القصير تعود بخفر إلى الحياة

03-08-2013

القصير تعود بخفر إلى الحياة

تعود مدينة القصير في ريف حمص بخفر إلى الحياة، بعد نحو شهرين من انتهاء المعارك الضارية التي مكنت القوات السورية في حزيران الماضي من استعادة هذه المنطقة الإستراتيجية من أيدي المسلحين.
إلى جانب الطريق الرئيسية في المدينة، يجلس شرطيان على كنبة وهما يطردان الذباب، يتابعان بلا اكتراث سيارات قليلة تعبر شوارع المدينة التي استحالت أشبه بمدينة أشباح، بعدما هجرتها غالبية سكانها البالغ عددهم 50 ألفا.
وعلى الحاجز النصفي الفاصل بين جانبي الطريق، يعمل ثلاثة أشخاص على إزالة الحشائش الضارة، ويزرعون أشجار النخيل ويقلمون ورود الدفلى الزهرية اللون. خلفهم، لافتة من الحديد زرقاء اللون كتب فيها بالأبيض «مصرف التوفير - فرع القصير»، خرقها الرصاص. أمامها، لم يبق من التمثال الإسمنتي للراحل باسل الأسد، سوى هيكل حديدي.
ويقول فادي (50 عاما)، وهو خياط تعرض متجره إلى دمار كامل «ازرع هذه الأشجار لأنها ترمز إلى الحياة والحب. الإرهابيون دمروا مدينتنا، ونحن سنعيد بناءها لأنني ارغب في رؤية بلادي خضراء مجددا وعودة السكان». كنيسة مار الياس للروم الأرثوذكس في القصير في ريف حمص امس الاول (ا ف ب)
وتبدو آثار المعارك بوضوح في كل أنحاء المدينة التي استحالت مبانيها كتلا إسمنتية خرقها الرصاص والقذائف، كما تضررت البنية التحتية في المدينة بشكل كبير. ويعمل الموظفون في شركة الكهرباء على إعادة مد خط للتوتر العالي، وتثبيت خطوط جديدة وأعمدة إنارة في «شارع الجلاء»، الذي يحمل هذا الاسم احتفاء بخروج الجيش الفرنسي من سوريا في العام 1946.
وفي مبنى الاتصالات، تبدو الأضرار واضحة في التمديدات والسنترالات التي أحرقت جميعها. ويقول المدير الجديد للمركز مطانيوس الشاعر إن «الإرهابيين دمروا كل شيء قبل 48 ساعة من تحرير المدينة، والأضرار تصل كلفتها إلى مليار ليرة سورية (57 مليون دولار)».
ويضيف الشاعر، الذي عين حديثا بعد فرار سلفه مع المسلحين، «انتهينا للتو من تثبيت مركز اتصالات بسعة 1200 خط للسكان والخدمات الحكومية، و80 من هذه الخطوط هي عاملة. لكن قبل ذلك، كانت السعة اكبر بكثير».
ولا يملك المسؤولون المحليون أرقاما دقيقة لأعداد السكان الذين عادوا إلى المدينة، ففي حين يقدر الشاعر العدد بنحو ألفي شخص، تقول رئيسة البلدية شذا مراد إن العائدين لم يتجاوزوا 600 شخص حتى تاريخه.
وفي غرب المدينة حيث الأحياء المتعاطفة إجمالا مع المسلحين، لا تزال المناطق مقفرة في شكل كامل، باستثناء ثلاثة أشخاص. ويستخدم محمود أحمد (74 عاما) الموظف السابق في الدولة، دراجته الهوائية لينتقل إلى احد الينابيع لملء دلوين بالماء.
لم يترك محمود وزوجته فتون المدينة سوى ليومين اشتدت فيهما المعارك بشكل غير مسبوق. وتقول الزوجة، في مطبخها المظلم، «لا نملك المال لاستئجار منزل، لذلك عدنا، حتى في ظل عدم توافر الماء والكهرباء». ويأمل جارهما عبدالله مسرة، الذي بقي في القصير بدوره، بان تتمكن عائلته من العودة بعد عيد الفطر.
وتبدو الحياة في الأحياء ذات الغالبية المسيحية في شرق المدينة أكثر حركة. وبين طرفي المدينة، قرب ساحة الساعة وسط القصير، تبدو آثار الحرب ظاهرة على المسجد الكبير وكنيسة مار الياس للروم الأرثوذكس. وتملأ الثقوب القبة الذهبية لهذه الكنيسة التي بات جرسها غير قابل للاستخدام. وفي الداخل، تعرض المذبح الرخامي للكسر، في حين احترقت أجزاء من أيقونة تجسد القديس الياس. وعلى الجدار الداخلي الأصفر، كتبت شعارات مثل «سوف ينتصر دين سيدنا محمد بإذن الله على الطغاة» و«حزب الله حرر هذه الكنيسة».
ويقول جعفر نصور (40 عاما) «نظفنا كنيستنا المتضررة، ومعا سنحاول إعادتها إلى سابق عهدها بإمكاناتنا المتواضعة»، مشيرا إلى أن المطرانية «لم تصب بأي أذى، ويقوم كاهن كل احد بترؤس القداس» في المدينة التي يشكل المسيحيون 10 في المئة من سكانها.
وعلى الطرف الآخر من الساحة، يبدو المسجد في حال يرثى لها، بعد تدمير نصف مئذنته، وتكدس الحجارة والزجاج المتكسر في قاعة الصلاة. ويقول المسؤول عن الأمن في المدينة المقدم رائد عبود «نحن في طور القيام بكل ما يجب لإعادة الأمور إلى سابق عهدها، لكن في ما يتعلق بإعادة الاعمار يجب الانتظار، لأننا بلد في حالة حرب».


(ا ف ب)

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...