دموع الطيب تيزيني لا تحرّك «الثوّار» الجدد

05-11-2015

دموع الطيب تيزيني لا تحرّك «الثوّار» الجدد

لم يستطع الطيب تيزيني (1934) أن يكبح دموعه خلال شهادته في الندوة الدولية عن «المجتمع، السلطة والدولة في مطلع القرن 21 مغرباً ومشرقاً» التي استضافتها مدينة طنجة قبل أيام. ولم يثر بكاء المفكر السوري هيجاناً على مواقع التواصل الاجتماعي، عدا إشارات خاطفة وعجلى. كأن دموع المثقف مجانية، من دون قيمة، أو مأثرة، بالمقارنة مع مشاهد سورية أخرى، أقل وطأة.

لا مكان لتقنيات الفوتوشوب هنا، كي يندب المفجوعون أحوال بلاد ذاهبة إلى الهاوية، أو يصفقوا لأحد فرسان الليبرالية الجديدة، وهو يرفع تمثال التنوير في بلاد الفرنجة. الرجل لم يغادر مدينته حمص كي نصنع منه بطلاً، فهو ليس «مصلّح بسكليتات» سابقاً، كي نهتف لثوريته في مقاومة الطغيان، ولا زجّالاً عابراً في الفايسبوك، أو حارس مرمى في ملعب كرة قدم. سوف ننسى كل ما كتبه عن «الفساد والإفساد»، و«بيان في النهضة والتنوير العربي»، و«استكشاف أسئلة الفكر العربي الراهنة»، طالما أنه يعيش في حمص وليس في برلين مثلاً. لقد أماط اللثام باكراً عن أكثر الأسئلة خشونة وراديكالية، داعياً إلى «تأسيس بنية جديدة ومتكاملة، بدلاً من البنى الرثّة المتآكلة التي أوصلت مشاريع النهضة العربية إلى فراغ تاريخي، وطفرة عولمية، وطريق مسدودة» وهتف: «الكرامة قبل الخبز»، وشرّح المشهد الراهن بأنه يقوم على «اقتصاد خراجي مافيوي، ومجتمعات قبل صناعية مفككة، وإيديولوجيات دينية، وأخرى سلعية، أتت بالتساوق مع تفكك الطبقة الوسطى وتصدّعها». وأشار إلى أن «عبارة شرف المثقف، باتت عملة نادرة في سوق النخاسة الثقافية التي تقوم على المعادلة التالية: إما انصياعك كليّاً وإما تجفيف كل شيء في حياتك». كما نبّه باكراً إلى «خطر الثأرية والثأرية المضادة». كل هذه الأطروحات لم تستدعِ تصفيق الثوّار الجدد، أو حتى «لايك» مجاملة لدموع هذا الرجل الجليل. في حواره مع صحيفة «الوطن» المحليّة، يشير إسماعيل مروة إلى أن صاحب «من التراث إلى الثورة» حبس دموعه أكثر من مرّة، خلال الحوار، وهو يجيب عن سؤال «ماذا تكتب؟». يقول «عمَّ أكتب؟ عن سوريا المستباحة؟ وحدها تقف ممزقة عارية، والكل يقف حولها لنهشها واغتصاب رقتها وحسنها؟ عن السوري الذي كان رجلاً، واليوم يمارس رجولته على امرأة مسلوبة الإرادة؟ عني أنا وقد تظاهرت أمام من لا يعرفني بأنني عالم دين لأصلح بينه وبين زوجته أو ابنته؟»، قبل أن يختم بقوله «أنا باقٍ ولن أغادر».

خليل صويلح

المصدر: الأخبار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...