زينة المرأة عبر التاريخ

14-11-2006

زينة المرأة عبر التاريخ

منذ بدء الخليقة جبل الانسان على غريزة حب الظهور والتأنق والوسامة واستمرار النضارة والشباب والبقاء وعندما اكتشف الانسان ان حياته قصيرة ومصيره الى الفناء ولايستطيع أن يوقف عقارب الزمن أو يحد من أخاديد وتجاعيد الأعوام ,وكانت الأنثى هي أشد تأثراً وتحمساً بهذه التقلبات الفيزيولوجية وللحفاظ على التوهج والتألق والنظافة ومن هنا نشأت عادة الاستحمام بالماء وتطور الى الاستحمام بالحليب وأنواع الشامبو المختلف والنباتات العطرية حتى أن المرأة في العصر القريب كانت تستحم بترابة البيلون المنقوع بماء الورد ونبات العطرية وأصبح ذلك بالنسبة لحواء معركة ضد الطبيعة التي تخوضها منذ آلاف السنين بضراوة دون كلل أو ملل حتى أنهم قالوا /أن الجبال برتها مراود النساء/ والمرود هو المكان الذي يوضع فيه الكحل لتجميل عيون النساء ولكن ماهي الزينة..?‏

الزينة هي أي مسحوق أو مواد توضع على الوجه او الانحاء المختلفة من الجسم لعلاج شيء صنعته الطبيعة أو يجمله ليبدو أكثر جاذبية وبدأ تجميل العيون من هباب الطناجر الى المسكرات التي يوجد فيها العديد من ألوان ظل وتلوين العيون.‏

وبالنسبة للملابس فان جلود الحيوانات هي التي تعتبر الشيء الطبيعي ولكن المرأة منذ اليوم الأول تفننت في الموضة حتى في جلود الحيوانات ولليوم تعتبر الثياب الجلدية الطبيعية نفيسة وغالية الثمن , وفي الهند القديمة صبغت المرأة شعرها باللون البرتقالي واليوم تصبغه بالأحمر والأزرق والذهبي والبنفسجي وغيرها من الألوان.‏

وفي جزر المحيط الهادي سادت موضة الوشم على الذراع واليد وفوق الركبة وتحتها وفي أماكن أخرى كان الوشم في اللسان وعند العرب على الوجه والأكف والأرجل وفي جزيرة بورينو نزعت المرأة الحواجب والرموش وعلى ضفاف الامازون صبغت وجهها بالأخضر والمرأة اليوم تضع أحمر الشفاه أو غيره والكريم والميش وترسم الحواحب وتضع العدسات الملونة على عيونها والرموش الاصطناعية وتنفخ الشفاه والأوداج والصدور وتشفط الدهون من البطون والأوراك والسواعد والسيقان .‏

وعندما جاءت كليوباترا في عام3000 قبل الميلاد كانت الزينة قد استقرت وأصبحت لها قواعد واصول وتقاليد ولكن كليوباترا ادخلت على الموضة شيئاً جديداً مثيراً حيث أنه لا أحد يعرف الوجه الحقيقي لكليوباترا لانها طلت حواجبها والرموش العليا بالسواد والرموش السفلى باللون الأخضر وكانت الطبقة الثرية من النساء المصريات يطلين الحواجب باللون الأزرق وتستعمل الحناء لطلاء الأظافر.‏

بل حرصت المرأة في مصر القديمة على أن تتجمل بعد الموت وغيرها من نساء العالم القديم ليبقى الجمال خالدا .‏

ووجد الطلاء على الخدود والشفاه والحواجب في المقابر الأثرية وعندما كشف قبر توت غنخ أمون عام1920 وجدت روائح من الفخار رغم مرور آلاف السنين لم تتحلل أو تفسد.‏

واستعملت الباروكة في الشعر المستعار في مصر منذ عام2600 قبل الميلاد وفي بابل اثقلت المرأة نفسها بالاساور ونزعت الأكمام ومشت حافية القدمين ووضعت الحلي والخلاخيل في الأقدام والأذرع والأنوف واستعملت العطر المكون من خلطة النبيذ والتوابل وزهرة اللوتس المقدسة رمز الجنس في القصائد القديمة والأعشاب .‏

والمرأة اليونانية قبل الميلاد وضعت خواتم الذهب وكانت هيلين ملكة طروادة تحتفظ بثمانية آلاف قطعة ذهبية ولقد شكا افلاطون من كثرة زينة النساءوامتلأ الأدب اللاتيني في المئة عام الأخيرة قبل الميلاد بالحديث عن صباغة الشعر وطلاء الوجه ووضع الروائح والعطور وقد فرض القانون والعرف الزينة على المرأة في بعض الأحوال فقد نصت قوانين روما القديمة على الزام الغانيات بصبغ شعورهن باللون الأصفر في بعض القبائل الافريقية وتميزت النساء الأرامل عن غيرهن برسم الوشم على الذراع واليد.‏

ووجد كتاب يتحدث عن الموضة والزينة في روما عام95 قبل الميلاد ترغب النساء بارتداء ملابس بيضاء وهذا ما نشاهده في الأفلام التاريخية ويطلب من الشقراوات استعمال اللون الأسود ولهذا يقولون هذه المرأة بيضاء بحلة سودة وترك الذراع عارية وصبغ الشعر باللون الأبيض ووضع الحواجب الاصطناعية.‏

