48 ساعة حاسمة نوويّاً لوزان: لا بديل للتفاوض سوى.. التفاوض

20-03-2015

48 ساعة حاسمة نوويّاً لوزان: لا بديل للتفاوض سوى.. التفاوض

لا مسودة اتفاق إيرانية ـ أميركية في لوزان. لا جمود ولا مراوحة في المكان، فالمفاوضات تستمر من دون أن تبلغ أي اتفاق.
الاتفاق الوحيد الذي جمع الإيرانيين والأميركيين في الساعات الأخيرة، هو نفيهم معًا، وجود أي مسودة اتفاق تخضع لتنقيح أخير قبل الإفراج عنها؛ إذ اتفق مساعد وزير الخارجية الإيرانية عباس عراقجي مع المتحدث باسم البيت الأبيض جوش ارنست على نفي ما تم تداوله بهذا الشأن. ورأى فيها عراقجي «نسجًا من الخيال»، فيما رأى ارنست أن «التفاصيل المتداولة عن وجود هذه المسودة غير دقيقة، لكن المفاوضات تستمر».
وإذا ما أصغينا إلى ديبلوماسي أوروبي، يشارك في تنسيق المفاوضات مع الأميركيين، ويعترض على أسلوبهم، فإنه «لا اتفاق في المدى المنظور، وليس صحيحًا ما يقوله رئيس منظمة الطاقة النووية الإيرانية علي أكبر صالحي عن تحقيق تقدم بنسبة 90 في المئة».صالحي يتحدث مع ظريف على هامش الاجتماع في لوزان أمس (ا ف ب)
وعاد وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف إلى ضخ نسب من التفاؤل المضبوط، لتبرير تواصل ماراتون الاجتماعات بين الخبراء والسياسيين التي لم تتوقف خلال اليوم الخامس في فندق «بوريفاج». ومنح ظريف المفاوضات جرعة من الأمل، بالقول: «إننا نجوب مرحلة دقيقة وحساسة». أما كيري فقال: «إننا نبحث القضايا الخلافية الصعبة، إلا أننا حققنا تقدمًا».
لكن أبرز المؤشرات على احتمال استبقاء المفاوضين يومَين إضافيين في لوزان، حتى الأحد المقبل، والعودة الأسبوع المقبل، بعد عطلة «النوروز»، إلى الـ «بوريفاج»، هو استبعاد وصول وزراء خارجية روسيا وفرنسا والصين وألمانيا وبريطانيا للتوقيع على الاتفاق، الذي لا يزال رهينة اجتماعات الـ «بوريفاج».
ويمكن الذهاب أبعد في استبعاد مجيئهم بسرعة، في احتفاظ الأميركيين والإيرانيين، وحدهم من دون أي ديبلوماسي آخر أو تقني، من مدراء خارجيات الدول الخمس الأخرى، المتواجدين في لوزان منذ يومَين. وهو مؤشر إضافي على وجوب الانتظار، ريثما يحسم الأميركيون والإيرانيون القضايا الأساسية قبل عرضها على الآخرين.
ويبدو أن نجم المفاوضات في الغرف المغلقة، لا يحمل سوى إسم الفصل السابع. وتبحث المفاوضات الإيرانية ـ الأميركية، في يومها الخامس في لوزان عن ثمن وآليات لخروج طهران من الفصل السابع، الذي يُعَدُّ حجر الزاوية في الحرب التي شنها الأميركيون والأوروبيون على الإيرانيين تحت مسميات الأسرة الدولية، ويشكل القيد الأقسى للاقتصاد الإيراني، الذي أسند إليه مجلس الأمن قبل خمسة أعوام قراره رقم 1929، وآخر القرارات العقابية بحق إيران في سلسلة من ستة قرارات.
