السيناريو الأمريكي القادم في أفغانستان

05-04-2010

السيناريو الأمريكي القادم في أفغانستان

الجمل: بدأ مسرح الحرب الأفغانية يبدو وهو أكثر قابلية لجهة الدخول في مرحلة انتقالية جديدة, تحمل من الشكوك واللايقين بأكثر مما تحمل من الوضوح وفي هذا الخصوص, نشير إلى أن هذه المرحلة الانتقالية الجديدة سوف تنطوي على المزيد من المكونات والتأثيرات المتبادلة: فما هي طبيعة المرحلة الانتقالية الجديدة, وما هي التأثيرات المتبادلة الجديدة؟
خارطة مسرح الصراع الأفغاني:
تشير المعلومات والتقارير إلى أن الصراع الدائر حاليا في المسرح الأفغاني سوف يشهد خلال الشهرين القادمين عملية تحول نوعي جديدة بالغة الخطورة, وفي هذه الخصوص نشير إلى الآتي:
• بدأ الصراع في نهاية عام 2001م, أخذ شكل الحرب بين قوات غازية مهاجمة تتكون من القوات الأميركية-البريطانية-قوات تحالف الشمال الأفغانية ضد قوات مدافعة تتكون من عناصر حركة طالبان وتنظيم القاعدة إضافة إلى بعض الميليشيات الإسلامية المسلحة الصغيرة.
• الصراع الحالي, أخذ شكل تجمع كبير لقوات دولية تساهم وتشارك فيها قوات 34 دولة (أميركا-بريطانيا-ألمانيا-فرنسا-إيطاليا-كندا-بولندا-هولندا-تركيا-أستراليا-النمسا-أيسلندا-أيرلندا-لوكسمبورغ-اليونان-سنغافورة-سلوفينيا-البانيا-المجر-التشيك-بلغاريا-رومانيا-مونتينيغرو-الأردن-أوكرانيا-البوسنة والهرسك-الإمارات العربية-أرمينيا-أذربيجان-كرواتيا-السويد-النرويج-الدنمرك-إسبانيا). وهي تخوض حرب مكافحة التمرد ضد تجمع كبير من المليشيات الإسلامية المسلحة يضم مجموعة تحالف فصائل كويتا شورى طالبان, وتحالف فصائل الزعيم حقاني, وتحالف فصائل الزعيم حكمتيار, إضافة إلى تنظيم القاعدة, الذي يرتبط بكل هذه المجموعات.
• اتسع نطاق فعاليات المسرح الحربي الأفغاني, بما أدى عمليا إلى إغراق باكستان ضمن مستنقع النزاع, من الناحية الجنوبية, والأن أصبحت الأمور تتجه نحو إغراق أوزبكستان مع احتمالات إغراق طاجكستان وكيرغيزستان ضمن نفس المستنقع من الناحية الشمالية.
تغيرت المكونات الهيكلية الفصائلية الخاصة بمسرح الصراع الأفغاني, ودخلت مكونات قيمية جديدة أدت إلى تحول مذهبية الحرب النظامية إلى مذهبية حرب مكافحة التمرد التي تعتمدها قوات أميركا وحلفاءها في مواجهة مذهبية حرب العصابات التي تعتمدها الفصائل الإسلامية المسلحة الأفغانية والباكستانية الحليفة لها.
الموقف السياسي الأميركي-الأوروبي: تأثير العامل الأفغاني.
سعت الإدارة الأميركية الديموقراطية الحالية إلى التخلص من أزمة الحرب العراقية التي أخطأت الإدارة الأميركية الجمهورية السابقة بالتورط فيها, وكان خيار إدارة أوباما هو سحب القوات الأميركية من العراق وإعادتها إلى أميركا, ولكنها اصطدمت بمعارضة الجمهوريين الذين بدوا وهم أكثر استعدادا لعرقلة برامج إدارة أوباما, وعلى خلفية هذه الضغوط فقد عقد الديموقراطيون صفقة مع الجمهوريين تضمنت الموافقة على سحب القوات الأميركية من العراق, وإرسالها إلى أفغانستان, نفس الشيء حدث بالنسبة للدول الأوروبية الغربية, وقد اضطرت بريطانيا تحت معارضة الرأي العام البريطاني إلى سحب قواتها تدريجيا من جنوب العراق, وإرسالها إلى أفغانستان, وأيضا بالنسبة لأستراليا وكندا, وبرغم ذلك, فإن العديد من الدول الأوروبية الغربية بدأت تواجه المزيد من المصاعب والضغوط السياسية, وعلى سبيل المثال لا الحصر نشير إلى الأمثلة الآتية:
• فشلت الحكومة الهولندية في تمرير قرار تمديد فترة بقاء القوات الهولندية في أفغانستان, بما أدى إلى قيام البرلمان بسحب الثقة عن حكومة يمين الوسط, التي ظلت تتزعمها رموز جماعات اللوبي الإسرائيلي الهولندية, وحلفاء أميركا السياسيين الهولنديين.
