مصر: البراءة لرجال مبارك والسجن للثوار

09-05-2013

مصر: البراءة لرجال مبارك والسجن للثوار

المفارقة أثارت غضب أهل الثورة. في اليوم الذي حصل فيه عدد من رموز نظام حسني مبارك على حكم نهائي بالبراءة في القضية المعروفة باسم «موقعة الجمل»، والتي وقعت في ذروة أحداث «ثورة 25 يناير»، صدر قرار بإحالة الناشط السكندري حسن مصطفى على محكمة الجنايات بتهمة تعطيل حركة قطارات السكك الحديد، علماً بأنه كان أحد أبرز الناشطين الذين كشفوا تفاصيل جريمة قتل الشاب خالد سعيد على يد رجال الشرطة في العام 2010، ما أدى إلى تحويل خالد سعيد نفسه إلى أيقونة ورمز للثورة على نظام مبارك.
وشكل رفض محكمة النقض - أعلى هيئة قضائية - أمس لطعن النيابة على حكم سابق ببراءة 24 من قيادات ورموز نظام «الحزب الوطني» المنحل في قضية «موقعة الجمل»، هزيمة كبيرة للنائب العام المستشار طلعت عبد الله المعين بقرار من الرئيس محمد مرسي بالمخالفة للقانون، ذلك أن رفض الطعن جاء لأن النيابة العامة تقدمت بطعنها بعد انقضاء المهلة القانونية، فضلا عن أن الطعن خلا من أي أدلة يمكن أن تعيد النظر في القضية مجددا.
لكن المتحدث باسم النيابة العامة مصطفى دويدار قال في حديث إلى «السفير» إن النيابة تقدمت بالطعن في الوقت المحدد قانوناً، وذلك لأن محكمة الجنايات التي أصدرت حكمها السابق بالبراءة تأخرت في إيداع أسباب حكمها، ما أدى إلى تأخر النيابة بدورها في تقديم الطعن.
وينص القانون المصري على تقديم الطعن على الأحكام خلال ستين يوما فقط من صدور الحكم، وقد تقدمت النيابة العامة بالطعن في اليوم الخامس والستين من صدور الحكم بالبراءة، استنادا إلى تاريخ إيداع الحكم وليس تاريخ النطق به، ما شكل علامة استفهام كبيرة حول ما إذا كانت النيابة لديها أسباب مقنعة للطعن بالأساس، خاصة أن «الإخوان المسلمين» ومؤيديهم تحدثوا عن أن النائب العام المعين بقرار من مرسي هو الذي سيقدم أدلة جديدة في القضايا التي حصل فيها رموز نظام مبارك على أحكام بالبراءة.
«السفير» سألت المتحدث باسم النيابة عما إذا كانت هناك أدلة جديدة قدمت في الطعن، فكان الرد بأن هذا ليس وقت الحديث عن الأدلة، لكن الأكيد أن النيابة لم تكن لتتقدم بطعن ما لم يكن لديها أدلة جديدة، رافضا الكشف عن هذه الأدلة.
وقال المتحدث إن النائب العام سيتقدم بطلب لمحكمة النقض للرجوع عن الحكم، مشيراً إلى أن هذا إجراء قانوني متبع، من دون أن يذكر سوابق على حدوثه.
المثير أنه بالتوازي مع تأكيد حكم البراءة هذا، عقد عدد من القوى الثورية السياسية، مؤتمرا أمس للتضامن مع المعتقلين في عصر مرسي. وحضر المؤتمر عدد من أسر المعتقلين الذين لا يعرفون فحسب أسباب اعتقال ابنائهم، بل وفي بعض الأحيان أماكن اعتقالهم.
محمد صبحي، عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين، قال في حديث إلى «السفير» إن عدد المعتقلين على خلفية أسباب سياسية منذ وصول «الإخوان» إلى الحكم قبل عشرة أشهر، وصل إلى 2000 ناشط، من بينهم 400 تم القبض عليهم في الذكرى الثانية للثورة، ومثلهم في الذكرى الثانية لأحداث محمد محمود، لافتا إلى أن التهم عادة ما تكون مطلقة مثل التجمهر، وقطع الطرق واستخدام العنف، وموضحا أن الاعتقال يستهدف رؤوس التحركات الشعبية في الشارع ضد «الإخوان» ومنهم أحمد دومة وحمادة المصري.
هكذا يبدو المشهد مزعجا بعد 300 يوم من حكم مرسي وجماعته لمصر، فرجال مبارك يحصلون على البراءة عبر ما يمكن وصفه بتراخي النائب العام في البحث عن أدلة، بينما يتوالى الزج بالشباب الذي دعا وقاد الثورة على مبارك في السجون دون حتى العرض على قضاء مستقل.


محمد هشام عبيه

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...