روسيا تزوّد سوريا بـ«ياخونت» بعد«أس ـ 300»ورئيس الـ«سي آي إي» في إسرائيل لـ«ضبط الأمور»

18-05-2013

روسيا تزوّد سوريا بـ«ياخونت» بعد«أس ـ 300»ورئيس الـ«سي آي إي» في إسرائيل لـ«ضبط الأمور»

أبدت الصحافة الإسرائيلية اهتماماً بالزيارة الخاطفة التي قام بها رئيس الاستخبارات المركزية الأميركية الجديد جون برينان إلى إسرائيل، ولقاءاته مع كبار المسؤولين فيها.
ولم يغب عن هذا الاهتمام واقع أن هذه هي الزيارة الأولى للمسؤول الأميركي الكبير إلى إسرائيل منذ توليه رئاسة هذه المنظمة، وأنها تأتي في ظل التوتر الناجم عن التركيز على صفقة الأسلحة الروسية لسوريا.
وذهبت بعض الصحف إلى حد الإشارة إلى أن الزيارة كانت طارئة بسبب التوتر حول الأسلحة إلى سوريا ورغبة الإدارة الأميركية في ضبط الأمور وعدم ترك الفعل فقط لإسرائيل وحدها. سفينة «أميرال بانتيلييف» المضادة للغواصات في مرفأ ليماسول في قبرص أمس. وقد رست خمس سفن حربية روسية في مرفأ ليماسول كجزء من زيارة تستمر أربعة أيام في الجزيرة المتوسطية، بحسب بيان لوزارة الدفاع الروسية (أ ب)
وقد اجتمع برينان إلى كل من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه الجنرال موشي يعلون، ومع عدد من كبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية. وأشارت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية إلى أن الزيارة نبعت من خوف أميركي من تصعيد محتمل في المنطقة في ضوء التهديدات المتبادلة من ناحية، وخيبة إسرائيل من عجز الإدارة الأميركية تجاه تدهور الأوضاع في سوريا من ناحية أخرى. وأبدت الصحيفة تقديرها بأن برينان وصل إلى إسرائيل لتنسيق سياسة مشتركة، ولمنع إسرائيل من العمل منفردة في سوريا. ولكن الرسالة التي تلقاها برينان من مضيفيه هي أن إسرائيل لا يسعها الجلوس مكتوفة الأيدي إذا تواصل تدفق شحنات الأسلحة المتطورة من سوريا إلى «حزب الله».
ولم تغفل «يديعوت» الإشارة إلى أن الموضوع الثاني في أهميته والذي جرى التباحث فيه مع برينان هو المشروع النووي الإيراني وتقدم الإيرانيين نحو الخط الأحمر، الذي كان نتنياهو رسمه في خطابه في الأمم المتحدة.
وتحث إسرائيل الإدارة الأميركية على الإعلان عن فشل المسار الديبلوماسي مع الإيرانيين والتلويح أمامهم بالخيار العسكري بموازاة تشديد العقوبات جوهرياً.
ومن الطبيعي أن زيارة برينان إلى إسرائيل لا تغفل العلاقات الإسرائيلية - التركية التي لم تتقدم كثيراً منذ دخول الرئيس الأميركي باراك أوباما على خط نزع فتيل التوتر بين الدولتين وإجراء مصالحة بينهما عبر مكالمة هاتفية قدم فيها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الاعتذار إلى رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان عن مجزرة سفينة «مرمرة».
وفي هذا السياق، تبدي الإدارة الأميركية قلقها من عدم تحقيق إسرائيل وتركيا المصالحة بينهما حتى الآن، بالرغم من إعلان مبادئ الاتفاق وعقد اجتماعين على الأقل بين وفدين من الدولتين. وتعتبر أميركا العلاقة الإسرائيلية - التركية إحدى دعائم سياستها في المنطقة، خصوصاً في ظل الحرب الأهلية الدائرة في سوريا.
وتأتي زيارة برينان إلى إسرائيل، بعد شهرين من زيارة الرئيس الأميركي نفسه وبعد شهر من زيارة وزيري الخارجية جون كيري والدفاع تشاك هايغل. ومن البديهي أن هذه الزيارات، بكثافتها، تشهد على رغبة أميركية في احتضان إسرائيل بحميمية من جهة، ومراقبتها للحيلولة من دون الإقدام على أفعال قد تورط أميركا.
وعلّقت صحيفة «هآرتس» قائلة إن إسرائيل في كل مباحثاتها مع المسؤولين الأميركيين ركّزت على أنها ستعمل، في حال الضرورة، على إحباط تهريب منظومات أسلحة متطورة وأي سلاح كيميائي من سوريا إلى «حزب الله». كما أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال بني غانتس، أعلن مؤخراً أن إسرائيل عازمة على حماية الخطوط الحمراء بشأن الجبهة الشمالية.
ومن المعروف أن إسرائيل أطلقت في اليومين الأخيرين تهديدات شديدة للنظام السوري، تضمنت التهديد بإسقاطه إذا حاول الرد على الغارات الإسرائيلية ضد ما تعتبره شحنات أسلحة موجهة إلى «حزب الله». وجاء أبرز تهديد في تسريب أرسل إلى المراسل السياسي لصحيفة «نيويورك تايمز»، ويبدو أنه وصل باسم المستوى السياسي وبعيداً عن المنهج الحذر للمستوى العسكري الإسرائيلي.
