبنفس الوقت توجد الكثير من المطالب التي تنتظر التخقيق...

يا صديقي أنا أدرس السياسة وتعمقت بدراسة التاريخ الحقيقي لسوريا نحن نؤيد وقوف سوريا إلى جانب المقاومة أيآ كانت تلك المقاومة لكن أن تقول أن الأتراك (من قلبهم علينا) فأنت مخطئ.. وعليك أن تدرك تمامآ ما هو سبب خلاف تركيا مع الغرب وما هو السبب في دخولها وتوجهها نحو العالم العربي لإعادة بناء إمبراطوريتها العثمانية..أما عن إيران فالموضوع طويل صحيح نحن مع كل من يرمي حجر على إسرائيل سواء كان شيعيآ أم شيوعيآ لكن هناك اختراق إيراني غير مسبوق للداخل السوري ثم أن إيران (معنا عالموت)كما تقول ليس من خوفها على الشعب السوري بل لأن مصلحتها تقتضي ذلك فالإيرانيون على عكس العرب يعرفون تمامآ من أين تؤكل الكتف..ثم لاتنسى موقف إيران من حرب العراق..ولا تنسى أن إيران ما تزال تحتل أرضآ عربية ..أنا شخصيآ أشد على يد من يرسم السياسة الخارجية لتركيا لأنهم أدركوا جيدآ أن هناك فراغآ في النطقة وعلى الأتراك ملء هذا الفراغ...

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...