• فشلت الحكومة الألمانية في تمرير قرار بزيادة القوات الألمانية الموجودة في أفغانستان, وإضافة لذلك لم تستطع حكومة ميركل الإفلات من مخاطر حجب الثقة إلا بعد أن قبلت بعقد صفقة مع المعارضة الألمانية تم بموجبها إصدار قرار بفرض القيود على القوات الألمانية الموجودة في أفغانستان بحيث ينحصر دورها فقط في تقديم المساعدات لعمليات إعادة الإعمار والبناء.
هذا وتقول المعلومات والتسريبات, بأن هذا الصيف الذي بدا ساخنا سوف ترتفع حرارة سخونته أكثر فأكثر في بلدان الاتحاد الأوروبي, وذلك بسبب تزايد صعود الحركات السياسية-الاجتماعية المناهضة للحرب الأفغانية, وعلى الأغلب أن يشهد الجزء المتبقي من هذا العام المزيد من عمليات انسحاب وخروج القوات الأوروبية من المسرح الأفغاني.
ما هو شكل السيناريو القادم:
تقول المعلومات والتقارير بأن موقف الرأي العام الأميركي إزاء حرب أفغانستان, قد بدأ يشهد المزيد من التغييرات الفاعلة لجهة الضغط على مراكز صنع واتخاذ القرار السياسي الأميركي, وتشير الأرقام إلى الآتي:
• 55% من الأميركيين يؤيدون استراتيجية أوباما الجديدة إزاء أفغانستان, والتي تتضمن قرارا بزيادة عدد القوات وتصعيد العمليات لفترة مؤقتة تبدأ بعدها القوات الأميركية في الانسحاب من أفغانستان في شهر تموز (يوليو) 2011م؟
• 49% من الأميركيين يعارضون بشكل كامل حرب أفغانستان ويطالبون بتوقف الحرب والانسحاب الفوري.
• 48% يؤيدون بشكل كامل حرب أفغانستان ويطالبون بالمزيد من التصعيد وعدم الانسحاب.
تقول التحليلات, بأن 55% من الأميركيين أيدوا استراتيجية أوباما الجديدة المشروطة بالانسحاب من أفغانستان, وذلك بناء على إجاباتهم على السؤال القائل: هل تؤيد استراتيجية أوباما بزيادة القوات مع الانسحاب المشروط المحدد, أم تؤيد استراتيجية أوباما مع عدم الانسحاب؟
أما نسبة 49% المعارضة, ونسبة 48% المؤيدة, فقد جاءت في معرض الإجابة على السؤال المباشر القائل هل أنت مع تصعيد الحرب أم ضد تصعيد الحرب في أفغانستان.
الملاحظة الأكثر أهمية تتمثل في أن 49% قد عارضوا بشكل كامل الحرب, وعدما أضيف مبدأ الانسحاب المشروط تزايدت النسبة بحوالي 6% لتصل إلى 55% وهذا معناه أن تزايد ضغوط الحرب الأفغانية المصحوب بتزايد الأزمة الاقتصادية, سوف لن يترتب عليها سوى تزايد عدد المعارضين للحرب الأفغانية, وبكلمات أخرى, إذا كانت المعارضة لحرب العراق قد أطاحت بإدارة بوش الجمهورية, فإن الديموقراطيين على ما يبدو سوف يستغلون معارضة الجمهوريين للانسحاب من أفغانستان في انتخابات الكونغرس القادمة, بما يتيح المزيد من إضعاف وجود الجمهوريين في مجلس النواب الأميركي والكونغرس الأميركي, ونشير بعض التحليلات إلى أن الفرصة أصبحت متاحة أمام الديموقراطيين بعد النجاح الذي حققته الإدارة الأميركية الديموقراطية الحالية في تمرير قانون تأمين الحماية الصحية, والذي سوف يتلقى الأميركيين بموجبه إعانات صحية من الدولة في حدود 900 مليار دولار.