ويرى المفاوضون الغربيون أن الورقة الأخيرة التي يمسكون بها عقال الاقتصاد الإيراني المأزوم بسبب عواقب الحصار الاقتصادي، لا تساوي الثمن الذي يعرضه الإيرانيون في لوزان. ويطالب الإيرانيون بالتزامن بين توقيع الاتفاق ورفع العقوبات تحت الفصل السابع، وإلغاء أعمال لجان الأمم المتحدة التي تشرف على المشتريات الإيرانية من الخارج .
ولا يزال البعض في لوزان، خصوصًا الفرنسيين، يعتقدون أنه لا ينبغي إسقاط هذه الورقة، وابتزاز الإيرانيين أطول وقت ممكن للحصول على أثمان أفضل، تتخطى مجرد إبطاء البرنامج النووي، وهو هدف قيد التحقيق، إلى تعطيل تقدمه ما يقارب 35 عامًا تحت الرقابة الدولية، ومنع تطوير الأبحاث النووية الإيرانية، وصناعة الطاقة، لأجيال.
ومن حسن حظ المفاوض الإيراني أنه لا يوجد إجماع غربي حول هذه النقطة. إذ يقول مسؤول أوروبي، في لوزان، إن الأميركيين يعرضون على الإيرانيين اتفاقًا لعشرة أعوام، مرفقًا بعام سماح، لنقض الاتفاق، هي المدة التي يتعهد فيها الإيرانيون بمواصلة تطبيق الاتفاق، وهي المهلة الضرورية التي يحتاجها الغربيون لتنظيم رد اقتصادي واستراتيجي، لا يستبعد الرد العسكري، وهي المهلة المقدرة نظريًّا التي تجعل القنبلة النووية الإيرانية أمرًا واقعًا، إذا ما خرجت إيران عن رقابة الطاقة الدولية. ويشترط الفرنسيون لتوقيع أي اتفاق أن يسري 25 عاماًً وأن يفرض على طهران التعهد بالاستمرار بتطبيقه عشرة أعوام إضافية، حتى ولو قررت نقضه.
ويخفف الأوروبيون من أهمية الخلافات مع الأميركيين الذين ينفردون بالتفاوض، وتقرير مسار التفاوض، وبنوده. إذ يقول ديبلوماسي أوروبي: «إننا على اتفاق مع الأميركيين على المدى الطويل، في استهداف نزع أنياب إيران النووية، ونختلف معهم على المدى القصير، لأن الرئيس باراك أوباما واقع تحت إكراهات داخلية، في مواجهة الكونغرس، وإقليمية في الحاجة إلى إيران لمواجهة داعش».
إن قوة الدفع الجوهرية للمفاوضات النووية في لوزان، التي تحفظها من أي إعلان بالإخفاق، لا تقف عند وجود خلافات في التقييم داخل مجموعة «5+1»، ولا التضارب في الأهداف الموضوعة للاتفاق بين أميركيين يقرون بإيران كقوة إقليمية، ليس البعد النووي سوى أحد مزاياه في المدى الحيوي الإيراني من المشرق العربي فالخليج بين مضيقَي هرمز وباب المندب وطرق النفط الغربي إلى شبه القارة الهندية، وبين الغربيين، والفرنسيين خصوصًا، لا يزالون يعتقدون انه بالإمكان احتواء طهران، بعد أكثر من 20 عامًا من مراكمة إيران للمكاسب التكنولوجية النووية والإستراتيجية في أقاليمها. ولكن قوة الدفع التي تبقي على كيري وظريف حول طاولة المفاوضات هي عدم وجود بدائل عن الاتفاق لدى الطرفين، سوى مواصلة المفاوضات والاتفاق.
أما الحرب بديلًا عن الاتفاق، سواء تحت ستار مجلس الأمن، أو الأسرة الدولية، أو منظومات العقوبات الاقتصادية، فتبدو بديلًا مستبعدًا في ظل عجز هذه الدول عن شن حروب جديدة في المنطقة، خصوصًا أن الحروب الأخيرة في العراق وأفغانستان فشلت ولم تفعل سوى تعزيز دور إيران.

المصدر: السفير+ وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...