اللاجئون العراقيون يتشاركون مع المواطنين السوريين في البحث عن عمل

15-09-2008

اللاجئون العراقيون يتشاركون مع المواطنين السوريين في البحث عن عمل

«لا يسمح له بمزاولة العمل» عبارة ختمت على جواز سفر ماجد عند نقطة الحدود السورية - العراقية، إلا أنها لم تمنعه من فتح محل يقدم فيه خدمات تصليح الكهرباء، في المنطقة التي لجأ إليها منذ أربع سنوات. وعلى رغم أن الناس يحسبون العبدالله للوهلة الأولى مجرد عامل، إلا أن ذلك لا يعني أنه تخلى عن مهنته الأصلية مهندساً.

يعتبر العبدالله نفسه محظوظاً أكثر من غيره، لأنه يزاول مهنة قريبة من تخصصه العلمي، فالشاب البالغ من العمر 28 سنة، حاصل على إجازة في هندسة الكهرباء من جامعة بغداد، ويحزنه حال أصدقائه من العراقيين الذين لم يجدوا فرصة عمل بعد، أو انخرطوا في مهن لا تناسب تحصيلهم العلمي، كصديقه الصيدلاني الذي يعمل في مسح السيارات في محطة وقود وسط العاصمة دمشق.

- في حين، تقدر مصادر إعلامية أن عدد اللاجئين العراقيين في سورية يبلغ مليوناً ونصف مليون لاجئ، ينفي المكتب المركزي للإحصاء وجود أي أرقام عن هؤلاء، حتى الآن، ويحمل سجل مفوضية شؤون اللاجئين 219 ألف لاجئ عراقي في سورية، إلا أن القسم الإعلامي في المفوضية نفسها يتوقع أن يصل العدد إلى 700 ألف لاجئ عراقي في دمشق وحدها، يتوزع معظمهم في مناطق مثل جرمانا والسيدة زينب ومساكن برزة وقدسيا.

ويعود تخبط الأرقام إلى أن كثيراً من اللاجئين يحملون صورة خاطئة عن طبيعة عمل مفوضية شؤون اللاجئين والجهات الرسمية الأخرى فيخشون تسجيل بياناتهم الشخصية لأسباب أمنية، فيما فقد آخرون الثقة بالمنظمات الدولية التي لم تستطع إيقاف الحرب المشتعلة في وطنهم منذ آذار (مارس) 2003.

- تصف المساعدة في المكتب الإعلامي لمفوضية شؤون اللاجئين في دمشق، داليا العشي، أزمة اللاجئين العراقيين في سورية بأنها «أزمة طبقة وسطى» على حد تعبيرها، وتوضح أن «غالبية اللاجئين العراقيين في سورية هم من حملة الشهادات الذين لا يحق لهم العمل بتخصصهم العلمي، لأن وجودهم في سورية موقت ريثما تتحسن الأوضاع الأمنية في العراق ليعودوا إليه».

وتقول العشي، التي قابلت خلال عملها محامين عراقيين يعملون حمالي أمتعة في دمشق، ومدرّسات عراقيات اضطررن للعمل في تنظيف المنازل لكسب العيش: «نعمل مع الحكومة السورية لتأمين فرص عمل للاجئين العراقيين في سورية، ومن المنطقي أن تزيد الدول المانحة من دعمها لاستيعاب أزمة هؤلاء اللاجئين».

- ويبدو أن الحكومة السورية تتبع سياسة غض الطرف عن معظم العراقيين الذين يعملون على أراضيها، آخـــذة في الاعتبار أن المساعدات التي يتلـــقوها لا تكفي لسد حاجاتهم المعيشية من نفقات مسكن وغذاء وعلاج صحي. هذا ما يشير إليه مهند (عراقي يقيم في دمشق).

ويقول: «لم نسمع أن عراقياً منعته الحكومة الســـورية من مزاولة مهنة ما حين توافرت له فرصة عمل»، واصفاً العبارة التي يحملها جواز سفره – لا يُسمح له بالعمل – بأنها عبارة شكلية، ويثني على جهود الحكومة الســورية التي استقـــبلت العدد الأكبر من العراقيين الذين نزحوا من بلدهـــم هرباًً من الاضطهاد، ويضيف: «لا يخفى على أحد أن اللاجئين العراقيين في ســـورية أحدثوا ضغطاً على الاقتـــصاد الـــســـوري المثقل بهـــمومه، والشــباب السوريون ليـــسوا أفضل حالاً من أخوتــهم العراقيين فكلهم يبــحثون عن عمل في الظروف الاقتصادية نفسها».

- يستهل الدكتور خالد المعيني، وهو باحث عراقي وخبير بالشؤون السياسية والإستراتيجية مقيم في دمشق، حديثه بمقولة لغاندي تقول إن «الفقر أسوأ أنواع العنف»، ويرى أن البطالة هي المشكلة الأخطر التي يتعرض لها الشباب، لافتاً إلى أنها تفرز مشكلات اجتماعية تؤدي بالشاب إلى التمرد على واقعه وتدفعه نحو الانحراف والجريمة وقد توصله إلى التطرف.

ويقدم المعيني حلاً لبطالة اللاجئين العراقيين المقيمين في سورية، من خلال نظرة للوضع تقلب تصنيف الأعداد الضخمة من العراقيين المتعطلين عن العمل بدلاً من النظر إليهم كعبء ثقيل على الاقتصاد السوري إلى اعتبارها «ثروة عربية» يمكن الاستفادة منها، والحل برأي المعيني يكون باتفاق الحكومتين السورية والعراقية على إقامة مشاريع إستراتيجية في سورية بتمويل عراقي. ويستثمر في هذه المشاريع جزء من واردات النفط العراقي، وتستفيد من الخبرات والكفاءات العراقية والسورية. وقد تأتي هذه المشاريع على هيئة إنشاء مدن سياحية أو مصفاة نفط أو مصانع أو شق طرق سريعة... الخ، بحيث يمكن لكل مشروع أن يؤمن فرص عمل لمئات الشباب من العراقيين والسوريين.

لينا الجودي

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...