سوف لن تقتصر مفاعيل الحرب الأفغانية في الحضور القوي لضغوطها داخل الساحة السياسية الأميركية, وإنما داخل الساحة السياسية البريطانية, وحاليا تشير المعطيات إلى الآتي:
• تزايد مؤشر شعبية حزب المحافظين بسبب مطالبته بإنهاء التورط العسكري البريطاني في حرب أفغانستان.
• انخفاض مؤشر شعبية حزب العمال البريطاني بسبب مساعي حكومة غوردون براون باتجاه المزيد من الوقوف إلى جانب أميركا في الحرب الأفغانية.
أما بالنسبة لفرنسا, فإن مصير حكومة الرئيس الحالي نيكولاس ساركوزي بدا واضحا من خلال الخسائر الفادحة التي لحقت بالحزب في الانتخابات المحلية الفرنسية, على يد الحزب الاشتراكي الفرنسي والذي استطاع تحقيق المزيد من النجاح عن طريق استثمار حرب أفغانستان في النقد السياسي-الاقتصادي لحكومة يمين الوسط التي يقودها الرئيس نيكولاس ساركوزي.
في المقابل من تحركات الديموقراطيين في الكونغرس الأميركي والإدارة الأميركية, تجري تحركات الجمهوريين, والذين مازالوا أكثر رهانا على ضرورة الاحتفاظ بملف الحرب الأميركية ضد الإرهاب ساخنا, وفي هذا الخصوص, تشير التوقعات إلى وجود بعض الأيادي الخفية داخل الإدارة الأميركية, وتحديدا مجلس الأمن القومي الأميركي, والبيت الأبيض, إضافة إلى البنتاغون وأجهزة المخابرات الأميركية, والتي بدأت تعمل بتنسيق من أجل تحويل زخم هذه الحرب إلى بعض مناطق الشرق الأوسط, وتحديدا بما يتيح الآتي:
• إعادة إشعال الصراع الداخلي العراقي مرة أخرى, على غرار سيناريو عام 2006 وعام 2007م, وتقول التسريبات بأن الانفجارات المتلاحقة التي أعقبت نتائج الانتخابات العراقية الأخيرة, ما هي إلا معالم في الطريق.
• إعادة إشعال الصراع الداخلي اليمني ضمن جولة جديدة أخرى تكون أكثر خطورة عما كانت من قبل.
• توسيع نطاق المواجهات الدامية في الصومال بما يتيح إدخال مناطق شمال الصومال وإشعال الصراع هذه المرة بين جيبوتي وإريتريا, بما يتيح المبررات لاستخدام القوات الأميركية المزيد من الذرائع والمبررات لجهة استخدام قواتها المتمركزة في جيبوتي ومناطق خليج عدن لحماية ممر باب المندب الاستراتيجي الحاكم لحركة الملاحة في البحر الأحمر.
بالطبع, ومع حدوث هذه التحولات الجديدة, سوف لن تكون منطقة شرق المتوسط بمعزل عن ذلك, ومشكلة توسيع الحرب الأميركية ضد الإرهاب, أصبحت تصطدم ببعض الخلافات الأميركية-الأميركية, المتعلقة بشأن إسرائيل, وتقول التسريبات, بأن تزايد العامل الإسرائيلي أصبح موضوعا للاختلاف بين دوائر صنع واتخاذ القرار السياسي الأميركي, وحاليا يرى أغلبية الزعماء الديموقراطيين بأنه يتوجب على الإدارة الأميركية تحديد إجابة واضحة للسؤال القائل: ما هي إسرائيل التي تريدها أميركا, هل إسرائيل القوية التي يمكن أن تتخطى أميركا, بما يمكن أن يلحق الأضرار بالمصالح الأميركية في الشرق الأوسط, أم إسرائيل القوية ضمن حدود معينة تكفل لها الدفاع عن نفسها, وفي هذا الخصوص, من المتوقع أن تدور مساجلات كبيرة داخل الساحة السياسية الأميركية, بما يتيح لواشنطن تحديد موقف واضح إزاء مبدأ الشراكة مع إسرائيل في الحرب ضد الإرهاب, وبالطبع فإن الكثير من التوقعات تقول بأن إسرائيل سوف أن تتمتع بالدور الذي ظلت تتمتع به في التأثير على السياسة الخارجية الأميركية إزاء دول آسيا الوسطى وشرق القارة الهندية وإيران, وسوف ينحصر تأثير العامل الإسرائيلي خلال الفترة القادمة, في التأثير على السياسة الخارجية الأميركية الشرق أوسطية. 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...