ويقال ان زوجة أحد السلاطين المماليك الذين حكموا مصر وسورية دفعت مبلغ ثلاثين ألف دينار على حياكة وتطريز ثوب واحد اعدته لتحضر به حفل ختان ولي عهد السلطنة وكان أعلى مهر يدفع لأجمل عروس آنذاك في سورية قرابة 50 ل.س ونساء عصر المماليك قد اهتممن بأزيائهن بشكل يفوق الوصف فقد عرفن الموسلين والكريب والأنسجة الثمينة والتطريز والزخرفة ووضعن ماعرف باسم القميص وكان من اللون الوردي أو الأزرق أو البنفسجي وعلى هذا القميص برزت الزركشة بخيوط الحرير وأسلاك الذهب اللامعة لتبرز مفاتن الخصور والنحور وتكوير الصدور وحتى عهد قريب كن النساء والأطفال يرتدين القميص ( الزعبوط) المطرز بالخيوط الملونة الجميلة وكانت صانعته تسمى ( المشوفة) وهي تنافس أكبر فنان في العالم لانها تعد الرسوم من الورد والزهور والزخارف على الورق قبل تطريزها على القماش وكن يحلين اصابع ارجلهن بالخواتم والأحجار الكريمة وينتعلن في اقدامهن حذاء يسمونه ( المزد) وهو من الجلد الأصفر المطرز بالحرير والقصب وكان هذا المزد يقوم مقام الجوارب اما اذا أردنا التحرك في ارجاءالمكان فكن يضعن في أرجلهن البابوج وهو حذاء من الجلد الأصفر طرفه دقيق ملتو الى فوق وكن بعض النساء اذا أردن الاستهزاء من امرأة يقلن( اجريها عوج وليبسه بابوج).‏

ويقال أن المرأة المصرية في عصر المماليك كانت تفضل ان ترسل شعرها على ظهرها وهي داخل اسوار الحرملك لتظهر طوله وكثافته أما الجزء الأمامي من شعرها فقد كانت تفضله مجعدا على شكل حلقات تصل الى الصدغين أو ترفعه الى الأعلى وإذا أردن قص شعورهن فكن يفعلن ذلك على شكل ضفائر ويصل الى 25 ضفيرة ثم تدخل في عملية التضفير خيوط من الحرير الأسود المزود بقطع من التيل والمصوغات الذهبية وتنتهي كل ضفيرة بحلية ذهبية أو بقطعة نقود أو اللؤلؤ ومجموع هذه الضفائر يسمى السقا حتى يكاد أن يختفي راس المرأة من كثرة هذه الحلي .‏

أما عن حجب الوجه عن الانظار فقد كان له أكثر من اسلوب منها استعمال المقنعة والقناع والنقاب وقد يكون ذلك على شكل قناع شبكي يغطي الوجه كله وكان ذلك خاصاً بفئة النبلاء او استعمال بوقع أبيض يغطي الوجه الى ما تحت العيون وكانت المرأة التي بدون قناع يدل على فقرها.‏

ولنعود للحديث عن الزينة والعطورات ففي عام 500 ق.م استعملت المرأة الهباب للحواجب وطلت خدودها بالرصاص الأبيض ودهنت جسمها ببقايا التماسيح وحدث يوما أن عرض الملك هنري السابع ملك انكلترا الزواج من ملكة نابولي ولكنه اشترط أن يعرف أولاً هل تضع الماكياج على وجهها أم لا.‏

وموضة الصدور الشبه عارية كانت سائدة في القرن السادس عشر حيث كانت المرأة تظهر صدرها وجسمها حتى وسط بطنها كما يفعلن فتيات اليوم عندما يرتدين ( بلوزة السرة) ولكنها تخفي ذراعيها وطلت الملكة اليزابيت الأولى خدودها بصفار البيض واستعملت الصمغ العربي لطلاء الشفايف وأتت بعطر الورد لتنظيف وتدليك جلدها وكن النساء يلبسن آنذاك الجوارب القرمزية المشجرة وعليها شعارات الحب.‏

واخترع أحد الايطاليين العطور الكيميائية لأول مرة عام1907 من البرتقال والكحول وزيت الليمون وظلت موضة الشعر الذي يرتفع متراً لمدة 50 عاماً من 1700حتى 1750 ,وكانت المرأة في اثينا تتجمل فترة الصباح ووضعت الزهور في شعرها في القرن الثامن عشر وابتكرت موضة ذيل الحصان في الشعر عام 1868 وفي أوائل القرن الماضي كانت تتردد على مصفف الشعر سراً حتى لايتهمها الحساد بأنها تريد اصلاح ما أفسده الدهر وكان المصفف يضع كل امرأة في حجرة مستقلة ومغلقة حتى لايراها أحد .‏

وفي عام 1915 اخترعت في امريكا العلب المعدنية التي تحتوي على مستحضرات التجميل بدلاً من أواني الفخار وتطورت الزينة والموضة وجاء عصر العمليات الجراحية لتقصير الأنف والأذن ونزع الجلد المجعد وتغيير شكل الفك ونفخ الشفاه والصدور وتقديد الورك والسيقان وشفط الدهون والشحوم والى جانب ذلك كانت (النامصة وعملها يعتمد على إزالة شعر الوجه وتزجيج الحواجب الذي تقوم به المزججة وإزالة الشعر الزائد منها والمفلجة وهي التي تقوم بعملية التفريق بين الاسنان وكان العرب يعدونه من الجمال ولذا قالوا:/ الله يحمينا من العيون الزرق والاسنان الفرق/ وقالوا:/زينة الزين الحاجب والعين/ وكن يتطيبن بالنبات والأعواد العطرية والصموغ الى جانب الكحل والوشم والحناء وبعض نساء حلب لليوم يصبغن شعورهن بالحناء وسوف تتطور مواد الزينة والتجميل مع الأيام وستسعى المرأة لاقتنائها والتزين بها مهما كلفها ذلك من تبعات لأنهم قالوا: ( الهوى والغوا مالهن دوا).‏

عمر مهملات

المصدر: الجماهير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...