كذلك، يبدو أن الأمر لا يتعلق فقط بنشاطات أميركية مع إسرائيل، بل هناك نشاط أوروبي أيضاً. فقد اجتمع نتنياهو أيضاً مع وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله. وأبلغ نتنياهو الوزير الألماني أنه يراقب بتوتر التغييرات السريعة في الشرق الأوسط التي تفرض تحديات على إسرائيل. كما أشار إلى زيارته الفاشلة لموسكو لمنعها من تزويد سوريا بالصواريخ، قائلاً «سأسافر إلى حيث يتطلب الأمر، وسأجتمع بكل من يجب الاجتماع به، وأنا أفعل كل ما ينبغي فعله من أجل حماية أمن مواطني إسرائيل».
من جهة أخرى نشرت «نيويورك تايمز» أمس، أن روسيا أرسلت إلى سوريا نسخة مطورة من صواريخ أرض بحر متطورة. ونقلت الصحيفة عن مصادر أميركية قولها إن إرسال هذه الصواريخ يشهد على عمق الدعم الروسي للرئيس السوري بشار الأسد.
وكتبت «نيويورك تايمز» أن روسيا سلّمت سوريا صواريخ «ياخونت» أكثر تطوراً من تلك التي زودتها بها في الماضي. وقالت إن هذه المنظومة تملك راداراً جديداً يجعل منها أشد نجاعة. وصواريخ «ياخونت» توفر للجيش السوري قوة ردعية أمام كل محاولة دولية لتعزيز المعارضة عبر فرض حظر بحري أو إغلاق المجال الجوي السوري أو تنفيذ هجمات جوية موضعية.
واعتبر رئيس هيئة الأركان المشتركة في الجيش الأميركي الجنرال مارتن ديمبسي أن شحنة صواريخ روسية مضادة للسفن إلى دمشق يمكن أن تزيد القوات السورية جرأة وتطيل أمد الصراع. وقال «إنه على أقل تقدير قرار يدعو للأسف سيزيد النظام جرأة ويطيل المعاناة، ولذا فهو في وقت غير مناسب ويدعو للأسف الشديد».
واعتبر خبير أميركي أن «السلاح الجديد الذي تلقاه الأسد يسمح له بردع قوى أجنبية عن تزويد المتمردين بالعتاد عن طريق البحر»، مشيراً إلى أن هذه الصواريخ «قاتلة للسفن». أما المسؤول الاستخباري السابق جيفري وايت، فرأى أن هذه الصواريخ تبعد احتمال أي فعل غربي قبالة الشواطئ السورية، وهي دليل على مدى الالتزام الروسي تجاه الحكم في سوريا.
من جانبها، كتبت «وول ستريت جورنال» أن روسيا أرسلت 12 سفينة حربية للقيام بأعمال الدورية قرب القاعدة البحرية الروسية في ميناء طرطوس. ونقلت الصحيفة عن جهات رسمية أميركية وأوروبية قولها إن هذه خطوة صريحة تأتي لتحذير الغرب وإسرائيل من التدخل في ما يجري في سوريا، مشيرة إلى أن الإدارة الأميركية تراقب منذ ثلاثة أشهر الوجود الروسي في البحر المتوسط، وهو الانتشار الأوسع للبحرية الروسية منذ الحرب الباردة.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قد كرر في الأيام الأخيرة التزام بلاده بتنفيذ الصفقات الموقعة مع سوريا وتأكيده أنها دفاعية. وقد تجنب طوال الوقت تأكيد أو نفي إن كانت هذه الصفقات تتضمن صواريخ «أس 300» أم لا.
وكررت مصادر إسرائيلية تأكيدها أن الصفقة أبرمت في العام 2010، وأن روسيا أجّلت مراراً تنفيذها بسبب اعتراضات أميركية وإسرائيلية.
أما رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الروسي، أليكسي بوشكوف، فأبلغ شبكة «سي إن إن» الإخبارية الأميركية، أن إرسال منظومات صواريخ «أس 300» إلى سوريا يشكل «رسالة» تفيد بأن روسيا لا تدعم التدخل الخارجي في سوريا. وقال «نحن نعارض مناطق حظر الطيران لأنها الخطوة الأولى قبل الغارات الجوية»، مضيفاً أن «سوريا طلبت من روسيا تمكينها من الدفاع عن نفسها ضد الغارات الجوية».
ويعتبر صاروخ «ياخونت» من الأسلحة «المخلة بالتوازن» في نظر إسرائيل، نظراً لقدرته الدقيقة على إصابة الأهداف في مدى 300 كيلومتر. وهو يحلق بسرعة كبيرة ويتعذر على الرادارات اكتشافه.
وبحسب مصدر سياسي إسرائيلي، فإن «هذا سلاح لا يهدد فقط السفن الإسرائيلية، بل هو معد في الأساس لردع السفن الأميركية التي تبحر حالياُ في البحر المتوسط».
وأشار المصدر إلى أنه «تصل مؤخراً إلى الشرق الأوسط سفن روسية وأميركية. ولكن خلافاً لما يفعله الأميركيون حيث يمرون ويذهبون، السفن الروسية ترسو في المنطقة ولا تغادر».
تجدر الإشارة إلى أن سوريا طلبت صواريخ ياخونت من روسيا في العام 2007 وتسلمت أول بطارية منها في العام 2010. وسبق أن اشترت 72 صاروخاً و36 منصة إطلاق مع معداتها. وتحوي كل بطارية «ياخونت» صواريخ وراجمة لثلاثة صواريخ وسيارة سيطرة وقيادة. ويبلغ طول الصاروخ 6,7 أمتار، ولديه رادار عام يوجه الصاروخ، فيما لكل صاروخ رادار خاص به للتملص من منظومات الدفاع في السفن.

حلمي موسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...