سعدي يوسف يبارك إغلاق الصفحات الثقافية في الصحافة اللبنانية

27-04-2016

سعدي يوسف يبارك إغلاق الصفحات الثقافية في الصحافة اللبنانية

سعدي يوسف: تناقلت الأنباء الواردة من بيروت، أطرافاً من حديث عن إغلاق صفحات ثقافية، فى «السفير» و«النهار» و«المستقبل»، وسواها، اقتصاداً فى الإنفاق على بضاعةٍ ما.
والحقُّ أننى لم أحزنْ لهذه الأنباء، بل لقد أحسستُ بأنّ ما حدثَ خيرٌ للحصافة والثقافة، وللمشهد الحيّ فى وعى أُمّةٍ.
لن نسمع بعد الآن أن عباس بيضون (مثلاً) هو ملك قصيدة النثر، بعد أن فقد متراسه فى «السفير»، ولن تكون جُمانة حدّاد مع عقل عويط ثُنائيّ الإبداع العربى فى العالَم ( الخليجيّ بخاصّة )، بعد أن توقّفت « النهار ».
الأمر نفسه مع بول شاؤول، مسئول الإبداع لدى آل الحريرى الكرام.
لستُ أدرى إن كان عبده وازن سيلقى المصيرَ ذاته، مع أنّ الأمر مستبعَدٌ حتى الآن.
*
لندن، وصحافتُها (العربية)، ليست بمنأى عن التوصيف نفسه.
*
من تقاليد الصحافة الثقافية، فى المملكة المتحدة، الصادرة باللغة الإنجليزية، أن الأقسام الأدبية والفنية فيها، لا يتولّى أمرَها مبدعٌ، بل إن هذا الأمر مقصورٌ بدقّةٍ تامّةٍ على أهل النقد وممارسِيه، خشيةَ هوى ونزوةٍ من المبدعين، وهم أهل الهوى .
كان غراهام جرين، على سبيل المثال، مقرّباً من صحيفة “ التايمس “، لكنه ظلّ مُسْهِماً، لا قائماً بتحرير.
*
من المؤسف، القول إن بؤس المشهد الثقافى، فى الصحافة العربية، فى أرض العرب، وفى المهْجر، يعود إلى أنّ “شعراء” فاشلين، احتكروا الصحافة الثقافية، ووضعوها تحت تصرُّفِ أهوائهم، بوقاً لهم ولأتباعهم .
ومثل ما أسلفْتُ ذِكره، عن صحافة لبنان، يجرى فى صحافة لندن (العربية) .
الشعراء الفاشلون يتولّون الصفحات “ الثقافية “، فى “العربى الجديد”، و”القدس العربى “، و”إيلاف” و”الشرق الأوسط “، و” العرب “، أمثال بشير البكر وفاضل السلطانى وعبد القادر الجنابى ونورى الجرّاح .
هؤلاء اللندنيون يفعلون فى المهْجرِ، فِعلَ فاشِلى لبنان فى بيروت الذين حطّموا السمعة التاريخية لبيروت الثقافية. لكن اللندنيّين أسوأ من اللبنانيّين، إذ هم فى خدمة أسوأ الأنظمة الرجعية، بإطلاقٍ .
*
أمّا فى العراق المستعمَر، فإن شاعراً فاشلاً آخر، هو على الشلاه، يتولّى شأنَ كلِّ ما اتّصلَ بوسائل التعبير، من صحافة، وفضائيات، وإذاعات، باعتباره مسئولاً عمّا يُدْعى “الهيئة العليا للاتصالات “ التى أسّسها الاحتلال.
*
لستُ مطَّلِعاً، كفايةً، هذه الأيامَ، على ما اتّصلَ بالصحافة الثقافية، فى مصر والسودان والشمال الإفريقى، لكنى لا أظنّ الغابةَ ذاتَ مسالكَ أرحبَ .
أردتُ، عبرَ هذه المقارَبة الصريحة، أن أقول :
علينا أن نعرفَ أنفسَنا، قبل أن نحاول خطوةً فى السبيل القويمة.
*
صباح الخير أيّتها الغابة!
عليَّ، أيتها الغابةُ، أن أرودَ مسالكَكِ .
وعليّ أن أحكى للناسِ.
والرائدُ لا يكذبُ أهلَه !

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...